قال محمد محمود مهران، خبير القانون الدولي العام والنزاعات الدولية، إن الدعوى التي أقامتها نيكاراغوا ضد ألمانيا أمام محكمة العدل تمثل تحولا في مسار تحقيق العدالة للشعب الفلسطيني.

نيكاراغوا تقدم مرافعتها أمام العدل الدولية وألمانيا ترفض اتهامات "الإبادة الجماعية"

وفي تصريحات حصرية لـRT أكد مهران أن "دعوى نيكاراغوا تشكل سابقة تاريخية في مقاضاة الدول الداعمة للاحتلال الإسرائيلي، حيث تتهم ألمانيا بالتواطؤ والمشاركة في جرائم الحرب والإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين، استناداً إلى اتفاقية منع الإبادة الجماعية لعام 1948 واتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 وبروتوكولاتها الإضافية، فضلاً عن مبادئ القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي العام".

وشدد مهران على أن "هذه الاتفاقيات والمبادئ تشكل الإطار القانوني الملزم الذي يحكم سلوك الدول أثناء النزاعات المسلحة والاحتلال، وتفرض عليها واجب احترام حقوق المدنيين وحمايتهم من آثار الأعمال العدائية، ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة كجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية".

ولفت إلى أن "ما يحدث في غزة من قصف عشوائي وحصار خانق وتدمير ممنهج للبنية التحتية المدنية، يرقى لمستوى الإبادة الجماعية وفقا لاتفاقية منع الإبادة الجماعية التي تحظر أي أفعال ترتكب بنية إهلاك جماعة قومية أو عرقية أو دينية بصفتها تلك، سواء كليا أو جزئيا، عبر القتل أو إلحاق أذى جسدي أو نفسي جسيم بأفراد الجماعة، أو فرض ظروف معيشية يُقصد بها تدميرهم المادي".

وأضاف: "كما أن الاستيطان ونقل المدنيين الإسرائيليين للأراضي المحتلة يمثل جريمة حرب وفقاً لاتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر على دولة الاحتلال نقل أو ترحيل السكان المحميين قسراً، وهو ما يؤكد الطبيعة الاستعمارية العدوانية للمشروع الصهيوني برمته".

وأكد مهران أن "جرائم الاحتلال الإسرائيلي الممنهجة بحق الفلسطينيين تشكل تهديدا صارخا للسلم والأمن الدوليين وتقويضا لجوهر القانون الدولي"، محذرا من مغبة استمرار الصمت والتقاعس الدولي عن التحرك الجاد لردع إسرائيل ووقف انتهاكاتها، مطالبا المحكمة الجنائية الدولية بفتح تحقيق فوري في هذه الجرائم تمهيداً لمحاكمة مرتكبيها.

وفي ذات السياق، أشاد الخبير الدولي بمبادرة نيكاراغوا في طلب تدابير مؤقتة من محكمة العدل الدولية لوقف الانتهاكات في غزة بشكل فوري لحين البت في موضوع النزاع، مؤكدا أنها تستند للمادة 41 من نظام المحكمة الأساسي والمادة التاسعة من اتفاقية منع الإبادة الجماعية، الأمر الذي يسلط الضوء على الدور المحوري للمحاكم الدولية في حماية حقوق الإنسان ومنع ارتكاب الجرائم.

وحول جدول جلسات الاستماع، أوضح مهران أنها ستبدأ اليوم الاثنين بمرافعة شفهية من وفد نيكاراغوا، على أن يقدم الجانب الألماني دفاعه غدا الثلاثاء، مشيرا إلى أن المحكمة ستتخذ قرارا بشأن طلب التدابير المؤقتة يكون ملزماً ونافذاً وفقاً للمادة 94 من ميثاق الأمم المتحدة.

وشدد أستاذ القانون علي أن نجاح هذه الدعوى سيشكل انتصارا مدويا للعدالة وصفعة قوية للاحتلال الإسرائيلي وداعميه، وسيفتح الباب أمام مزيد من الدعاوى القضائية لمساءلة كل من تورط في استمرار معاناة الشعب الفلسطيني، مناشدا ضمير العالم الضغط من أجل إنفاذ القانون الدولي والقرارات الأممية بما يكفل إنهاء الاحتلال وتمكين الفلسطينيين من نيل حقوقهم المشروعة غير القابلة للتصرف في تقرير المصير والعودة وإقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

المصدر: RT

ناصر حاتم - القاهرة

المصدر: RT Arabic

كلمات دلالية: أخبار مصر أخبار مصر اليوم الجيش الإسرائيلي الحرب على غزة السلطة القضائية القاهرة القضية الفلسطينية برلين جرائم حرب حركة حماس طوفان الأقصى قطاع غزة لاهاي محكمة العدل الدولية ناصر حاتم الإبادة الجماعیة القانون الدولی

إقرأ أيضاً:

دعوى أمام الجنائية الدولية تتهم مسؤولي غزة الإنسانية بجرائم حرب

أعلنت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا عن تقدمها بشكوى رسمية إلى مكتب المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية، تطالب فيها بفتح تحقيق عاجل في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية يُشتبه بارتكابها من قِبل مسؤولي مؤسسة "غزة الإنسانية"، بالتعاون مع شركات أمنية متعاقدة، وذلك خلال الفترة من 27 مايو وحتى اليوم.

وبحسب المنظمة، فإن الشكوى جاءت مدعّمة بأدلة حسّية وصور التقطتها الأقمار الصناعية، تُظهر أن مراكز توزيع المساعدات التابعة للمؤسسة لم تكن سوى واجهات عسكرية هدفها القتل الممنهج والتجويع الجماعي لسكان قطاع غزة.

تكشف صور الأقمار الصناعية المرفقة في ملف الشكوى عن تصميم عسكري مُخادع لهذه المراكز، حيث تتبع نمط القواعد العسكرية ذات المداخل الضيقة الممتدة لمسافات تصل لعدة كيلومترات، تنتهي بمناطق اختناق مدروسة، يُطلق فيها الرصاص أو القذائف نحو المدنيين أثناء سعيهم للحصول على الطعام أو الدواء.

وأضافت المنظمة أن شهادات ميدانية وتقارير مستقلة تُثبت أن عمليات القتل ما تزال مستمرة حول هذه المراكز، والتي تحوّلت إلى "مصائد موت"، تُدار ضمن أجندات عسكرية وتُستخدم كغطاء لسياسة تجويع ممنهجة.

اتهامات بالإبادة وعرقلة المساعدات الأممية

وبحسب المنظمة، فإن مسؤولي "غزة الإنسانية" لعبوا دوراً محورياً في تعطيل وصول المساعدات الأممية إلى غزة، مما أدى إلى وفاة العشرات من المدنيين، بينهم أطفال، نتيجة نقص الدواء والغذاء، مع استمرار خطر المجاعة الذي يُهدد حياة عشرات الآلاف في القطاع.

وفي الوقت الذي تزداد فيه حدة الجرائم، تقول المنظمة إن مسؤولي المؤسسة لم يُظهروا أي موقف قانوني واضح، واكتفوا ببيانات "باهتة وجبانة" تصل حد تبرير المجازر أو التقليل من خطورتها، دون أي اعتراف بالمسؤولية أو التزام بالمحاسبة.

وتحذّر المنظمة من أن المسؤولين يشعرون بالحصانة الكاملة نتيجة غطاء سياسي أمريكي، وعلاقاتهم الوثيقة مع دولة إقليمية تربطها مصالح استراتيجية مع الاحتلال الإسرائيلي، والتي يُشتبه بأنها تغض الطرف عن هذه الجرائم أو حتى تدعمها بشكل مباشر أو غير مباشر.

مطالبات بعقوبات ومحاسبة دولية

المنظمة العربية لحقوق الإنسان جدّدت دعوتها إلى المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات فورية على مسؤولي المؤسسة بموجب قانون "ماغنيتسكي"، داعية المجتمع الدولي إلى تحريك ملفات الملاحقة القضائية في كل الولايات القضائية الممكنة.

وفي السياق ذاته، لفتت المنظمة إلى أن الشارع الدولي بدأ يتحرك ضد سياسات التجويع والقتل الجماعي في غزة، حتى من بعض الحلفاء التقليديين للاحتلال، في وقت يستمر فيه الصمت المريب من الأنظمة العربية والإسلامية، التي تكتفي بقمع التضامن الشعبي واعتقال النشطاء المؤيدين لغزة.

ودعت المنظمة إلى تحويل مدينة رفح إلى نقطة انطلاق دولية لكسر الحصار عن غزة، وفتح ممرات آمنة لإدخال المساعدات تحت إشراف الأمم المتحدة، رغماً عن إرادة الاحتلال، وبمشاركة منظمات حقوقية مستقلة.

كما وجّهت نداءً مفتوحاً إلى شعوب العالمين العربي والإسلامي بالخروج في مظاهرات شعبية واسعة رفضاً للتجويع والتواطؤ، وللمطالبة بتحرك دولي فعّال لإنقاذ ما تبقّى من غزة.




ما هي "مؤسسة غزة الإنسانية"؟

"مؤسسة غزة الإنسانية" هي جهة حديثة نسبياً ظهرت إلى العلن في الشهور الأولى من العام 2024، وتُقدَّم إعلامياً على أنها منظمة غير حكومية تعمل في مجال الإغاثة الإنسانية وتوزيع المساعدات في قطاع غزة. إلا أن تقارير حقوقية وميدانية متزايدة شككت في طبيعة عملها، مؤكدة أنها تعمل بغطاء إنساني يخفي أجندات أمنية وعسكرية.

ورغم ادعائها الحياد، فإن المؤسسة تتعاون – بحسب الشكاوى والوثائق – مع شركات أمنية خاصة ومجموعات مسلحة غير خاضعة للمساءلة، وتُتهم بتحويل مراكز الإغاثة إلى مواقع مصيدة تُستدرج فيها الحشود المدنية ليتم استهدافها.

ويُشتبه في أن المؤسسة تتمتع بدعم سياسي من دول كبرى، وتغضّ بعض الحكومات الطرف عن ممارساتها، ما منحها هامشاً للعمل في قطاع غزة دون رقابة دولية فعلية. وبحسب تقارير إعلامية مستقلة، فإن أنشطتها تتقاطع بشكل لافت مع أهداف الاحتلال في إحكام الحصار، والتحكم بتدفق المساعدات، وتوجيهها بما يخدم أجنداته الأمنية.




وتعيش غزة أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخها، إذ تتداخل المجاعة القاسية مع حرب إبادة جماعية تشنها إسرائيل، بدعم أمريكي، منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

ورغم التحذيرات الدولية والأممية والفلسطينية من تداعيات المجاعة بغزة، تواصل إسرائيل إغلاق معابر القطاع بشكل كامل أمام المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية منذ 2 مارس/ آذار الماضي، في تصعيد لسياسة التجويع التي ترتكبها منذ بدء الحرب، وسط تحذيرات من خطر موت جماعي يهدد أكثر من 100 ألف طفل في القطاع.

وحسب أحدث حصيلة لوزارة الصحة بغزة، صباح الأحد، بلغ عدد الوفيات الناجمة عن المجاعة وسوء التغذية 133 فلسطينيا، بينهم 87 طفلا منذ 7 أكتوبر 2023.

ومنذ 7 أكتوبر 2023 تشن إسرائيل حرب إبادة جماعية بغزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.

وخلفت الإبادة، بدعم أمريكي، أكثر من 204 آلاف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم عشرات الأطفال.


مقالات مشابهة

  • لأول مرة.. عضوة جمهورية بالكونجرس تصف ما تفعله إسرائيل في غزة بـ الإبادة الجماعية
  • نائبة أوروبية: الاتحاد الأوروبي متواطئ في الإبادة الجماعية بغزة
  • ارتفاع ضحايا الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة إلى 60 ألفا و34 شهيدا
  • القانون الدولي ودروس التاريخ
  • منظمة بتسيلم: أميركا وأوروبا أسهمتا في استمرار الإبادة الجماعية بغزة
  • "حماس" ترحب بتقرير "بتسيلم" وتطالب بمحاكمة قادة الاحتلال بتهمة الإبادة الجماعية
  • دعوى أمام الجنائية الدولية تتهم مسؤولي غزة الإنسانية بجرائم حرب
  • بقائي : استمرار الإبادة الجماعية في غزة تتم بموافقة وتواطؤ بعض الدول الغربية
  • لماذا تؤجل محكمة العدل الدولية إصدار حكمها بشأن الإبادة الجماعية بغزة؟
  • "المجاهدين" تبارك إعلان اليمن المرحلة الرابعة من الحصار البحري للاحتلال