عقدت الولايات المتحدة الأمريكية اتفاق تعاون بين اليابان والفلبين بمشاركة زعماء الدول الثلاث في واشنطن، الأمر الذي أزعج الصين التي أكدت على قانونية تحركاتها في بحر الصين المتنازع عليه، بحسب ما ذكرته وكالة «رويترز».

4 دول تتصارع على البحر الصين الجنوبي

وسعى الرئيس الفلبيني فرديناند ماركوس جونيور، إلى طمأنة الصين بأنها ليست هدفًا، وأن الاتفاق سيغير الآليات في بحر الصين الجنوبي.

وفي مؤتمر صحفي عُقد في العاصمة الأمريكية واشنطن، أعلن «ماركوس» بعد يوم من لقاء نظيره الأمريكي جو بايدن ورئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا، في أول قمة ثلاثية للدول الثلاث، أنه يعتقد أن الاتفاق الثلاثي له أهمية كبيرة.

وأكد «ماركوس» قائلاً: «سيؤدي الاتفاق إلى تغيير الديناميات التي نشهدها في المنطقة، داخل رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) وحول بحر الصين الجنوبي».

وأعرب الزعماء الثلاثة عن قلق جدي بشأن السلوك الخطير والعدواني للصين في بحر الصين الجنوبي، الذي يعد ممرًا لأكثر من ثلاثة تريليونات دولار من التجارة السنوية التي تنقل عبر السفن، مع وجود نزاعات بحرية متنوعة بين الصين ودول أخرى.

وعلى الرغم من ذلك، أكد ماركوس أن القمة ليست موجهة ضد أي دولة، بل تركز على تعزيز العلاقات الاقتصادية والأمنية بين مانيلا وواشنطن وطوكيو.

ما سبب الخلاف؟

وبالرغم من حكم محكمة التحكيم الدائمة في عام 2016، الذي أكد عدم وجود أساس قانوني لمطالبات الصين بالسيادة على بحر الصين الجنوبي بأكمله، إلا أن الصين ما زالت تصر على هذه المطالبات، بحسب ما ذكرته شبكة «بي بي سي».

وبحر الصين الجنوبي يُعتبر أيضًا ممرًا ملاحيًا حيويًا ويحتوي على ثروات سمكية غنية تُعتمد عليها شعوب الدول الساحلية.

وتُشير بكين إلى أن حقوقها في هذه المناطق تعود إلى قرون عدة، حيث كانت سلسلتا باراسيل وسبراتلي جزءًا لا يتجزأ من الأراضي الصينية.

وفي عام 1947، نشرت الصين خريطة مفصلة تظهر ادعاءاتها، حيث تُظهر أن السلسلتين تقعان ضمن حدودها بالكامل، وهذه الادعاءات تدعمها أيضًا تايوان، على الرغم من أن الصين تُعتبر تايوان إقليمًا متمردًا يجب أن يعود يومًا ما إلى كنف الوطن الأم.

وتدعي الفلبين أيضًا سيادتها على السلسلتين، وتشير إلى أن قربها الجغرافي لسلسلة سبراتلي سبب كاف لذلك. 

وشهدت سلسلة من المواجهات بين السفن الفلبينية والصينية في الشهر الماضي، تضمنت استخدام خراطيم المياه وتبادلات كلامية محتدمة.

واستدعت بكين، قبل يومين الخميس، سفير الفلبين لديها ومسؤولًا بالسفارة اليابانية؛ للتعبير عن اعتراضها على ما وصفته وزارة خارجيتها بأنه تعليقات سلبية ضد الصين.

ويتزامن الصراع المتزايد بين الصين والفلبين مع زيادة التعاون الأمني مع الولايات المتحدة خلال فترة حكم ماركوس، بما في ذلك توسيع وجود الولايات المتحدة في القواعد العسكرية الفلبينية، وأيضًا مع اليابان التي من المتوقع أن تبرم اتفاقية متبادلة للقوات مع مانيلا.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الصين بكين واشنطن الولايات المتحدة أمريكا الفلبين اليابان البحر الصين الجنوبي بحر الصین الجنوبی

إقرأ أيضاً:

ترامب والصين.. مناورات غير مفهومة تربك بكين والعالم

في تحليل سياسي موسّع نشرته صحيفة فايننشال تايمز، وصف الكاتب إدوارد لوس علاقة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالصين بأنها "لغز عميق"، يفتقر إلى أي اتساق أو ملامح إستراتيجية واضحة.

وبينما يعكس سجل ترامب السياسي مواقف راسخة إزاء بعض القضايا الداخلية كالهجرة والعجز التجاري، فإن سياساته تجاه الصين تُظهر تذبذبًا لا يمكن التنبؤ به، لا من قبل المسؤولين في واشنطن، ولا من قبل القيادة الصينية.

"فيما يخص الصين، كل شيء يصبح رهينة للحظ"، كما يعبّر التقرير ساخرًا، مضيفًا: "هل يهتم ترامب فعلًا بقضية تايوان؟ لنكتفِ برمي قطعة نقدية. هل يسعى لفصل اقتصادي كامل عن بكين؟ فلنجرّب عجلة الحظ".

مكالمة زائفة وغضب دبلوماسي صيني

وبلغت درجة الغموض حدًا دفع بترامب، في مقابلة مع مجلة تايم في أبريل/نيسان الماضي، إلى الادعاء بأن الرئيس الصيني شي جين بينغ قد اتصل به مؤخرًا، قائلًا "وأنا لا أعتقد أن هذا يُظهر ضعفًا من جانبه".

تصريحات ترامب بشأن اتصال الرئيس شي جين بينغ به تسببت في أزمة دبلوماسية صامتة مع بكين (رويترز)

بيد أن وزارة الخارجية الصينية سارعت إلى نفي هذه المزاعم بشكل رسمي، ووصفتها بأنها "تضليل للرأي العام"، مستخدمة لهجة دبلوماسية اعتُبرت معتدلة بالنظر إلى حساسية الموقف.

إعلان

ويشير التقرير إلى أن أي محاولة لتحليل تفكير شي جين بينغ عبر تصريحات ترامب "تُشبه تفسيرات أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تهلوس"، في إشارة إلى عدم موثوقية أقوال ترامب.

في تصعيد جديد للتوترات بين الولايات المتحدة والصين، وصف الرئيس الأميركي دونالد ترامب نظيره الصيني شي جين بينغ بأنه "صعب جدًا، وصعب للغاية في التفاوض معه"، في منشور نشره على منصة "تروث سوشيال".

وكتب ترامب "أنا معجب بالرئيس شي، لطالما كنت كذلك، وسأظل كذلك، لكنه شخص صعب جدًا وصعب للغاية في إبرام صفقة معه!"، بحسب ما أوردت بلومبيرغ.

تايوان تحت المجهر.. ولكن لا أحد يثق في وزير الدفاع

ومن الملفات الأخطر في العلاقة بين واشنطن وبكين تأتي قضية تايوان، التي تعتبرها الصين جزءًا لا يتجزأ من أراضيها. وفي الوقت الذي تعزز فيه بكين مناوراتها العسكرية حول الجزيرة، خرج وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث ليعلن أن "التهديد الصيني تجاه تايوان حقيقي، وقد يكون وشيكًا".

لكن التقرير يشير إلى أن هذا التصريح لم يُؤخذ على محمل الجد، حيث يُنظر إلى هيغسيث على أنه شخصية دعائية، اختارها ترامب لتأدية دور وزير الدفاع "كما لو أنه يؤدي دورًا في برنامج تلفزيوني واقعي"، على حد وصف الصحيفة. وبذلك، تخلق إدارة ترامب فراغًا إستراتيجيًا في ملف حساس، يصعب على الحلفاء الوثوق في جدية المواقف الأميركية حياله.

سياسة تجارية مرتجلة

وعلى الصعيد التجاري، تتقلب سياسات ترامب تجاه بكين بين التصعيد والتراجع. فقد فرض في فترة ما رسومًا جمركية على الواردات الصينية بنسبة 145%، قبل أن يخفضها إلى 30%، بعد توقيع اتفاق مؤقت لاستئناف تصدير المعادن الأرضية النادرة إلى الولايات المتحدة. غير أن ترامب عاد مؤخرًا وادعى أن الصين "نقضت الاتفاق"، مهددًا بتصعيد جديد.

والمعادن النادرة -التي تهيمن الصين على أكثر من 80% من إنتاجها العالمي- تُعد أساسية لصناعة السيارات الكهربائية، والإلكترونيات، والطائرات الحربية الأميركية، مما يمنح بكين ورقة ضغط إستراتيجية قد يصعب على واشنطن تجاهلها.

إعلان تيك توك والتقنية.. ازدواجية بلا حدود

ولم تسلم شركات التكنولوجيا من تناقضات ترامب، ففي ولايته الأولى، وصف تطبيق "تيك توك" الصيني بأنه تهديد مباشر للأمن القومي الأميركي، وسعى لحظره. أما اليوم، فيُبقي ترامب على وجود التطبيق، وسط شكوك متزايدة بأن ذلك قد يكون تمهيدًا لبيعه إلى شريك تجاري مقرّب منه. ويضيف التقرير أن هذا التحوّل يعكس نظرة ترامب البراغماتية التي تخضع للصفقات أكثر من المبادئ.

القرارات المرتجلة لترامب بشأن تطبيق "تيك توك" تعكس تداخل المصالح التجارية مع اعتبارات الأمن القومي (الأوروبية)

وفيما يتعلق بصادرات الرقائق المتقدمة إلى الصين، خفف ترامب بعض القيود المفروضة سابقًا، رغم أن سياسة الرئيس جو بايدن تبنت ما يُعرف بـ"سياج عالٍ حول فناء صغير"، في إشارة إلى تشديد الرقابة على تقنيات الذكاء الاصطناعي.

ويُعتقد أن جينسن هوانغ، المدير التنفيذي لشركة "إنفيديا"، كان من أبرز المؤيدين لتخفيف هذه القيود، نظرًا لمصلحة شركته المباشرة في السوق الصينية.

تأثير عالمي فوضوي

ولا يقتصر الأثر السلبي للغموض في سياسة ترامب على العلاقة مع الصين، بل يمتد إلى النظام الاقتصادي العالمي. ففي قمة حديثة، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بوضوح: "لا نريد أن نُعلّم يوميًا ما هو مسموح وما هو غير مسموح، وكيف ستتغير حياتنا بسبب قرارات شخص واحد". وهو تصريح يُعبر عن ضيق دول الاتحاد الأوروبي من الطابع الشخصي للسياسات الأميركية في عهد ترامب.

أما جيمي ديمون، الرئيس التنفيذي لمصرف "جي بي مورغان"، فقال بصراحة "الصين عدو محتمل… لكن ما يقلقني فعليًا هو نحن"، في إشارة غير مباشرة إلى السياسة الأميركية الفوضوية التي يرى فيها كثيرون الخطر الأكبر على استقرار الاقتصاد العالمي.

الصين حائرة.. والعالم يترقّب

ويختتم تقرير فايننشال تايمز بالقول إن الصين، مثل بقية العالم، تواجه معضلة متكررة في تفسير نوايا ترامب، أو حتى توقّع خطواته التالية. ومع انعدام التواصل الرسمي بين شي وترامب حتى الآن، يصعب تصوّر أن بكين ستخاطر بالدخول في لقاء علني قد يستخدمه ترامب لأغراض استعراضية أو دعائية. إذ سبق أن تحوّلت لقاءاته من هذا النوع مع قادة دول مثل أوكرانيا وجنوب أفريقيا إلى فصول درامية أضرت بتلك الدول أكثر مما أفادتها.

إعلان

وهكذا، يبقى ملف ترامب والصين لغزًا مفتوحًا، تزداد تعقيداته مع كل تصريح، وتتسع تبعاته من الاقتصاد العالمي إلى الأمن الإقليمي، في وقت يبدو فيه أن الرئيس الأميركي لا يتّبع بوصلته الخاصة… بل يُغيّرها باستمرار.

مقالات مشابهة

  • 12 شاشة ثلاثية الأبعاد للخدمات التوعوية لضيوف الرحمن
  • كيف تسبب “مجتمع دولي من فاعلي الخير” في فقدان الولايات المتحدة بوصلتها في اليمن؟
  • صدام ترامب وماسك يشتعل على إكس.. وتعقيدات صفقة تيك توك مع بكين تتصاعد
  • التنافس الأمريكي الصيني في بحر الصين الجنوبي (2-3)
  • عاجل.. أمطار رعدية وغبار.. تطورات مفاجئة في طقس السعودية بأول أيام التشريق
  • ترامب والصين.. مناورات غير مفهومة تربك بكين والعالم
  • طلاق سياسي بين ترامب وايلون ماسك.. تفكك أقوى التحالفات في الولايات المتحدة .. مواجهة نارية للرئيس الأمريكي تهزّ واشنطن
  • واشنطن في ورطة.. تقارير غربية توثق الهزيمة الأمريكية أمام اليمن في البحر الأحمر
  • ترامب: سأزور الصين مستقبلا وآمل أن يزور الرئيس الصيني الولايات المتحدة
  • الاقتصاد السورية لشفق نيوز: خطة زراعية ثلاثية لاستعادة الاكتفاء الذاتي