لجريدة عمان:
2025-07-31@16:24:51 GMT

باسم.. الصانع من كلماته أفقًا

تاريخ النشر: 29th, April 2024 GMT

حين أُعلِن الفائز بجائزة الرواية العربية، وذهبت بكل استحقاق إلى الأديب الفلسطيني المسجون باسم خندقجي (1983) عن روايته «قناع بلون السماء» الصادرة عن دار الآداب اللبنانية، تذكرت على الفور قصيدة محمود درويش مديح الظل العالي، حين قال: «باسم الفدائي الذي صنع من جزمة أفقا» إلى أن يقول: «باسم الفدائي الذي يبدأ اقرأ» ثم قال في القصيدة ذاتها «سقط القناع عن القناع، عن القناع سقط القناع»، ولكنْ قناع عن قناع يختلف، فقناع بلون السماء، أعاد الاعتبار للجوائز العربية بانحياز الجائزة إلى معاناة الإنسان المناضل لأجل استعادة حريته وكرامته على أرضه المسلوبة، الفلسطيني الذي يتخفى في بلده للحصول على حقوقه البسيطة.

إن الفوز المستحق للرواية تتجاوز وضعية صاحبها المحكوم بالسجن المؤبد في سجون الاحتلال الصهيوني، إلى الإشادة بقيمة الأدب والثقافة في التحدي والصمود أمام الظلم والجور والطغيان؛ فالكلمات المُعبّرة والصادقة التي تنشد الحرية والعدالة ستكتب الخلود للقضايا الإنسانية العادلة.

لقد أشرت إلى الرواية في مقالين في هذه الصحيفة، الأول حمل عنوان «مأساة فلسطين سرديًّا وتاريخيًّا» نشر في الأول من يناير هذه السنة، والثاني «أجواء رمضان في المخيم الفلسطيني» نشر يوم 11 مارس الماضي، وفي كل مرة أكتشف في قناع بلون السماء جانبًا مهمًّا في حياة الفلسطينيين، وهذه المرة أحالتني الفصول التاريخية في الرواية إلى إحدى أهم الروايات العالمية، وهي رواية «المعلم ومارجريتا» للكاتب الروسي ميخائيل بولجاكوف (1891-1940) الصادرة عام 1967، أي بعد رحيله بسبعة وعشرين عامًا، يكمن التشابه بين الروايتين في تناول الأحداث التاريخية الكبرى في فلسطين؛ فالكاتب الروسي تخيل لقاء «بيلاطس البنطي مع يشوع الغناصري (اسم مصحف للمسيح)» في القدس، وفي قناع بلون السماء افتتح الكاتب رغبة الراوي في كتابة رواية يكون مؤلفها نسيم شاكر وتتأطر زمنيا وتاريخيا بعد صلب يسوع المسيح وظهوره الأول في رؤيا لمريم المجدلية». ولكن صديقه مراد المسجون يستخف بفكرة كتابة الرواية وموضوعها، ومع ذلك يصر نور على كتابة الرواية «بعد كلّ هذا الاستنزاف والإرهاق والانفصال عن الواقع سأحاول فعل الرواية، سأرتكبها بكل ما أوتيت من مرَّةٍ أولى وتخيّل، سأرد على الخيال بمثله وأكثر. فما التاريخ في النهاية سوى تخيلٍ مُعقْلن! لكن، كيف سأكتب الرواية؟ وما الأسلوب الذي سأعتمده؟ وما عنوانها؟ وهل سأتمكّن من نشرها في هذه البلاد عديمة الأدب والنشر؟».

في رواية خندقجي يتماهى الكاتب مع البطل نور بن مهدي الشهدي الذي لاذ بصمته بعدما «خذله أصدقاؤه ورفاق دربه في النضال والانتفاضة الذين انشغلوا بأبَّهتهم الجديدة التي تراقصت فوق مائدة السلام المختلّ وسلطة الوهم والحيرة، خذلوه حين تخلوا عن رعاية أسرته. لا، خُذل أكثر عندما انكسر قلبه الثائر حين اشترط عليه أعداؤه وسجَّانوه قبل الإفراج عنه مثله مثل الأسرى الآخرين المفرج عنهم، التوقيع على تعهد ينبذ فيه العنف متعهدًا بعدم العودة إلى ممارسته واحترام بنود اتفاقية أوسلو الموقَّعة بين منظمة التحرير الفلسطينية ودولة الكيان الصهيوني». وهنا نجد رأيا مغايرا عن عملية السلام الوهمية التي قضت على فكرة تحرير فلسطين من النهر إلى البحر.

وفي مشهد آخر يصف الكاتب نفسه حين يتحدث عن صديقه مراد المسجون في سجون الاحتلال «واجه مراد حديد المعتقل بإرادته الفولاذية، وهزم غربته المريرة بالأمل المتدفق من حبر قلمه» إذ هزم الكاتب والروائي السجان بالكتابة من بين جدران الزنزانة وعبّر عن معاناته ومأساة شعبه.

بعد حصول نور على البطاقة الزرقاء التي تعني أنه أصبح إسرائيليا ويحمل اسم (أور)، تتصارع شخصيتان داخل جسد وعقل واحد، عقل وجسد نور الذي يحاول الظهور بمظهر أور اليهودي وتفكيره بغية الالتحاق بالبعثة الأثرية الأمريكية والتأقلم مع حياة جديدة لا تمتُّ لماضيه بصلة. أما الشخصيات التي أسهمت في تصاعد أحداث الرواية فهم:

(أيالا) اليهودية التي تتعرض لتنمر اليهود الأشكنازيين وتمارسه هي مع العرب كما حدث مع سماء إسماعيل حين عبرت «عن غيظها وامتعاضها من حضور هذه العربية التي لا تسأم من الحديث في السياسة ومعاني الهوية». وتقول لأور أو نور «موقفي الوحيد هو أنّ هذه البلاد اسمها أرض فلسطين. أنا عندي أرض واحدة فقط، وأما هي (تقصد سماء) فلديها أكثر من عشرين أرضًا في الأردن وسوريا والعراق وغيرها.. فلتذهب إلى دبي. دبي جميلة. لقد زرتها في عطلة الأعياد الأخيرة».

أما البطلة الأخرى فهي (سماء إسماعيل) التي أعلنت عن نفسها بأنها طالبة دراسات عليا في حقل الآثار من حيفا، وأفصحت لزميلها الكندي في البعثة: «مارك، كوني أعيش هنا فإن هذا لا يعني أنني إسرائيلية أو يهودية..كلّا.. فهناك فرق شاسع بين كوني عربية فلسطينية وكوني إسرائيلية!».

ينتهي المطاف بنور في نهاية العمل في البعثة الأثرية إلى أن يتخلى عن هويته الإسرائيلية ويلتحق بسماء إسماعيل في سيارتها.

«ينزع قلادة نجمة داود من عنقه، يلقيها بعيدا نحو السهل المحاذي للرصيف، ينتشل بطاقة الهوية المزورة من جيبه، هوية، أور شابيرا، يستعرضها أمام ناظري سماء، ثم يمزقها بعنف ليلحقها بالقلادة. لا ينبس ببنت شفة، تدمع عيناه، يُخرج هاتفه من جيبه، يُعيد برمجته إلى اللغة العربية، ويضع حقيبته في مؤخرة السيارة، يتنهد بحرارة ثم يصعد جالسًا بجانبها.... ثم يقول لها قبل انطلاقهما معًا هامسًا بكلِّ ما أوتي من لغته العربية المستعادة: أنتِ هويَّتي ومآلي».

لا أدري كيف وجدت أن سماء إسماعيل ما هي إلا فلسطين العربية التي تستوعب جميع الأديان.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: قناع بلون السماء

إقرأ أيضاً:

رصد ست بقعٍ شمسية في سماء المملكة

عرعر

رُصدت أمس، في سماء المملكة العربية السعودية، ست بقعٍ شمسية على سطح الشمس، وذلك ضمن موجة النشاط الشمسي المتزايد خلال الدورة الشمسية الحالية.

وأوضح عضو نادي الفلك والفضاء بالحدود الشمالية، عدنان الرمضون، أن هذه البقع تُعد من أبرز مظاهر النشاط الشمسي، وتمثل مناطق ذات درجات حرارة أقل نسبيًا من محيطها، وغالبًا ما تكون مصحوبة باضطرابات مغناطيسية.

وبيّن الرمضون أن البقع المرصودة تنتمي إلى الدورة الشمسية الخامسة والعشرين، التي تشهد تصاعدًا تدريجيًا في عددٍ البقع والانبعاثات الشمسية، مما يشير إلى قرب بلوغ النشاط الشمسي ذروته، تماشيًا مع توقعات الهيئات الفلكية العالمية.

وأفاد أن رصد هذه الظاهرة تم بوضوح مع غروب شمس يوم أمس، حيث ساعدت الأجواء الصافية وخلو السماء من المؤثرات البصرية والعوالق الترابية على مشاهدة البقع الشمسية بدقة، مشيرًا إلى أن مثل هذه الظواهر تُعد فرصة ثمينة لهواة الفلك لرصد ومتابعة سلوك الشمس وتغيراتها المستمرة.

وتُظهر الصورة الملتقطة ست مجموعات من البقع الشمسية، رُقّمت وفقًا للتسلسل المعتمد من الوكالات الفلكية الدولية، وهي: 4167، 4157، 4154، 4143، 4150، و4149، وقد تركزت في النصف الجنوبي من قرص الشمس، بما يتوافق مع النمط المتكرر للدورة الشمسية الحالية.

وتُعد هذه البقع النشطة مراكز محتملة لحدوث توهجات شمسية أو انبعاثات إكليلية تُعرف بـ”الانبعاث الكتلي الإكليلي (CME)”، التي قد تُحدث تأثيرات على الأرض تشمل اضطرابات في الاتصالات، أو ظهور الشفق القطبي في بعض المناطق القريبة من القطبين.

مقالات مشابهة

  • المدرج الجنوبي يتحول إلى سماءٍ من نجوم
  • ترامب: على مدفيديف أن يراقب كلماته لأنه يدخل منطقة خطيرة جدا
  • رائحة الكبريت تنتشر سماء العاصمة بغداد مجدداً
  • القائم بأعمال سفارة جمهورية أذربيجان بدمشق لـ سانا: القمة التي جمعت السيدين الرئيسين أحمد الشرع وإلهام علييف في العاصمة باكو في الـ 12 من تموز الجاري خلال الزيارة الرسمية للرئيس الشرع إلى أذربيجان، أثمرت عن هذا الحدث التاريخي الذي سيسهم في تعزيز التعاون ا
  • المتحدث باسم وزارة الداخلية نور الدين البابا: عودة المؤسسات الشرعية للجمهورية العربية السورية لعملها في فرض سيادة القانون داخل محافظة السويداء يهدد بقاء العصابات الخارجة عن القانون فيها، ويؤثر على تمويلها غير الشرعي، لذلك هي تروج لوجود حصار وتستغل الأزمة
  • المتحدث باسم وزارة الداخلية نور الدين البابا: مزاعم الحصار دعاية أطلقتها المجموعات الخارجة عن القانون لتسويق فتح معابرغير نظامية مع محيط السويداء داخل الجمهورية، وخارجها، لإنعاش تجارة السلاح والكبتاغون التي تشكل مصدر تمويل أساسي لهذه المجموعات
  • رصد ست بقعٍ شمسية في سماء المملكة
  • رمضان الرواشدة يحفر كلماته على ضفتي النهر
  • باسم الجمل: كلمة الرئيس السيسي تجسيد لثوابت مصر ودورها التاريخي في دعم فلسطين
  • فجوة كبيرة بين الرواية الإسرائيلية وأعداد قتلى جيش الاحتلال في غزة