مؤشرات جيدة لأداء الميزانية العامة وحصة متزايدة للإنفاق الاجتماعي
تاريخ النشر: 18th, April 2024 GMT
دعم كبير من أسعار النفط المواتية وخطط الضبط والالتزام بسقف الإنفاق العام ورفع كفاءته
ترصد مؤشرات أداء الميزانية العامة لسلطنة عمان خلال أول شهرين من العام الجاري، استمرار التقدم في تحقيق المستهدفات الأساسية للميزانية، من حيث الالتزام بسقف الإنفاق العام وتوجيه حصة متزايدة نحو الإنفاق الإنمائي والاجتماعي، وتعزيز الإيرادات غير النفطية، وتجد هذه المستهدفات دعما مما تتبناه سلطنة عمان من خطط للضبط المالي ورفع كفاءة الإنفاق العام وزيادة مساهمة الاستثمارات الحكومية في توسعة آفاق النمو الاقتصادي ورفد الميزانية العامة بالعائدات، كما يأتي ارتفاع السعر الفعلي المحقق للنفط كدعم لكافة مستهدفات النمو ولاستمرار الأوضاع الجيدة للميزانية عبر تحقيق فائض مالي.
وتتوقع سلطنة عمان أن تبلغ إيرادات النفط في الميزانية المعتمدة لعام 2024 نحو 5.9 مليار ريال عماني، وإيرادات قطاع الغاز نحو 1.5 مليار ريال عماني، والإيرادات غير النفطية 3.5 مليار ريال عماني، بإجمالي إيرادات نحو 11 مليار ريال عماني وإنفاق عام 11.7 مليار ريال عماني، ليبلغ العجز المالي المقدر في بداية هذا العام نحو 640 مليون ريال عُماني ويمثل نسبة 6 بالمائة من إجمالي الإيرادات المتوقعة ونسبة 1.5 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي.
وفي النتائج الفعلية لمؤشرات أداء ميزانية العام الجاري، تشير المؤشرات إلى أنه خلال أول شهرين من هذا العام سجلت الميزانية العامة للدولة فائضا ماليا بلغ نحو 207 ملايين ريال عماني، وجاء ذلك مع ارتفاع متوسط سعر النفط الفعلي إلى ما يتجاوز التوقعات المبدئية في الميزانية العامة، وعند إعداد ميزانية العام الجاري، تم التحوط ببناء تقديرات الإيرادات على سعر 60 دولارا لبرميل النفط، فيما كانت التوقعات الدولية تشير في بداية العام إلى أن النفط قد ينهي 2024 بمتوسط يقرب من 80 دولارا للبرميل، كما أنه لا تزال ترجيحات الخبراء والمؤسسات الدولية تتوقع أن يتراوح سعر النفط هذا العام بين 80 دولارا و85 دولارا، وقد جاء مستوى سعر النفط الفعلي حتى الآن وفق توقعات الخبراء، بما يتخطى السعر التحوطي في ميزانية 2024.
وحسب التطورات في أسواق النفط، ففي جانب الإيرادات العامة للدولة خلال أول شهرين من هذا العام، فقد شهدت انخفاضا نسبيا عن العام الماضي، لكنها تظل عند مستويات جيدة تزيد عن التقديرات المبدئية في الميزانية، وقد بلغ إجمالي الإيرادات العامة بنهاية فبراير نحو مليار و958 مليون ريال عُماني، وجاء الانخفاض النسبي في حجم الإيرادات نظرا لتراجع صافي إيرادات النفط، نتيجة التزام سلطنة عمان بسياسة خفض الإنتاج التي تتبعها دول مجموعة أوبك بلس للحفاظ على توازن السوق النفطية.
ومع خفض الإنتاج، حافظت سياسة أوبك بلس على استقرار السوق النفطية خلال العامين الأخيرين، وظلت أسعار النفط عند مستويات جيدة تعزز حجم إيرادات الدول المصدرة، ووفق بيانات وزارة المالية بلغ صافي إيرادات النفط حتى نهاية فبراير 2024 نحو مليار و102 مليون ريال عُماني، ومتوسط كمية إنتاج النفط يوميا نحو مليون و24 ألف برميل يوميًّا.
وفي جانب تعزيز الإيرادات غير النفطية، بلغ حجم الإيرادات الجارية المحصلة حتى نهاية فبراير 2024، نحو 573 مليون ريال عُماني مقارنة مع 471 مليون ريال عُماني في الفترة نفسها من عام 2023، وكانت الزيادة ناتجة عن استلام عوائد أرباح جهاز الاستثمار بنحو 200 مليون ريال عُماني، وهي العوائد المحصلة في شهر يناير الماضي وفق ما أشارت إليه وزارة المالية، وتمثل مساهمة الاستثمارات الحكومية دعما متزايدا لمستهدفات تنويع مصادر الدخل والتي كان أحد مرتكزاتها هو إعادة هيكلة وتوحيد الاستثمارات الحكومية بما يرفد الميزانية العامة ويسهم في توسع الأنشطة غير النفطية.
وفي جانب الإنفاق العام، تتوقع ميزانية العام الجاري أن يبلغ حجم الإنفاق نحو 11.7 مليار ريال عماني بمتوسط إنفاق عام شهري يقل عن مليار ريال عماني، وترصد البيانات التي تم إعلانها مؤخرا حول حجم الإنفاق، التزاما بسقف الإنفاق المحدد حيث بلغ حجم الإنفاق العام حتى نهاية فبراير 2024 نحو مليار و751 مليون ريال عُماني، منخفضا بمقدار 25 مليون ريال عُماني أي بنسبة 1 بالمائة مقارنة مع الإنفاق الفعلي للفترة ذاتها من عام 2023، وهو ما يعني متوسط إنفاق شهري يقل عن 900 مليون ريال عماني خلال كلا من شهري يناير وفبراير. ويرصد هذا الالتزام بسقف الإنفاق تأثيرات إيجابية لخطط الضبط المالي ورفع كفاءة الإنفاق الحكومي، كما يعكس أيضا حرص السياسات المالية على عدم التوسع في الإنفاق رغم المستويات الجيدة لأسعار النفط.
وضمن جهود ترشيد الإنفاق، شهدت المصروفات الجارية للوزارات المدنية تراجعا خلال أول شهرين من العام، وكان ذلك هو المساهم الأكبر في انخفاض حجم الإنفاق العام.
مع استقرار الوضع المالي، عززت سلطنة عمان جهود ضبط المالية وترشيد الإنفاق بإعادة ترتيب الأولويات المالية ودعم الإنفاق الإنمائي والاستثماري بما يلبي متطلبات النمو، ويدعم الجوانب الاجتماعية من خلال حصة متزايدة للإنفاق الاجتماعي وتحسين مستوى معيشة المواطنين، وفي إطار ذلك شهد بند المساهمات زيادة ملموسة في مخصصاته خلال العام الجاري ليتجاوز ملياري ريال عماني، يشمل ذلك مخصصات بند سداد القروض المستقبلية، لكن رغم هذا الارتفاع في حجم المساهمات فإن إجمالي الإنفاق العام لم يشهد إلا ارتفاعا طفيفا نظرا لإعادة ترتيب الأولويات بما يحقق كافة المستهدفات التنموية.
وخلال أول شهرين من العام الجاري، بلغت مخصصات بند المساهمات والنفقات الأخرى نحو 231 مليون ريال عُماني، مرتفعة بنسبة 75 بالمائة عن الفترة نفسها من العام الماضي، حيث أبقت سلطنة عمان على دعم المنتجات النفطية وغيره من أوجه الإنفاق والمساهمات ذات العلاقة بالجانب الاجتماعي وقد شهدت ميزانية هذا العام بدء تطبيق منظومة الحماية الاجتماعية، وقد بلغ دعم منظومة الحماية الاجتماعية والمنتجات النفطية حتى نهاية فبراير 2024 نحو 93 مليون ريال عُماني و44 مليون ريال عُماني على التوالي.
وضمن التوجه نحو تعزيز الإنفاق الاجتماعي، تعد مخصصات منظومة الحماية الاجتماعية هي الأعلى ضمن بند المساهمات بما يقدر بنحو 560 مليون ريال عماني ويليها 460 مليون ريال عماني لدعم قطاع الكهرباء، كما يتضمن بند المساهمات مخصصات قدرها 240 مليون ريال عماني هذا العام للمشروعات ذات الأثر التنموي.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: خلال أول شهرین من المیزانیة العامة ملیون ریال ع مانی ملیار ریال عمانی ملیون ریال عمانی میزانیة العام الإنفاق العام العام الجاری غیر النفطیة حجم الإنفاق سلطنة عمان هذا العام من العام
إقرأ أيضاً:
الإنفاق الحكومي وتأثيره على النمو الاقتصادي في العراق
بسام رعـد | باحث اقتصادي
يعتبر الإنفاق الحكومي أحد العوامل الرئيسية التي تؤثر على النمو الاقتصادي في العراق . حيث يلعب دوراً أساسياً في تحفيز النشاط الاقتصادي المحلي، وله تاثيرات متعددة تترواح بين الايجابية والسلبية . في تصريح صحفي للمستشار الاقتصادي لرئيس مجلس الوزراء الدكتور مظهر محمد صالح، نشرته جريدة المدى في العدد (5916) الصادر يوم الخميس 29 أيار 2025. قال المستشار أن " البلاد تعتمد على واردات النفط في تمويل النفقات العامة بنسبة تصل الى 90% من أجمالي الايرادات الكلية ، في حين يشكل الإنفاق الحكومي نسبة تقارب 50% من الناتج المحلي الإجمالي ، مما ينعكس على نحو 85% من الطلب الكلي أو الإنفاق على النشاط الاقتصادي " أنتهى .
في هذه المقالة سنستعرض تأثير الإنفاق الحكومي على النمو الاقتصادي على ضوء تصريح السيد المستشار.
أهمية الإنفاق الحكومي
عندما تشكل النفقات الحكومية نسبة كبيرة من الناتج المحلي الإجمالي ، فهذا يعني أن الحكومة تلعب دورا رئيسيا في الاقتصاد. ويساهم الإنفاق الحكومي في توفير البنية التحتية ، التعليم ، الصحة ، مما يعزز قدرة الاقتصاد على النمو.
الأعتماد على الايرادات النفطية
يعتمد العراق بشكل كبير على الإيرادات النفطية ، مما يجعل الإنفاق الحكومي عرضة لتقلبات أسعار النفط . شهد العراق خلال العامين الماضيين زيادة في الإنفاق الحكومي نتيجة لارتفاع أسعار النفط ، ولكن يبدو الآن أن هذه الزيادة غير مستدامة مع اتجاه الأسعار للانخفاض حاليا.
الفجوة بين الانفاق التشغيلي والاستثماري
توجد فجوة كبيرة بين الإنفاق التشغيلي الذي يشكل 70 % من إجمالي الإنفاق العام والإنفاق الاستثماري . ويعتبر تقليص هذه الفجوة أمرا ضروريا لتعزيز النمو الاقتصادي.
العجز المالي
تشير البيانات المنشورة على موقع البنك المركزي الى ارتفاع إجمالي الدين الداخلي من 70 تريليون دينار في شهر كانون الثاني 2024 إلى 80 تريليون دينار في شهر تشرين الاول 2024 . ذلك يعني ان هناك عجزاً فعلياً في موازنة 2024 ، جرت تغطيته من خلال الاقتراض الداخلي وخصم حوالات الخزانة. وتقدر نسبة العجز 4.2% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024 ، هذا العجز يعكس حجم الإنفاق الكبير مقارنة بالإيرادات المتاحة ، مما يزيد من الضغوط على الاقتصاد .
التأثير على النمو الاقتصادي
يعتمد النمو الاقتصادي في العراق بشكل كبير على الإنفاق الحكومي ، خاصة مع ضعف القطاعات الاقتصادية الأخرى مثل الصناعة والزراعة هذا الاعتماد قد يؤدي إلى مخاطر اقتصادية مثل الانكماش في حال حدوث تقلبات في دورة الأصول النفطية.
الخلاصة
إن نسبة الإنفاق الحكومي التي تقارب 50 % من الناتج المحلي الإجمالي تعكس اعتمادا كبيرا على الحكومة في النشاط الاقتصادي، مما يثير القلق بشأن النمو الاقتصادي المستقبلي على ضوء عدم استدامة الإنفاق في حال انهارت عوائد النفط.
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام