أنتظر كما ينتظر جموع المواطنين فى محافظات المحروسة، إعلان حركة المحافظين، وقد جاءت بأسماء تحقق تمنيات الناس بكل محافظة، وفكرهم يناسب فكر وأسلوب الجمهورية الجديدة التى بدأت بقيام الرئيس عبدالفتاح السيسى بحلف اليمين الدستورية لولاية جديدة، ولأن الجمهورية الجديدة تنطلق برغبة صادقة فى التفاعل مع المواطنين وعلى طريق يؤدى إلى توفير الحياة الكريمة لكل فئات الشعب فى كافة المحافظات، فالتمنى الوحيد، أن يكون المحافظ القادم فى الحركة المنتظرة بعد العيد على مستوى العهد والولاية الجديدة للسيد الرئيس، نعم نريد محافظا فاعلا وليس رد فعل ومسئولا يتخذ القرار المناسب فى الوقت المناسب ولا ينتظر تعليمات الوزير ورئيس الوزراء، والأهم أن يكون أكثر ما يشغله راحة أبناء الاقليم، فقد رأينا محافظين لا يتحركون إلا بتعليمات، ويدافعون عن قراراتهم التى نفذوها رغم أن بعضها لا يناسب المحافظة وقد يناسب محافظة أخرى.
نحن لا نريد سباقا للمحافظين على تنفيذ إشارات الحكومة، ويخرجون علينا بالتصريحات التى تخاطبها وفقط، نريد محافظا بابه مفتوح للمواطن، فيسمع مشكلته وجها لوجه وليس عن طريق بحث أعده مدير خدمة المواطنين، وأزيد فى التمنى بأن يكون المحافظ شخصية قادرة على اتخاذ القرار والدفاع عنه.. وقبل ذلك أن يناقش أفكاره مع نواب شعب المحافظة ويرى المناسب فينفذه، وليس محافظ يرى أن ما يراه ليس محل نظر ومراجعه من أحد!
محافظ يعرف أن المجلس التنفيذى لمحافظته ليس مجلسا شعبيا سيراجعه فى قراره، لأن المجلس التنفيذى بجميع أعضائه، لن يناقشوه فى قرار ولن يراجعوه فى رأى، بل على العكس فقد يوافقون على الشىء وعكسه فى ذات نفس الجلسة، لأنهم يريدون الرضا منه وفقط.. وبالتالى فمن الصعب أن يعترض رئيس مدينة على قرار لا يناسب شعب مدينته حتى مع وجود منطق لذلك، فلم أرَ من قبل تنفيذيا واحدا يعترض على قرار لأى محافظ.
نريد محافظا يبحث المشكلات على أرض الواقع فيحلها وفق ما يقرره هذا الواقع، ويخوض بجسارة تنفيذ الصالح المتفق عليه، وليس محافظا يسير عكس اتجاه الرأى العام،
وقبل هذا محافظا يرجع فى قراره الذى ثبت خطأه، بعد تنفيذه واعتراض الناس عليه، ولا يتباهى بأنه لا يمكن أن يرجع فى قراره، لأن الرجوع للحق فضيلة والعند سيجعل القرار وبالا على محافظته، محافظا لا يبحث عن أى لقطة والسلام، فقد رأينا كثيرا صياحا بلا معنى وضجيجا لا يخدم الناس بل يضرهم!
أتمنى أن يكون محافظ الحركة المنتظرة لا يبحث عن عرض ولقطة يركب بها التريند، فالمنصب مسئولية ويؤثر ويتأثر بالناس واحتياجاتهم، محافظا ليس له شلة معروف طبيعتها مقدما ولن تساعده فى الارتقاء والنجاح، محافظا يستعين بأهل الخبرة والكفاءة حتى وإن كانوا يراجعون ويرفضون ويعلقون! لأن هدفهم الصح والخير للناس والصالح للمحافظة، فقد شبعنا من محافظ لا يسمع إلا صوته ويطرب لتطبيل من حوله من أهل الثقة. حتى مع علم شعب المحافظة بتاريخ هؤلاء وسجلهم الوظيفى! لقد رأينا محافظا يفتخر بأنه لا يجيد التواصل مع الناس! ولا يرد على تليفونات خوفا من أن يكون الطرف الثانى يسجل محادثاته!
ومن الآخر نريد محافظين لا يعتبرون منصب المحافظ درجة سلم للوصول لمنصب وزير! لأن هذا المفهوم نراه فعلا يسيطر على تفكير بعض المحافظين! وبالتالى نرى منهم جولات وتصريحات بلا مردود على واقع المحافظة وشعبها! وهو يتحرك فى ما لا يجب التحرك فيه لأنه -أمان- ولا يشكل خطر على وضعه، فلا يقتحم مشكلة ولا يتبنى قضية! فيرى ويسمع الناس يشكون من سوء رغيف العيش المدعم من حيث الوزن والوصف ولا يتحرك! ويرى مهزلة «التوك توك» يسير فى أهم شوارع عاصمة محافظته، ويثير الرعب للناس، ومع ذلك لا يحرك ساكنا، لخوفه من أن يكون تحركه فيه مشكلة له ولمنصبه!
والخلاصة، نريد محافظا بقوة محافظين كان لا يهمهم إلا الناس وأنهم مسئولون عن حل مشكلاتهم، لأنهم حلفوا اليمين أمام الرئيس بأن يكونوا مخلصين لهذا الوطن وخدمة الشعب.
ويا مسهل.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الوزراء أن یکون
إقرأ أيضاً:
أدونيس وجائزة نوبل فى الأدب
حاضناً سنبلة الوقت ورأسى برج نار:
ما الدم الضارب فى الرمل، وما هذا الأفول؟
أدونيس
التقيت أدونيس مرتين؛ الأولى فى مونتريال حين كنت طالب دراسات عليا، والثانية فى الإمارات حيث كنت أدرس فى جامعة مرموقة. وفى المرتين بدا لى رجلاً مهيباً، واسع الثقافة، جريئاً فى آرائه، لا يخشى الاصطدام بالتيار، ولا يهادن فى الفكر أو الدين أو السياسة. لكنه، حين يقرأ شعره، يتحول إلى لغز شعرى مغلق؛ كأن كلماته تتصاعد من برج لغوى شاهق لا تصل أصداؤه إلا إلى القلة المتمرسة فى التأويل. أدونيس المفكر قريب من الناس بوضوح منطقه ونصاعة لغته، أما أدونيس الشاعر فيبدو متعالياً، غارقاً فى الرموز والأساطير والاشتقاقات الفكرية التى تربك المتلقى وتقصيه.
كل خريف يتكرر المشهد نفسه: العرب ينتظرون جائزة نوبل للأدب، ويعلو اسم أدونيس ثم يخفت، كأن القدر يأبى أن يمنحه التتويج الذى يليق به. وأكثر من ثلاثة عقود واسمه فى القوائم، كأنه مكتوب بحبر سرى فى أرشيف الأكاديمية السويدية: يقرأ ولا يعلن. والسؤال يتجدد: لماذا لا يفوز أدونيس؟
قد يقول البعض إن أدونيس تجاوز الجائزة، أو أن نوبل ليست مقياس العبقرية. لكن وراء تجاهله أسباب تتجاوز الذوق الأدبى وحده. فقصيدته، رغم عمقها الجمالى واتساع أفقها الفلسفى، تفتقر إلى الجسر الإنسانى الذى يربط الفن بالوجدان العام. هل كان من الممكن أن نسمع أشعار أدونيس تدوى فى مظاهرات الربيع العربى كما كانت أشعار الشابى ونجم والأبنودى؟
يكتب أدونيس من علٍ، من فضاء ذهنى مغلق يتطلب أدوات نقدية لفك شيفراته. إنه شاعر النخبة بامتياز، يستدعى الأساطير والرموز والمرجعيات الغربية والصوفية فى بناء لغوى معقد يبهر العقل لكنه يرهق القلب.
المفارقة أن أدونيس فى أحاديثه ومحاضراته أكثر وضوحاً وبساطة. فى اللقاءات العامة يبدو متحدثاً فذاً، صادق الحضور، قادراً على تقريب المعنى من الناس، فيما شعره يبنى بينه وبينهم جداراً من البلور السميك: يرى ولا يمس.
فى المقابل، فاز هذا العام الروائى المجرى لازلو كرازناهوركاى “عن أعماله الرؤيوية التى تؤكد فى خضم الرعب المروع قوة الفن”. يكتب كرازناهوركاى عن الإنسان الضعيف أمام عبث الوجود، عن البحث عن المعنى فى الظلام. أدبه قاتم لكنه دافئ، معقد لكنه مشبع بالعاطفة. إنه الكاتب الذى يعانق القارئ فى خوفه، بينما أدونيس كثيراً ما يبدو كمن يوبخ القارئ على ضعفه.
ربما هنا تكمن المعضلة: أدونيس أراد أن يخلص الشعر من عاطفته ليجعله فلسفة، فخسر التواصل مع جمهوره. حمل مشروع الحداثة إلى أقصى حدوده، لكنه لم ينزلها إلى الناس. ظل حداثياً أكثر مما ينبغى، وفيلسوفاً أكثر مما يحتمل الشعر. وهكذا سيبقى اسمه يتردد كل خريف، بين الأمل والخذلان، كشاعر عظيم لم يمنحه العالم جائزة، لأنه كتب للعقل ونسى أن القلب هو من يصوت أخيراً.