موقع النيلين:
2025-05-30@20:56:23 GMT

د. مزمل أبو القاسم: حادثة عطبرة.. وفرامل اليد!

تاريخ النشر: 4th, April 2024 GMT


* لا غرابة في إقدام مليشيات الدعم السريع على قصف فعالية دينية واجتماعية يؤمها المئات من المدنيين العُزّل، كما فعلوا في مدينة عطبرة الحلوة أمس، فالثابت أن الحرب التي شنها هؤلاء المرتزقة في الخامس عشر من شهر أبريل العام الماضي توجهت في معظمها إلى الشعب قبل الجيش، فأوسعوا الآمنين عسفاً وتنكيلاً، ولم يتورعوا عن قتلهم وسحلهم واغتصاب نسائهم وسبيهن وسلب أموالهم وممتلكاتهم وتدمير مؤسساتهم الخاصة والعامة واحتلال وتخريب ونهب مستشفياتهم ومدارسهم وجامعاتهم وكل مراكز خدماتهم.

* الشيء من معدنه لا يُستغرب، لذلك لم نتعجب لإقدام المرتزقة على ترويع الآمنين، وقتل المدنيين وسحلهم في مدينة عطبرة، فذاك ديدنهم وكذلك يفعلون، سيما وأنهم ظلوا يتوعدون أهالي ولاية نهر النيل بالويل والثبور منذ بداية الحرب، بعنصرية بغيضة وكراهية تليق بنفوسهم المعتلة.

* ما دخل التمرد قريةً أو مدينةً وقاربها إلا فر منها أهلها فرار الصحيح من الأجرب، لتمام علمهم بما ينتظرهم من قتل وترويع وسلب ونهب بدناءةٍ غير مسبوقة، وانحطاط في الخلق، وانعدام كامل لكل نوازع الدين والعادات والأعراف السودانية الأصيلة، ولا عجب فهؤلاء القتلة الأوباش لا ينتمون لهذه الأرض الطاهرة، ولا تربطهم بها أي علاقة ولاءٍ أو محبة، لذلك تفرغوا لهدم بنية الدولة وقتل أهلها وترويعهم وإذلالهم وتدمير حاضرهم وازدراء ماضيهم ومحاولة تخريب مستقبلهم، بحقدٍ أسود، لم نشهد له مثيلاً حتى عند التتار عندما غزوا بغداد.

* تتار العصر الحديث، أتوا كل منكر في السودان، ولم يغادروا جريمةً إلا ارتكبوها، بنفوس مريضةٍ، وعقول مختلة، موقعها الطبيعي مستشفيات الأمراض النفسية والعصبية لمعالجتها من أدواء الحقد الأسود.

* ماذا يستفيد التمرد من قتل المدنيين وسحل النساء والشيوخ والأطفال وهم يتناولون طعام الإفطار في مناسبةٍ يحتفون فيها بشهدائهم في معركة الكرامة؟

* نحن مستغرب جرأة البعض واجتهادهم لاستغلال حادثة المسيرة لتحويل الضحايا إلى جناة بطريقة (الحاقربك في الضلام يحدرلك)!

* بدلاً من إدانة واستنكار وشجب السلوك الإجرامي القذر لمليشيا منحطة لا تجد حرجاً في قصف إفطار رمضاني عادي، يؤّمه مدنيون عُزَّل ونساء وشيوخ وأطفال؛ تفرغوا للهجوم على فتية شجعان نذروا نفوسهم رخيصةً لحماية السودان، وظلوا يحملون السلاح ويقاتلون بمنتهى الشجاعة مع جيشهم سعياً لنصرته وحماية المواطنين من جرائم التمرد، فأي وضاعة تلك وأي دناءة؟

* لا يهمنا كثيراً النظر في الانتماءات السياسية لشباب كتيبة البراء بن مالك أو غيرهم بقدر اهتمامنا بمواقفهم وأفعالهم، والثابت أن هؤلاء الشباب الميامين اصطفوا مع جيشهم وقاتلوا معه بمنتهى الشجاعة، وكانوا عوناً له لا حرباً عليه منذ بواكير هذه الحرب، ومحاكمتهم بالنوايا وسوء الظن لا تجوز.

* الثابت أنهم قاتلوا بجسارة وكانوا تحت إمرة الجيش تماماً، يعينونه بما استطاعوا لدحر التمرد ويجودون بالدماء والشهداء لنصرة الوطن، والنظر إليهم كخطر مستقبلي أمر غريب لا يسنده أي منطق، سيما وأن درء الخطر الآني مُقدّم على إزاحة أي خطر متوهم.

* كما إن الدولة استعانت في هذه الحرب بتشكيلات عسكرية عديدة من خارج نطاق القوات المسلحة، ومن بينها حركات مسلحة ظلت تقاتل الجيش سنين عددا ثم اصطفت بجانبه في معركة الكرامة فاستقبلها وسلحها وزودها بكل معينات القتال.

* بل إن الجيش رحّب باصطفاف قوات من الحركة الشعبية شمال (الحلو) بجواره في معارك الدلنج، فلماذا يستكثرون على هؤلاء الشباب الشجعان أن يعينوا جيشهم في مواجهة التمرد؟
* حلال على بلابله الدوح، حرام على الطير من كل جنس؟

* إذا كانت لقادة الجيش ملاحظات على أداء هؤلاء الشباب فيجب عليهم توجيههم ومناقشتهم وتقويم أي اعوجاج يظهر منهم بهدوء وروية يحويان الحد الأدنى من التقدير لمواقفهم وتضحياتهم، بدلاً من التشنيع بهم والطعن في نواياهم والتشكيك فيهم على الملأ!

* كذلك أظهرت حادثة عطبرة مدى الحاجة إلى رفع مستوى التدقيق الأمني في المدن التي لم يصبها التمرد، بمضاعفتها، ويطيب لنا هنا أن نتساءل: لماذا تم التلكؤ في إجازة التعديلات المقترحة على قانون الأمن الوطني لإعادة سلطة الضبط والإحضار له، وبلادنا المواجهة بخطر وجودي غاشم في أمسّ الحاجة إلى الجهاز بكامل صلاحياته؟
* لماذا تم تعطيل تلك التعديلات ومن المستفيد من ذلك الفعل الأرعن المخرّب؟

* لماذا لم يتم إعلان حالة الطوارئ بعد مرور عام على بداية الحرب؟
* هل هناك ما يستدعي إعلان حالة الطوارئ أكثر مما تعرضت وتتعرض لها بلادنا على مدى 12 شهراً من التنكيل بالمدنيين وتدمير البلاد وقتل وسحل العباد؟

* تم إعلان حالة الطوارئ صبيحة يوم 25 أكتوبر الذي شهد انقلاب المكون العسكري على المدني قبل عامين من الآن، فأيهما أشد خطراً على الدولة.. ما حدث وقتها أم ما يجري الآن؟
* لماذا تم غل يد النيابة العامة عن ملاحقة وضبط مساندي التمرد وأعوانه وجناحه السياسي الذي تفرغ للطعن في القوات المسلحة ورميها بكل قبيح، ومساندة التمرد ومحاولة تبرئته من جرائمه المنكرة، علاوةً على التحالف معه بإعلان سياسي يزخر بالخيانة والعمالة، منح التمرد سلطة حكم وإدارة المناطق التي احتلها ونكّل بأهلها؟

* لماذا تم تعطيل إجراءات التقاضي في البلاغات التي رفعتها الاستخبارات العسكرية في معاوني المتمردين وحلفائهم الخونة منذ شهور؟

* ثم ختاماً.. لماذا لم يتم تكوين حكومة حرب لمواجهة ودحر الخطر الوجودي الذي تتعرض له بلادنا منذ عام كامل.. وما الجهة التي تحمي أذناب التمرد وتمنع طردهم من مواقعهم في السلطة التنفيذية والنيابة وكل أجهزة الدولة والبنوك وشركات القطاع العام؟

* أسئلة حائرة لا نجد لها إجابات شافية، وينبغي لقيادة الدولة والجيش أن ترد عليها بسرعة، لتوضح لنا ما خفي من أمرنا، ولنعلم عدونا من صديقنا ونواجهه بما يستحقه من حسم وحزم.. إذ لا حصانة بعد اليوم من النقد لأي مسئول يتواطأ ويتهاون في ملاحقة ومحاسبة التمرد الغاشم وأذنابه.. ولنا عودة.. لنكتب عن (فرامل اليد) المرفوعة منذ شهور.. بالتفصيل.

د. مزمل أبو القاسم

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: لماذا تم

إقرأ أيضاً:

وزير الشؤون النيابية: العقود الاستثمارية التي تبرمها مصر تضمنت شروطًا لحماية التوازن الاقتصادي

ألقى المستشار محمود فوزي، وزير الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، الكلمة الافتتاحية لفعاليات المؤتمر العلمي المتخصص الذي ينظمه مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي تحت عنوان: “الأدوات التعاقدية التقليدية لحماية المستثمرين الأجانب وسلطة الدولة التنظيمية”

وخلال كلمته؛ أكد المستشار محمود فوزي، وزير الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، أن تطور منظومة حماية الاستثمارات الأجنبية شهد خلال العقود الأخيرة دعمًا متزايدًا من خلال الاتفاقيات الثنائية والمتعددة، وصياغة العقود مع الدول المضيفة، وكذلك من خلال نشأة مراكز التحكيم الدولي التي أسهمت في ترسيخ مبادئ قانونية مهمة في هذا المجال.

وأشار وزير الشئون النيابية، إلى أن هذه الأدوات جاءت لتحقيق التوازن بين الحاجة إلى جذب رؤوس الأموال الأجنبية لدى الدول النامية، وحاجة المستثمرين الأجانب إلى ضمانات واضحة، على رأسها: الحماية من نزع الملكية دون تعويض، وكفالة المعاملة العادلة والمنصفة، وحظر التمييز، وضمان حرية تحويل الأرباح ورؤوس الأموال.

موضحًا أن من بين المسائل المحورية في علاقة الدولة بالمستثمرين هي مدى تأثير السلطة التنظيمية السيادية للدولة على التزاماتها التعاقدية، حيث تحتفظ الدولة بحقها الأصيل في سن التشريعات وتنظيم القطاعات المختلفة بما يحقق الصالح العام، حتى وإن أدى ذلك إلى تغيير في البيئة الاستثمارية، بينما يرغب المستثمر في الحفاظ على التوازن الاقتصادي لمشروعه دون تأثير من تصرفات تنظيمية مفاجئة.

وفي هذا السياق، شدد الوزير محمود فوزي، على أن قانون الاستثمار المصري راعى هذا التوازن حينما أقر بحق الدولة في تنظيم القضايا ذات البعد الاجتماعي والبيئي، وفي الوقت نفسه أقر باحترام العقود وتوفير المعاملة العادلة والمنصفة، وهو ما تم تأكيده في الاتفاقيات الثنائية لحماية الاستثمارات التي أبرمتها الدولة المصرية.

كما أوضح المستشار محمود فوزي، أن الفقه والقضاء الإداري المصريين رسّخا مبادئ حماية التوقع المشروع والحقوق المكتسبة، مؤكدًا أن المحكمة الإدارية العليا والجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع دعمت هذا الاتجاه، بينما ذهبت المحكمة الدستورية العليا إلى التأكيد على احترام التوقع المشروع للأفراد كضمان للملكية الخاصة والعدالة الاجتماعية.

وتطرق وزير الشئون النيابة، إلى أن العقود الاستثمارية التي تبرمها الدولة، خاصة في قطاعي الغاز والبترول، تضمنت شروطًا لحماية التوازن الاقتصادي، من بينها شرط الثبات التشريعي في صور متعددة، وصولًا إلى شرط “استعادة التوازن الاقتصادي”، الذي يحقق حلًا وسطًا بين حق الدولة في التشريع، وحق المستثمر في حماية استثماراته من آثار تلك التشريعات.

واستعرض المستشار محمود فوزي، المراحل التي مر بها شرط الثبات التشريعي والذي اتخذ في بعض مراحله صورة "شرط التوافق" والذي مقتضاه إصدار عقود الدولة مع المستثمر بقوانين، والنص في تلك القوانين على سريان أي تعديل يحدث في القواعد القانونية القائمة وقت التعاقد مع المستثمر، بالقدر الذي تتوافق معه تلك التعديلات مع العقد، الذي صار بمثابة قانون خاص من قوانين الدولة، ثم ظهر أخيرًا صورة جديدة لشرط الثبات التشريعي متمثلة في شرط استعادة التوازن الاقتصادي "Restoration of Economic Equilibrium" الذي أقر بحق الدولة في استصدار التشريعات والقرارات المحققة لمصلحتها العامة، على أن يقابل ذلك التزامها بالحفاظ على التوازن الاقتصادي لعقودها المتضمنة لذلك الشرط، وما يقتضيه ذلك من تعويض المتعاقدين معها عن أي اختلال للتوازن الاقتصادي قد ينشأ عن مباشرة سلطتها التنظيمية، وتعد تلك الصورة بمثابة حل وسط بين حق الدولة في التنظيم وحق المستثمر في الحفاظ على التوازن الاقتصادي لعقده.

وفي ختام كلمته، أعرب المستشار محمود فوزي عن تقديره للجهات المنظمة والداعمة للمؤتمر، متمنيًا أن تُسفر جلساته عن توصيات رصينة تُسهم في دعم البيئة الاستثمارية وتحقيق التوازن بين متطلبات التنمية وحقوق المستثمرين.

مقالات مشابهة

  • العراق: عن هشاشة الدولة التي لا يتحدث عنها أحد!
  • البرهان يصدر قرار عاجل بشأن إتهامات أمريكية بإستخدام الجيش السوداني أسلحة كيميائية في الحرب
  • كتاب ومحللون إسرائيليون: لماذا لم ننتصر بعد 600 يوم من الحرب؟
  • ‏موقع "واللا" الإسرائيلي: الجيش يستعد لتوسيع نطاق الحرب لتشمل المدن الكبرى في قطاع غزة
  • راشد عبد الرحيم يكتب: الحرب والحب والكوليرا
  • خوف وعضات قاتلة.. لماذا تتجاهل السلطات المغربية الكلاب الضالة التي تهاجم المواطنين؟
  • مراحل عربات جدعون التي أقرها نتنياهو لتهجير سكان غزة
  • وزير الشؤون النيابية: العقود الاستثمارية التي تبرمها مصر تضمنت شروطًا لحماية التوازن الاقتصادي
  • توماس فريدمان: الإشارات الخاطفة التي رأيتها للتو في إسرائيل
  • سيفقد أولاد دقلو كل المدن التي سيطروا عليها وسيتحولون إلى مجرد مجرمين هاربين