القدس المحتلة- تسابق "جماعات الهيكل" الزمن من أجل إتمام الإجراءات التوراتية التي تجيز لليهود تنفيذ اقتحامات جماعية للمسجد الأقصى، والمضي قدما بغية هدم مسجد قبة الصخرة من أجل بناء "الهيكل الثالث" المزعوم.

ولا يُستبعد أن تقوم هذه الجماعات الدينية المتطرفة بذبح "البقرة الحمراء" فوق جبل الزيتون بالقدس المحتلة قبالة المسجد الأقصى، بهدف التطهر برمادها، بتاريخ الثاني من نيسان حسب التقويم العبري، الذي يصادف هذا العام في العاشر من أبريل/نيسان 2024، حيث يتوقع أن يصادف يوم عيد الفطر.

وفي سياق التحضيرات والإجراءات التوراتية، عقدت الجماعات الدينية اليهودية المتطرفة قبل أيام مؤتمرا خاصا لمناقشة التحضيرات لذبح البقرة الحمراء على جبل الزيتون، ومن ثم حرقها وخلط رمادها في مياه عين سلوان، بدعوى تطهير اليهود من "نجاسة الموتى" حسب وصفهم، وبالتعاون مع ما يسمى "إدارة جبل الهيكل".

جولة لليهود المتطرفين على هامش أعمال مؤتمر البقرة الحمراء، الذي عقد في مستوطنة "شيلو القديمة" (مواقع التواصل) استعدادات للذبح

ووفقا للمعتقدات التوراتية، فإن "الحاخامية الكبرى" في إسرائيل تحظر على اليهود بموجب "فتوى دينية" اقتحام المسجد الأقصى، وذلك إلى حين ظهور "المسيح المنقذ" وبداية الخلاص، حينها يُسمح لليهود بما يسمونه "الصعود إلى جبل الهيكل"، واقتحام ساحات المسجد والشروع في بناء المعبد الثالث، بحسب معتقدات "مجلس حكماء التوراة".

وأقيم المؤتمر الذي شارك به قرابة 100 من الحاخامات من مختلف التيارات الدينية في مستوطنة "شيلو القديمة"، التي أقيمت على أنقاض خربة سيلون شمال شرق رام الله بالضفة الغربية المحتلة، علما أن المكان بحسب المعتقدات الدينية اليهودية والتوراتية كان مركزا لما يسمى "دولة يهودا والسامرة".

وناقش الحاخامات الطقوس التوراتية والإجراءات لذبح البقرة الحمراء، حيث يتم رعاية 5 بقرات حمر في مستوطنة "شيلو القديمة"، تم استقدامها برحلة جوية خاصة في سبتمبر/أيلول 2022 من مزارع خاصة في ولاية تكساس الأميركية، بحسب ما كشفت القناة 12 الإسرائيلية في تقرير لها.

واستقدمت البقرات الحمراء إلى البلاد في عهد الحكومة الإسرائيلية السابقة برئاسة نفتالي بينيت ويائير لبيد، التي كانت مدعومة من قبل القائمة العربية الموحدة برئاسة منصور عباس، حيث مولت وزارات حكومية استقدام البقرات ورعايتها، وفق ما أفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت".

وعلى درب حكومة بينيت-لبيد، واصلت الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو دعم مشروع البقرات الحمر، والمشاركة والترويج والدعم لمؤتمر البقرة الحمراء، والإجراءات التي تحاكي الطقوس لذبح البقرة.

وقد أشرف على عملية البحث ورعاية البقرات الحمر وإقامة الإجراءات التوراتية وعقد المؤتمر، كل من منظمة "بونى" التي تتكون من مسيحيين إنجيلين ويهود متطرفين، ويرأسها الحاخام تساحي ميمو، ومنظمة "معهد ميكداش" برئاسة الحاخام يسرائيل أريئيل، وهو حاخام حركة "كاخ"، والوزير إيتمار بن غفير.

انتقاد إسرائيلي

ووجه أوري إيرليخ المتحدث باسم منظمة علماء الآثار "عيمك شفيه" انتقادات شديدة اللهجة إلى الجماعات اليهودية المتطرفة، التي تستغل الحرب على غزة من أجل فرض وقائع في القدس والأقصى، والتي من شأنها إشعال حرب دينية، كما انتقد الدعم الحكومي لمشروع البقرة الحمراء والإيذان بالطقوس المرتبطة بها.

وكتب إيرليخ مقالا بالموقع الإلكتروني "زمان يسرائيل"، استعرض من خلاله التحول الذي تشهده إسرائيل نحو التطرف الديني، والاستغناء عن تعاليم الديمقراطية والحريات، قائلا: "هذا الأسبوع، وفي ظل تقارير عن إغلاق أكبر المراكز للبحث العلمي في إسرائيل بقرار من الحكومة، عقد مؤتمر البقرة الحمراء في موقع تل شيلو الأثري، تمهيدا لإقامة المعبد الثالث".

وأوضح الكاتب الإسرائيلي أن الدعوة إلى مؤتمر البقرة الحمراء حملت شعار وزارة التربية والتعليم، وكذلك قسم الثقافة اليهودية في وزارة الاستيطان والبنية التحتية الوطنية، قائلا: "تفتخر وزارتان حكوميتان بشراكتهما في مؤتمر حركات المعبد، فدولة إسرائيل اختطفت من قبل حكومة المستوطنين بالضفة، حيث بات واضحا أن المسيحية الدينية تعزز نفوذها بالوزارات الإسرائيلية".

المحامي خالد زبارقة "البقرة الحمراء تجليات مشهد يعيد الصراع إلى مربع الحرب الدينية" (الجزيرة) استغلال الحرب

ومن وجهة النظر العربية والإسلامية، قال الباحث في قضايا القدس والأقصى المحامي خالد زبارقة: "عندما نتحدث عن الأقصى علينا أن نستحضر الهدف النهائي لهذه الجماعات، من حركات المعبد ومجموعات مسيحية متطرفة والإنجيلين الجدد، وهو هدف عقائدي ديني يتعلق بمعتقداتهم لآخر الزمان، التي تركز على استهداف الأقصى وبناء الهيكل المزعوم".

وأوضح زبارقة في حديثه للجزيرة نت أن هذه المجموعات تسعى بكل قوة لتحقيق الهدف، وتعتبر حرق البقرة الحمراء وبناء الهيكل تسريعا لاستقدام آخر الزمان قائلا: "لكل طرف من هذه الأطراف مفهومه، فاليهود يريدون تسريع استقدام المسيح المنقذ، بينما الإنجيليون الجدد يريدون تسريع معركة هرمجدون".

وفي قراءة للتطورات المحلية الإقليمية والدولية، تعززت القناعات لدى زبارقة أن هذه المجموعات التي أصبحت الأكثر نفوذا في العالم، ولديها سيطرة ونفوذ حتى لدى بعض الأنظمة العربية والإسلامية، تسعى بكل قوتها إلى تسريع الأحداث، وتوظف الحرب على غزة لتحقيق أهدافها، بحيث باتت الحرب جزءا من هذه العقيدة للطرف اليهودي وللمسيحيين الإنجيلين.

وأشار الباحث بقضايا القدس والأقصى إلى أنه "حسب المعتقدات الصهيونية الدينية، لا بد من ذبح البقرة الحمراء والتطهر برمادها في آخر الزمان، وذلك من أجل تسريع تهويد المسجد الأقصى وهدمه لبناء الهيكل الثالث المزعوم، بغض النظر عن تداعيات هذه الطقوس على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي.

وأشار زبارقة إلى أن المجموعات اليهودية وحركات المعبد تعتقد أن ذبح البقرة الحمراء والتطهر، وهدم الأقصى لبناء الهيكل، أمور ستعجل لهم الخلاص الذي يسعون له على مدار ألفي سنة، كما تعتقد أن تسريع الأحداث وتقصير مراحل تعجيل الخلاص هو شيء عقائدي ديني بحت.

ومن وجهة نظر المختص بقضايا القدس والأقصى، فإن مؤتمر البقرة الحمراء والإجراءات والمناقشات التوراتية لإتمام طقوس الذبح والحرق والتطهر بالرماد، بمثابة مؤشر لأمر جدي وخطير، قائلا إنه "من خلال الحديث لمسؤولين بدائرة الأوقاف بالقدس يتعزز الشعور بوجود مخطط ومؤامرة تحاك ضد الأقصى".

وأوضح زبارقة أن مجرد استقدام البقرة الحمراء من تكساس الأميركية ورعايتها في إسرائيل والترويج لها مؤشر بالغ الخطورة، قائلا: "إذا لم يشعل ذلك الضوء الأحمر وينذر بالمخاطر المحدقة بالأقصى، فهذا بمثابة قصور بالفهم"، لافتا إلى أن أحد تجليات المشهد هو إعادة الصراع إلى المربع الحقيقي، وهو الصراع والحرب الدينيين.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات القدس والأقصى من أجل

إقرأ أيضاً:

في قمة سياسية.. استقبال "رومانسي" على السجادة الحمراء

شهد لقاء رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني ونظيرها الألباني إيدي راما، الجمعة، خلال قمة المجتمع السياسي الأوروبي في تيرانا "استقبالا غريبا".

وجثا راما، أمام نظيرته الإيطالية، ووضع مظلته جانبا وهي تتجه نحوه على السجادة الحمراء، قبل أن يتعانقا، وسُمعت ميلوني تقول بدهشة: "لا يا إيدي".

وعُرف رئيس الوزراء الألباني، الذي يبلغ طوله قرابة المترين وكان لاعب كرة سلة محترفا في السابق، بمثل هذه الإيماءات مع ميلوني التي يصل طولها إلى 160 سنتيمترا في مناسبات سابقة.

وقد علّقت ميلوني مازحة أمام الصحفيين لدى وصولها إلى قمة "المجتمع السياسي الأوروبي"، قائلة: "إنه يفعل هذا فقط ليبدو في طولي"، حسبما ذكرت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية.

لكن راما لم يُبدِ نفس التصرفات تجاه زعيم حزب العمال البريطاني كير ستارمر، الذي يبلغ طوله 173 سنتيمترا، أثناء المؤتمر الصحفي الذي جمعهما يوم الخميس في تيرانا.

فقد بدا الفارق الجسدي واضحا بين الرجلين، كما زاد من إحراج ستارمر ما وصفه مراقبون بتوبيخ علني من راما، جاء في لحظة مفصلية يسعى فيها حزب العمال إلى فرض نهج أكثر صرامة في التعامل مع ملف الهجرة.

وخلال المؤتمر، أعلن ستارمر أن المملكة المتحدة "تجري محادثات مع عدة دول لإنشاء مراكز عودة" للمهاجرين الذين رُفضت طلباتهم للجوء في بريطانيا، وأضاف أنه سيتحدث بشأن هذه الخطة مع راما.

لكن رد راما كان قاسيا، إذ قال بفخر: "لقد طُلب منا من قبل عدة دول أن نكون منفتحين على هذا الأمر، ورفضنا، لأننا مخلصون لشراكتنا مع إيطاليا، وما تبقى لا يتعدى كونه مشاعر محبة".

وتابع راما، وهو يرتدي حذاء رياضيا أبيض: "كنت واضحا منذ البداية أن هذا الاتفاق مع إيطاليا استثنائي، لخصوصية العلاقة بين البلدين، وللوضع الجغرافي الذي يجعل الأمر منطقيا للغاية".

ويُعد هذا الرد صفعة سياسية لحزب العمال، الذي كان قد أطلق قبل أيام فقط خطته للتشدد في سياسة الهجرة.

ويأتي ذلك في وقت يواصل فيه راما تعزيز مكانته كأطول رؤساء وزراء ألبانيا خدمة منذ سقوط الشيوعية، حيث فاز بولاية رابعة في الانتخابات التي أُجريت الأحد الماضي، بعدما حقق حزبه الاشتراكي 52 بالمئة من الأصوات، مقابل الحزب الديمقراطي بقيادة رئيس الوزراء الأسبق، سالي بريشا.

ويحظى راما بتقدير كبير من قادة أوروبا والولايات المتحدة، الذين يرون فيه شخصية مستقرة ومؤثرة في منطقة البلقان. وقد درس راما الفنون في باريس في شبابه، ويقود جهود بلاده للابتعاد عن النفوذ الروسي والانفتاح على أوروبا.

وتجدر الإشارة إلى أن ألبانيا أصبحت وجهة سياحية شهيرة، حيث تستقطب أكثر من 10 ملايين سائح سنويا إلى سواحلها الخلابة على البحر الأدرياتيكي.

مقالات مشابهة

  • في قمة سياسية.. استقبال "رومانسي" على السجادة الحمراء
  • أحدهم مبتور القدم.. الاحتلال يفرج عن 10 أسرى من قطاع غزة
  • زلزال بقوة 4.9 ريختر يضرب قبالة سواحل نيوزيلندا
  • مستشفى شهداء الأقصى: الوضع في قطاع غزة كارثي
  • وكيل اللجنة الدينية بمجلس الشيوخ يقدم وظيفة ومنحة دراسية لأبناء ضحية العنف الأسري ببني سويف
  • ورشة عمل لمناقشة بناء الهيكل التنظيمي لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل
  • مستوطنون يقتحمون اليوم المسجد الأقصى
  • ماذا يفعل المشروم للحامل؟
  • وزير الدفاع يبحث مع قيادة الفرقة 98 مدرعات واقع المدرعات وخطط تطوير الهيكل التنظيمي والعسكري
  • حاخام إسرائيلي يهدد بالرحيل ومعه طلاب المدارس الدينية.. ما السبب؟