لا تبدو الولايات المتحدة الأميركية عازمة على اتخاذ أي خطوة لوضع حد للجرائم اليومية التي ترتكبها إسرائيل بحق المدنيين أو عمال الإغاثة في قطاع غزة، في حين تحولت المواقف العربية إلى نقطة ضعف للقطاع، كما يقول خبراء.

فرغم استهداف الجيش الإسرائيلي المتعمد لفريق الإغاثة التابع للمطبخ المركزي العالمي، فإن مسؤول الاتصالات في مجلس الأمن القومي جون كيربي، أكد أنه لا توجد لدى واشنطن أي خطط للتحقيق في هذا الحادث.

ولم يقف كيربي عند هذا الحد، لكنه قال إن الولايات المتحدة لا تملك أي دليل على انتهاك إسرائيل للقانون الدولي طوال هذه الحرب.

وتمثل هذه التصريحات دليلا على أن إدارة الرئيس جو بايدن غير مستعدة لاتخاذ أي خطوة من شأنها وقف الجرائم الإسرائيلية، كما يقول الدبلوماسي الأميركي السابق تشارلز دان، الذي قال إن واشنطن لا تفعل شيئا سوى التعبير عن أسفها.

موقف غير مترابط

وخلال مشاركته في برنامج "غزة.. ماذا بعد؟"، قال دان إن تصريحات إدارة بايدن "لا تسير على وتيرة واحدة وغير مترابطة وبالتالي لا ترسل رسالة متماسكة".

لكن المؤسف -يقول دان- هو مواصلة جون كيربي التأكيد على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها بينما الأمر لم يعد كذلك، مشيرا إلى أن كثيرين في الحزب الديمقراطي بدؤوا يدركون هذه الحقيقة وهو ما خلق أزمة بالنسبة لبايدن، حسب تعبيره.

أما أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح حسن أيوب فيرى أن إدارة بايدن "أعطت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ضوءا أخضر غير مسبوق، وهو لا يحتاج سوى نصف هذا الضوء لارتكاب كل ما يمكنه ارتكابه من جرائم".

وقد أدركت إدارة بايدن هذا الأمر وهو ما دفع الرئيس الأميركي لتغيير لهجته خلال الفترة الماضية، لكن كيربي وغيره من مسؤولي الإدارة يسارعون لتفنيد أحاديث بايدن، كما يقول أيوب.

لذلك، فإن أقصى ما يمكن لواشنطن فعله -حسب أيوب- هو أن تقبل بنتائج تحقيق إسرائيلي سينتهي إلى أن الأمر كان نتيجة خطأ، لأنها تعرف أن لديها فائض قوة يجعلها تقتل دون محاسبة.

موقف صعب

وعن سبب هذا الموقف الأميركي الذي بات يهدد سمعة واشنطن عالميا، يقول دان إن إدارة بايدن تعيش موقفا صعبا "لأن هناك الكثير من الاعتبارات السياسية التي يجب عليها التعامل معها وهي تتحدث عن الوضع الفظيع الحالي"، مضيفا أن "بايدن يتحدث عن ضرورة حماية عمال الإغاثة بينما يتم تمرير شحنات سلاح كبيرة لإسرائيل".

ومن هذا المنطلق، يعتقد دان أن واشنطن تسير على خطين لا يلتقيان، حتى إنه لا يعرف ما الذي تريده أميركا أكثر مما يحدث لاتخاذ موقف فعال خصوصا إزاء الأزمة الإنسانية التي ستتفاقم الأسابيع المقبلة، برأيه.

ورغم أن حالة الغضب غير المسبوقة في أميركا ضد إسرائيل وضد الدعم العسكري الأميركي لها، فإن هناك حالة من التوازن بين الحزبين خصوصا في الكونغرس بشأن مواصلة دعم تل أبيب -حسب دان- الذي أشار إلى تأكيد بايدن أنه يؤيد مواصلة دعم إسرائيل.

وبالنظر إلى أن الولايات المتحدة دخلت عاما انتخابيا، فإن دان يعتقد أنه من المستحيل أن يقدم بايدن على اتخاذ خطوة فعالة ضد إسرائيل "بدليل أن قراراته السياسية والعسكرية لا تدعم وقف إطلاق النار أو إيصال المساعدات الذي يتحدث عنه".

أما أيوب فيذهب إلى أبعد من حديث دان، بقوله إن الموقف الأميركي "أسوأ من الإسرائيلي، لأن سلوك إسرائيل في غزة والضفة الغربية ذهب بعيدا إلى حد جعل واشنطن غير قادرة على التصرف، حتى إن دولا مثل كندا وبريطانيا وهولندا اتخذت مواقف أكثر تقدما من واشنطن".

وبالتالي، فإن واشنطن بهذا الموقف من إسرائيل "لم تترك أي احترام لقواعد التحالف لأنها غير قادرة على تطويع واحد من أصغر حلفائها (إسرائيل) فما الذي يمكنها فعله مع حليف كبير مثل بريطانيا أو كندا".

وعن طبيعة العلاقة بين أميركا وإسرائيل، يقول دان إنه "لا يمكن تحديد من يتحكم في من"، لكنه يجزم بأن واشنطن "أسيرة سياساتها طويلة الأمد التي تظهر الآن في الكونغرس".

ورغم أن الإدارة الأميركية يمكنها القيام بالكثير من الأمور السياسية والدبلوماسية لكن من غير المحتمل أن تفعل هذا في عام الانتخابات، كما يقول دان.

خلق الفوضى

وعن هذا السلوك الإسرائيلي تجاه المساعدات وفرق الإغاثة، يقول أيوب إن هناك تصعيدا إسرائيليا إقليميا يحرج الولايات المتحدة، مؤكدا أن تل أبيب "غير معنية بإيصال المساعدات لسكان غزة، وقد عملت على منع وجود أي توزيع منظم لها، وخلق حالة فوضى وربما حرب أهلية في القطاع".

ويفسر أيوب ذلك برغبة إسرائيل في إجبار الفلسطينيين على القبول بشروطها ومنها اقتطاع 30% من مساحة القطاع، والإبقاء على وجود عسكري دائم لها فيه، وإيجاد قوة حفظ سلام عربية في غزة".

ومع ذلك، فإن أيوب يقول إن الأكثر غرابة خلال الحرب الحالية هو أن مواقف الدول العربية "هي الأكثر ضعفا، لأنها غير مستعدة للاعتراف بأن العالم يتغير وأن الولايات المتحدة لم تعد سيدة العالم"، مؤكدا أن الموقف العربي "أصبح نقطة ضعف كبرى فيما يجري في غزة".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات الولایات المتحدة إدارة بایدن کما یقول

إقرأ أيضاً:

إسرائيل تسعى إلى تفاهم مع واشنطن يضمن لها حرية عمل جوي في إيران على غرار لبنان

قالت قناة “كان” العبرية، اليوم الأربعاء، إن المحادثات الجارية حاليا بين إسرائيل والولايات المتحدة لا تقتصر فقط على ملف صفقة تبادل الأسرى وإنهاء الحرب في غزة، بل تشمل أيضا مساعي إسرائيلية لعقد تفاهم أمني جديد يعيد رسم قواعد الاشتباك في المنطقة، وتحديدا في ما يتعلق بالتحرك الجوي الإسرائيلي في الأجواء الإيرانية.

وبحسب ما أفاد به مسؤولون إسرائيليون لقناة "كان" العبرية، فإن إسرائيل تسعى إلى اتفاق يضمن لها حرية عمل في الأجواء الإيرانية، بطريقة تشبه الوضع القائم في لبنان، حيث تحتفظ إسرائيل بهامش واسع من حرية الحركة الجوية، دون أن يؤدي ذلك إلى احتكاك مباشر مع واشنطن أو يحرجها دبلوماسيا.

وزير الخارجية الإسرائيلي: حان الوقت لإعادة تفعيل آلية العودة السريعة للعقوبات على إيرانإيران .. تمديد إلغاء الرحلات الجوية الدولية والداخلية حتى ظهر غدألمانيا تعلق على قرار إيران وقف تعاونها مع وكالة الطاقة الذريةإيران تكشف عن أضرار فادحة في فوردو النووي.. وتصريحات أمريكية متضاربة

ووفقا للقناة العبرية، فإن الهدف من التفاهم هو رسم "خطوط أساس" واضحة حول متى يمكن لإسرائيل أن تتحرك عسكريا في العمق الإيراني، ومتى ينبغي التنسيق المسبق مع الولايات المتحدة، وما إذا كان بإمكانها الاعتماد على دعم أميركي في حال قررت تنفيذ عمليات نوعية في العمق الإيراني، ضمن إطار الردع الاستراتيجي ضد البرنامج النووي الإيراني أو شبكات التهريب عبر سوريا والعراق.

وتشير التقديرات إلى أن هذا التفاهم – في حال تم التوصل إليه – سيعيد ترتيب الملعب الإقليمي بطريقة تتيح لإسرائيل الحفاظ على ما تصفه بـ"حريّة المبادرة" في مواجهة التهديد الإيراني، مع الحفاظ على التنسيق الكامل مع واشنطن.

طباعة شارك إسرائيل والولايات المتحدة إنهاء الحرب في غزة قواعد الاشتباك في المنطقة التحرك الجوي الإسرائيلي في الأجواء الإيرانية لبنان إسرائيل إيران

مقالات مشابهة

  • إسرائيل تدرس رد حماس مساء قبل توجه نتنياهو إلى واشنطن
  • ترامب يعلّق جزءاً من دعم أوكرانيا للتركيز على تعزيز دفاع إسرائيل
  • دمشق مستعدة للتعاون مع واشنطن للعودة إلى اتفاق فضّ الاشتباك مع إسرائيل
  • عاجل. ترامب يتوقع إعلان موقف حماس بشأن المقترح خلال 24 ساعة
  • موقف أمريكا من العلاقات الاقتصادية بين الصين وإيران| تحليل إخباري
  • واشنطن تدرس تسليح إسرائيل بـ قاذفات الشبح B-2 وقنابل GBU-57
  • سيناريو الملاذ الأخير.. هل تضرب إسرائيل إيران مجددًا؟
  • الخارجية الأمريكية لشفق نيوز بشأن تصريحات السوداني: انتظروا موقف واشنطن خلال ساعات
  • إسرائيل تسعى إلى تفاهم مع واشنطن يضمن لها حرية عمل جوي في إيران على غرار لبنان
  • خطوة غير مسبوقة.. واشنطن تدرس تسليح إسرائيل بـ"قاذفات الشبح"