بوابة الوفد:
2025-07-27@09:13:39 GMT

فضل ليالى الثلث الأخير من رمضان

تاريخ النشر: 4th, April 2024 GMT

حظى شهر رمضان المبارك بمكانة ومنزلة عن سائر شهور العام؛ لنزول القرآن الكريم فيه على نبينا محمد صلَّى الله عليه وسلَّم، فصار أفضل الشهور، وجعل الله فيه الأجر مُضاعف، وميَّز الثلث الأخير منه بميزات جعلته الأفضل؛ فجعل الأجر مُضاعفا أضعافًا كثيرةً لا يعلمها إلا الله فى ليالى العشر الأواخر من رمضان؛ لوجود ليلة القدر فيه، التى هى خيرٌ من ألف شهرٍ، ولذلك صارت أفضل ليالى العام، ولقد اتفق العلماء على وقوع ليلة القدر فى العشر الأواخر من شهر رمضان لكثرة الأحاديث الواردة فى التماسها فى الثلث الأخير من رمضان، وأما تحديدها فى العشر الأواخر فمختلف فيه تبعًا لاختلاف الروايات الصحيحة، وفرق العلماء بين ليالى العشر الأواخر من رمضان وأيام العشر من ذى الحجة؛ فقالوا إن ليل رمضان أفضل من ليل ذى الحجة بسبب القرآن والقيام، ونهار ذى الحجة أفضل من نهار رمضان بسبب مناسك الحج، وهذا يستدعى من المسلم أن يحسن استقبالها واغتنامها، وأن يجتهد فيها، ويكثر من الأعمال الصالحة، وأن يتنافس فيها فيما يقربه إلى الله عزَّ وجلَّ.

يُستحب للمسلم تحرى ليلة القدر، وقيام هذه اللَّيلة المباركة وإحيائها تصديقًا بالله وبفضل هذه اللَّيلة، وبما أعد فيها من الثواب ومُحتسبًا الأجر غفر الله له ذنوبه السابقة، كما ورد فى الصحيحين عن أبى هريرة رضى اللَّه عنه، قال: قال رسول اللَّه صلَّى الله عليه وسلَّم: «من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه» «رواه البخارى ومسلم»، وينبغى الإكثار فيها من الدعاء بما أرشدنا به النبى صلَّى اللَّه عليه وسلَّم، بأفضل أنواع الدعاء فى تلك اللّيلة، وهو: «اللهم إنك عفوٌّ تحب العفو فاعف عنى»؛ فعن السيدة عائشة رضى اللَّه عنها: «قلت: يا رسول الله، أرأيت إن وافقت ليلة القدر، بم أدعو؟ قال: قولى: «اللهم إنك عفوٌّ تحب العفو فاعف عنى» «رواه ابن ماجة وصححه الألبانى»، فالعبادة والعمل فى ليلة القدر أفضل من ألف شهر فيما سواها؛ أى ما يقدر بثلاثٍ وثمانين سنة وأربعة أشهر؛ لأن الله اصطفاها من بين الليالى ليُنزّل فيها القرآن الكريم، وقد أنزل فى شأنها سورة باسمها ذكر فيها شرفها وعظَّم قدرها وهى سورة القدر؛ فقال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِى لَيْلَةِ الْقَدْرِ. وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ. لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ. تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ. سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} «القدر 1-5».

كان من هدى النبى صلَّى اللَّه عليه وسلَّم، أنه يرغِّب أهله فى قيام ليالى العشر حرصًا على اغتنامها؛ فكان يجتهد فى العشر الأواخر من شهر رمضان ما لا يجتهد فى غيرها، ويخصها عن بقية الشهر بمزيدٍ من الطاعة والعبادة؛ فقد وصفت السيدة عائشة رضى الله عنها، حال النبى فى العشر الأواخر قائلةً: «كان يجتهد فى العشر الأواخر، ما لا يجتهد فى غيره» «رواه مسلم»، وفى الصحيحين عن عائشة رضى الله عنها، أنها قالت: «كان النبى صلَّى الله عليه وسلَّم إذا دخل العشر شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله» «رواه البخارى»، وزاد «مسلم»: «وجدّ وشدّ المئزر»، وفيه كناية عن الاستعداد للعبادة، وإشارة للجد والاجتهاد فى العشر الأواخر من رمضان، ولا يشغله شىء عنها من أمور الحياة، وقيل: هو كناية عن اعتزال النساء، وترك الجماع.

اختلف العلماء فى تعيين ليلة القدر؛ فلا يمكن لأحدٍ أن يجزم بليلة بعينها أنها ليلة القدر، ‏والصحيح أنها فى العشر الأواخر دون تعيين، ورجح أكثر العلماء أنها فى الليالى الوتر من العشر الأواخر، وأرجى ليلة لها هى ليلة السابع والعشرين، لحديث عائشة رضى اللَّه عنها، أنّ رسول اللَّه صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «تحروا ليلة القدر فى العشر الأواخر» «رواه البخارى ومسلم»، وفى رواية: «تحروا ليلة القدر فى الوتر من العشر الأواخر» «رواه البخارى»، وذهب بعض أهل العلم إلى أنها تطلب فى جميع ليالى العشر أشفاعه وأوتاره؛ لأن الشهر قد لا يكتمل، وهذا يوجب علينا ‏الاجتهاد فى جميع ليالى العشر؛ فالفرصة ما زالت قائمة حتى آخر ليلة فى رمضان لمن أراد أن يعتق نفسه من النار، وينال الفضل العظيم، ومن قام ليلة القدر غفر الله له ذنوبه السابقة، ومن حرم خيرها فقد حرم الخير كله؛ ففى الصحيحين عن أبى هريرة رضى اللَّه عنه، قال: قال رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم: «من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه» «رواه البخارى ومسلم»، والحكمة من إخفائها: اجتهاد المسلمين فى العبادة والذكر فى جميع أيام العشر الأواخر، وألا تقتصر عبادتهم على يومٍ بعينه، وترك بقية الأيام، وقال الرّازى فى تفسيره «إن الحكمة من إخفاء ليلة القدر عن الناس حتى يعظموا جميع ليالى العشر الأواخر فى نفوسهم، فقد أخفى اللَّه سبحانه اسمه الأعظم حتى يعظم المسلم كل أسمائه، وأخفى تحديد ساعة الإجابة فى يوم الجمعة حتى يعظم العبد جميع ساعات هذا اليوم المبارك بالدعاء، كما أخفى الله عزّ وجلّ الصلاة الوسطى حتى يعظم المسلم كل الصلوات، وأخفى موعد الموت لكى يخاف المكلف ويعظم أمر حياته، فيستثمرها فيما يرضى اللَّه، وأخفى قبول التوبة ليعظم المرء أمرها ويبقى ثابتا عليها، وهكذا كان إخفاء موعد ليلة القدر حتى يكون تعظيمها فى النفس أبلغ وأشد تأثيرًا».

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: رمضان صفوت عمارة شهر رمضان ا العشر الأواخر من فى العشر الأواخر ى الله علیه وسل لیلة القدر ه علیه وسل رسول الل من رمضان ه عنها

إقرأ أيضاً:

خطبتا الجمعة بالحرمين: المؤمن يعتبر بسرعة انقضاء الأيام والشهور.. واتباع الرسول -صلى الله عليه وسلم- سبيل السعادة والفلاح

ألقى الشيخ الدكتور عبدالله بن عواد الجهني خطبة الجمعة اليوم بالمسجد الحرام، وافتتحها بتوصية المسلمين بتقوى الله -عز وجل- وطاعته تقوى من أناب إليه، والحذر من مخالفة أمره حذر من يوقن بالحساب والعرض عليه، وعبادته مخلصين له الدين، ومراقبته مراقبة أهل الإيمان واليقين.
وقال: تيقظوا من سِنَةِ الغفلات فقد انقضى محرم وحلّ بكم صفر، وتنبهوا من رقدة الجهالات، واعتبروا بمرور الأيام، فالسعيد من اعتبر، واعلموا أن الله تعالى بعث رسوله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليمًا- بالهدى، وبصّر به من العمى، وذهبت بأنواره ظلمات الجاهلية الجهلاء، وعصبيتها وفخرها بالآباء، واستقسامها بالأزلام وتشاؤمها بالأيام والأنواء.
وحذّر من التشاؤم والطيرة لأنها تَوَقُّعُ الْبَلَاءِ وَسُوءُ الظَّنِّ، وذلك دأب الجاهلين والكفار، قال تعالى: {قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون}.
ونهى الشيخ الجهني عن سبّ الأوقات والدهور، والتشاؤم بالأيام والسنين والشهور، وقال: ولا تنسبوا النفع والضر إلا إلى من إليه ترجع الأمور، فلا شؤم في شهور ولا أيام، فما قُدِّرَ لا بد أن يكون، ومعاداة الأيام جنون، قال – عليه الصلاة والسلام-: “من ردته الطيرة عن حاجته فقد أشرك”، رواه أبو داود.
واختتم فضيلته خطبته قائلًا: أصلحوا ما ظهر من أعمالكم وما بطن، واستعملوا جوارحكم في طاعته شكرًا، وحافظوا على ما جاء به نبيكم، وأكثروا من الصلاة عليه؛ فبالصلاة عليه تنالوا الأجر والفوز والقبول، وبكثرة الصلاة عليه تنحل العقد وتنفرج الكروب وتُقضى الديون.
* وفي المسجد النبوي الشريف ألقى الشيخ عبدالمحسن القاسم خطبة الجمعة اليوم، وافتتحها بتوصية المسلمين بتقوى الله حق التقوى، ومراقبته في السر والنجوى.
وبين إمام وخطيب المسجد النبوي أن من أعظم نعم الله إرسال الرسل فهم سبيل السعادة والفلاح في الدنيا والآخرة، ولا يعرف الطيب من الخبيث إلا من جهتهم، ولا ينال رضا الله إلا على أيديهم، موضحًا أن الضرورة إليهم أعظم من حاجة البدن إلى الروح، مشيرًا إلى بقاء أهل الأرض لا يكون إلا بآثار الرسالة الموجودة فيهم.
وأوضح فضيلته أن الله تعالى أيد رسله بآيات وبراهين تدل على صدق رسالتهم، قال تعالى: {أَلَمۡ يَأۡتِهِمۡ نَبَأُ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ قَوۡمِ نُوح وَعَاد وَثَمُودَ وَقَوۡمِ إِبۡرَٰهِيمَ وَأَصۡحَٰبِ مَدۡيَنَ وَٱلۡمُؤۡتَفِكَٰتِۚ أَتَتۡهُمۡ رُسُلُهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِۖ}، مبينًا أن الآيات الدالة على نبوة محمد- صلى الله عليه وسلم- كثيرة ومتنوعة، وهي أكثر وأعظم من آيات غيره من الأنبياء، قال عز من قائل: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ}.
وتابع إمام وخطيب المسجد النبوي أنه بعد ظهور نبوة محمد- صلى الله عليه وسلم- كثرت طلبات المشركين وتنوعت اعتراضاتهم، فاقترحوا عليه آياتٍ يأتيهم بها تكبرًا وعنادًا، وقالوا لو أنزل علينا كتاب لأخلصنا العبادة لله قال تعالى: {وَإِن كَانُواْ لَيَقُولُونَ لَوۡ أَنَّ عِندَنَا ذِكۡرا مِّنَ ٱلۡأَوَّلِينَ لَكُنَّا عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلۡمُخۡلَصِينَ. فَكَفَرُواْ بِهِۦۖ فَسَوۡفَ يَعۡلَمُونَ}.
وبين فضيلته أن المشركين بعد نزول القرآن ورؤيتهم ما فيه من المعجزات قالوا لولا أنزل هذا القرآن على رجل عظيم من أهل مكة والطائف، قال تعالى: {وَقَالُواْ لَوۡلَا نُزِّلَ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانُ عَلَىٰ رَجُل مِّنَ ٱلۡقَرۡيَتَيۡنِ عَظِيمٍ}.
وأشار إمام وخطيب المسجد النبوي إلى أن المشركين لما عجزوا عن تحدي الله بأن يأتوا بمثل هذا القرآن أو ببعضه طلبوا من النبي- صلى الله عليه وسلم- استبدال القرآن بغيره، قال تعالى: {وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡ ءَايَاتُنَا بَيِّنَٰت قَالَ ٱلَّذِينَ لَا يَرۡجُونَ لِقَآءَنَا ٱئۡتِ بِقُرۡءَانٍ غَيۡرِ هَٰذَآ أَوۡ بَدِّلۡهُۚ قُلۡ مَا يَكُونُ لِيٓ أَنۡ أُبَدِّلَهُۥ مِن تِلۡقَآيِٕ نَفۡسِيٓۖ إِنۡ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰٓ إِلَيَّۖ }.
وأوضح إمام وخطيب المسجد النبوي أن الله تعالى لو أجاب المشركين بما طلبوا لطلبوا المزيد استكبارًا وعنادًا، مبينًا أنهم من عتوهم إذا تأخرت الاستجابة لمطلبهم في آيةٍ من الآيات استهزؤوا برسول الله – صلى الله عليه وسلم- بأن يُنشئ آيةً من عنده، قال تعالى: {وَإِذَا لَمۡ تَأۡتِهِم بِـَٔايَة قَالُواْ لَوۡلَا ٱجۡتَبَيۡتَهَاۚ قُلۡ إِنَّمَآ أَتَّبِعُ مَا يُوحَىٰٓ إِلَيَّ مِن رَّبِّيۚ}.
وتابع فضيلته قائلًا: إن الله تعالى بيّن أنه القادر على إنزال الآيات، ولا شأن لرسله ولا لأحد من خلقه فيها، قال جل من قائل: {وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأۡتِيَ بِـَٔايَةٍ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۗ}.
وبين إمام وخطيب المسجد النبوي أنه لجهل المشركين بحكمة الله لم يحقق الله لهم ما يقترحونه، ولأن ما طلبوه من الآيات لا يوجب إيمانًا فقد سألها الأولون وأُعْطُوْهَا ولم يؤمنوا فكان هلاكهم واستئصالهم، قال الله تعالى عنهم: {بَلۡ قَالُوٓاْ أَضۡغَٰثُ أَحۡلَٰمِۭ بَلِ ٱفۡتَرَىٰهُ بَلۡ هُوَ شَاعِر فَلۡيَأۡتِنَا بِـَٔايَة كَمَآ أُرۡسِلَ ٱلۡأَوَّلُونَ. مَآ ءَامَنَتۡ قَبۡلَهُم مِّن قَرۡيَةٍ أَهۡلَكۡنَٰهَآۖ أَفَهُمۡ يُؤۡمِنُونَ}. مشيرًا إلى أن النبي- صلى الله عليه وسلم- كان يضيق صدره بما يقولون، قال تعالى: {وَلَقَدۡ نَعۡلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدۡرُكَ بِمَا يَقُولُونَ}.
وأوضح فضيلته أن الله لم يجر العادة بإظهار الآيات إلا للأمة التي حتم بعذابها واستئصالها، محذرًا من الاستهانة بجناب الربوبية أو الرسالة، فمن لم يعظمهما هلك.
وختم إمام وخطيب المسجد النبوي بأن الإسلام مبنيٌ على أصلين: تحقيق شهادة أنّ لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، فباتباع محمد- صلى الله عليه وسلم- يكون توحيد الله.

مقالات مشابهة

  • كان الرسول اذا اشتد عليه أمر فعل هذا العمل.. اغتنمه
  • عضو لجنة الدعوة بالأزهر يوضح فضل قول حسبي الله ونعم الوكيل
  • الإنسان بين نعمة الهداية وشهوة الطغيان .. قراءة دلالية في وعي الشهيد القائد رضوان الله عليه
  • دعاء النبي عند رؤية هلال شهر صفر.. تعرف عليه وردده
  • ناشطات وإعلاميات في حديث خاص لـ(الأسرة): الإمام زيد -عليه السلام-.. وعي وبصيرة وجهاد وثورة أوقدت ثورات
  • هل تُحسب صلاة الجمعة جماعة لمن أدرك التشهد الأخير؟.. إليك الحكم بالتفصيل
  • خطبتا الجمعة بالحرمين: المؤمن يعتبر بسرعة انقضاء الأيام والشهور.. واتباع الرسول -صلى الله عليه وسلم- سبيل السعادة والفلاح
  • دعاء للميت ليلة الجمعة.. 4 كلمات مستجابة مع غروب الشمس وحتى طلوع الفجر
  • وصفة سحرية مجربة لكل من تأخر زواجها.. اقرأيها كل ليلة جمعة
  • الغارديان: لقد واجهنا الجوع من قبل، ولكن لم نواجهه أبدًا بهذا القدر