أكدت صحيفة "إندبندنت" البريطانية في تقرير نشرته الثلاثاء، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يقود بلاده نحو مصير دموي مسدود، إذ تصاعدت التظاهرات الحاشدة في إسرائيل خلال الأيام الأخيرة، ما يعكس المعارضة الشديدة للسياسات التي تبناها نتنياهو في الحرب الأخيرة في قطاع غزة والنتائج الكارثية التي نجمت عنها.

وقالت الصحيفة إن نتنياهو كان يحظى بدعم عالمي وداخلي عقب أحداث السابع من أكتوبر لتحرير المحتجزين وتحييد "حماس"، حتى أنه دعا منافسه بيني جانتس للانضمام إلى حكومة الحرب.

وختمت الصحيفة بالتأكيد على أن التظاهرات الحاشدة في إسرائيل تكشف عن مدى المعارضة المتزايدة لنتنياهو وسياساته القاسية في غزة، وتعكس الشكوك المتزايدة بشأن قدرته على قيادة البلاد في هذه الظروف الصعبة.

وفي سياق متصل، تعكس استطلاعات الرأي في إسرائيل مدى اليأس الذي عبر عنه المتظاهرون بشأن طريقة إدارة الحرب الأخيرة، حيث لا يحظى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بشعبية كبيرة، فقد أسفر النزاع عن مقتل أكثر من ٣٢ ألف فلسطيني وإصابة ٧٤ ألفًا آخرين، بما في ذلك عدد كبير من الأطفال والنساء، وهو ما يعتبر أمرًا مثيرًا للقلق بالنسبة للمتظاهرين، كما تسبب النزاع في تدهور الاستقرار الإقليمي وعزل إسرائيل على الصعيد الدولي.

بالإضافة إلى ذلك، فإن عائلات الأسرى الفلسطينيين الذين لا يزالون في غزة شعروا بالاستياء الشديد، حيث قتل العديد منهم وأصيب آخرون بنيران قوات الاحتلال الإسرائيلية التي أُرسلت لإنقاذهم، وهو موقف لا يمكن تبريره بأي شكل من الأشكال، ويبدو أن نتنياهو غير قادر على حله.

ووفقًأ للصحيفة البريطانية، فرغم الأوضاع المأساوية التي يواجهها المدنيون الفلسطينيون، والأطفال الذين يتعرضون للتهديد في الحرب، والمستشفيات التي دمرها الاحتلال وتحولت إلى أنقاض محترقة، فإن نتنياهو يعد خاسرًا في هذه الحرب إذ لم يقتل سوى عدد قليل من قادة حركة "حماس"، كما تسبب في إحداث تغييرات جذرية في المشهد الفلسطيني، وخلق جيلًا جديدًا من الفلسطينيين المظلومين في غزة.

ولا يمكن إنكار أن الغضب الدولي تجاه حكومة الاحتلال الإسرائيلي غير مسبوق، حيث تصاعدت معارضة الغرب والعالم الإسلامي لسياساتها، كما تعتبر الهزيمة الساحقة التي مني بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الانتخابات البلدية نتيجة عدم الرضا الذي لاقته سياسته تجاه إسرائيل.

وعندما يصل التوتر في العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة إلى أن الرئيس الأمريكي جو بايدن لا يتحد مع رئيس الوزراء الإسرائيلي إلا قليلا، ينبغي على الإسرائيليين أن يدركوا الأثر السلبي الذي تركه نتنياهو على بلادهم، كما يجب أن يفكر قادة الغرب في تقليل الدعم لإسرائيل حتى يشعروا بالارتياح.

وفيما يتعلق بوصية نتنياهو لخليفته، فإنها تكشف عن استمراره في السياسات القاسية تجاه قطاع غزة، حتى في أسوأ الظروف، مما يبرز عناده وعدم استعداده لتغيير السياق السياسي.

نتنياهو لم يكن يتصدى فقط لحركة حماس، بل كان يتعارض أيضًا مع المدنيين الأبرياء في غزة والرأي العام الغربي، وبالتالي يخلق توترًا داخليًا في إسرائيل نفسها.

وقالت الصحيفة إن نتنياهو لو ترك وصية لخليفته، في حالة وقوع الأسوأ له بسبب إجراء عملية جراحية تتطلب التخدير الكامل، فإنها ستكون وصية بمواصلة الحملة ضد رفح.

ووصفت "إندبندنت" نتنياهو بأنه شخص عنيد، إذ لم يكن يتصدى فقط لحركة حماس، بل كان يتعارض أيضًا مع المدنيين الأبرياء في غزة والرأي العام الغربي، وبالتالي يخلق توترًا داخليًا في إسرائيل نفسها.

وفي تقدير الصحيفة، فإن "حماس" وبعد مرور ستة أشهر من عملية "طوفان الأقصى"، تمكنت من وضع نتنياهو في موقف صعب، ورغم ذلك، يبدو أن نتنياهو غير قادر على فهم الحقيقة الأساسية، وهي أن "حماس" لن تستسلم له مهما بلغت حجم الضحايا من الفلسطينيين، إذ تسعى بشكل رئيسي إلى خلق التشويش وزعزعة الاستقرار لصالحها وقد نجحت في ذلك، حتى أنها وجدت حلفاء جُدُدًا في اليمن، من خلال جماعة الحوثيين التي أثرت على حركة الملاحة في البحر الأحمر.

وقد دمرت "حماس" الجهود الدبلوماسية التي تهدف إلى تعزيز التطبيع بين إسرائيل ودول جارتها، وفي الوقت الحالي، أصبح ما يسمى بـ "اتفاقيات أبراهام" في خطر، وتلاشت آمال نتنياهو في بناء كتلة إقليمية اقتصادية مع هذه الدول.

وجاء في التقرير أن الولايات المتحدة تشعر بقلق بالغ إزاء عودة النفوذ الإيراني في المنطقة، والنشاطات التي تُدعمها، بالإضافة إلى العلاقة القريبة بين طهران وموسكو.

وتجري الدول الغربية مناقشات حثيثة لتحفيز إسرائيل على وقف إطلاق النار بطرق تخدم مصلحتها، حتى لو تطلب الأمر التنازلات لصالح "حماس" واستمراريتها.

وادَّعت الصحيفة إلى أن "حماس" لا ترغب في توقف الحرب، كما اتهمت نتنياهو بأنه يُسهّل على هذه الحركة رفض الشروط المقدمة.

ترفض الولايات المتحدة الآن استخدام حق النقض بشكل تلقائي لحماية حليفها الذي تراه خارج نطاق السيطرة، كما يُطالب العالم إسرائيل لأول مرة، بالرد على اتهامات الإبادة الجماعية أمام محكمة العدل الدولية، ما أثار غضب الإسرائيليين ضد حكومتهم.

ترى الصحيفة أن عدم انتقال الصراع إلى الضفة الغربية ولبنان يمثل طوق نجاة لنتنياهو وشعبه من توسع الحرب الخطير.
 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: نتنياهو إسرائيل غزة فی إسرائیل

إقرأ أيضاً:

تفاصيل مقترح الـ60 يوما بشأن غزة.. هذا موقف إسرائيل وحماس

قالت تقارير صحفية إسرائيلية إن مبعوث واشنطن إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، قدم مؤخرا مقترحا محدّثا لإسرائيل وحماس، بهدف التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن المتبقين وتطبيق وقف إطلاق النار في غزة، بينما تتمسك الحركة الفلسطينية بضرورة إنهاء الحرب تماما.

وقالت صحيفة "جيروسالم بوست" إن ويتكوف "يضغط على الطرفين لقبول المقترح الأميركي"، نقلا عن مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى ومصدر مطلع على التفاصيل.

ورغم وجود فرق تفاوضية لإسرائيل وحماس في الدوحة، فإن المحادثات بشأن مقترح ويتكوف تجري حاليا عبر قنوات أخرى، وفقا للمصادر.

ولعبت هذه القنوات دورا حاسما في إطلاق سراح الرهينة الإسرائيلي الأميركي عيدان ألكسندر الأسبوع الماضي، وفقا لـ"جيروسالم بوست".

وأعرب مصدر مطلع على الأمر عن خيبة أمل كبار مسؤولي حماس، لأن إطلاق سراح ألكسندر لم يؤد إلى موقف أميركي أكثر إيجابية تجاه الحركة.

ويجري ويتكوف محادثات مباشرة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وشريكه المقرب وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، ومع قيادة حماس في الدوحة، عبر قناة غير مباشرة للمحادثات يديرها رجل الأعمال الأميركي من أصل فلسطيني بشارة بحاح.

ويأتي هذا التقرير بعد وقت قصير من إعلان الجيش الإسرائيلي عن زيادة وتيرة هجومه العسكري على غزة، وتزامنا مع موافقة نتنياهو على استئناف المساعدات إلى القطاع بشكل محدود، بعد شهرين ونصف من الحصار التام.

ويتشابه المقترح الذي تحدثت عنه "جيروسالم بوست" جزئيا مع مقترحات سابقة، إذ ينص على إطلاق سراح 10 رهائن وحوالي 15 جثة لرهائن متوفين مقابل وقف إطلاق نار لمدة تتراوح بين 45 و60 يوما والإفراج عن أسرى فلسطينيين، وفقا لمصادر الصحيفة الإسرائيلية.

لكنه المقترح يختلف عن الخطط السابقة في إضافة عدة صيغ جديدة إليه، توضح أن وقف إطلاق النار واتفاق الأسرى "سيكونان بداية لعملية أوسع قد تفضي إلى إنهاء الحرب".

وتهدف الصياغة الجديدة إلى تقديم ضمانات لحماس بأن نتنياهو لن يتمكن من اتخاذ قرار أحادي الجانب، بإنهاء وقف إطلاق النار واستئناف القتال.

وقال مصدر مطلع على المفاوضات: "يحاول الاقتراح الجديد إقناع حماس بجدوى المضي قدما في اتفاق جزئي الآن، لأنه قد يؤدي إلى إنهاء الحرب في المستقبل".

وأفادت مصادر أن نتنياهو قدم ردا إيجابيا من حيث المبدأ، لكن مع العديد من الشروط والتحفظات، بينما لم تقدم حماس ردا بعد، وتطالب الحركة بوعد واضح بأن وقف إطلاق النار المؤقت سيؤدي إلى إنهاء الحرب.

وتفيد تقارير أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تضغط لمنع أي عمليات عسكرية إسرائيلية واسعة النطاق أخرى في قطاع غزة، مع السعي لإطلاق سراح المزيد من الرهائن والسماح بدخول المساعدات الإنسانية لمنع حدوث مجاعة.

قال مسؤول إسرائيلي لصحيفة "جيروسالم بوست": "محادثات الدوحة التي جرت في الأيام الأخيرة مجرد ترتيبات مسبقة. هذا ليس المكان الذي تجري فيه المحادثات الحقيقية حاليا. إذا وافقت حماس وإسرائيل على مبادئ اقتراح ويتكوف فسيتم نقل المحادثات إلى الدوحة لإجراء مناقشات مفصلة".

في المقابل، نفى القيادي بحماس سامي أبو زهري الأنباء المتداولة بشأن موافقة الحركة على صفقة تشمل الإفراج عن 9 رهائن إسرائيليين مقابل هدنة مؤقتة لمدة شهرين، مؤكدا رفض الحركة أي اتفاق لا يشمل وقفا شاملا ودائما للحرب وانسحابا كاملا للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة.

وقال أبو زهري، رئيس الدائرة السياسية للحركة في الخارج، في بيان، مساء الأحد ، إن هذه الأخبار "مزيفة وتهدف إلى إرباك الساحة والضغط على المقاومة".

وأضاف أن الحركة سلمت ألكسندر "كمبادرة لإثبات الجدية في التوصل إلى اتفاق شامل، إلا أن الإدارة الأميركية لم تتعاط بشكل إيجابي مع الخطوة".

وأوضح أن حماس مستعدة للإفراج عن جميع الرهائن الإسرائيليين دفعة واحدة، شرط التزام إسرائيل بوقف الحرب وضمان تنفيذ الاتفاق برعاية دولية.

وتبقى المفاوضات في مرحلة حساسة وسط استمرار الوساطة الدولية، بينما لم تصدر إشارات واضحة حتى الآن حول حدوث اختراق وشيك في مسار التفاهمات.

مقالات مشابهة

  • إعلام عبري: مفاوضات الدوحة وصلت إلى طريق مسدود.. وإسرائيل تدرس سحب وفدها
  • ‏نتنياهو: حماس لن تستطيع الوصول للمساعدات التي تدخل قطاع غزة
  • تفاصيل مقترح الـ60 يوما بشأن غزة.. هذا موقف إسرائيل وحماس
  • إسرائيل تعلن السماح بدخول كمية أساسية من المساعدات الغذائية إلى غزة.. ومكتب نتنياهو يصدر بيانا
  • إسرائيل “منفتحة” على إنهاء الحرب في غزة بشروط
  • إسرائيل منفتحة على إنهاء الحرب في غزة بشروط
  • مكتب نتنياهو يتحدث عن تطورات مفاوضات الدوحة.. مناقشات لإنهاء الحرب
  • ‏رويترز نقلا عن مسؤول إسرائيلي كبير: لا يوجد تقدم يُذكر في محادثات غزة التي تتضمن إنهاء الحرب
  • إسرائيل تعلن تكثيف الهجوم على غزة.. بـ"عربات جدعون"
  • مفاوضات الدوحة : إسرائيل ترفض وقف حرب غزة ولا تقدم بالمحادثات