صندوق النقد الدولي: الديون الخفية تضر الاقتصاد
تاريخ النشر: 7th, April 2024 GMT
إذا كان للجهود الرامية إلى معالجة الدين العام العالمى القياسى، ألا تترك أى تحدٍ دون مواجهته، فإنَّ قوانين الإفصاح الضعيفة تستدعى التدقيق العميق.
فالدين الخفى هو الاقتراض الذى تكون الحكومة مسئولة عنه، ولكن لا ي تم الكشف عنه لمواطنيها أو للدائنين الآخرين.
ورغم أن هذا الدين ـ بطبيعته ـ غالباً ما يظل خارج الميزانية العمومية الرسمية للحكومة، فإنه حقيقى للغاية، إذ يصل إلى تريليون دولار على مستوى العالم، وفقاً لبعض التقديرات.
ورغم أن هذه الالتزامات غير المعلنة ليست كبيرة مقارنة بالدين العام العالمى الذى يتجاوز 91 تريليون دولار، فإنها تشكل تهديداً متزايداً للبلدان المنخفضة الدخل، المثقلة بالفعل بالديون مع احتياجات إعادة التمويل السنوية التى تضاعفت ثلاث مرات فى السنوات الأخيرة.
وتصبح المشكلة أكثر إلحاحاً فى ظل ارتفاع أسعار الفائدة وضعف النمو الاقتصادى، حسب ما أوضحته كيكا أليكس أوكوه في مقال نُشر عبر مدونة صندوق النقد الدولى.
وتتعرض المساءلة أيضاً للخطر فى غياب معلومات دقيقة عن حجم الاقتراض، وهو ما يزيد من خطر الفساد.
ومن الممكن تجنب هذه العواقب الوخيمة المحتملة من خلال تعزيز الأطر القانونية المحلية.
واستناداً إلى دراسة صدرت فى يوليو 2023، يظهر بحثنا الجديد أن أقل من نصف البلدان التى شملها الاستطلاع لديها قوانين تتطلب إدارة الديون وإعداد تقارير مالية، فى حين أن أقل من ربعها يتطلب الكشف عن المعلومات على مستوى القروض ـ وهى سمات قانونية رئيسية لتسهيل الشفافية.
كما حددنا أربع نقاط ضعف جديرة بالملاحظة فى القوانين المحلية التى تمكن من إخفاء الديون، وهى التعريف الضيق للدين العام، وعدم كفاية المتطلبات القانونية للإفصاح، وبنود السرية فى عقود الدين العام، والرقابة غير الفعالة.
فى العديد من البلدان، يسمح التعريف الضيق للدين العام، فى قانون واحد أو فى قوانين متعددة، لبعض أشكال الديون السيادية بالإفلات من الرقابة.
ونحن نوصى بأن يكون تعريف الدين العام واسعاً وشاملاً، بمعنى أنه ينبغى أن يشمل المتأخرات، والمشتقات والمقايضات، وائتمان الموردين، وافتراضات الضمانات، فضلاً عن القروض والأوراق المالية.
ويجب أن يشمل التعريف أيضاً الأموال من خارج الميزانية، والصناديق الاستئمانية العامة مثل صناديق التقاعد، على سبيل المثال، والأدوات ذات الأغراض الخاصة.
ومن الأمثلة الجيدة على ذلك ما حدث فى الإكوادور، التى اتبعت إصلاحاً قانونياً فى عام 2020 لضمان إدراج أدوات التمويل قصيرة الأجل ـ مثل الأوراق المالية أو سندات الخزانة بآجال تقل عن عام واحد ـ فى حسابات وإحصائيات الديون.
وتشمل الأمثلة الجيدة الأخرى التعاريف القانونية المستخدمة فى غانا وجامايكا ورواندا وتايلاند وفيتنام، والتى تشمل جميعها أنواعاً متعددة من أدوات الدين.
ثانياً، فى جميع أنحاء العالم، تعتبر المتطلبات القانونية للإفصاح عن الديون غير كافية. يعد وجود أساس قانونى قوى أمراً بالغ الأهمية للإشارة إلى أن هناك متطلباً واضحاً للإبلاغ عن بيانات الديون بطريقة مناسبة وفى الوقت المناسب وذات صلة بتحليل السياسات والشفافية والمساءلة.
وتوجد قوانين قوية لإعداد التقارير فى بنين وكينيا ورواندا، والتى تحدد متطلبات الإبلاغ عن الدين العام والأطر الزمنية لهذه التقارير.
كما أن السرية فى عقود الدين العام تعيق الشفافية بشكل مباشر، ففى مختلف أنحاء العالم، هناك قِلة من القوانين التى تنظم وتحد سرية الدين العام، الأمر الذى يمنح صناع السياسات سلطة تقديرية واسعة النطاق لتصنيف مثل هذه العقود بأنها سرية لأسباب تتعلق بالأمن القومى أو لأسباب أخرى.
ويتفاقم هذا بسبب حقيقة أن المعايير والمبادئ التوجيهية الدولية الحالية المتعلقة بالديون توفر إرشادات محدودة حول كيفية معالجة قضايا السرية.
نوصى بأن يحدد القانون بشكل صارم استثناءات الإفصاح ونطاق اتفاقيات السرية، وينبغى أيضاً توضيح الرقابة التشريعية وآليات الضمان الأخرى، وتعد القوانين فى اليابان ومولدوفا وبولندا من بين القوانين القليلة التى تسمح بالرقابة التشريعية أو البرلمانية على المعلومات السرية.
وقد يتم أيضًا منع الإفصاح عن الدين العام عندما تكون هناك إدارة رقابية غير فعالة من قبل الهيئات التشريعية والمؤسسات العليا لمراجعة الحسابات (مؤسسات مراجعة الحسابات الحكومية الوطنية)، والتى تعد جميعها جهات ضامنة مهمة للمساءلة.
ويجب أن تكون الهيئات التشريعية قادرة على مراقبة وتدقيق الدين العام نيابة عن الشعب، كما تحتاج إلى موظفين قادرين على قراءة وفهم التقارير المتخصصة.
لدى العديد من الهيئات التشريعية نظام لجان ـ مثل لجان الموازنة والحسابات العامة ـ ما يسمح بالتخصص بين المشرعين.
ومن الأمثلة على ذلك الولايات المتحدة، إذ يطلب القانون من وزير الخزانة إرسال تقرير الدين العام السنوى ليس إلى الكونجرس ككل، بل إلى لجنتين محددتين ـ مجلس النواب واللجنة المالية فى مجلس الشيوخ.
كما نوصى بأن تمنح القوانين المؤسسات العليا لمراجعة الحسابات السلطة والصلاحيات اللازمة لمراقبة ومراجعة الديون الحكومية وعمليات الدين.
دور صندوق النقد الدولىومن الواضح أن شفافية الديون لا تفيد البلدان بشكل مباشر فحسب، بل إنها تشكل أيضاً ضرورة أساسية لعمل صندوق النقد الدولى. إذ إن أشكال الديون الخفية والمبهمة تجعل من الصعب على الصندوق أن يفى بمهمته الأساسية بعدة طرق.
على سبيل المثال، القروض المضمونة، وأشكال التمويل الجديدة والمعقدة، واتفاقيات السرية تجعل من الصعب على صندوق النقد الدولى أن يقيم ديون أى دولة بدقة ويساعد فى إعادة اقتصادها إلى المسار الصحيح.
ومن ثم، يعمل الصندوق على جلب فوائد شفافية الديون إلى البلدان مباشرة من خلال المساعدة الفنية ويعالج أيضاً هذه القضية فى مشاركاتنا البرنامجية.
ولعل القوانين المصممة بشكل جيد تجعل من الصعب إخفاء الديون، ولكن لا يوجد ما يكفى من هذه القوانين.
ونظراً إلى الأهمية الحاسمة لتحقيق الشفافية على النحو الصحيح، يتعين على البلدان وشركائها الدوليين أن يدفعوا باتجاه الإصلاحات الرامية إلى تحسين الأطر القانونية المحلية، وهو ما يفيد بدوره المقترضين، والدائنين الشرعيين، والنظام على نطاق أوسع.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: صندوق النقد الدولي الديون
إقرأ أيضاً:
رئيس الوزراء: لقاء إيجابي مع صندوق النقد وتوجيه رئاسي لزيادة النمو الاقتصادي
قال الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء إن اليوم هناك لقاء مع بعثة صندوق النقد الدولي، لافتا إلى ان الأمور تسير بشكل إيجابي في هذا الأمر .
وأضاف رئيس الوزراء أن الرئيس عبدالفتاح السيسي وجه بحزمة متكاملة لزيادة النمو الاقتصادي مؤكدا ان الحكومة تعمل على هذا الأمر.
وتابع رئيس الوزراء أنه افتتح امس مصنع جديد لإنتاج ضفائر كهرباء السيارات، وأنه خلال عامين ستقوم مجموعة ليوني بزيادة استثماراتها في مصر، وافتتاح مصنع آخر، مشيرا الى أنه التقى أحد العاملين بالمصنع خريج كلية تربية ورغم ذلك توجه الى العمل بالمصنع وأنه نموذج جيد للشباب.
وقال الدكتور مصطفى مدبولي إن لدينا العديد من المؤشرات الاقتصادية الإيجابية، لافتا إلى أن مؤسسة فيتش أعلنت رفع توقعتها لنمو للاقتصاد المصري.
وأشار مدبولي إلى أن هناك تحسنا في مؤشرات الاقتصاد الكلي وتوافر العملة الأجنبية، كما توقعت المؤسسة حفاظ الجنية على استقراره أمام العملات الأجنبية.
وأضاف مدبولي أن البنك المركزي أعلن عن زيادة الاحتياطي الأجنبي إلى 50 مليار و216 مليون دولار، مؤكدا أن ذلك يتيح للقطاع الخاص أن يستفيد من التمويلات.
وتابع مدبولي أن مؤشر التضخم انخفض خلال هذا الشهر، مؤكدا أن السبب الرئيسي للانخفاض هو انخفاض اسعار الخضروات والسلع الغذائية، أن الحكومة سوف تصل الى المستهدف في نهاية عام 2026.