خبراء: بايدن يوجه انتقاداته لنتنياهو لكي يحفظ صورة إسرائيل عالميا
تاريخ النشر: 11th, April 2024 GMT
يواصل الرئيس الأميركي جو بايدن تعزيز إستراتيجية فصل إسرائيل -كدولة- عن رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو لكي يخفف من وطأة ما يجري في قطاع غزة على صورة تل أبيب عالميا من جهة، ويحسّن وضعه هو الانتخابي من جهة أخرى، كما يقول خبراء.
فقد انتقد بايدن مؤخرا سلوك نتنياهو في الحرب وقال إنه لا يتفق مع مقاربته في الحرب، وإن الوقت قد حان لهدنة مؤقتة وإدخال مزيد من المساعدات، مؤكدا أنه لا يوجد ما يمنع ذلك.
ووفقا للباحث في الشؤون الدولية، ستيفن هيز، فإن اللهجة الأميركية التي أصبحت أكثر صرامة تجاه الحرب "لا تعني تغيرا فعليا في الموقف الأميركي منها، وإنما تعكس نفاد صبر واشنطن على نتنياهو".
فصل نتنياهو عن إسرائيل
وخلال مشاركته في برنامج "غزة.. ماذا بعد؟"، قال هيز، إن بايدن يحاول فصل نتنياهو كشخص عن إسرائيل كدولة، لأنه لا يملك فعل الكثير خلال الفترة الحالية.
ويرى هيز أن إستراتيجية الفصل بين إسرائيل ورئيس وزرائها أصبحت معتمدة في دوائر السياسة الأميركية خصوصا بعدما تعمد نتنياهو إهانة بايدن أكثر من مرة خلال هذه الحرب.
ووفقا للمتحدث، فإن الرئيس الأميركي "ما زال قادرا على الحد من بيع الأسلحة وممارسة بعض الضغوط على إسرائيل، وبذل مزيد من الجهود من أجل التوصل لاتفاق ولو قصير الأمد بين طرفي النزاع".
الباحث الأول بمركز الجزيرة للدراسات السياسية الدكتور لقاء مكي، يتفق مع حديث هيز، لكنه يرى أن الحرب الحالية كشفت عن عمق المتغيرات التي تعيشها الولايات المتحدة خصوصا على مستوى الحزب الديمقراطي.
فعلى الرغم من دعمه الراسخ لإسرائيل، فإن التيار التقدمي داخل الحزب الديمقراطي الذي يقوده النائب بيرني ساندرز، اكتسب مزيدا من الزخم والقوة وأصبح مؤثرا في القرارات الانتخابية بطريقة تؤثر في قرارات الإدارة الأميركية، كما يقول مكي.
كما أن انتقادات زعيم اللوبي الصهيوني في واشنطن العلنية لنتنياهو، "منحت بايدن حرية مطلقة في توجيه الانتقادات لرئيس الوزراء الإسرائيلي"، حسب مكي، الذي أكد أن الصراع بين بايدن ونتنياهو شخصي في جزء كبير منه.
إسقاط نتنياهو لا يزال بعيدا
ومع اعترافه بأهمية هذا التحول في الخطاب الأميركي، إلا أن الباحث في الشأن الإسرائيلي مهند مصطفى يرى أن إسقاط حكومة نتنياهو لا يزال بعيدا ليس فقط لأنه يمتلك أغلبية متماسكة داخل الكنيست وإنما أيضا لأن غالبية الإسرائيليين يدعمون السلوك اليميني تجاه غزة.
إلى جانب ذلك، فإن الإسرائيليين يدعمون سياسة نتنياهو ولا يدعمون شخصه، حسب مصطفى الذي يؤكد أن المتطرفين في إسرائيل "وصلوا إلى حد وصف واشنطن بأنها عدو لإسرائيل لمجرد أن بايدن أبدى بعض التحفظات".
بالإضافة إلى ما سبق، فإن 64% من اليمين الإسرائيلي يرون أن على إسرائيل التحرك باستقلالية بغض النظر عما تريده أو تقوله الولايات المتحدة، وهو ما يعكس غياب وعي هذا التيار -الداعم لنتنياهو- بطبيعة العلاقات بين الجانبين، برأي مصطفى.
بالتالي، فإن ما يقوم به بايدن ضد نتنياهو قد يكون جيدا من الناحية الدعائية لكنه لا يعني إسقاط حكومته في المدى القريب على الأقل، من وجهة نظر مصطفى الذي يؤكد مثلا أن عملية اجتياح رفح أصبحت محسومة إسرائيليا سواء وافقت واشنطن أم لم توافق.
وفي هذه النقطة تحديدا -نقطة رفح- يقول مصطفى إن إسرائيل "أصبحت تربط الانتصار في الحرب بدخول رفح، بما في ذلك بيني غانتس الذي يمثل أخطر خصوم نتنياهو، والذي أبلغ الأميركيين بأن دخول رفح قادم لا محالة".
كما أن غانتس نفسه ليس شخصا يمكنه تغيير الأوضاع في حالة ورث نتنياهو لأنه لا يملك رؤية واضحة لما بعد الحرب، فضلا عن أنه لا يملك شجاعة مواجهة رئيس الوزراء بشكل كامل، حسب مصطفى.
في الأخير، يقول هيز إنه لا يعرف إن كانت سياسة فصل نتنياهو عن إسرائيل ستحقق نتائج لصالح وقف الحرب أم لا، لكنه يرى أن فتح النقاش بشأن دعم إسرائيل "يعتبر أمرا جيدا لأن هذه المسألة لم تكن محل نقاش في السابق".
ويرى هيز أيضا أن بايدن سيواصل التركيز على خصوم نتنياهو السياسيين وسيحاول الاستفادة من حالة عدم التوافق الموجودة داخل مجلس الحرب، دون أن يوقف دعمه لإسرائيل في مسعى منه لترضية ناخبين عرب لن يصوتوا له في ولايات مهمة مثل ميتشغان، وهو ما سيؤثر على سير الحرب بشكل أو بآخر، وفق قوله.
صفقة خطيرة
وبعيدا عن محاولات إضعاف نتنياهو، فإن مكي يخشى أن يستغل رئيس الوزراء الإسرائيلي هذه الهجمة الأميركية لصالحه إذا ما رفضت حركة المقاومة الإسلامية حماس التوصل لاتفاق بشأن الأسرى.
ويرى مكي أن نتنياهو ربما يحمِّل بايدن مسؤولية منح حماس ثقلا سياسيا في حال رفضت الأخيرة التوصل لاتفاق، وهو أمر يفرض على الحركة التصرف بدقة شديدة خلال المفاوضات "لأن واشنطن تريد استدراجها للموافقة على حل لا يضمن وقفا مشرفا للقتال".
وختم مكي بالقول إن "أي وقف للقتال حاليا هو لصالح إسرائيل؛ إذ هي متورطة في غزة رغم معاناة الفلسطينيين"، مشيرا إلى أن فترة الهدنة المقترحة والتي قد يتم تمديدها "ستمنح إسرائيل فرصة إعادة تنظيم نفسها سياسيا وعسكريا وأخلاقيا لدى الغرب".
لذلك، فإن الأمر "يحمل خطورة كبيرة لأنهم ربما يطيلون أمد الهدنة لمنح إسرائيل هذه الفرصة مع عدم وضع رؤية لوقف الحرب نهائيا وإعادة إعمار القطاع".
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
إعصار سياسي ودبلوماسي يضرب إسرائيل… ضغوط وانهيارات تضع حكومة نتنياهو على المحك
تعيش إسرائيل هذه الأيام واحدة من أكثر لحظاتها اضطرابًا على الصعيدين الداخلي والخارجي، مع تصاعد أزمة سياسية عاصفة تهدد استقرار الحكومة وتحاصر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأمواج متلاطمة من الغضب الشعبي، والانهيارات الدبلوماسية، والتوترات الاقتصادية.
معارضة داخلية تتهم بالفشل والفسادفي الداخل، يزداد الشرخ السياسي اتساعًاـ حيث شن الجنرال السابق ورئيس حزب الديمقراطيين المعارض، يائير غولان، هجومًا لاذعًا على نتنياهو، متهمًا إياه بـ”تمويل حماس بمليارات الدولارات” والتلاعب بملفات الأسرى والرهائن لمصالح سياسية، وذهب أبعد من ذلك بوصف سياسات حكومة نتنياهو بـ”الفاشية الدموية” التي تمارس الحرب كأنها “هواية جماعية”، مطالبًا بوقف “التهجير الجماعي وقتل المدنيين”.
أما وزير الدفاع الأسبق موشيه يعالون، فاتهم رئيس الحكومة بانتهاج “سياسة قتل الفلسطينيين كمنهج أيديولوجي”، محذرًا من أن استمرار هذا النهج “يحول إسرائيل إلى دولة مارقة في نظر المجتمع الدولي”.
في السياق ذاته، وصف رئيس الوزراء الأسبق إيهود أولمرت العمليات العسكرية في غزة بأنها “جريمة بلا هدف ولا أمل”، مؤكداً فشل الحكومة في حماية المدنيين وتحرير الرهائن، في مؤشر صارخ على عمق الانقسام السياسي داخل المؤسسة الإسرائيلية.
خارجياً: غضب دولي وعزلة متفاقمةأزمة دبلوماسية مفاجئة انفجرت إثر إطلاق الجيش الإسرائيلي النار على بعثة دبلوماسية في جنين، ما تسبب في موجة غضب أوروبية عارمة، فرنسا وإسبانيا وإيطاليا استدعت سفراء إسرائيل، وسط تنديد شديد وانطلاق دعوات لفرض عقوبات فورية.
ووصفت نائبة رئيس الوزراء الإسباني المجازر الإسرائيلية بأنها “عار عالمي”، مشددة على ضرورة “تحرك حقيقي” ضد ما يجري في غزة، فيما طالب رؤساء فرنسا وكندا وبريطانيا بوقف فوري للعمليات العسكرية، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية دون قيد أو شرط.
اقتصاد مترنح وتحالفات متشققةفي خضم هذه العاصفة، يرزح الاقتصاد الإسرائيلي تحت ضغوط هائلة، إذ حذرت وسائل إعلام عبرية من أن تصاعد الاضطرابات الأمنية والسياسية قد يُفجّر أزمة اقتصادية عميقة، مع تراجع الثقة بالأسواق، وتفاقم العجز، واضطراب في حركة الاستيراد والتصدير، إلى جانب تكاليف الحرب الباهظة.
وبدأت التحالفات الإقليمية والدولية التي طالما شكلت ركيزة أساسية للدبلوماسية الإسرائيلية بالتصدع، مع ظهور مؤشرات على إعادة تموضع لبعض الحلفاء، وتراجع التنسيق في ملفات حيوية.
نتنياهو في مواجهة العاصفةرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي يواجه عاصفة غير مسبوقة في مسيرته السياسية، يقف اليوم أمام اتهامات باستخدام الحرب وسيلة للبقاء في الحكم، مع تراجع شعبيته حتى بين أوساط اليمين، وتصاعد التململ داخل الائتلاف الحكومي نفسه.
وفي ظل هذه المستجدات، تزداد التكهنات حول قرب انهيار الحكومة أو إجراء انتخابات مبكرة، في وقت لا تبدو فيه الأزمات في طريقها إلى التراجع، بل تزداد اشتعالاً على كافة الجبهات.
فهل باتت إسرائيل أمام لحظة فارقة قد تعيد رسم ملامح مستقبلها السياسي والدبلوماسي والاقتصادي لعقود قادمة.