#فلسطين ليستْ قضيتنا
م. #أنس_معابرة
كتب المؤرخ الشهير أبن الأثير في كتابه الشهير الكبير “الكامل في التاريخ” الجملة التالية: “لقد بقيتُ عدة سنواتٍ مُعرضاً عن ذكر هذه الحادثة، فمنْ الذي يسهُل عليه أن يكتبَ نعيَ الإسلام والمسلمين؟ فيا ليت أمي لم تلدني، ويا ليتني متُّ قبل هذا، وكنت نسياً منسيا”، وكان هنالك حقيقتان خلف هذه الجملة الغامضة.
الحقيقية الأولى وراء هذه الجملة المخيفة؛ هي المجزرة الفظيعة التي ارتكبها المغول بقيادة جنكيز خان حينما دخلوا مدينة سمرقند المسلمة، والتي كانت تحت راية الدولة الخوارزمية في ذلك الوقت من عام 1220 للميلاد، حيث دخلها المغول، فقتلوا الرجال، وأسروا النساء، وجنّدوا الأطفال للخدمة في جيش المغول، ونهبوا المدينة، ثم أحرقوها عن بكرة أبيها، وهو ذاته ما حصل في مدينة بُخارى قبلها بقليل.
مقالات ذات صلة بيان انتخابي 2024/04/21والحقيقة الأخرى هي أنَّ أبن الأثير لم يكنْ حزيناً جداً على هذا الحدث الجلل الذي أصاب المسلمين في الماضي، وفي مكان يبعد عنه الاف الكيلومترات؛ بقدر الخوف من أن يصيبهم المصير ذاته، فالخطر الذي داهم بخارى وسمرقند وأسيا الوسطى كلها، سيصل إليهم في بغداد عاصمة الخلافة عما قريب، ولا يجد من يصده أو يقف امامه.
توفي أبن الأثير عام 1233 للميلاد، وتحققت مخاوفه عام 1258 للميلاد، حين دخل المغول بقيادة هولاكو حفيد جنكيز خان إلى مدينة بغداد بعد أن اقتحموا بلاد الرافدين كلها، وأحدثوا فيها من القتل والدمار ما لا يقل عمّا حصل لغيرها من المدن في بلاد خوارزم قبل أربعة عقود من الزمان.
تخيل لو أن المسلمين في ذلك الوقت توحدوا أمام خطر المغول المحدق بهم جميعاً، لو توحدت الدولة الخوارزمية في بلاد خُرسان، والخلافة العباسية في بلاد الرافدين والشام والحجاز، والدولة الفاطمية في مصر وشمال افريقيا لمواجهة المدّ المغولي، هل ستنهار تلك الدول متحدة؟ أم من الأسهل أن تنهار كلٌ على حِدة أمام هجمات المغول؟
لقد قالت الدولة الفاطمية والخلافة العباسية: “الدولة الخوارزمية ليست قضيتنا” حينما هجم المغول على بلاد خوارزم، وكذا قالت الدولة الفاطمية حينما أطاح المغول بالخلافة العباسية، وحرقوا بغداد وبلاد الرافدين، ثم جاء الدور على الدولة الفاطمية لتذوق من نفس الكأس الذي شربت من أختيها الخوارزمية والعباسية من قبل.
ربما تكون الآن بمأمن من العدوان الصهيوني، مستتراً باتفاقياتٍ اقتصادية، أو عقودٍ وهميةٍ للسلام، أو بروتوكولاتٍ دوليةٍ هشة سريعة الذوبان، وربما تكون بعيداً جغرافياً عن الأحداث التي تقع في فلسطين عموماً وغزة خصوصاً، وبذلك يمكنك أن تقول: “فلسطين أو غزة ليست قضيتي”.
ولكن الخطر الذي يُحيط بفلسطين اليوم، هو ذاته الخطر الذي سيحيط بك وسيصلك في يوم من الأيام، مهما كنت بعيداً عن فلسطين فلن تكون أبعد من بغداد عن سمرقند، ومهما طال الزمن، فلن يزيد عن أربعين عاماً كما فصل بين سقوط المدينتين على الأيدي الغاشمة نفسها.
لا تستمع إلى مقولات العلمانيين الذين يدفعونك إلى الاشتغال بنفسك، وألا تتدخل في شؤون الآخرين، ويرفضون التعاطف مع القضية الفلسطينية العادلة، ولا تستمع إلى المحتلين الذين رسموا الخطوط بين البلد الواحد ليصبح عدة بلدان، ولا تنسى قول الله عز وجل في كتابه الحكيم: “إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ”، أو قول النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: “مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى”.
المؤمنون أخوة، مهما تباعدت المسافات، ومهما تغيرت الظروف، ومهما كانت الصعوبات، فما بالك بفلسطين؟ ونحن شركاء معهم لا في الدين فقط، بل نحن شركاء معهم في التاريخ واللغة والدم والنسب، ولا تنسى أن هنالك شراكة بيننا في العدو، العدو الذي يحيط بهم الآن، ويتهدد مستقبلنا لاحقاً، ويُضر بنا من حيث لا ندري، فيصادر ماء هذا البلد، وغاز ذاك البلد، ويسيطر على اقتصاد غيرهم من البلدان.
حينما قتلَ جساس بن مرة ملكَ العرب كليب بن ربيعة التغلبي، قال أبن عباد وهو أحد كبار القوم اللذين سعوا في الإصلاح بين القبيلتين: “الديّة عند الكرام الاعتذار”، ويقصد بها أن يقبل أهل القتيل الاعتذار من أهل القاتل. وعندما قَتَلَ الزير سالم جبير بن الحارث بن عباد، غضب أبن عباد لمقتل أبنه كثيراً وقال: “لاقتلن به عدد الحصى والنجوم والرمال”. فهو لم يغضب لمقتل ملك العرب لأن القضية لا تخصه، أما حينما أصبحت القضية تخصه فترك الأقوال وبدأ بالأفعال.
نعم؛ فلسطين قضيتنا، نتألم لما تشعر به، وإنْ عجزنا عن الجهاد في سبيل الله هناك بأنفسنا؛ نقف معها ونساندها بالتبرعات المادية والعينية، ونساعد في مقاطعة الشركات والبضائع والدول التي تدعم الكيان المحتل، ولا ننسى أهلها من الدعاء، ونفضح تجاوزات الاحتلال للقوانين الدولية في وسائل التواصل والصحف والكتب، إلى أن يفرج الله عنا بلاء هذا العدو، ومن يسانده من أهل الضلال والظلام.
المصدر: سواليف
إقرأ أيضاً:
حمامات السباحة ليست دائما آمنة.. إليك أهم المخاطر الخفية
"لطالما سعى البشر عبر العصور لاكتشاف نبع الشباب، وربما تكون السباحة أقرب ما يكون إليه"، بهذه العبارة اختتمت سينا ماثيو، أستاذة علم الأحياء المساعدة في جامعة ماري هاردين بولاية تكساس، مقالها المنشور عام 2021 على موقع "ذا كونفرزيشن".
فالأنشطة المائية تعد ملاذا مفضلا لملايين الأشخاص حول العالم، خاصة في فصل الصيف، سواء على الشواطئ، أو ضفاف البحيرات، أو في حمامات السباحة مع العائلة. إذ يجد الكثيرون فيها وسيلة مثالية للاسترخاء والترويح عن النفس والتغلب على حرارة الجو.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2تمارينlist 2 of 27 نصائح للوقاية من الصداع بعد ممارسة الرياضةend of listلكن ما يبدو مكانا آمنا ومنعشا قد يخفي بعض المخاطر. فالدخول إلى حمام السباحة في يوم حار قد يؤدي إلى تقلصات في المعدة، أو شعور بالغثيان، أو حتى القيء. كما أن القفز في المسطحات المائية الطبيعية، مثل الأنهار والبحيرات، قد يعرّض الجسم لمخاطر غير مرئية مثل البكتيريا، والفيروسات، والطفيليات، وفق ما يؤكده بيل سوليفان، أستاذ علم الأحياء الدقيقة في كلية الطب بجامعة إنديانا، لصحيفة "تايم" الأميركية.
وهو ما يجعلنا نفتح ملف السباحة في موسمها، لنتعرف على فوائدها ومخاطرها، وأهم نصائح الخبراء بشأن ممارستها.
السباحة ليست مجرد نشاط ترفيهيفي مقالها حول أهمية السباحة، استندت سينا ماثيو إلى مجموعة من الأبحاث، أشارت إلى أن السباحة ليست مجرد نشاط ترفيهي لقضاء العطلات، بل لها فوائد دماغية خاصة قد لا تضاهيها أية أنشطة أخرى، فهي "تُعزز صحة الدماغ بشكل فريد".
إعلانكما أن السباحة المنتظمة "تُحسّن الذاكرة والوظائف الإدراكية والاستجابة المناعية والمزاج، وتساعد في إصلاح الضرر الناتج عن التوتر، وتكوين روابط عصبية جديدة في الدماغ".
وقالت ماثيو: "إذا أدرك الناس الفوائد المعرفية والنفسية للسباحة، فلن يترددوا في القفز في المسبح مع أطفالهم"، حيث يحصل الأطفال على دفعة من السباحة "إذ تُحسّن الدماغ وتُعزز التعلم لديهم، عند ممارستها ولو لمدة 3 دقائق"، وفقا لأبحاث نُشرت عام 2021.
فقد أظهرت دراسة واسعة النطاق شملت 19 دولة ونُشرت مؤخرا، وأُجريت على الذين يسبحون في أماكن مفتوحة أو بيئات طبيعية، أن المزج بين السباحة والطبيعة، يُعزز الصحة النفسية كثيرا.
وأوضح لويس إليوت، المحاضر الأول في البيئة والصحة بجامعة إكستر البريطانية، وأحد المشاركين في الدراسة، "أن مفتاح هذا التأثير يكمن في الشعور بالاستقلالية والكفاءة، من خلال حرية السباح وسيطرته على بيئته، وهما عاملان مرتبطان ارتباطا وثيقا بالصحة النفسية"، فالسباحة في الهواء الطلق تُشعرنا بالحرية والثقة، والحرية والثقة تجعلنا أكثر سعادة.
على الفئات الضعيفة توخي الحذريقول الدكتور سوليفان، "إن السباحة نشاط رائع وممتع، لكن علينا أن ندرك أن هناك مخاطر كامنة وجراثيم مجهرية، قد لا يمكننا معرفة وجودها".
ويوضح أن من يتمتعون بصحة جيدة، ستكون حالتهم في الغالب أفضل من غيرهم إذا تعرضوا للبكتيريا أو غيرها من الجراثيم الضارة. لكن الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بأمراض خطيرة هم "صغار وكبار السن، ومن يعانون من أمراض مزمنة تُضعف جهازهم المناعي".
ويوصي من ينتمون إلى إحدى هذه الفئات الضعيفة، بعدم السباحة في المياه المشكوك في سلامتها.
أكثر التهديدات الصحية شيوعاوفقا للدكتور سوليفان "تُعد الإشريكية القولونية والسالمونيلا، أكثر أنواع البكتيريا المسببة للأعراض المعوية الحادة انتشارا في برك السباحة"، وذلك بسبب التلوث بالفضلات البشرية أو الحيوانية، التي قد تنجرف مع المجارى المائية إلى حيث قد يسبح الناس.
إعلانبالإضافة إلى نوع آخر من البكتيريا، يُسبب التهاب أذن السابحين، ويؤدي إلى ألمها وتورمها وإفرازاتها، ومع أن عدواه ليست خطيرة للغاية، وأحيانا تشفى من تلقاء نفسها، أو بحقنة من المضادات الحيوية، "لكنها تبقى مصدر إزعاج"، بحسب سوليفان.
وبخلاف البكتيريا، قد تختبئ فيروسات "روتا"، و"نوروفيروس" في الماء، وكلاهما يسبب إسهالا وقيئا بسرعة ملحوظة، وتستمر أعراضهما لبضعة أيام.
هناك أيضا تهديد آخر، يتمثل في الطفيليات المتسربة من الماشية والحيوانات، والتي يمكن أن تسبب معاناة طويلة ومزعجة، من الإسهال وتقلصات المعدة والقيء، تستمر من أسبوع إلى أسبوعين تقريبا.
لذ، ينصح سوليفان من يشك في وجود ماشية أو حيوانات قريبة من المسطح المائي الذي يسبح فيه، بعدم خوض غمار تجربة السباحة في تلك المياه.
بحسب سوليفان فإن "أكثر طرق إصابة السابحين في المياه الداخلية شيوعا هي ابتلاع الماء"، فابتلاع كمية ضئيلة جدا من الماء قد لا يسبب مشكلة، "لكن ابتلاع كمية كبيرة من الماء قد يتسبب في الإصابة بالمرض". ويوضح سوليفان أن "إبقاء الرأس فوق الماء، قد يساعد في تقليل احتمالية ابتلاع الجراثيم"، ويحذر من "تناول أو تبادل أي مأكولات أو مشروبات عقب الخروج من الماء، وقبل تعقيم اليدين أو غسلها بالماء والصابون، أو الاستحمام في حمام خارجي".
ومن ناحيته يوصي الدكتور دانيال رودس، رئيس قسم علم الأحياء الدقيقة في عيادة كليفلاند، بزيارة الطبيب "إذا استمرت أعراض كارتفاع في درجة الحرارة، والشعور باضطراب غير طبيعي في الجهاز الهضمي، لأكثر من بضعة أيام".
5 نصائح للحفاظ على سلامتكهناك توصيات للخبراء لخوض تجربة سباحة آمنة، وخاصة لمن يسبحون في نهر أو بحيرة، وهي:
انتبه للتحذيرات، يقول رودز، "خذ اللافتات التي تشير إلى مخاطر السباحة واحتمال التلوث على محمل الجد"، وتحقق من جودة المياه، خصوصا بعد العواصف، أو تسرب مياه الصرف الصحي. استخدم كل حواسك، تقول راشيل نوبل، الأستاذة في معهد علوم البحار بجامعة نورث كارولينا، "في معظم الأحيان لن تُظهر المياه التي تسبح فيها أي علامات ملحوظة لما يختبئ تحت السطح، لذا عليك أن تبتعد إذا استشعرت رائحة كريهة أو لاحظت لونا غريبا في الماء". وتوصي بالانتباه للطقس، "حيث يرتفع خطر الإصابة بالعدوى بشكل حاد في أعقاب العواصف والأمطار الغزيرة التي قد تحمل جميع أنواع الملوثات إلى الماء".(3) اختر مناطق مُعتنى بها جيدا، تنصح نوبل دائما بمسح المنطقة التي تسبح فيها "للتأكد من نظافتها"، هل توجد فضلات حيوانات أليفة ظاهرة؟ هل هناك صناديق قمامة ممتلئة؟ هل هناك الكثير من الطيور التي يمكن أن تُلقي فضلاتها في الماء؟ استخدم سدادات الأذن ومشابك الأنف، حيث يساعد وضع سدادات الأذن أثناء السباحة "في الحماية من البكتيريا التي تسبب التهاب أذن السباح"، وتعمل سدادات الأنف كمشبك للجزء الخارجي من الأنف، قد يمنع دخول الماء إلى فتحتي الأنف، "مما يساعد على الوقاية من العدوى الخطيرة"، وفقا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (سي دي سي). لا تسبح إذا كانت لديك جروح مفتوحة، يقول سوليفان إن هذا قد يساعد في حمايتك من البكتيريا المميتة، وينصح بتغطية أي جروح أو خدوش بضمادة مقاومة للماء، والابتعاد عن الأشياء الحادة كالصخور أو الأصداف أثناء السباحة، للوقاية من الإصابة بجروج تجذب البكتيريا الضارة. إعلان