يطرح باحثون ومختصون طرقا عدة للحفاظ على الصحة، لكن الرهان على الرياضة يبدو كبيرا، كونها تجمع وسائل متعددة في وسيلة واحدة فعالة لإبقاء جسم الإنسان أكثر حيوية.

وتشير دراسة نُشرت في صحيفة وول ستريت جورنال إلى أن الحفاظ على لياقة بدنية جيدة يمكن أن يسهم في تباطؤ مختلف حالات التدهور الصحي بشكل فعال.

وفي رأي الخبراء، فإن مقدار السرعة التي يمكنك تحقيقها في جري مسافة ميل، وكذلك عدد ممارسات التمارين البدنية والتحمل التي يمكنك تحملها، لا تعكس فقط مدى لياقتك البدنية، بل تعتبر أيضًا مؤشرات على مدى تقدمك في العمر.

وتشير الصحيفة، نقلاً عن أكاديميين ومتخصصين، إلى أهمية النظام الغذائي الصحي وضمان الحصول على كمية كافية من النوم المستمر، بالإضافة إلى الحفاظ على الروابط الاجتماعية، كل ذلك يسهم في تحفيز وقياس اللياقة البدنية.

وتربط الدراسات بين قدرة الفرد على ممارسة الرياضة وبين سنوات عمره الحالية والمستقبلية، حيث يُشار إلى مصطلح “سن اللياقة البدنية”، الذي يُعتبر مؤشرًا على مدى تقدم الفرد في العمر، وذلك استنادًا إلى قياسات لياقة القلب والأوعية الدموية وقوة الجسم وتوازنه وقدرته على تحمل التمارين الرياضية.

ويلفت باحثون إلى أن الحد الأقصى لاستهلاك الأكسجين سينخفض بنسبة 10 في المئة تقريبا كل عقد خلال مرحلة البلوغ المبكرة، وما يصل إلى 15 في المئة كل عقد بعد سن الخمسين.

وفي المقابل، تشير دراسات إلى أنه إذا كنت تمارس النوع الصحيح من تمارين القلب طوال حياتك، فمن الممكن أن يكون لديك لياقة بدنية لشخص يبلغ من العمر 35 عاما، عندما يكون عمرك 80 عاما.

وبحسب الصحيفة، فقد وجدت دراسة أجريت، عام ،2018 ونشرت في المجلة الطبية “جاما” أن “الانتقال من اللياقة القلبية السيئة إلى الجيدة، يؤدي إلى فوائد أكثر من الانتقال من الجيد إلى الجيد، في الأداء والتمارين الرياضية”.

ويرى مايكل كراندال، وهو متخصص في الألعاب الرياضية بمدينة نيويورك أن “التقييم الأكثر اكتمالا لمدى شيخوخة جسمك، يأخذ أيضا في الاعتبار القوة والتحمل العضلي والتوازن”.

وأضاف كراندال أنه “يمكننا إجراء العديد من مقاييس اللياقة البدنية في المنزل أو في صالة الألعاب الرياضية باستخدام القليل من المعدات أو بدونها”.

ويطرح كراندال عددا من الاختبارات والتمارين الرياضية، يرى أنها مفيدة في مسألة اللياقة البدنية، أبرزها الجري لمدة 12 دقيقة أو المشي لمسافة ميل واحد، وهو الاختيار الذي يطلق عليه اسم القدرة الهوائية.

ويربط باحثون بين هذا التمرين وبين قياس استهلاك الأكسجين، ويقولون إن “الطريقة الأكثر دقة للقياس، تحدث أثناء ارتداء قناع يغطي الفم والأنف ثم المشي أو الجري على جهاز المشي.

لكن مختصين حذروا من أن هذا الاختبار مخصص فقط للأشخاص الأصحاء والنشطين، وأنه ربما لن يعطي نتائج مطلوبة في غير هذه الفئات.

فيما يتعلق بالأشخاص الذين يعانون من آلام المفاصل أثناء الجري، يقترح الباحثون إجراء اختبار آخر يتضمن المشي لمسافة ميل بأقصى سرعة ممكنة، مع ارتداء جهاز لمراقبة معدل ضربات القلب، حسبما ذكرت الصحيفة.

أما بالنسبة للخيار الثاني، فيتعلق بقدرة الفرد على التحمل العضلي، حيث يمكنه القيام بنشاطات مثل النزهات الطويلة أو حمل الحقائب دون الشعور بالإرهاق.

ويرى أطباء ومختصون في مجال الرياضة أن “القدرة على التحمل العضلي تقل بشكل تدريجي مع التقدم في العمر، بشكل مماثل لتغيرات كتلة العضلات وقوتها”.

ويتصل التمرين الثالث بالقدرة على الحركة والثبات، كأن تجلس على الأرض على ركبتيك ثم تنهض إلى الأعلى دون الحاجة إلى رفع اليدين، إذ يرى باحثون أن أداء هذه الحركة بثقة هو مفتاح جودة الحياة في العقود اللاحقة من العمر.

الحرة

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: اللیاقة البدنیة

إقرأ أيضاً:

زمن الأزمات والحروب.. كيف تحمي نفسك من الأمراض النفسية؟

في ظل التحولات الاجتماعية والاقتصادية المتسارعة في العالم العربي، تبرز قضية الصحة النفسية كأحد التحديات الكبرى التي تواجه الأفراد والمؤسسات معا.

فقد باتت الاضطرابات النفسية وما يرتبط بها من آثار اجتماعية واقتصادية تشكل هاجسا متصاعدا لدى شريحة واسعة من سكان المنطقة العربية، خصوصا في ظل ظروف العمل الضاغطة، وتغير أنماط الحياة، والتأثر بالأحداث السياسية والحروب المتواترة.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2نانسي فقدت توأميها على طريق النزوح وتخشى أن تفقد ابنتها الأخيرة في غزةlist 2 of 28 علامات تحذيرية لمحتوى سام على الإنترنت قد يصيب عقلكend of list

الرفاهية النفسية

تعرّف منظمة الصحة العالمية الصحةَ النفسية بأنها "حالة من الرفاهية التي يتمتع فيها الفرد بقدرة على إدراك إمكاناته، والتكيف مع الضغوط العادية للحياة، والعمل بشكل مثمر، والمساهمة في مجتمعه".

أما في السياق العربي، فتزداد أهمية هذا المفهوم بالنظر إلى التحولات الديمغرافية، وارتفاع معدلات البطالة بين الشباب، وانتشار أنماط الحياة العصرية التي ترافقها الضغوط النفسية المتزايدة، ناهيك عن النزاعات المسلحة والحروب التي تشهدها بعض البلدان.

وقد أظهرت تقارير إقليمية، مثل تقرير المجلس العربي للطفولة والتنمية لعام 2024، أن واحدا من كل 5 شباب يعاني من أعراض اضطرابات نفسية متفاوتة الشدة، تبدأ غالبا بالقلق وتنتهي بالاكتئاب أو الاحتراق النفسي الوظيفي.

دراسة: الموظفون ممن تلقوا دعما نفسيا مؤسسيا استطاعوا تجاوز ضغوط العمل والحفاظ على إنتاجيتهم (شترستوك)أسباب تفاقم المشكلات النفسية عدم كفاية الوعي المجتمعي: لا تزال ثقافة ربط الأمراض النفسية بالوصمة والعزلة سائدة في عدد من المجتمعات العربية، مما يدفع الكثيرين إلى إخفاء معاناتهم وتجنب طلب المساعدة. الضغوط الاقتصادية والاجتماعية: تشير دراسة للجامعة الأميركية في بيروت عام 2023 إلى أن ارتفاع معدلات البطالة وتدني الدخل يلعبان دورا رئيسيا في نشوء مشاكل القلق والاكتئاب بين فئة الشباب. الاضطرابات السياسية والصراعات: يعيش الملايين من العرب في بيئات تتسم بعدم الاستقرار السياسي والنزاعات المسلحة، مما يزيد من نسب التعرض لصدمات نفسية مزمنة. غياب السياسات الصحية المتكاملة: بحسب منظمة الصحة العالمية، لا تتجاوز ميزانية الصحة النفسية في كثير من الدول العربية 2% من إجمالي الإنفاق الصحي، وهو ما ينعكس على ضعف الخدمات المقدمة. العالم يحتفل الجمعة باليوم العالمي للصحة النفسية (الأناضول)أساليب الوقاية النفسية

ترتكز الوقاية على عوامل عدة، منها:

إعلان تعزيز حملات التوعية المجتمعية: تقول أستاذة الطب النفسي بجامعة قطر، الدكتورة سعاد المنصوري، إن "كسر حاجز الصمت حول الصحة النفسية يبدأ بتكثيف الحملات الإعلامية، وإدراج مفهوم الصحة النفسية في المناهج الحكومية، لينشأ جيل ممتلك لأدوات الوقاية والتكيف". دعم الأسر وتمكين المؤسسات التربوية: تشير الدراسات إلى أن بيئة الأسرة والمدرسة هي الحاضن الأول للطفل والشاب، ويسهم إهمال الصحة النفسية في هذين المجالين في تراكم الأزمات النفسية لاحقا. تطوير برامج الدعم النفسي في أماكن العمل والجامعات: أظهرت دراسة مصرية لعام 2024 أن 65% من الموظفين ممن تلقوا دعما نفسيا مؤسسيا استطاعوا تجاوز ضغوط العمل والحفاظ على إنتاجيتهم، مقارنة بـ38% فقط في بيئات تفتقر لمثل هذا الدعم. تعزيز ثقافة الرياضة والأنشطة الجماعية: الرياضة لا تعتبر ترفا، بل أداة وقائية ضد الاكتئاب والقلق. وقد أثبتت أبحاث مركز الصحة النفسية السعودي أن ممارسة الرياضة الجماعية ترفع مؤشرات السعادة وتخفض معدلات المشكلات النفسية بنسبة تصل إلى 30%.

أثر التحولات الرقمية

لا يمكن إغفال أثر الوسائط الرقمية على الصحة النفسية، فقد خلصت دراسة حديثة لجمعية علم النفس الأردنية إلى أن "الإفراط في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي أصبح أحد عوامل ارتفاع معدلات القلق والعزلة الاجتماعية بين المراهقين والشباب".

ومن هنا ترى الدراسة أنه من الضرورة تعزيز الوعي الرقمي، والتوجيه نحو الاستخدام الصحي للتقنيات الحديثة، بما يضمن بناء علاقات فعلية ومستقرة، ويحد من الانزلاق نحو الإدمان أو التنمر الرقمي.

والجدير بالذكر أن مسألة السلامة والصحة النفسية بالعالم العربي اليوم باتت تحديا حضاريا، فهي لا تتصل فقط بالفرد بل تنعكس على قوة المجتمعات وقدرتها على مواجهة الأزمات وتحقيق التنمية. ومن هنا يجب أن تتحول هذه القضية من هامش السياسات الصحية إلى مركز اهتمام الحكومات والمؤسسات، وأن يبدأ التغيير من الأسرة والمدرسة، ويمتد ليشمل كل مؤسسة وجزء من المجتمع.

وبحسب خبير الصحة النفسية الدكتور طارق الكردي فإن "المجتمع المتماسك يبدأ من عقل سليم وروح مطمئنة، والصحة النفسية ليست رفاهية بل حق لكل إنسان".

إن الاستثمار في الوقاية والدعم النفسي، ونشر ثقافة الاستشارة والمشاركة والتضامن، هو الطريق لبناء بيئة عربية سليمة ومعافاة نفسيا، قادرة على الإبداع والعطاء في عالم يتغير بسرعة غير مسبوقة.

مقالات مشابهة

  • المنتخب الليبي يحقق إنجازاً دولياً في بطولة العالم لـ«القوة البدنية»
  • راقب نفسك .. أعراض الزائدة الملتهبة قبل انفجارها
  • بعد الأربعين.. كيف تهيئين نفسك لمرحلة انقطاع الطمث
  • دراسة: المشي بعد الأكل يحسن الهضم وينشط الدورة الدموية
  • هل فيتامين سي يحارب نزلات البرد؟.. باحثون يوضحون الحقيقة
  • قطاع الحج والعمرة يعلن بدء تطبيق اشتراطات اللياقة الطبية وفق التعليمات الصحية السعودية لموسم حج 1447هـ
  • وجهة مثالية للعائلات.. إقبال على ممارسة المشي والجري بممشى كورنيش جدة
  • ميدالية ذهبية للاعب عراقي في بطولة آسيا للقوة البدنية
  • زمن الأزمات والحروب.. كيف تحمي نفسك من الأمراض النفسية؟
  • شباب ورياضة الشرقية تواصل تنفيذ برنامج اللياقة البدنية في الشوارع والميادين