الأسير باسم خندقجي يخترق القبة الحديدية
تاريخ النشر: 2nd, May 2024 GMT
القبّة الحديدة خيّمت تحتها دولة الاحتلال من أجل تشكيل حماية من أيّ اختراق جوّي خارجي، صاروخيا كان أو طائرات مسيّرة أو أجساما مشبوهة تقضّ عليها مضجعها، ولكن هذه المرّة أتاها الاختراق من الداخل، ومن داخل السجون، فاخترق القبّة الحديدية المضروبة على السجون ووصل العالم كلّه، ولم يكن صاروخا ولا طائرة مسيّرة وإنما كان أشدّ وأنكى، كانت رواية، وقد نجحت في الاختراق ونجحت في إصابة هدفها وهو ضرب السرديّة الإسرائيلية في مقتلها.
لقد هرّب قلما وكتب في عمق الرقابة الأمنيّة المشدّدة في داخل زنزانته، استمرّ في الكتابة عدّة أشهر وهو يخفي ما يكتب ويتجاوز التفتيش تلو التفتيش، عين على قلمه وعين على نافذة الزنزانة كي لا تباغته عيونهم المتربّصة، ثم كبسل ما كتب، أيّ حوله إلى كتابة صغيرة على ورق شفاف، يُطوى ويُسيّح عليه البلاستيك ليتحوّل إلى كبسولة يغامر بها مفرج عنه فيبلعها ويخاطر في تحرير مساحة من كدّ أديب يقبع في زنزانة خاوية.
فوز الأسير باسم خندقجي بجائزة البوكر العربية بروايته قناع بلون السماء هو انتصار فلسطيني ساحق وإصابة الاحتلال في مقتل كبير، خاصة وأن هذا الفوز يأتي في سياق هجمة شرسة بهمجية نازية فظيعة وفي ظروف مجزرة مفتوحة في غزة، فيأتي خندقجي ليرد بأصغر وسيلة ممكنة؛ بقلمه المهرب الصغير
ثمّ هناك تحت الضوء تُفتح الكباسيل وتحرّر الرواية لترى النور ثم تنطلق لتشارك في مسابقة البوكر للرواية العربيّة وتفوز بالمرتبة الأولى، ويتساءل صاحب القبّة الحديدية كيف حصل هذا؟ هل القبّة واهية هزيلة أم أن لهؤلاء قوى خارقة؟ هي بالفعل الإرادة الحرّة الصادقة والعزائم النبيلة والانتماء العظيم لقضية عظيمة، هي الارادة التي تنتصر في خضمّ صراع إرادات كاسرة، تنفذ من قبّتهم الحديدية ببراعة وتصل إلى هدفها لتفعل فعلها العظيم.
فوز الأسير باسم خندقجي بجائزة البوكر العربية بروايته "قناع بلون السماء" هو انتصار فلسطيني ساحق وإصابة الاحتلال في مقتل كبير، خاصة وأن هذا الفوز يأتي في سياق هجمة شرسة بهمجية نازية فظيعة وفي ظروف مجزرة مفتوحة في غزة، فيأتي خندقجي ليرد بأصغر وسيلة ممكنة؛ بقلمه المهرب الصغير يكتب من وهج قلبه ويرصد دقات قلبه الجميل بلغة إبداعية راقية، يمهر هذه الرجفات السامية، ومن خلف أعين السجان المتربص اللئيم ينجح في إطلاقها مع نسائم صباحية تعانق شعاع شمس يحملها على أجنحته إلى حيث فضاء الحرية، نجح كاتبنا أيّما نجاح من عمق القهر في أن يقهر سجانه.
نجح في أن يوصل روح أسرانا لتلامس أرواح الملايين من البشر، لقد خطّ أعظم رسالة تعبّر عما يريده الأسرى، عن آمالهم وعن معاناتهم وعن تضحياتهم وعن توقهم الشديد للحريّة، لقد سطّر بهذه الرواية ورسم أركان القضيّة التي يسجن من أجلها آلاف الفلسطينيين طوعا وحبّا وانتماء صادقا، برهن للناس أن هذه قضية حق وعدل وأنها ولأجلها يسجن الشرفاء وتقدّم لها كلّ أشكال الفداء، وهو بهذا يكشف القناع عن ذاك المعتدي الذي يريد أن يقيم سيل أكاذيبه على سيل دمائنا، بهذا الاختراق العظيم تنسج الحكاية الصحيحة وينقض غزل الافتراء الكبير الذي أقاموه بقوّة السلاح على أرض فلسطين الطاهرة.
هذه الرواية وغيرها مما خرج فيما يسمّى بأدب السجون؛ تعتبر شكلا من أشكال المقاومة وهي الفعل من صميم العمل المقاوم، وذلك لاعتبارات كثيرة أهمّها أنها تسهم في بنية ثقافة المجتمع الذي يقع عليه الاحتلال، وبالتالي تقوّي من عزائم صموده وتمدّه بالروح الثائرة القادرة على الاشتباك بكل قوة واقتدار
نجح في اختراق أساطيرهم الواهية وأساطيلهم البرية والجوية والبحرية، وأن يتخطى قبتهم الحديدية وصواريخهم المريعة ليعلي راية فلسطين ولتكبر به القضية، وليقول للناس بلغة الحكاية المروية أن الانتصار القريب القادم بعد انتصار السردية هو انتصار فلسطين الحرة الأبية.
وإن من الأهمية بمكان أن هذه الرواية وغيرها مما خرج فيما يسمّى بأدب السجون؛ تعتبر شكلا من أشكال المقاومة وهي الفعل من صميم العمل المقاوم، وذلك لاعتبارات كثيرة أهمّها أنها تسهم في بنية ثقافة المجتمع الذي يقع عليه الاحتلال، وبالتالي تقوّي من عزائم صموده وتمدّه بالروح الثائرة القادرة على الاشتباك بكل قوة واقتدار، وهي كذلك تصدّر خطابا ناجحا مبدعا للثقافة الإنسانيّة العالميّة والتي من شأنها أن تؤثّر في هذه الثقافة بما يحرّك الرأي العام للوقوف مع القضيّة الفلسطينيّة. وهذا على سبيل المثال ما تشهده الجامعات الأمريكية والغربية في تضامنها مع غزّة ومعركتها الخالدة.
هنيئا لأسيرنا الروائي المشتبك من زنزانته بهذا الإنجاز العظيم وهذا الاختراق الحرّ للقبة الحديدية، وهنيئا للحركة الأسيرة وللشعب الفلسطينيّ ولكلّ حرّ ينبض قلبه مع هذا الأدب الأصيل.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه السجون الإسرائيلية الكتابة فلسطيني إسرائيل اسرى فلسطين سجون الكتابة مدونات مقالات مقالات مقالات سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد صحافة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة ة الحدیدیة القب ة
إقرأ أيضاً:
ترامب يتحدث عن الجيش الأمريكي وموعد تدشين نظام القبة الذهبية للدفاع الصاروخي
(CNN)-- قال الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، السبت، خلال خطاب بحفل التخرج في أكاديمية ويست بوينت العسكرية إن نظام "القبة الذهبية" للدفاع الصاروخي سيكتمل قبل أن يغادر منصبه، مشيدًا بالخطة التي كشف عنها في وقت سابق من هذا الأسبوع.
وأضاف ترامب: "إننا نبني درع الدفاع الصاروخي (القبة الذهبية) لحماية وطننا وحماية ويست بوينت من الهجوم. وسيتم الانتهاء منه قبل أن أغادر منصبي".
وكان ترامب قال في البداية، الثلاثاء الماضي، إن المشروع، الذي يمثل رؤيته لدرع صاروخي متطور يمكنه حماية الولايات المتحدة من الضربات بعيدة المدى، سيكتمل خلال السنوات الثلاث المقبلة، معلناً أن الإدارة "اختارت بنية هذا النظام المتطور".
وظلت الإدارة الأمريكية على غموضها بشأن خططها لتطوير الدرع الصاروخية التي من المتوقع أن تتكلف حوالي 175 مليار دولار. وفي حين أنها مستوحاة من القبة الحديدية الإسرائيلية، إلا أن هدف ترامب هو بناء نظام قاعدة فضائية قادرة على الدفاع عن بلد أكبر بحوالي 450 مرة من الصواريخ الباليستية المتطورة والصواريخ الأسرع من الصوت.
وفي الوقت نفسه، أكد دونالد ترامب على قوة الجيش الأمريكي، مدعيًا أنه الجيش الأكثر احترامًا في العالم.
وقال ترامب في خطابه في حفل التخرج بأكاديمية ويست بوينت العسكرية: "مهمة الجيش هي السيطرة على أي عدو وإبادة أي تهديد لأمريكا في أي مكان وزمان وأي مكان. وجزء كبير من هذه المهمة هو أن تحظى بالاحترام مرة أخرى".
وأضاف: "وأنتم، اعتبارًا من الآن، تحظون بالاحترام أكثر من أي جيش في العالم".
وأشاد ترامب في خطابه بجهود إدارته لحظر ممارسات التنوع والمساواة والشمول، ومنع خدمة المتحولين جنسيا في الجيش.
وقال ترامب: "لقد حرّرنا جنودنا من التدريبات السياسية المهينة والمثيرة للانقسام. لن يكون هناك بعد الآن متحولون جنسيًا مفروضين على رجالنا ونسائنا الشجعان في الجيش أو على أي شخص آخر في بلدنا".
كما تحدث ترامب عن منعه النساء المتحولات جنسيا من المشاركة في الرياضات النسائية، مستشهدا بقوة لاعب الوسط في فريق كرة القدم الأمريكية، برايسون ديلي، لإثبات وجهة نظره.
وقال ترامب، وسط ضحكات الحضور: "لا أريد أن أضطر لمواجهة برايسون، على سبيل المثال، لكنني لا أعتقد أن الكثير من النساء يرغبن في مواجهته. أمر سخيف ومهين للغاية، ومهين جدا للنساء. وانتهى الأمر".
وأكد ترامب: "لن تتم الترقيات والتعيينات على أساس المعايير السياسية أو الهوية، بل على الجدارة. فنحن بلد قائم على الجدارة مرة أخرى".