يحاصر المقاتلون الموالون لقوات الدعم السريع السودانية، مدينة الفاشر عاصمة إقليم دارفور غربي البلاد، وذلك منذ 14 أبريل، مما خلق مخاوف هائلة من تكرار مذابح شهدها الإقليم على يد قوات “الجنجويد” التي انبثقت منها “الدعم السريع” بقيادة محمد حمدان دقلو.
ويبلغ عدد سكان الفاشر نحو 1.8 مليون نسمة، ويعيش بينهم مئات الآلاف من النازحين الذين فروا منذ بداية القتال قبل أكثر من عام، بين قوات الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، والدعم السريع بقيادة دقلو.


واستعرضت تقارير صحفية مخاوف سكان مدينة الفاشر، التي تعتبر العقبة الأخيرة أمام قوات الدعم السريع لفرض هيمنته على إقليم دارفور، حيث تسيطر على 4 من 5 مدن كبرى في المنطقة.
وذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، أن السيطرة على الفاشر “من شأنها أن تمنح الدعم السريع كتلة من الأراضي تعادل نحو ثلث السودان، وتعجّل بتحول مسار الحرب”، مشيرة إلى أن أحد السيناريوهات المخيفة هي “انقسام السودان إلى مناطق متنافسة”، كما حدث في ليبيا عقب وفاة معمر القذافي.

معركة لا مفر منها
قتل أكثر من 40 شخصا في الفاشر خلال الأسابيع الأخيرة، من بينهم نساء وأطفال، حسب تقارير أممية، وذلك خلال مناوشات وتفجيرات على أطراف المدينة، ويخشى السكان أن تكون بداية لاندلاع أعمال عنف أكبر.
وقال أحد سكان الفاشر الذي غادرها العام الماضي، دوالبيت محمد، لنيويورك تايمز: “يتوقع الجميع هجوما في أي لحظة”، مشيرًا إلى أنه كان على اتصال دائم بوالديه وإخوته الموجودين في المدينة.

وأوضح: “يبدو أنه لا مفر من ذلك”، في إشارة إلى هجوم الدعم السريع على المدينة.

كما قال الغالي آدم (37 عاما)، وهو من سكان الفاشر أيضًا، لصحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية: “الموت أصبح عاديا.. لا نتوقف كثيرا حاليا حينما نعلم بمقتل شخص نعرفه”.

وتتمركز في الفاشر الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق السلام التاريخي الذي أبرم عام 2020 في جوبا مع الحكومة المدنية الانتقالية، التي تولت السلطة عقب إطاحة الرئيس السابق عمر البشير.

وأبرز تلك المجموعات، هي التابعة لكل من حاكم إقليم دارفور مني مناوي، ووزير المالية جبريل إبراهيم. وقد منع وجودها قوات الدعم السريع من شن هجومها على المدينة، خصوصا بعد “مفاوضات غير رسمية” بين قوات دقلو وهذه الحركات، وفق تقرير للأمم المتحدة.
كما قال سكان ووكالات إغاثة ومحللون لوكالة رويترز، الجمعة، إن القتال من أجل السيطرة على الفاشر، وهي مركز تاريخي للسلطة، “قد يطول أمده ويؤجج التوترات العرقية”، التي ظهرت في الصراع الذي دارت رحاه في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين في المنطقة، ويمتد عبر حدود السودان مع تشاد.
وحسب الصحيفة البريطانية، فإن الكثير من السكان العرب غادروا الفاشر بالفعل، بينما من قرروا البقاء في المدينة هم من عرقية الفور والزغاوة والمساليت، وهي مجموعات تعرضت لهجمات الجنجويد في بداية الألفية.
وقال “سلطان عرقية الفور”، علي بن دينار، لفايننشال تايمز، إن سيطرة الدعم السريع على المدينة سيكون “السيناريو الأبشع على الإطلاق”. وأعرب عن شكوكه فيما إذا كان بإمكانهم ذلك، مضيفًا أن حدوث هذا سيكون له “تكلفة بشرية باهظة للغاية”.
ودعت وزارة الخارجية الأميركية على لسان المتحدث باسمها، ماثيو ميلر، في بيان الأسبوع الماضي “جميع القوات المسلحة السودانية إلى الوقف الفوري لهجماتها على الفاشر في شمال دارفور”.

وجاء في البيان: “تشعر الولايات المتحدة بقلق بالغ إزاء التقارير الموثوقة التي تفيد بأن قوات الدعم السريع والميليشيات التابعة لها قامت بتدمير قرى متعددة غرب الفاشر”.
ودان البيان “القصف الجوي العشوائي الذي تم الإبلاغ عنه في المنطقة من قبل القوات المسلحة السودانية، وكذلك القيود المستمرة التي تفرضها على وصول المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة”.
وأضاف: “يواجه قادة القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع والميليشيات التابعة لهم خيارين: تصعيد العنف وإدامة معاناة شعبهم مع المخاطرة بتفكك بلادهم. أو وقف الهجمات والسماح بوصول المساعدات الإنسانية دون عوائق، والاستعداد بحسن نية للمفاوضات، من أجل التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب واستعادة السلطة لشعب السودان”.
وأضاف أن واشنطن تشعر “بقلق كبير إزاء التقارير الموثوقة عن قيام قوات الدعم السريع والميليشيات التابعة لها بتدمير قرى عدة عن بكرة أبيها غرب الفاشر”، ودان عمليات القصف الجوي العشوائي التي قامت بها القوات المسلحة السودانية في المنطقة والقيود التي تواصل فرضها على وصول المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة.
كما حذر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في وقت سابق هذا الشهر، من هجوم وشيك محتمل على الفاشر.
وخلال عام واحد، أدت الحرب في السودان إلى سقوط آلاف القتلى بينهم ما يصل إلى 15 ألف شخص في الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور، وفق خبراء الأمم المتحدة.
كما دفعت الحرب البلاد البالغ عدد سكانها 48 مليون نسمة إلى حافة المجاعة، ودمرت البنى التحتية المتهالكة أصلا، وتسببت بتشريد أكثر من 8.5 ملايين شخص بحسب الأمم المتحدة.

مصير الجنينة
وعبّر سكان من مدينة الفاشر عن مخاوفهم وقلقهم من الأوضاع الحالية، وذلك في حديثهم عبر الهاتف مع “نيويورك تايمز”.
وقالت الموظفة في إحدى المحطات الإذاعية بالمدينة، شادية إبراهيم، إنها اختبأت في منزلها بعد إطلاق نار كثيف شرقي المدينة، الأحد. وأوضحت أن الكهرباء انقطعت وارتفعت أسعار المياه والغذاء في المدينة.
وأعربت إبراهيم عن أملها في نجاة مدينتها من مصير مدينة الجنينة بولاية غرب دارفور، التي “شهدت مذبحة” خلال الأشهر الأولى من الحرب.
وحسب معطيات حصلت عليها مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ووصفتها بـ”الموثوقة”، “قُتل العشرات ودفنوا في مقبرة جماعية بين 13 و21 يونيو (2023) في حيَي المدارس والجمارك في مدينة الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور”.
واختتمت السيدة السودانية حديثها بالقول: “آمل ألا نواجه شيئا من هذا القبيل”.

الحرة

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: القوات المسلحة السودانیة قوات الدعم السریع فی المنطقة على الفاشر

إقرأ أيضاً:

السودان.. اشتباكات بين الجيش والدعم السريع بأم درمان

أفاد مراسل الجزيرة باندلاع اشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع غربي مدينة أم درمان. في حين أعلنت الفصائل المسلحة المتحالفة مع الجيش السوداني في دارفور أنها ألحقت هزيمة بقوات الدعم السريع شمال الفاشر.

وأضافت الفصائل المتحالفة مع الجيش أنها استولت على37 سيارة قتالية، ودمرت 23 سيارة أخرى، فضلا عن أسر عشرات الجنود من الدعم السريع وقتل وفرار آخرين.

من جهته، وصف حاكم إقليم دارفور أركو مناوي المعارك التي تدور بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بمدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، بـ"المصيرية لتحرير باقي دارفور"، واتهم مناوي في كلمة بمناسبة عيد الاضحى، قوات الدعم السريع بالعنصرية وبقتل الأطفال وأنها تلفظ أنفاسها الأخيرة.

جدير بالذكر أن الفاشر هي مركز إقليم دارفور المكون من 5 ولايات، وهي أكبر مدنه والوحيدة بين عواصم ولايات الإقليم الأخرى التي لم تسيطر عليها قوات الدعم السريع شبه العسكرية.

ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023 يخوض الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان، والدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) حربا خلّفت نحو 15 ألف قتيل وحوالي 8.5 ملايين نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة.

في غضون ذلك، قالت مصادر محلية إن قوات الجيش والفصائل المسلحة المتحالفة معه تصدت لهجوم من عناصر الدعم السريع على دفاعات الجيش بمنطقة الخياري الفاصلة بين ولايتي الجزيرة والقضارف شرقي السودان.

من جانبها، قالت قوات الدعم السريع إنها أطلقت سراح مئات الأسرى من منتسبي الجيش السوداني والشرطة والحركات المسلحة بولاية الجزيرة وسط البلاد. وأضافت في بيان على منصة "إكس" أن هذه الخطوة جاءت استجابة لمبادرة من أحد شيوخ الطرق الدينية بولاية الجزيرة.

قلق وأمل

على صعيد المواقف الدولية، أعرب توم بيريلو المبعوث الأميركي الخاص للسودان في تغريدة على منصة "إكس" عن أمله "أن تلهم هذه الأيام المباركة أطراف الصراع في السودان لوقف إطلاق النار والانخراط في مفاوضات سلمية من أجل مستقبل الشعب السوداني".

وأعلن بيريلو أن الولايات المتحدة ستقدم 315 مليون دولار مساعدات إنسانية حيوية، لدعم نحو 18 مليون لاجئ في السودان والدول المجاورة المتضررة من الصراع الذي وصفه بالمأساوي.

في سياق متصل، قال فرحان حق نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة إن أنطونيو غوتيريش "لا يزال يشعر بقلق عميق إزاء القتال في الفاشر وما حولها وفي جميع أنحاء السودان". وشدد حق على ضرورة وقف إطلاق النار لمنع الفظائع وتخفيف معاناة المدنيين.

مقالات مشابهة

  • السودان.. اشتباكات بين الجيش والدعم السريع بأم درمان
  • بعد مقتله في معارك السودان.. من هو علي يعقوب جبريل؟
  • حصيلة معارك الفاشر بالسودان ترتفع إلى 226 قتيلا
  • مجلس الأمن الدولي يطالب بإنهاء حصار مدينة دارفور  
  • حاكم دارفور: قوات الدعم السريع تمارس إبادة جماعية
  • مجلس الأمن يطالب "الدعم السريع" بإنهاء حصار مدينة الفاشر السودانية
  • مجلس الأمن الدولي يطالب بإنهاء حصار مدينة الفاشر السودانية
  • السودان.. مجلس الأمن يطالب بإنهاء "حصار" مدينة الفاشر
  • مجلس الأمن يصوت على مشروع قرار بشأن الفاشر السودانية  
  • مجلس الأمن يصوت اليوم على المطالبة بوقف حصار مدينة الفاشر السودانية