عربي21:
2025-08-02@12:30:17 GMT

الديمقراطية التركية بخير

تاريخ النشر: 9th, April 2024 GMT

الحزب الذي يطول بقاؤه في السلطة تكثر أمراضه، وينخره السوس والفساد، ويصبح عبئا على شعبه. هذه قاعدة عامة لا يمكن الاستهانة بها وتشمل كل دول العالم، أثبتتها وقائع التاريخ وتعدد التجارب. يستوي في هذا الشأن الدول الديمقراطية أو تلك التي تحكمها أنظمة مستبدة حيث الحاكم المفرد والحزب الواحد. بناء عليه ما حصل في تركيا بمناسبة الانتخابات المحلية ليس مفاجئا ولا غريبا.



ظن حزب العدالة والحرية أن بقاءه في السلطة دائم بعد نجاح رئيسه أردوغان في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وأيضا صمود الحزب في الانتخابات البرلمانية. لهذا توقعت قيادته أن الانتصار في البلديات سيكون مضونا وحتميا، لكن خابت توقعاتها، وحصل العكس تماما، حيث تمكن حزب الشعب العلماني المعارض من الاحتفاظ بالبلديات التي سبق له أن انتزعها من الحزب الحاكم في المدن الكبرى مثل اسطنبول وأنقرة ، ولم يكتف بذلك بل نجح أيضا في السيطرة على عدد آخر من البلديات بعديد المدن. وهو ما شكل صدمة لحزب العدالة والحرية.

يفترض أن تكون السنوات الأربع القادمة قبل مغادرة أردوغان السلطة نهائيا مرحلة الإصلاحات الفعلية إذا كان الحزب الحاكم ينوي البقاء دورة أخرى في الحكم. فاعتماده على زعيمه طيلة المرحلة الماضية رهان استنفد أغراضه عمليا وسياسيا. وهو مرض مزمن تعاني منه كثير من الأحزاب في العالم. عبقرية الزعيم مثل البطارية تخلص بعد وقت محدد. إذا شاخ الزعيم شاخ الحزب وتعثرت الدولة وقربت النهاية. المطلوب أن يعود الحزب إلى سياسة الفريق الناجع ومتعدد الكفاءات، وأن يهيئ نفسه إلى مرحلة ما بعد أردوغان، وأن يعتمد على وجوه جديدة بعد رحلة طويلة في السلطة انطلقت في سنة 2002 والتي ستستمر أربع سنوات أخرى.

بقدر نجاح المرحلة السابقة على صعيد السياسة الخارجية التي جعلت من تركيا رقما مهما على الصعيد الدولي، بقدر ما كان اقتصادها يشكو من ثغرات أساسية. إن تقديم السياسي على الاقتصادي يعتبر من الثغرات القاتلة التي أصابت الأحزاب الحاكمة، ومن بينها تونس. فالمواطن في أي دولة لا يعيش فقط بالشعارات السياسية. المواطن متعدد الاحتياجات، وعندما يفتقد العديد منها يغضب ويرد الفعل بطرق منها تبدأ بالامتعاض ثم الغضب ثم النزول الى الشارع، ويتحول أخيرا إلى عقاب انتخابي من خلال سحب صوته الذي منحه من قبل الى الحزب الحاكم ويمنحه إلى المعارضة أو أن يحتفظ به. بذلك تتغير موازين القوى وتختل الحسابات الحزبية، وتأتي صناديق الاقتراع لتكشف المستور، وتوقظ الغافلين.

المطلوب أن يعود الحزب إلى سياسة الفريق الناجع ومتعدد الكفاءات، وأن يهيئ نفسه إلى مرحلة ما بعد أردوغان، وأن يعتمد على وجوه جديدة بعد رحلة طويلة في السلطة انطلقت في سنة 2002 والتي ستستمر أربع سنوات أخرى.الفساد هو الخطر الدائم الذي يهدد الدول والأنظمة، ويلتهم قوت المواطنين وقدرتهم الشرائية،  خاصة ضعاف الدخل منهم. ويبدو أن بعض اللوبيات المختفية وراء الحزب الحاكم في تركيا استفحل أمرها، وأصبحت تشكل خطرا جديا، وآن الأوان لتفكيكها وابعادها عن الدولة وتنظيف المؤسسات منها.

في الأثناء تقف المعارضة متربصة تتهيأ للمرحلة القادمة. فالهزيمة التي منيت بها في الرئاسية والتشريعية فعلت فعلها على مستوى القيادات والقواعد، فغير حزب الشعب قائده، ومارس نقده الذاتي، وعدل من إستراتيجيته حتى يظهر بصورة مختلفة. وهذا الانتصار العريض الذي حققه في البلديات من شأنه أن يستعيد الثقة في نفسه ورصيده التاريخي، ويجعله أقدر على قيادة بقة أحزاب المعارضة نحو المحطات الانتخابية القادمة. ولعل هذه الجرعة القوية من الأمل هي التي دفعت بحزب الشعب الى المطالبة بتنظيم انتخابات عامة سابقة لأوانها.

تركيا بلد كبير ووازن في الخارطة الإقليمية والدولية. وما حصل فيه لا يغير من وزنه ودوره وتأثيره. على العكس من ذلك كشفت الانتخابات البلدية عن حيوية المجتمع وقدرته على توجيه الرسائل مضمونة الوصول في الوقت المناسب. فأغلبية الشعب أدركت خلال السنة الماضية أن تجديد الثقة في الرئيس أردوغان وحزبه قد يكون فيه مصلحة البلد في ظل عدم أهلية المعارضة متعددة الرؤوس لقيادة تركيا في هذا المنعرج الذي تمر به. ثم عاد الشعب ليستفز الحزب الحاكم ويحذره من احتمال الانتقام منه إذا لم يغير سياسته ويعيد النظر في أولوياته. وهو ما يدل على أن الديمقراطية التركية بخير رغم بعض الهنات. فالديمقراطية تصحح نفسها بنفسها. وتغيير موازين القوى ظاهرة صحية في كل الأحوال قد يستفيد منها الحزب الحاكم وأيضا المعارضة، والأهم منهما والأبقى هو الشعب.  

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه تركيا الانتخابات تركيا انتخابات رأي نتائج مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الحزب الحاکم فی السلطة

إقرأ أيضاً:

الضمان الاجتماعي بخير .. لا داعي للتهويل

صراحة نيوز- بقلم / د.ايمن العدينات

في ضوء تقرير المراجعه الثالث الصادر عن صندوق النقد الدولي فقد اشار الصندوق إلى اهمية استدامة الوضع المالي المؤسسة الضمان الاجتماعي من خلال احداث إصلاحات تعزز هذا المفهوم وذلك بعد صدور الدراسه الاكتوارية الخاصه بهذا الموضوع .
وتوصية الصندوق هذه لا تخرج عن ما ورد في قانون المؤسسة العامه للضمان والذي يشير إلى احداث دراسات اكتواريه كل (3) سنوات للوقوف على وضع المؤسسة وتعزيز مناعتها واستدامتها الماليه .
لكن المستغرب في الأمر خروج بعض الأصوات التي تهول من الأمور وتثير شكوك المواطنين حول وضع المؤسسة ومستقبلها المالي علما بان نتائج الدراسة الاكتوارية لم تصدر بعد.

لقد أشار الزميل الإعلامي إلى عدة نقاط منها ان وضع التقاعد المبكر وتزايده ومنها تزايد قيمة الرواتب التقاعدية ومنها مديونية الحكومه من الضمان وتزايد الأمر إلى اتهام صندوق الضمان الاجتماعي بتفويت فرصة كسب (4) مليار دولا نتيجة عدم شراء حصة بروناي في الفوسفات .
وفي هذا السياق اود ان أشير إلى النقاط التاليه :
ا. بالنسبه لموضوع التقاعد المبكر فلا بد من الاشاره إلى أن الحكومه تقاعد وتعين بنفس الوقت والموضوع ليس بهذه القتامه وعدد الداخلين لسوق العمل اكبر من الخارجين فبيانات سوق العمل أشارت إلى ان عدد الداخلين لسوق العمل بلغ حوالي (95) الف فرصة عمل مستحدثه في عام 2023 بينما بلغ عدد الخارجون حوالي (49) الف عامل .
٢. الحكومة تفتح فرص استثماريه وتشجع القطاعات على الانتاج والتصدير وتقدم خدمات استثماريه بتأهيل المدن الصناعيه وتقديم الكهرباء مجانا وهذا يساهم في زيادة الداخلين لسوق العمل

٣. مواضيع العطاءات الحكوميه والخدمات الحكوميه تقدم فرص كبيره للأردنيين لدخول سوق العمل ورفد الضمان .
٤. مديونية الضمان على الحكومه ليست مجاناً والحكومه من افضل المقترضين وتدفع فوائد سنويه عاليه … ومؤسسة الضمان غير قادرة على اقراض اي جهة هذا الحجم من المبالغ .
ه. الدراسات الاكتوارية لا تتحدث عن توازن على المستوى القريب ولكن على المتوسط والبعيد وهذا ما يجعل الحكومه والضمان دائما على مواكبة ما يحدث وعمل دراسات اكتواريه متقاربة .
١.٦ما بالنسبه لموضوع الاستثمار وشراء أسهم بروناي فالأولى ان تلوم بروناي التي خسرت (٤) مليارات ان كان هذا صحيح ولكن لكل فترة متغيراتها وقراراتها الاستثماريه التي تناسبها .. ولا ننسى ان تحقيق قفزات الارباح يصنف ايضا من المخاطر كما هي تراجع للأرباحوالقيمة السوقيه .
في النهاية فلا شك بان الجميع على رأسهم الحكومه ومؤسسة الضمان وحريصون على استدامة عمل مؤسسة الضمان الاجتماعي فلاخوف أبدا عليها وان نتائج الدراسات الاكتوارية يتم التعامل معها بكل شفافيه وحرص كما انه ليس من مصلحة احد التشكيك وتهويل الامور واتهام الجهات بالتقصير فهذه دولة مؤسسات تناقش الامور بمهنيه والدوله وضعها المالي قوي وملئ ولا داعي لاثارة الشكوك والقلق فعملية الاصلاح جزء من عملية الاستدامة الماليه للمؤسسة وضمان لاستمرار ادائها .
مواضيع ذات صلة

 

مقالات مشابهة

  • ماذا تعرف عن الاشتراكي الأخير في بكين الذي يحارب الديمقراطية والنسيان؟
  • وزير الطاقة المهندس محمد البشير لـ سانا: تدشين خط النقل الإقليمي للغاز الذي يربط سوريا بأذربيجان مروراً بالأراضي التركية، يشكل خطوة استراتيجية على طريق تعزيز أمن الطاقة في سوريا
  • أردوغان: سنسلمكم تركيا خالية من الإرهاب
  • في تركيا.. المنتجات التي ارتفعت وانخفضت أسعارها في يوليو
  • الضمان الاجتماعي بخير .. لا داعي للتهويل
  • محكمة العدل الأوروبية تُسقط بروتوكول إيطاليا ألبانيا.. «حزب صوت الشعب» يحذّر: ليبيا ليست للبيع
  • لإنهاء الحرب.. زيلينسكي يدعو إلى تغيير النظام الحاكم في موسكو
  • تركيا ترحب بالخطوات المتخذة للاعتراف بالدولة الفلسطينية
  • القائم بأعمال سفارة جمهورية أذربيجان بدمشق لـ سانا: القمة التي جمعت السيدين الرئيسين أحمد الشرع وإلهام علييف في العاصمة باكو في الـ 12 من تموز الجاري خلال الزيارة الرسمية للرئيس الشرع إلى أذربيجان، أثمرت عن هذا الحدث التاريخي الذي سيسهم في تعزيز التعاون ا
  • الشعب الجمهوري ينظم مؤتمرا جماهيريا حاشدا لدعم مرشحيه في انتخابات الشيوخ بالجيزة