الغارديان: لقد واجهنا الجوع من قبل، ولكن لم نواجهه أبدًا بهذا القدر
تاريخ النشر: 24th, July 2025 GMT
قالت صحيفة الغارديان البريطانية في تقرير ميداني نُشر أمس الأربعاء: إن المجاعة في غزة بلغت مستويات غير مسبوقة، وسط أطفال هزلى يملؤون المستشفيات، وأمهات يغامرن بحياتهن من أجل لقمة تسدّ رمق أبنائهن، في ظل سياسة تجويع ممنهجة فرضتها إسرائيل منذ أشهر.
ونقلت الصحيفة عن فايدة عبد الرحمن، جدة الطفل محمد البالغ من العمر سبعة أشهر، أن حفيدها الذي لا يتجاوز وزنه 4 كيلوغرامات "يمضي يومه إما في البكاء من الجوع أو في قضم أصابعه النحيلة"، مضيفة: "واجهنا الجوع من قبل، لكن لم نرَ شيئًا كهذا.
وأضاف التقرير أن المستشفى الذي يعالج فيه محمد، "جمعية أصدقاء المريض"، يعاني من اكتظاظ شديد، حيث يتكدّس الأطفال الهزلى على 12 سريرًا فقط، بعضهم يتقاسم السرير مع طفل آخر، بينما لم يتبقَ في مدينة غزة سوى فريقين طبيين مختصين بالأطفال، يواجهان ما يصل إلى 200 حالة يوميًا.
الدكتور مصعب فروانة، أحد الأطباء القلائل العاملين في المجال، قال للغارديان: "أشعر بالعجز. أحيانًا نعرف ما يحتاجه الطفل للبقاء، لكنه ببساطة غير متوفر". وروى أن طفلة تُوفيت هذا الأسبوع فقط لأنها لم تحصل على حقنة بوتاسيوم، وهي دواء بسيط يُعد من أساسيات الطب، لكنه مفقود في غزة بفعل الحصار.
ووفقًا للصحيفة، سجّلت السلطات الصحية في غزة 43 حالة وفاة بسبب الجوع خلال ثلاثة أيام فقط، ليرتفع العدد إلى 111 حالة منذ بداية الحرب، مشيرة إلى أن أكثر من 100 منظمة إغاثية، بينها "أطباء بلا حدود" و"أوكسفام" و"أنقذوا الأطفال"، حذرت في بيان مشترك من أن موظفيها "يذبلون أمام أعينهم".
كما نقلت الصحيفة تصريحًا لرئيس منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، قال فيه إن "جزءًا كبيرًا من سكان غزة يتعرضون للموت جوعًا"، مؤكدًا: "لا أدري ما الذي يمكن أن نسمّيه سوى تجويع جماعي من صنع الإنسان".
ويشير التقرير إلى أن إسرائيل فرضت حصارًا تامًا على غزة في 2 مارس، ثم أعلنت رفعه جزئيًا في مايو بعد ضغوط من حلفائها الغربيين الذين رفضوا صور المجاعة، لكنها في الواقع أعادت هندسة الأزمة، حيث تُدار عمليات توزيع الغذاء الآن عبر منظمة أمريكية غامضة تدير أربع نقاط "مُعسكرة" يصفها السكان بأنها "مصائد موت". وقد قُتل مئات أثناء محاولتهم الوصول إلى تلك المواقع.
وتقول الصحيفة إن الغذاء الموزع عبر ما يُعرف بـ"مؤسسة غزة الإنسانية" (GHF) لا يغطي سوى أقل من أسبوعين من احتياجات السكان، حتى لو وُزّع بعدالة—which لم يحدث.
ويختتم التقرير بمأساة عائلة الخالدي، التي تتكوّن من سبعة أطفال وأم معيلة وأب مشلول. يجلس الأطفال يوميًا أمام مسجد مدمّر في حيّ الوحدة بمدينة غزة، يبيعون أساور من خرز بدلًا من التسوّل. تقول الأم: "أطفالي أصبحوا هياكل عظمية، لا يقدرون على الوقوف. يتوسلون إليّ لأطعمهم، وليس لدي شيء أعطيه".
رغم خطر الموت في الطريق، قررت الأم أخيرًا أن تذهب إلى أحد مراكز التوزيع: "لم يعد أمامي خيار. خوفي من أن أموت وأتركهم وحدهم، أقل من خوفي أن يستمروا هكذا دون طعام".
https://www.theguardian.com/world/2025/jul/23/we-faced-hunger-before-but-never-like-this-skeletal-children-fill-hospital-wards-as-starvation-grips-gaza
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية الغارديان تقرير المجاعة غزة فلسطين غزة تقرير مجاعة الغارديان صحافة صحافة صحافة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
مفوضة أوروبية: غزة تعيش كارثة إنسانية والفلسطينيون بين الجوع والرصاص
أعربت مفوضة الاتحاد الأوروبي للمساواة وإدارة الأزمات، حاجة لحبيب، عن بالغ قلقها إزاء الأوضاع الإنسانية المتدهورة في قطاع غزة، مؤكدة أن "الكلمات باتت عاجزة عن وصف حجم المأساة المتفاقمة".
وخلال مقابلة إذاعية مع "فرانس إنترناشيونال"، قالت لحبيب إن "الفلسطينيين في غزة باتوا أمام خيارين مأساويين: إما الموت جوعًا أو الموت بالرصاص"، مشيرة إلى أن أحدث البيانات تفيد بوفاة 21 طفلًا بسبب الجوع، بالإضافة إلى مئات الأطفال الذين استُشهدوا نتيجة القصف أو أُصيبوا بجروح قاتلة.
وأشارت لحبيب إلى أن المجاعة في القطاع أصبحت واقعًا مأساويًا يتجاوز حدود الأزمة الإنسانية المعتادة، بل يُعبّر عن فشل أخلاقي وسياسي دولي، مضيفة أن "صور الأطفال الهياكل البشرية، ومشاهد الإعياء وفقدان الوعي، تفضح ضمير العالم الذي يكتفي بالتنديد دون فعل حقيقي".
وانتقدت لحبيب مشروع "مدينة المساعدات الإنسانية" الذي تروج له إسرائيل، ويهدف إلى تجميع ما يُقارب 600 ألف فلسطيني في مناطق محددة. ووصفت المشروع بأنه "محاولة جديدة للتهجير القسري"، مؤكدة أنه "يُفتقر لأي تصور سياسي طويل الأمد، ولا يمت بصلة لمبدأ حل الدولتين أو أي تسوية عادلة".
وتابعت: "ما يحدث ليس مجرد أزمة غذائية، بل جريمة بحق الإنسانية، في ظل استمرار الحصار، وغياب ممرات إنسانية آمنة، وعجز المجتمع الدولي عن فرض إرادة القانون".
وكانت إسرائيل قد توقفت عن تنفيذ الاتفاق الذي تم التوصل إليه في مارس الماضي مع حركة "حماس"، والذي تضمن بنودًا لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى. ومنذ ذلك التاريخ، أغلقت السلطات الإسرائيلية المعابر الرئيسية المؤدية إلى غزة، ما أدى إلى تكدّس شاحنات المساعدات على الحدود دون قدرة على العبور.
وقد وثّقت مؤسسات حقوقية وصحية خلال الأسابيع الأخيرة تدهورًا خطيرًا في مؤشرات الأمن الغذائي، حيث أفادت تقارير أن مئات الآلاف باتوا يعيشون تحت خط المجاعة، فيما تُحذّر منظمات الإغاثة من انهيار تام في سبل البقاء، لا سيما في صفوف الأطفال والمرضى.
وفي ختام حديثها، طالبت لحبيب بضرورة تحرك أوروبي ودولي عاجل، لا يكتفي بإدانات شكلية، بل يشمل فرض آليات رقابية على دخول المساعدات وضمان توزيعها، وإنهاء الحصار الذي وصفته بـ"العقاب الجماعي". كما شددت على أن "السلام لا يُبنى على أنقاض شعب يتضور جوعًا"، داعية لإعادة إحياء مسار سياسي شامل يعيد للفلسطينيين كرامتهم وحقهم في الحياة.