منتخبنا الوطني يواجه الصين تايبيه في التصفيات المشتركة
تاريخ النشر: 26th, April 2024 GMT
حدد الاتحاد الدولي لكرة القدم على موقعه الرسمي مواعيد وأماكن مباريات الجولة الخامسة لحساب المجموعة الرابعة من التصفيات المشتركة المؤهلة لنهائيات مونديال 2026 وأمم آسيا 2027 في السادس من يونيو المقبل، حيث سيخوض منتخبنا مواجهتين الأولى خارج أرضه أمام الصين تايبيه قبل أن يختتم هذه المرحلة من التصفيات في الحادي عشر من يونيو في مسقط بمواجهة منتخب قرغيزستان متصدر المجموعة.
وسيخوض منتخبنا الوطني مواجهته أمام الصين تايبيه على استاد بلدية تايبيه في منطقة سونغشان في تايبيه، والذي يتسع لـ20 ألف متفرج واستضاف في هذه التصفيات مواجهة الصين تايبيه وماليزيا 21 نوفمبر الماضي، بينما أقيمت المواجهة أمام قرغيزستان في استاد كاوشيونج نانزي بمدينة كاوشيونج والذي يتسع لـ12 ألف متفرج، وتنطلق المباراة عند الساعة السابعة مساءً بالتوقيت المحلي (الثالثة عصرا بتوقيت سلطنة عمان) 6 يونيو 2024، وتنحصر فرصة منتخب الصين تايبيه بشكل نهائي في التأهل للمرحلة القادمة لتصفيات المونديال وأصبح يركز فقط على تصفيات أمم آسيا 2027 والتي ستنطلق منتصف العام القادم حيث خسر جميع مبارياته الأربع في التصفيات حتى الآن.
ويقود منتخب الصين تايبيه المدرب الإنجليزي غاري وايت صاحب الـ49 عاما وهو صاحب تجارب قارية عديدة منها أمام منتخبات جوام وهونج كونج، والفترة الأكبر قضاها أمام منتخب جوام حيث أشرف عليه 2011-2016 وخلال تلك الفترة لعب أمام منتخبنا مواجهتين في تصفيات مونديال روسيا 2018، حيث أجبره على التعادل السلبي في أرضه في سبتمبر من عام 2015 في حين واجه منتخبنا صعوبة قبل الفوز عليه في مسقط بهدف أحمد كانو وكان يقود المنتخب في الإياب الإسباني خوان لوبيز كارو وفي الذهاب الفرنسي بول لوجوين.
وستكون مواجهة يونيو هي الرسمية الرابعة بين المنتخبين بعدما لعبا معا في تصفيات مونديال أمريكا 1994، حيث تفوق منتخبنا ذهابا في طهران بهدفين لهدف عبر يوسف صالح ويونس أمان بينما سجل هدف تايبيه كين جين مينج هو الفوز التاريخي الأول لمنتخبنا في مشاركاته بالتصفيات المونديالية وقاد هذه المباراة المدرب الوطني عبدالرحيم الحجري، وفي لقاء الإياب بالعاصمة السورية دمشق في 6 يوليو 1993 فاز منتخبنا بنتيجة 7-1 جاءت عبر يوسف صالح والطيب عبدالنور ومطر خليفة ونبيل مبارك وعبدالله حمدان وراشد بن عبدالله الوهيبي في مناسبتين وقاد منتخبنا المدرب الإيراني المخضرم حشمت مهاجراني بينما كان يقود منتخب الصين تايبيه المدرب الوطني هوانج جين شينج، وانتهت مواجهة الذهاب بين المنتخبين في مسقط بفوز منتخبنا الوطني بثلاثية نظيفة سجلها عمر المالكي ومعتز صالح عبدربه وهدف عكسي من الحارس بان وي شيه بعد ركنية من أحمد الكعبي.
وضمت قائمة منتخبنا في التوقف الدولي شهر مارس الماضي كلا من إبراهيم المخيني (النهضة) وفايز الرشيدي (المنامة البحريني) وأحمد الرواحي (السيب) لحراسة المرمى، ولخط الدفاع: أحمد الخميسي (السيب) وفهمي دوربين (النصر) ومحمد المسلمي (السيب) وغانم الحبشي (النهضة) وخالد الغطريفي (عبري) وحسن االعجمي (السيب) وعلي البوسعيدي (السيب) وأحمد الكعبي (النهضة) وعبدالعزيز الشموسي (النهضة)، ولخط المنتصف حارب السعدي (النهضة) وحاتم الروشدي (الفيصلي الأردني) وعبدالله فواز عرفة (القادسية الكويتي) وصلاح اليحيائى (النهضة) وزاهر الأغبري (المحرق البحريني) وأرشد العلوي (السيب) وجميل اليحمدي (الخريطيات القطري) ومصعب المعمري (النصر)، وخيارات الهجوم ضمت كلا من: عمر المالكي (النهضة) وعبدالرحمن المشيفري (السيب) ومحسن الغساني (السيب) ومحمد الغافري (عُمان) وعبدالعزيز المقبالي (السيب) وعصام الصبحي (النهضة)، قبل أن يتم استبعاد خالد العطرفي وعبدالعزيز المقبالي بداعي الإصابة قبيل مواجهتي ماليزيا.
وبات منتخبنا الوطني على مرمى حجر من حجز مكانه في أمم آسيا 2027 والتأهل للمرحلة الثالثة من تصفيات مونديال 2026 بعد الفوز على المنتخب الماليزي ذهابا وإيابا واستعادة توازنه الجولتين الماضيتين من التصفيات، وقد يحتاج لثلاث نقاط فقط من أجل حسم التأهل والفوز في مباراتين لحسم الصدارة بشكل نهائي، وتقام قرعة المرحلة الثالثة من تصفيات كأس العالم بعد نهاية المرحلة الثانية في يونيو القادم، حيث سيتم توزيع المنتخبات الـ18 المتأهلة إلى هذه المرحلة، على ثلاث مجموعات، بحيث تضم كل مجموعة ستة منتخبات، ويتأهل أول فريقين من كل مجموعة مباشرة إلى كأس العالم 2026 بشكل مباشر.
وتقرر في ملحق التصفيات الآسيوية المؤهلة لمونديال 2026 الذي يتضمن المنتخبات الحاصلة على المركزين الثالث والرابع في كل مجموعة من التصفيات الآسيوية (المجموع 6 منتخبات)، أن يتم تقسيم هذه المنتخبات في المرحلة الرابعة على مجموعتين بحيث تضم كل مجموعة ثلاث منتخبات تتنافس في جولة واحدة تقام بنظام التجمع، ويتأهل المنتخبان الحاصلان على المركز الأول في كل مجموعة من الملحق إلى كأس العالم 2026، في حين يتنافس المنتخبان الحاصلان على المركز الثاني في كل مجموعة بمباراتي ذهاب وإياب من أجل تحديد الفريق الذي يمثل قارة آسيا في الملحق العالمي.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: منتخبنا الوطنی الصین تایبیه من التصفیات کل مجموعة
إقرأ أيضاً:
المنتخب الوطني كـ"مشروع دولة"
معاذ الصالحي
ما شأن باحث في علم النفس والمجتمع بتحليل مباراة كرة قدم؟ ولماذا أخوضُ اليوم في مساحة مخصصة عادةً للمحللين الفنيين ونقاد الرياضة؟
الإجابة نلتمسها في التحول الجذري لهوية اللعبة؛ فكرة القدم غادرت مربع التنافس الرياضي البحت منذ عقود، لتستقر في صلب "العلوم الاجتماعية". لقد أصبحت كرة القدم اليوم هي أكبر "مختبر حي" لدراسة سلوك الشعوب، وانفعالات الجماهير، وتشكُّل الهوية الوطنية.
ومن داخل هذا المختبر، حين تأملت المشهد الأخير، استوقفني ذلك السكون الثقيل الذي خيّم على منصات التواصل والمجالس، معلنًا عن وصول الجماهير إلى مرحلة من الزهد التام في إبداء أي رد فعل. هذه المرة، بدا وكأنَّ الجمهور قد فقد شهية الكلام، وانسحب إلى حالة من الهدوء اليائس. لم نرَ تلك الحشود الغاضبة، ولا ذلك النقد اللاذع، بل رأينا جمهورًا يتعامل مع الخسارة وكأنها "تحصيل حاصل". وهذا "التبلد الشعوري" هو المؤشر الأكثر فزعًا؛ فهو يعني أنَّ الرابط العاطفي بين المشجع والمنتخب قد بدأ يتآكل، وأن الأمل قد حلَّ محله التسليم بالواقع.
ولكي ندرك فداحة هذا الانسحاب النفسي، علينا أن نفهم أولًا ماذا يمثل المنتخب في الوعي الجمعي؟ فبالنسبة للمواطن العُماني، لم تكن الـ90 دقيقة يومًا مجرد نزال رياضي ينتهي بصافرة الحكم، بل هي امتدادٌ للهوية، وتجسيدٌ للثقافة، واستدعاءٌ حي لذكريات الطفولة البريئة. حين يقف اللاعبون لترديد النشيد، يرى المشجع فيهم "الوطن" بكل ثقله وتاريخه؛ يرى انتصارهم انتصارًا لقيمه، ويرى في انكسارهم خدشًا لصورة "الذات الوطنية" التي يريدها دائمًا في القمة.
هذا التلاحم الوجداني يعيدنا إلى نظرية عالم الاجتماع بنيديكت أندرسون حول "المجتمعات المتخيَّلة"؛ فالوطن في الأوقات العادية قد يكون مفهومًا مجردًا، لكن "الملعب" هو المكان الذي تتحول فيه هذه الصورة الذهنية إلى واقع ملموس.
في عُمان، نحن نسيج غني من مناطق وقبائل وثقافات متعددة؛ ولكن في اللحظة التي تهتز فيها الشباك بهدف للمنتخب، تتلاشى كل هذه الفوارق؛ حيث يذوب الظفاري، والباطني، والشرقي، والداخلي، والمسندمي تحت مظلة شعورية واحدة، ليتحول ملايين العُمانيين إلى "جسد واحد" بذاكرة جمعية مشتركة، محققين بذلك أقصى درجات الاصطفاف الوطني التي تعجز المناسبات الأخرى غالبًا عن صناعتها.
وعلميًا، يمثل ما يحدث تطبيقًا دقيقًا لما يعرف بتأثير "الالتفاف حول العلم" (Rally Round the Flag). تاريخيًا، كانت الأمم تحتاج إلى تهديد خارجي أو حرب لتوحيد صفوفها الداخلية، لكن كرة القدم قدمت للبشرية بديلًا سلميًا يُحقق نفس النتيجة.
فقد كشفت دراسة تحليلية دقيقة (نُشرت في NBER) شملت بيانات من عدة دول أفريقية، أن الـ90 دقيقة قادرة على إعادة هندسة الولاءات. فقد وجد الباحثون أن انتصار المنتخب يقلل بشكل ملموس من احتمالية حدوث النزاعات العرقية والقبلية خلال الأشهر التي تلي المباراة، عندها ينجح الفوز في توسيع أفق الانتماء لدى المواطن، لينتقل من ضيق الحيز القبلي أو المناطقي إلى رحابة الفضاء الوطني، في عملية توحيد طوعية مذهلة، تحركها نشوة الإنجاز.
وإذا اتجهنا شمالًا، سنجد أن الكرة أعادت هندسة الهوية الألمانية بشكل مذهل. فبعد عقود من "الخجل الوطني" ومحاولة تواري العلم الألماني خجلًا من إرث الحرب العالمية الثانية، جاءت استضافة كأس العالم 2006 لتكسر هذا الطوق.
ورغم أن المنتخب لم يحقق اللقب حينها واكتفى بالمركز الثالث، إلّا أن أداءه البطولي كان كافيًا لإحداث التحول الجذري. وفي هذا السياق، تصف الباحثة كيرستين واغنر ما حدث بظاهرة "الوطنية الاحتفالية"؛ حيث نجح المنتخب في ترميم الكبرياء المجروح، وتحول التشجيع في المدرجات إلى فعل من أفعال 'التصالح مع الذات'، ليعود العلم الألماني للرفرفة بفخر في الشوارع.
ولا داعي للذهاب بعيدًا بحثًا عن الإلهام، ففي محيطنا العربي كان الدرس أكثر وضوحًا. ولعلنا نتذكر جميعًا ما فعله "أسود الأطلس" في مونديال 2022؛ إذ تشير دراسات المركز العربي في واشنطن (ACW) إلى أن ذلك الإنجاز تجاوز حدود الرياضة ليصبح أعظم حملة "قوة ناعمة" للثقافة العربية. لقد نجح المغرب في تصدير "القيم العائلية" ومشاهد بِر الوالدين للعالم، معززًا شعور "الندية" الحضارية مع الغرب، ومرممًا العلاقة بين المهاجرين ووطنهم الأم.
وفي المقابل، قدم لنا العراق في 2007 درسًا في الترميم الداخلي. ففي ذروة الاقتتال الطائفي، وحين عجزت السياسة عن رتق الفتوق الاجتماعية، كان المنتخب هو المؤسسة الوحيدة الفعالة في دولة منهكة. لقد كان الفوز بكأس آسيا حينها لحظة "تعافٍ جماعي"؛ توحدت الطوائف المتناحرة تحت راية واحدة، وتوقفت أصوات الرصاص في الشوارع لتعلو أصوات الاحتفال، مثبتة أن الكرة قادرة على فرض السلم الأهلي حين تفشل البنادق.
أمام هذه النماذج الملهمة، نجد أنفسنا في عُمان أمام مفارقة مؤلمة تستدعي المكاشفة؛ فنحن نملك "المادة الخام" للنجاح؛ لدينا تاريخ عريق، وشغف جماهيري متأصل، ومواهب فطرية تنبت في الحواري. ولكننا، وللأسف، ندير هذه الثروة الوطنية بعقلية 'الهواية' في زمن تحولت فيه الرياضة إلى "صناعة" ثقيلة ومعقدة.
تصريح المدرب الأخير حول الفوارق في البنية الأساسية بيننا وبين دول أخرى، كان تشخيصًا طبيًا دقيقًا لجسدٍ رياضي متهالك. نحن نحاول مناطحة "مشاريع دول" و"صناعات مليارية" بجهود فردية واجتهادات تعتمد على "البركة". إننا باختصار، كمن يدخل سباق "الفورمولا 1" بسيارة دفع رباعي قديمة؛ قد نملك شجاعة السائق، لكننا حتمًا سنخسر السباق أمام التكنولوجيا والتخطيط.
وهنا، نضع الورقة الأخيرة على الطاولة أمام المعنيين بالتخطيط الاستراتيجي. ففي صلب رؤية "عُمان 2040"، وتحديدًا في أولوية "المواطنة والهوية والتراث والثقافة الوطنية"، نجد تركيزًا شديدًا على خلق جيل معتز بهويته ومسؤول عن وطنه.
والمفارقة الكبرى تكمن هنا: قد تُنفق المؤسسات الملايين على إقامة ندوات ومحاضرات نظرية لتعزيز هذه الهوية، بينما يثبت الواقع والعلم أن مباراة واحدة لمنتخب وطني قوي ومنافس، قادرة على غرس قيم الولاء والفخر في نفوس المواطنين، بفاعلية وعمق يتجاوزان تأثير 1000 محاضرة.
إنَّ الاستثمار في تحويل كرة القدم العُمانية من "هواية" إلى "صناعة محترفة" عبر الخصخصة الحقيقية وتطوير البنية التحتية، ليس ترفًا، ولا هدرًا للمال العام. إنه استثمار مباشر في الإنسان العُماني، واختصار ذكي للطريق نحو تحقيق أهداف الرؤية في بناء مجتمع متماسك ومعتز بذاته.