في يومهم العالمي. عمال اليمن سنوات طويلة من البطالة والضياع! (تقرير خاص)
تاريخ النشر: 1st, May 2024 GMT
يمن مونيتور/ إفتخار عبده
يصادف اليوم الأربعاء، الأول من مايو اليوم العالمي للعمال، وتأتي هذه المناسبة على العمال اليمنيين وهم يعيشون أسوأ مراحل حياتهم في ظل انعدام فرص الأعمال وتدني مستوى الأجور والغلاء المعيشي المتصاعد باستمرار.
وتشهد اليمن حربا شعواء، على كافة المستويات منذ ما يقارب عشر سنوات، كبدت المواطنين خسائر في الأرواح والأموال، وكان الانهيار الاقتصادي هو السم القاتل الذي يتجرعه اليمنيون باستمرار، لا سيما العمال الذين فقدوا فرص أعمالهم أو الذين يعملون بلا مرتبات.
وغاب الكثير من فرص الأعمال خلال هذه السنوات، فلم تترك الحرب وقاداتها مجالا للبناء والإعمار وفتح المشاريع؛ الأمر الذي جعل أغلب المستثمرين يغادرون اليمن بحثا عن ملجأ لهم في دول أخرى.
وتعيش اليمن جمودا واسعا في جانب الأعمال الأمر الذي جعل الناس يبحثون عن فرصة عمل ولو بنصف المبلغ الذي كانوا يعملون به قبل الحرب، ولسان حالهم يقول إن تعمل وتحصل على القليل خير من أن تعيش عاطلا وعالة على أهلك.
بهذا الشأن يقول، هائل الأحمدي (55 عاما) عمل مقاول في مهنة البناء لعشرين عاما “إن:” الأعمال في اليمن باتت شحيحة جدا عن الأعوام الماضية، بسبب تدهور الأوضاع لدى الكثير من اليمنيين، وغلاء مستلزمات البناء بشكل كبير، إذ أصبح سعر الكيس الإسمنت 5000 بالعملة القديمة، ما يعادل 15 ألف ريال في العملة الجديدة “.
وأضاف ل” يمن مونيتور “الكثير من مقاولي المشاريع الضخمة متوقفون عن العمل منذ بداية الحرب، عام 2014 م؛ حتى أصبح العامل لا يجد عملا لمدة أسبوع بسبب توقف الأشغال”.
وتابع “في السابق كانت الأعمال متوفرة بشكل كبير والأسعار كانت منخفضة؛ إذ كان سعر الكيس الإسمنت 1500 ريال يمني فقط لا غير أما الآن فقد ارتفع بشكل جنوني، ناهيك عن بقية مواد البناء”.
وأردف “كانت أجرة البناء قبل الحرب 7000 ريال في اليوم الواحد، وسعر الكيس الدقيق 4500 ريال، لكن الآن أجرة البناء 10 آلاف بالعملة القديمة والكيس الدقيق 14 ألف ريال بالعملة ذاتها، بالإضافة إلى أن الأعمال غير متوفرة فنحن نعمل يوما ونبقى عاطلين أسبوعا وأحيانا شهرا كاملا”.
وأكد بأن “الوضع المعيشي أصبح متدنيا إلى أبعد حد، الأمر الذي جعل الكثير من الأسر تعيش في مجاعة حقيقة، وأرباب الأسر لا يقدرون على إنقاذ أسرهم بسبب البطالة”.
وواصل “كنت قبل الحرب أعمل مقاولا في بناء مدارس ومساجد وبيوت وفلل، أما اليوم فقد أصبحت أبحث عن عمل بسيط وإن كان بسعر أقل، والمؤسف إني لا أجده، فكثيرة هي المرات التي أغادر بها الريف من أجل العمل وأعود بعد أيام أو أسابيع بخيبة أمل، ومزيد من الدين”.
ومضى قائلا: “نتمنى أن تتوفر الأعمال وترخص الأسعار، وتقل نسبة البطالة في اليمن، وتنتهي الحرب المسببة لكل هذه الأوضاع لنعيش بسعادة، وحينها سيكون لهذا اليوم العالمي معنى بالنسبة لنا”.
في السياق ذاته يقول، طلال الشرعبي “رئيس اللجنة المجتمعية بحارة غزة في مدينة تعز” عيد، بأي حال عدت يا عيد؟!، هكذا هو حال العمال في اليمن؛ لا يعرفون من عيدهم أو من يومهم العالمي إلا اسمه، حتى أنهم لا يعرفون توقيته وكأنه لا يعنيهم بشيء، ولسان حالهم يقول: لماذا وبماذا نحتفل أو نفرح بهذه المناسبة أساسا؟! “.
وأضاف الشرعبي ل” يمن مونيتور “يأتي عام ويمضي آخر ونحن نسمع بهذه المناسبة… ولا نرى أوضاع العمال ألا تزداد سوءا وتعقيدا، حتى أصبح هذا اليوم العالمي عنوان بؤس وعناء كلما جاء… يذكر اليمنيين بمعاناتهم ومآسيهم”.
وأردف “أصحاب الجباه السمراء والسواعد القوية أصبحوا اليوم يفترشون أرصفة الحراج انتظارا لفرصة عمل تخفف معاناة أسرهم، يقاومون بها سهام الموت اليومية التي تطعن ظهورهم باستمرار”.
مناسبة للحسرة والأسف
وتابع “هذا اليوم لم يعد يعني العمال في اليمن بشيء سوى التحسر على أوضاعهم العاثرة، في ظل ضيق فرص العمل واتساع رقعة الشقاء والعناء
مترادفات
لديهم، وكأن هذا اليوم قد جاء وفي عينيه دمعة، وغصة تملأ حلقه على المآلات الكارثية التي آلت إليها أوضاع العمال اليمنيين، الذين أصبحوا دون مصنع، ولا معمل، ولا فرص عمل، ولا رواتب، ولا أي نوع من الحقوق المشروعة”.
وأشار الشرعبي إلى أن “هناك عمال يعيشون حالة بطالة شبه دائمة منذ أن حل الكلاشنكوف بدل المطرقة، وجمدت الحرب سوق العمل، فليعلم الجميع بأن وضع العمال في اليمن كوضع العبيد في الجاهلية، رغم كونهم الركيزة الأساسية في بناء الوطن وإعماره”…
جهد كبير دون مردود
وواصل “يحتفل العمال في العالم بيومهم العالمي وفي اليمن عمال بدون عمل وأعمال شاقة دون أجر ولامال ، فهناك عامل يسعى لأخذ لقمة عيشة من بين الصخور وعامل يقتات الفتات، وعامل لا يحصل على قوت يومه، وآخر لا يحصل إلا على القليل”
وبين “قد يكون من المضحك أو قد نكون مستفزين إذا ما قدمنا التهنئات لعمال اليمن بهذه المناسبة؛ فهم أحوج ما يكون للمواساة وتطبيب الخاطر”.
وأكد “يجدر بنا اليوم أن نواسي موظفي دولة بلا رواتب منذ عشرة أعوام، أو سواعد سمراء اشتاقت للعمل ولحركة البناء والإعمار
لكن… كيف نواسي أصحاب الهمم والمهن أو كيف نعيد الحياة للطاقة المجمدة في أرصفة البطالة؟”.
واختتم “في هذا اليوم لا يسعنا إلا أن نرفع قبعات التقدير لملايين العمال الذين لم تهدهم ظروف الحرب، ولايزالون متمسكين بمعاولهم ومطارقهم لفتح نافذة للحياة، وطرد غيوم الموت وتجاره… لكل العمال في اليمن طابت أياديكم المتشققة والمتقرحة، وطابت تلك القلوب البيضاء التي لاتيأس ولاتمل من البحث عن مصدر تعيش من خلاله الأسر بكرامة وعز”.
بدوره يقول، أحمد سعيد “معلم ترك التعليم، ولجأ للعمل بالأجر اليومي” هذا اليوم، يذكرنا بمأساة تحولنا من الوظيفة المشرفة التي كان مرتبها يكفينا لنعيش بأمن غذائي وصحي، إلى الأعمال الشاقة التي تأخذ منا الكثير من الجهد ولا نحصل من خلالها إلا على مردود بسيط “.
وأضاف ل” يمن مونيتور “اليوم العامل في اليمن يعاني الأمرين سواء كان عاملا بالأجر اليومي أو كان موظفا حرم من مرتبه، كل العمال يعانون من قساوة الحياة التي فرضها عليهم الانهيار الاقتصادي والمعيشي، حتى الذين يحصلون على أعمال فالمردود منها لا يكفيهم لشراء حاجيات البيت الأساسية”.
وتابع “قلة فرص الأعمال جعلت أرباب العمل يستغلون حاجة العمال ويكثرون عليهم بالمهام مقابل القليل من المال، والعامل هنا بين خيارين أحلاهما مر فهو إما أن يعمل مقابل القليل من المال أو يترك العمل وسيقوم به غيره ويبقى هو قيد الحيرة والندم”.
وواصل “كان هذا اليوم يعني لنا كثيرا قبل الحرب، وكنا نعلم الطلاب بأن العمال هم بناة الوطن وصانعو البطولات وأما اليوم فلا يعني لنا شيئا سوى أنه يوم كبقية الأيام، نبحث فيه عن مصدر دخل، لا عن احتفال وإجازة رسمية”…
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: اليمن عيد العمال یمن مونیتور قبل الحرب الکثیر من هذا الیوم
إقرأ أيضاً:
وقودهم التعب.. شكاوى من تدني أجور عمال محطات البنزين في اليمن
شمسان بوست / متابعات:
يشكو عمال محطات الوقود في صنعاء ومختلف المدن اليمنية من تدني الأجور ومشقة عملهم اليومي في تعبئة المركبات والسيارات باحتياجاتها من البنزين مقابل الأجور الضئيلة والمحدودة، والتي يصفها كثير من العمال بالفتات، إذ لا تسمن ولا تغني من جوع. ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل يتعدى ذلك إلى قيامهم بعملهم اليومي في ظروف صعبة وحرجة دون تأمين صحي أو أي تأمين ضد المخاطر التي قد تواجههم من خلال عملهم اليومي في أماكن ممتلئة بالمحروقات القابلة للاشتعال، والتي تدر أموالاً طائلة على تجار الوقود، إضافة إلى مخاطر الروائح النفاذة للوقود في ظل عدم الاهتمام بتوفير متطلبات السلامة التي يحتاجها العمال في مثل هذه المهنة الشاقة والخطيرة.
ويقول الشاب العشريني خليل المشولي، لـ”العربي الجديد”، إنه يظل معظم ساعات النهار وافقاً أمام محطة لتزويد المركبات والسيارات باحتياجاتها من الوقود في صنعاء، ويبدو عليه التذمر وعدم الرضا من عمله الذي لجأ له مضطراً لعدم حصوله على أي عمل آخر متاح غير محطات تعبئة البنزين. ويضيف أنه قدم إلى العاصمة اليمنية نازحاً من محافظة الحديدة في الساحل الغربي لليمن قبل أربع سنوات، حيث كان يعمل في مجال البناء لفترة محدودة، قبل أن يوفر ويقترض مبلغاً من المال اشترى به دراجة نارية “مستعملة” للعمل عليها، لكنها لم تدم طويلاً لتعطلها وعدم قدرته على إصلاحها، ليتجه بعد ذلك للبحث عن أي عمل يستطيع من خلال مساعدة أسرته التي ليس لها عائلٌ غيره، لكنه لم يجد، ليستقر به الحال للعمل في محطة لتعبئة البنزين.
ويحصل خليل على راتب شهري يصل إلى 60 ألف ريال يمني مقابل العمل في محطة تعبئة الوقود من الساعة الثامنة صباحاً إلى الخامسة مساءً، في مشهد يصفه زميله في محطة التعبئة المجاورة له عبده طاهر (35 عاماً) بـ”الشاق والمضني”، مشيراً في حديث لـ”العربي الجديد”، إلى أنه يضطر في أيام كثيرة إلى تمديد فترة عمله لتشمل جزءاً من ساعات المساء للحصول على مبلغ إضافة قد لا يزيد على 1000 ريال، لكنه وفق قوله: “3000 أفضل من 1500 أو 2000 ريال”، الأجر الذي يحصل عليه في اليوم الواحد مقابل ساعات عمله في محطة تعبئة البنزين.
ويرصد “العربي الجديد”، انتشار عشرات محطات تعبئة الوقود العاملة في صنعاء، والتي يقدر عددها بنحو 50 محطة تقوم بتعبئة المشتقات النفطية من البنزين والديزل والغاز، إذ تنتشر في أماكن مفتوحة بحسب اشتراطات الجهات المعنية، والتي بموجبها تمنحها رخصة للعمل في بيع وتجارة الوقود. وتتراوح الأجور للعاملين في تعبئة البنزين للمركبات والسيارات بين 50 و60 ألف ريال، لكن هذا المبلغ قد يقل أو يزيد بحسب ساعات العمل التي يستطيع العامل تمضيتها ماسكاً بيده مضخة التعبئة وقياس كمية الوقود المطلوبة من الزبائن، في حين لا يختلف الوضع في عدن، حيث يشكو العاملون في محطات التعبئة من تدني الأجور والرواتب التي لا تزيد على 100 ألف ريال.
يقول ماجد علي، تاجر وقود، لـ”العربي الجديد”، إن تجارة الوقود ليست مربحة بالشكل الذي يتصوره الكثير من الناس، بل هناك سلسلة طويلة من النفقات التي تذهب للاستيراد والشحن، ومن ثم التفريغ والنقل والتوزيع، إلى وصول البنزين وتفريغه في مخازن محطات التعبئة، عدا عن دفع مبالغ كبيرة رسوماً جمركية وضريبية وأقساط ورسوم التأمين وغيرها من النفقات. ويلفت إلى أن المبالغ التي يحصل عليها عمال مضخات التعبئة هي أفضل ما يمكن تقديمه لعامل لا يؤدي أي مهام سوى كتابة رقم الكمية المطلوبة في شاشة المحطة ووضع الأنبوب في خزان بنزين السيارة. كما يؤكد أن عملية توظيف عمال التعبئة لا تشترط أي مواصفات محددة كما هو الحال في الوظائف الأخرى، مثل عمال الصيانة وغيرهم، والذين يحصلون على أجور أفضل.
لكن هناك من يرى أن تجار الوقود أكثر الفئات المستفيدة من الوضع الراهن في اليمن، بالنظر إلى تجارتهم التي تدر عليهم أرباحاً طائلة في ظل ظروف معيشية حرجة يمر بها غالبية السكان في البلاد. ويباع البنزين في اليمن بنظام الصفيحة باللتر، إذ يصل سعر الصفيحة الواحدة من البنزين 20 لتراً في صنعاء ومناطق نفوذ الحوثيين إلى نحو 8900 ريال، في حين يصل سعرها في عدن نحو 23 ألف ريال يمني، مع الإشارة إلى فارق سعر صرف الريال اليمني المستقر في صنعاء عند 530 ريالاً للدولار الواحد، بينما يبلغ في عدن نحو 2598 ريالاً للدولار.
إلى جانب البنزين، والديزل الذي يستخدم في المركبات والشاحنات الكبيرة أو من المزارعين، إذ تعمل عليه مضخات مياه الري، أصبحت محطات تعبئة الغاز المنزلي متوفرة في معظم محطات تعبئة الوقود كما يلاحظ ذلك في صنعاء، بعد أن كان يباع في محطات مستقلة مخصصة لهذا النوع من المشتقات النفطية فقط، في ظل تزايد المركبات والسيارات خاصة باصات الأجرة العاملة بالغاز، إضافة إلى كونه من المحروقات التي تُستوردُ بنسبة كبيرة من الخارج بعد أن كانت تُوفَّر كما هو حاصل في مناطق إدارة الحكومة المعترف بها دولياً من حقول صافر النفطية في محافظة مأرب شرقي صنعاء.
الباحث الاقتصادي نبيل الشرعبي يؤكد لـ”العربي الجديد” أن هناك استغلالاً بشعاً تتعرض له فئة عمالية كبيرة تعمل في هذا النوع من الأعمال الشاقة والخطيرة بدون توفر متطلبات السلامة المهنية والصحية، لافتاً إلى أن الوضع في البلاد سمح بتوسع الاستغلال للعمال، ليس في محطات تعبئة الوقود فحسب، بل في مختلف القطاعات التي يرى علي أنها “تمنّ عليك بتشغيلك وعليك أن تشكرها على ذلك، رغم أنها تستغل حاجتك للعمل، في حين تقدر عائداتها وأرباحها من تجارة الوقود بمليارات الريالات”.