كتبت دوللي بشعلاني في"الديار":يعود نوّاب كتلة "الاعتدال الوطني" الى تحريك "موتورات" مبادرتهم الرئاسية بعد انتهاء عطلة الأعياد، وسيزورون نوّاب كتلة "الوفاء للمقاومة" قبل العاشر من نيسان الجاري للاطلاع على موقف حزب الله من المبادرة الرئاسية، التي سبق وأن طرحوها في الجولة لأولى على جميع القوى السياسية والكتل النيابية، بمن فيهم نوّاب الحزب.

ويأتي هذا التحرّك كخطوة تمهيدية لاستكمال سفراء "اللجنة الخماسية" تحرّكهم في اتجاه الأحزاب كافة بعد عيد الفطر، وإثر عودة السفراء العرب من بلدانهم، فيزور ثلاثة منهم ممثلي الحزب أي سفراء قطر ومصر وفرنسا، من دون سفيري أميركا والسعودية، كون كلّ من بلدَي هذين الأخيرين يعتبر الحزب، من وجهة نظره، "منظمة إرهابية".


مصادر سياسية مطّلعة أكّدت أنّ نوّاب "الاعتدال" يعوّلون جدّاً على اللقاء المرتقب بينهم وبين نوّاب كتلة "الوفاء للمقاومة"، لأنّ من شأن المحادثات أن توضح مسار المبادرة الرئاسية التي يستكملونها في جولة ثانية. فقد أعطي الوقت للحزب لدراسة المبادرة، سيما أنّ لديه بعض الهواجس بشأنها، قبل أن يُعلن "الكلمة الفصل" في الدعوة للانخراط في موضوع التشاور، الذي يُفترض أن يؤدّي الى انتخاب رئيس الجمهورية. فإذا كان جوابه أنّه باقٍ على موقفه بدعم ترشيح رئيس "تيّار المردة" الوزير السابق سليمان فرنجية، ما يعني أنّه لا يؤيّد الرئيس التوافقي، أو البحث عن "الخيار الثالث"، فهذا يعني أنّ المبادرة لن تسلك طريقها الى البرلمان. أمّا إذا وافق الحزب على الذهاب الى التشاور، وهو أمر مستبعد، فيمكن عندئذٍ الحديث عن أن مبادرة "الاعتدال" ستكون بداية الحلّ للأزمة الرئاسية.
وفي ما يتعلّق بخيارات الكتل النيابية الأخرى، فقد جرى توضيح معظمها خلال الجولة الأولى من المحادثات، باستثناء كتلة "تيّار المردة" أيضاً وتكتّل "التوافق الوطني"، اللذين لم يحدّدا موقفهما بشكل واضح من مبادرة "الاعتدال"، وقد أُعطيا المزيد من الوقت، على ما طلبا لدراسة المقترح الذي قدّمه نوّاب "الاعتدال" لكلّ منهما. لهذا فإنّ الإعلان عن موقفهما خلال الجولة الثانية من شأنه وضع النقاط على الحروف، لا سيما في ما يتعلّق بموافقتهم على "الخيار الثالث" أم عدمه. ولهذا يُعوّل نوّاب "الاعتدال" على اللقاءات المرتقبة التي ستجري مع هذه الكتل النيابية، قبل استئناف سفراء "اللجنة الخماسية" تحرّكهم نحو القوى والكتل بعد عيد الفطر.
وبرأي المصادر، أنّه لن تتمّ الموافقة من قبل الكتل الثلاث المذكورة على الذهاب الى التشاور في مجلس النوّاب، قبل الدعوة الى الجلسة الـ 13 لانتخاب رئيس الجمهورية، كونها على ما أوضحت المصادر، تُطالب بضمانات لا تعتقد أنّها ستحصل عليها من الكتل الأخرى. وهذا الأمر من شأنه تعقيد مهمّة نوّاب "الاعتدال" الذين يأملون التوصّل الى التوافق الجامع على مبدأ التشاور إذ يرون بأنّه لا بدّ منه لإنجاح مبادرتهم الرئاسية.

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

تهديدات مبطنة في رسائل واشنطن إلى لبنان

مع انقضاء الحرب الإسرائيلية- الإيرانية دون حسم إستراتيجي، دخلت المنطقة في مرحلة سياسية بالغة التعقيد، تحاول خلالها الولايات المتحدة فرض خريطة جديدة للأمن الإقليمي، تبدأ من طهران ولا تنتهي في بيروت.

ووسط هذه التحولات، وجّهت واشنطن رسالتها الأوضح إلى لبنان منذ سنوات عبر الموفد الرئاسي توم باراك، الذي حمل ورقة شروط سياسية وأمنية تحت غطاء التسوية، عنوانها: نزع سلاح حزب الله خلال خمسة أشهر، مقابل انسحاب إسرائيلي متدرج، وإطلاق مسار اقتصادي ومالي مشروط بالإصلاحات.

لكن ما يبدو على الورق مقايضة، ينطوي عمليًا على تهديدات مبطّنة، ورسائل واضحة بأن على لبنان "الاختيار"، وإلا..

تتمحور الورقة الأميركية حول ثلاث ركائز أساسية: سحب سلاح حزب الله، عبر مبدأ "خطوة مقابل خطوة" تبدأ بتسليم السلاح الثقيل مقابل انسحاب إسرائيلي من التلال المحتلة، ثم تسليم المسيّرات مقابل خطوات أخرى. ترسيم الحدود مع سوريا وإسرائيل، بما يشمل مزارع شبعا التي تعتبرها واشنطن "سورية"، مطالبةً بيروت بالاعتراف بذلك، وطيّ صفحة المطالبة بها. إصلاحات اقتصادية ومالية صارمة، تتضمن إقفال "القرض الحسن"، ومحاصرة اقتصاد الكاش الذي يُتهم حزب الله بالهيمنة عليه، وتشديد الإجراءات على المعابر.

هذه النقاط ليست جديدة بالكامل، لكنها مركّبة بطريقة تضع حزب الله في الزاوية، وتحمّل الدولة اللبنانية مسؤولية التنفيذ ضمن مهلة قصيرة، بلا ضمانات، وبلا خطة واضحة لتفادي الانهيار السياسي أو الأمني.

والجانب الأخطر في الورقة أنها تتجاهل بالكامل مسألة الضمانات. فلا آلية تحكيم دولية في حال تنصلت إسرائيل من التزاماتها، ولا آلية تنفيذية تضمن احترام الخطوات المتبادلة. وبالنسبة لحزب الله، فإن تجربة القرار 1701 كافية لإثبات أن إسرائيل لا تحترم تعهداتها، ولا تبالي حتى بواشنطن إن تعارضت المصالح.

أكثر من ذلك، ترددت معلومات أن باراك قال للرئيس نبيه بري: "أعطونا السلاح ولن نطالبكم بالإصلاحات". هذه الجملة وحدها كفيلة بتأكيد نوايا الورقة الحقيقية: نزع سلاح الحزب أولًا وأخيرًا، بأي ثمن، ولصالح أمن إسرائيل فقط.

إعلان

ومنذ تسلم الورقة في منتصف يونيو/ حزيران، دخلت المؤسسات اللبنانية في دوّامة. اللجنة الثلاثية التي تمثل الرؤساء لم تتفق بعد على صيغة موحدة للرد، رغم اجتماعات يومية في قصر بعبدا.

وتكشف مصادر قريبة أن الخلاف لا يتعلق فقط بالنص، بل بالأولويات: هل نبدأ بالتفاوض حول السلاح، أم نطالب بضمانات أولًا؟ هل نربط التنازلات بمكاسب واضحة، أم نترك الأمر للتطورات؟

الجيش اللبناني دخل أيضًا على الخط. فقد جال قائده رودولف هيكل على الرؤساء الثلاثة لمناقشة جاهزية المؤسسة العسكرية لتسلم مناطق شمال الليطاني، والقيام بدور الضامن المحلي لأي اتفاق. لكن حتى داخل المؤسسة العسكرية، لا يبدو أن هناك حماسة مفرطة لدور غير مضمون، خصوصًا في غياب تفاهم داخلي شامل.

بالتوازي يتعامل حزب الله مع الملف بحذر شديد. فالحزب لا يرفض مبدأ الحوار، لكنه يرفض الإملاءات، خاصة إذا صدرت من دولة راعية لإسرائيل.

ما يعرضه الحزب في المقابل هو صيغة "إستراتيجية دفاعية لبنانية"، تشبه ما طرحه ميشال عون في خطاب القَسَم، وتقوم على:

تنظيم السلاح ضمن خطة وطنية. ربط السلاح بالتحرير الكامل للأراضي المحتلة. إشراف مؤسسات الدولة على المسار التنفيذي. وقف الخروقات والاغتيالات. دعم دولي لإعادة الإعمار.

لكن الحزب في الوقت ذاته يدرك أن الهوامش تضيق. إسرائيل صعّدت ميدانيًا بضربة النبطية في يونيو/ حزيران، وهددت بمزيد من الضربات جنوبًا وبقاعًا وضاحيةً إن لم يتحرك لبنان. والمبعوثون الأميركيون، بمن فيهم باراك، ينقلون رسائل مشفرة: "تجاهلوا الورقة… وسترون النتيجة".

وتتعامل الورقة الأميركية مع لبنان كـ"ساحة ملحقة" بتفاهمات إقليمية أكبر، خصوصًا مع سوريا. وفي هذا السياق، تُطرح مسألة ترسيم الحدود مع دمشق، والتنسيق الأمني، وحتى إعادة بناء العلاقة السياسية.

ولعل أخطر ما فيها هو الضغط على لبنان للاعتراف بأن مزارع شبعا سورية، ما يعني عمليًا إغلاق مبرر "المقاومة المسلحة"، وفقًا للرواية اللبنانية.

كما أن التطورات السورية- الإسرائيلية لا يمكن فصلها عن السياق. فالتقارير عن مفاوضات غير مباشرة بين دمشق وتل أبيب لتحديث اتفاق فك الاشتباك، تجعل من "الساحة اللبنانية" هدفًا جانبيًا لإغلاق ملف حزب الله كجزء من الترتيبات الأمنية على حدود الجولان والجنوب اللبناني.

وبالرغم من أن حزب الله يتعامل بلبنانية واضحة في هذا الملف، فإن البعد الإيراني لا يمكن تجاهله. فالموقف الإيراني من نهاية الحرب مع إسرائيل ينعكس مباشرة على قرار الحزب. وطهران تعتبر أنها خرجت قوية نسبيًا من المواجهة، إذ فشلت تل أبيب في تحقيق أي هدف إستراتيجي، بينما برزت وحدة إيرانية داخلية وإجماع إقليمي على دعم طهران.

ومن هنا، فإن حزب الله يقرأ ما بعد الحرب كـ"فرصة لصمود إضافي"، ويرى أن أي تنازل الآن سيكون هدية مجانية لإسرائيل، التي فشلت في الحرب، وتسعى إلى مكاسب سياسية بدل العسكرية.

ولعل أخطر ما في الورقة هو أنها تُطرح على أنها مشروع "سلام"، بينما هي عمليًا مشروع تفكيك تدريجي لمعادلة الردع التي كرّسها حزب الله منذ عام 2006.

إعلان

وحتى إذا وافق الحزب على بدء النقاش، فإن كل بند يحتاج إلى مفاوضات متدرجة، وشراكة وطنية، وتفاهمات داخلية، لا أن تُفرض كرزنامة تسليم وتسلم تحت ضغط الطائرات والمسيرات.

كما أن الطابع الاقتصادي للمطالب يندرج في إطار الخنق المالي والسياسي للبيئة الداعمة للحزب، وهو ما يُعتبر بمثابة "إلغاء سياسي واجتماعي" لشريحة واسعة من اللبنانيين، في لحظة انهيار اقتصادي حاد، وتراجع قدرة الدولة على حماية مواطنيها.

بعد أن تسلّم المبعوث الأميركي توم باراك الرد اللبناني خلال زيارته إلى بيروت، يُنتظر أن تُحسم التفاصيل النهائية في الأيام المقبلة، لكن السيناريوهات لا تزال مفتوحة:

في حال التوافق مع الحزب: سيكون هناك مسار تفاوضي طويل، قد يعزز الاستقرار، لكنه يواجه صعوبات لوجيستية هائلة. في حال فرض الرد دون الحزب: سيواجه لبنان أزمة سياسية عميقة، وربما حدوث انهيار حكومي، وانفلات أمني في الجنوب. في حال رفض الورقة كليًا: سيتعرض لبنان لمزيد من الضغط العسكري والاقتصادي، في ظل إدارة أميركية- إسرائيلية متعطشة لـ"نجاح ما" بعد إخفاقات غزة وإيران.

في المحصلة، لا تكمن خطورة الورقة الأميركية في مضمونها فقط، بل في توقيتها وسياقها. فنحن أمام محاولة هندسة واقع سياسي وأمني جديد للبنان، من بوابة الضغط الخارجي، لا الحوار الداخلي. وبين من يطالب بالانخراط فيها، ومن يرفضها بالمطلق، يبقى لبنان مهددًا بالانزلاق إلى مواجهة، إن لم تكن عسكرية، فسياسية وجودية.

إنه اختبار للدولة، لا للحزب فقط. اختبار لقدرتها على اتخاذ قرار سيادي متوازن، يضمن الأمن دون التنازل عن الحق، ويحفظ الاستقرار دون أن يخسر نفسه.

فهل تنجح بيروت في الإمساك بالخيط الرفيع بين التفاهم والفرض؟ الأيام المقبلة وحدها تحمل الجواب.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحنمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معناتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتناشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتناقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • خصوم للحزب لا يمانعون بمغريات لاستيعابه
  • مسؤول إسرائيلي: أي عضو من حزب الله لا يسلم سلاحه فهو هدف لنا
  • أمانة الشباب بحزب الجبهة تبحث تفعيل دور الشباب في العمل السياسي والحزبي
  • تهديدات مبطنة في رسائل واشنطن إلى لبنان
  • بالفيديو.. مصلحة الليطاني تنشر حجم الكتل الصخرية المستخرجة من المقالع والكسارات
  • كيف سيتعامل حزب الله مع المرحلة المقبلة؟
  • «حزب صوت الشعب» يعلن دعمه الكامل لمبادرة «الحوار الوطني والعودة إلى الشعب»
  • كتلة حارة تقترب من المملكة وارتفاع على درجات الحرارة
  • جيش الاحتلال يزعم اغتيال القيادي في وحدة بدر بحزب الله حسين مزهر
  • تنفيذا للتوجيهات الرئاسية| دعم متكامل ومنح للعمالة غير المنتظمة.. تفاصيل