الجزيرة:
2025-05-20@15:42:11 GMT

الثورة السورية وبناء التحالفات بعد 13 عامًا

تاريخ النشر: 6th, April 2024 GMT

الثورة السورية وبناء التحالفات بعد 13 عامًا

مرّت الثورة السورية بمرحلة تبدّل بالحلفاء، فالمتغيرات في مواقف الدول "الصديقة للشعب السوري"، حيث تبنّت الدول، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية منذ بداية الثورة، دعمها السياسي والعسكري، ثم  وصل الأمر بعد مرور 13 عامًا على الثورة إلى اقتصار الدول الداعمة لها على قطر وتركيا، اللتين بدورهما مرتا بتقلبات كثيرة أثرت في دورهما على الساحة السورية، ابتداءً من تراجع الدعم الدولي للمعارضة السورية والذي تجسّد بشكل واضح في إنهاء الولايات المتحدة الأميركية برنامجَ تسليح المعارضة عام 2016، مرورًا بالأزمات الداخلية التي انعكست على دور الدوحة وأنقرة الخارجي عمومًا، حيث عاشت الأولى أزمة المقاطعة الرباعية من دول الجوار ومصر بين 2017 و2021، أما تركيا فقد انشغلت لفترة طويلة بمعالجة تداعيات المحاولة الانقلابية الفاشلة في يوليو 2016.

لا يخفى على جمهور الثورة السورية الدور المهم الذي اضطلع به الفاعلون الإقليميون، تحديدًا في مساندة المعارضة السورية بشقّيها: السياسي والعسكري، وعلى سبيل المثال، قطر التي قدمت دعمًا ماليًا كبيرًا لقطاعات مختلفة، على رأسها القطاع الإنساني والإغاثي، بالإضافة إلى تركيا صاحبة أطول حدود مشتركة مع سوريا، والتي وفرت الدعم السياسي للمعارضة السورية بحكم ثقلها وعلاقاتها مع مختلف الفاعلين الدوليين.

على الرغم من المتغيرات السياسية التي أرخت ظلالها على مواقف قطر وتركيا في الملفات الخارجية، والتي دفعتهما لتخفيف حدة الخطاب في بعض الأحيان تجاه النظام السوري، وعدم استخدام مصطلحات "رحيل الأسد" و "إسقاط النظام"، لكن يمكن القول إنهما حافظتا على سقف مقبول بالنسبة للشعب السوري والمعارضة السياسية والعسكرية، أدناه الدعوة إلى تفعيل العملية السياسية بموجب القرارات الأممية، وما تقتضيه من تغيير الدستور، وإجراء انتخابات ينتج عنها سلطة جديدة، بالتوازي مع استمرار الدعم المالي والسياسي من الجانبين.

إن أهمية الدول الإقليمية – وخاصة دول الجوار في حل الأزمات – لا تقل عن أهمية مواقف الفاعلين الدوليين الكبار، بل قد تساهم في الكثير من الأحيان بعض الدول الإقليمية في تشكيل مواقف الدول الكبرى حيال قضية ما، لما تمتلكه دول الإقليم من دبلوماسية وأوراق تفاوضية مؤثرة.

وفي الحالة السورية نلاحظ مع مرور الزمن أن الملف يتراجع في الكثير من المراحل على قائمة أولويات الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة الأميركية، وروسيا؛ نظرًا لتعدد ملفات الصراع، وسيولة الأحداث على الساحة الدولية، وهذا ما حصل بعد اندلاع الحرب الروسيّة – الأوكرانيّة، حيث أصبحت ذات أولوية مرتفعة بالنسبة للغرب وروسيا على حدٍ سواء، وبالتالي أصاب الملف السوري حالة جمود، حيث تعمل الدول الإقليمية على تحريكه من خلال بعض الجهود والمبادرات.

تمتلك قطر قوة ناعمة ونهجًا دبلوماسيًا لا جدال فيه، وعلاقات إيجابية مع مختلف الأطراف الدوليين، وقد أظهرت الدوحة إمكاناتها الواضحة خلال وساطتها في أحداث غزة الأخيرة، بالمقابل تعتبر تركيا طرفًا مؤثرًا على السياسات الروسية والغربية في المنطقة، وقد برز هذا التأثير خلال الوساطة في الحرب الروسية الأوكرانية، ومن هنا يمكن تقدير مدى أهمية حفاظ المعارضة السورية على العلاقات الإستراتيجية مع الجانبين؛ من أجل ضمان دعمهما في تحقيق انتقال سياسي في سوريا، وإعادة بناء ما خرّبته الحرب التي خاضها النظام السوري وداعموه ضد شعبه.

إن الملف السوري دائمًا ما يشهد تقلبات؛ بسبب تأثره بالمتغيرات الدولية، وبالتالي قد نجد في مرحلة ما توسعًا لدور الفاعلين الإقليميين، وخاصة قطر وتركيا في سياق تبادل الأدوار مع أطراف دولية وازنة لحسابات التوازنات الدولية، ولذا من المهم بالنسبة للمعارضة وقوى الثورة السورية بكافة مكوناتها الاستعداد لهذه المرحلة، والعمل على بناء علاقة صحية مع الحلفاء الحاليين وتوسيع دائرة التحالفات.

المطلوب اليوم هو التوازن في التعاطي من جانب المعارضة السورية، وجمهور الثورة، وإدراك أن التمسك بالأهداف والمطالبة المحقة، لا يتعارض مع تفهم مصالح الأطراف الدولية المساندة للمعارضة والشعب السوري، فسلوك الدول عمومًا مدفوع إما بمعالجة المخاوف أو تحصيل المصالح السياسية والاقتصادية، وبالتالي يجب عدم التعامل على أساس أن غير السوريين هم أصحاب القضية، وبالمقابل هناك ضرورة لخلق مهارات سياسية للتعامل مع الحلفاء تستهدف المحافظة على الحاليين، وتوسيع مروحة التحالفات على قاعدة المصالح المشتركة، وليس خسارة الموجودين.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات الثورة السوریة

إقرأ أيضاً:

محافظ أسيوط يشهد انطلاق دورات الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا بمركز التدريب بمديريةالصحة

شهد اللواء هشام أبو النصر، محافظ أسيوط، انطلاق فعاليات البرنامج التدريبي الذي تنظمه الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية بالتعاون مع فرع مؤسسة القادة للعلوم الإدارية والتنمية بالمحافظة، وذلك بمركز تدريب مديرية الصحة، ضمن جهود الدولة لرفع كفاءة الكوادر البشرية وبناء جيل واعٍ قادر على مواجهة تحديات المستقبل، في إطار رؤية مصر 2030.

وتتضمن الفعاليات، التي تستمر على مدار أربعة أيام، دورتين تدريبيتين، الأولى بعنوان "الاستراتيجية والأمن القومي" بمشاركة 110 متدربين، والثانية "إدارة الأزمات والتفاوض" بمشاركة 80 متدربًا، ويشارك فيها نخبة من الخبراء والمتخصصين في المجالات الاستراتيجية والأمنية والإدارية.

وحضر انطلاق الفعاليات الدكتور مينا عماد نائب المحافظ، والدكتور محمد زين وكيل وزارة الصحة بأسيوط، والدكتور أحمد الشريف رئيس مجلس أمناء مؤسسة القادة، إلى جانب عدد من القيادات العسكرية السابقين من مستشاري كلية الدفاع الوطني بالأكاديمية، منهم اللواء حسام أنور، واللواء  أشرف مظهر، واللواء عادل العمدة، والدكتور عبد الحميد يحيى، بالإضافة إلى عمر حسن صالح، المنسق العام لمؤسسة القادة بأسيوط وعضو الهيئة العليا. والمهندسة رانيا نمرود صادق وعزة قلته عزيز منسقي الفاعليتين

وبدأت الفعاليات بعزف السلام الوطني وتلاوة آيات من القرآن الكريم، أعقبها عرض فيديو تعريفي عن أنشطة مؤسسة القادة وبرامجها التدريبية.

وخلال كلمته، أعرب محافظ أسيوط عن تقديره لمؤسسة القادة وجهودها المبذولة في تأهيل الكوادر البشرية، مشيدًا بالتعاون المثمر مع الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية مؤكدا أن تأهيل العنصر البشري يمثل ركيزة أساسية في بناء الدولة الحديثة، وإن القيادة السياسية، وعلى رأسها السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، تولي اهتمامًا بالغًا ببناء الإنسان وتعزيز وعيه لمواجهة الغزو الفكري والتحديات التي تهدد الأمن القومي، مؤكدًا استمرار الدولة في تنفيذ خططها الاستراتيجية لنشر الوعي وبناء قدرات المواطن، إيمانًا منها بأن التنمية الشاملة لا تتحقق إلا ببناء الإنسان وتحصينه بالعلم والمعرفة.

من جانبه، أكد الدكتور أحمد الشريف أن مؤسسة القادة تعمل برؤية وطنية تستهدف الوصول إلى المواطنين في مختلف المحافظات، خاصة في صعيد مصر، بالتعاون مع الأكاديمية العسكرية، لتوفير برامج تدريبية مجانية تُسهم في رفع كفاءة العاملين دون أعباء مالية أو لوجستية.

وأوضح المنسق العام للمؤسسة بأسيوط أن برامج التدريب تهدف إلى التمكين وبناء القدرات، مشيرًا إلى أن المؤسسة أطلقت العام الماضي سلسلة من اللقاءات الحوارية بعنوان "أنت بداية الحكاية" برعاية وزارة الشباب والرياضة، بالإضافة إلى برنامج إعداد القادة للمجالس المحلية، وتنظيم ثلاث رحلات للمسار السياحي للعائلة المقدسة لتعزيز البعد الثقافي والديني بالمحافظة.

وفي ختام الفعاليات، تم تكريم محافظ أسيوط ووكيل وزارة الصحة بإهدائهما درع مؤسسة القادة تقديرًا لجهودهما في دعم المبادرات التنموية والتدريبية بالمحافظة.

مقالات مشابهة

  • خارطة التحالفات تؤكد تماسك القوى التقليدية دون تغيير في المعادلة
  • الشيباني: الدبلوماسية السورية انتهجت منذ اليوم الأول نهجاً منفتحاً مع الجميع بما يخدم الشعب السوري ونقلنا تطلعاته واحتياجاته بكل صدق وأمانة، وسوريا خرجت من الحرب بعد 14 سنة وما نريد التركيز عليه هو الأمن والاستقرار
  • الزمالك يستعرض المبالغ المالية التي دفعت للمحاكم الدولية
  • حماة: إطلاق مؤتمر الشباب.. نهضة وبناء بمشاركة واسعة
  • مفوضية الانتخابات تمدد فترة تسجيل التحالفات السياسية
  • العفو الدولية تدعو إلى التحقيق في الضربات الجوية الأمريكية باليمن التي خلفت عشرات القتلى من المهاجرين
  • معرض “معتقلون ومغيبون” في المتحف الوطني يوثّق الألم السوري من الاعتقال الأول إلى إسقاط الديكتاتور
  • الجميّل: التحالفات في الانتخابات البلدية في بيروت لن تكون في النيابية
  • محافظ أسيوط يشهد انطلاق دورات الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا بمركز التدريب بمديريةالصحة
  • أبو الغيط: العراق هو الدولة الأولى التي تترأس القمتين السياسية والاقتصادية