أبرز الانتفاضات الطلابية في التاريخ.. حراك ضد الحروب والاحتلال والأنظمة القمعية
تاريخ النشر: 2nd, May 2024 GMT
كان للحراك الطلابي عبر التاريخ دور حاسم في عملية التغيير بمشاكل اجتماعية وسياسية كبرى حول العالم، وخرج الطلاب إلى الشوارع، ونظموا مظاهرات واعتصامات حاشدة، وواجهوا العنف والموت وقارعوا السلطات القمعية في سبيل الدفاع عن قضاياهم وحقوقهم الوطنية، وقاد الطلاب حركات وطنية في طريق التحرير والاستقلال، واستطاعوا إيقاف حروب وإسقاط أنظمة عنصرية وحكومات مستبدة ودول محتلة.
وهذه أبرز الانتفاضات الطلابية التي كان لها تأثير في تغيير الواقع السياسي محليا أو عالميا:
اندلعت الثورة في 9 مارس/آذار 1919، حين خرج طلاب مدرسة الحقوق بجامعة القاهرة في مظاهرات للاحتجاج ضد الاحتلال البريطاني، واعترضوا على نفي زعيم الحركة الوطنية آنذاك سعد زغلول و3 من رفاقه إلى مالطا، وانضم إليهم طلاب مدرسة "المهندسخانة" ومدرسة الزراعة ومدرسة الطب ومدرسة التجارة ودار العلوم وطلبة مدرسة الإلهامية الثانوية والقضاء الشرعي.
وحاصرت القوات البريطانية المتظاهرين في ميدان السيدة زينب، واستخدمت العنف ضدهم، وتضامن الأهالي حينئذ مع الطلاب وألحقوا خسائر بالبريطانيين الذين استطاعوا فض المظاهرة، واعتقلوا 300 طالب.
واليوم التالي، التحق طلبة الجامع الأزهر والمدارس الأخرى -وخاصة الثانوية- بالاحتجاجات، وأعلن المتظاهرون الإضراب العام وامتنعوا عن حضور الدروس، وقادوا مظاهرة كبرى انضم لها من صادفها من الناس، وشاركت فيها شرائح واسعة من جميع أطياف الشعب. وكان الطلبة، ولاسيما بالمدارس العليا، هم وقود الثورة ومحركها.
وكان رد الاحتلال البريطاني على المظاهرات عنيفا، وارتكب فظائع وقتل الآلاف وأحرق قرى بكاملها، ونصب محاكم عسكرية بالشوارع لمحاسبة المتظاهرين، وأصدر أحكاما بالجلد والحبس والغرامات المادية.
ومع استمرار الثورة، أُجبرت بريطانيا على الخضوع لمطالب الشعب، وسمحت لسعد وزملائه بالعودة من المنفى. وكانت تلك الثورة شرارة استقلال مصر وتحريرها من الاحتلال البريطاني.
بدأت المسيرات المناهضة للشيوعية في المجر يوم 23 أكتوبر/تشرين الأول 1956 في بودابست، عندما دعا طلاب الجامعات المواطنين للانضمام إليهم في مبنى البرلمان، للاحتجاج على هيمنة الاتحاد السوفياتي على البلاد.
وقاد الطلاب المسيرات ونددوا بالشيوعية وطالبوا باستقلال المجر، واقتحموا مبنى الإذاعة، وحاولوا استخدامها لبث مطالبهم، إلا أن قوات الأمن احتجزتهم، وأطلقت النار على المتظاهرين فقتل عدد منهم. وكانت المسيرات بداية الثورة التي أطاحت بالحكومة السوفياتية.
بدأت اليابان والولايات المتحدة عام 1959 محادثات لتعديل معاهدة "التعاون والأمن المتبادل" التي تتيح للأخيرة حق الاحتفاظ بقواعد عسكرية لدى الأولى، وتلزم البلدين بمساعدة بعضهما البعض في حال وقوع هجوم مسلح على الأراضي اليابانية.
وأثارت هذه المفاوضات غضب اليابانيين، وأعرب بعضهم عن قلقه من أن تقحم المعاهدة بلادهم في الحروب.
وفي 15 يناير/كانون الثاني 1960 احتل آلاف الطلاب مطار "هاريد" في محاولة لمنع رئيس الوزراء نوبوسوكي كيشي من السفر إلى الولايات المتحدة للقاء نظيره دوايت آيزنهاور والتوقيع على النسخة الجديدة من المعاهدة.
ولكن نوبوسوكي استطاع السفر، ووقعت المعاهدة، وعندئذ انطلقت الاحتجاجات الطلابية ضد الحكومة، مطالبة نوبوسوكي بالتنحي، وتوجه الحراك نحو حماية الحقوق الديمقراطية للشعب الياباني.
وخرج المناهضون في مسيرات واشتبكوا مع عناصر الأمن الذين حاولوا منع التظاهر، وفي 22 يونيو/حزيران من العام نفسه، نُظم إضراب عام في البلاد، واحتشد أكثر من 120 ألف شخص حول البرلمان، وأصبح من الواضح أن المتظاهرين لن يتراجعوا، وتزايدت الضغوطات على الحكومة، واليوم التالي استقال نوبوسوكي، وبذلك تمكن الحراك من إسقاط الحكومة.
ظهرت حركة مناهضة سلمية للحرب في فيتنام خلال النصف الثاني من ستينيات القرن العشرين، وخلفت حراكا نشطا بالولايات المتحدة، وامتدت على مدى واسع حول العالم، وبدءا من عام 1968 أصبح الحراك حافلا بالصدامات، حيث سيطر طلاب جامعة كولومبيا على عدة مبان وطالبوا بإلغاء العقود مع مراكز أبحاث الأسلحة المرتبطة بالحرب.
وعقب أسبوع من الاعتصامات، اقتحم ألف عنصر من الشرطة الحرم الجامعي، ولكن ذلك لم يثن الطلاب عن مواصلة الاحتجاجات التي استمرت إلى نهاية الفصل الدراسي، مما أدى لتعطل الدراسة وأجبر إدارة الجامعة نهاية المطاف على الخضوع لمطالب المتظاهرين.
ولكن الصوت المطالب بوقف الحرب زادت وتيرته مع استمرار تجنيد المزيد من الشباب، وارتفاع الإنفاق الأميركي العسكري على الحرب المستمرة، الأمر الذي نجم عنه عجز في الموازنة وتدهور الأوضاع الاقتصادية.
وتنامت اعتصامات الطلاب بعد قرار الرئيس ريتشارد نيكسون بتوسيع دائرة الحرب عام 1970 لتشمل كمبوديا غربي فيتنام، ومنذ اليوم التالي لغزو كمبوديا، بدأت موجة من الاحتجاجات تجتاح الجامعات في جميع أنحاء الولايات المتحدة.
وفي جامعة كينت بولاية أوهايو، أطلقت عناصر الحرس الوطني النار على المتظاهرين فقُتل 4 طلاب، وأدى تصاعد الأحداث لإغلاق الحرم الجامعي، وساد إضراب طلابي في كافة أنحاء البلاد، وأُجبرت مئات الكليات والجامعات على إغلاق أبوابها.
وأشار نيكسون لاحقا إلى أن الاعتصامات كانت أحد أسباب انسحاب القوات من فيتنام عام 1973. وقد كانت أحداث جامعة كينت بداية الطريق نحو الكشف عن فضيحة التجسس المعروفة بـ"ووترغيت" التي أدت إلى تنحي الرئيس.
امتد تأثير احتجاجات طلاب الجامعات الأميركية عام 1968 إلى الساحل المقابل من المحيط، فقد خرجت حشود من طلاب الجامعات في دول أوروبية مثل فرنسا وبولندا وألمانيا ضد السلطات الحاكمة.
وتصاعدت الاحتجاجات الطلابية ضد رقابة الحكومة الشيوعية في "وارسو" منذ مطلع عام 1968، لتصل إلى 20 ألف متظاهر في مارس/آذار، ونتج عن قمع الحراك حالة من السخط المتزايد ضد النظام الشيوعي.
وفي ألمانيا بدأ الاحتجاج بمقتل طالب على يد أحد عناصر الشرطة، وخرجت مظاهرات مناهضة للفاشية وبقايا النازيين الذين كانوا قد استقروا في بعض مراكز النفوذ في البلاد.
وكانت بدايات الثورة الطلابية بفرنسا في مارس/آذار 1968، حين نظم طلاب جامعة "نانتير" احتجاجا على قمع مظاهرة بباريس مناهضة لحرب فيتنام، وأُلقي فيها القبض على عدد منهم.
وعلى إثر الاحتجاجات، تم إغلاق جامعة "نانتير" وتطور الأمر في مايو/أيار إلى احتجاجات أخرى اجتاحت جامعة "السوربون" رفضا للقرارات القمعية بحق جامعة "نانتير" واحتجاجا على أحداث العنف والقمع ضد الطلاب، وتصدت الشرطة للحراك الطلابي بالسوربون وحاولت تشتيت المظاهرات واعتدت على الطلاب.
واتسع نطاق الاحتجاجات، وخرجت مظاهرة ضخمة شارك فيها أكثر من 200 ألف من الطلاب والأساتذة والنخب المثقفة، واشتبكوا مع الشرطة، وازداد الحراك زخما بانضمام النقابات العمالية من معظم القطاعات الخدمية والصناعية، وتم إعلان إضراب عام استمر 24 ساعة، أدى إلى شلل شبه كامل في البلاد، مما دفع الحكومة إلى حافة الانهيار.
ومع أن الاحتجاجات قوبلت بالقمع في كافة بلدان أوروبا، وحُكمت ظاهريا بالفشل، إلا أنها مهدت لحركة تغيير شملت المناحي السياسية والاجتماعية والاقتصادية. وأدت إضرابات فرنسا إلى تنفيذ إصلاحات في نظامي التعليم والعمل، وأصبحت انتفاضة عام 1968 علامة فارقة في تاريخ البلاد الحديث، وتركت أثرا عميقا في الحياة السياسية والثقافية، وبقيت شعارات تلك الثورة حاضرة في الذاكرة الجمعية الثقافية في فرنسا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات الاحتلال البریطانی عام 1968
إقرأ أيضاً:
اليوم.. طلاب العلمي بالثانوية الأزهرية يؤدون امتحان القرآن والحديث
يؤدي طلاب القسم العلمي بالشهادة الثانوية الأزهرية، اليوم الخميس أول أيام امتحانات نهاية العام الدراسي الحالي، حيث يمتحن الطلاب في مادتي القرآن الكريم والحديث.
وتنطلق صباح اليوم الخميس، امتحانات الشهادة الثانوية الأزهرية للعام الدراسي الحالي، حيث يبدأ طلاب القسم العلمي بأداء امتحاني القرآن الكريم والحديث الشريف، وذلك تحت إشراف الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، والشيخ أيمن عبدالغني، رئيس قطاع المعاهد الأزهرية.
ويحرص الأزهر الشريف سنويًا على تطوير منظومة الامتحانات، بما يضمن توفير بيئة تربوية آمنة ومحفزة، تلتزم بأعلى معايير العدالة والانضباط. وقد روعي في إعداد الامتحانات أن تكون متنوعة وشاملة، تقيس مهارات الفهم والتحليل والاستيعاب، وتبتعد عن النمط التقليدي القائم على الحفظ فقط.
ويبلغ عدد الطلاب المتقدمين لامتحانات الشهادة الثانوية الأزهرية هذا العام 173,808 طالبًا وطالبة على مستوى الجمهورية، موزعين على 577 لجنة امتحانية.وتستمر امتحانات القسم العلمي حتى يوم الأربعاء الموافق 9 يوليو، بينما تمتد امتحانات القسم الأدبي حتى يوم الخميس الموافق 10 يوليو.
وأكد الشيخ أيمن عبدالغني، رئيس قطاع المعاهد الأزهرية، أن قطاع المعاهد الأزهرية حريص على تهيئة الأجواء المناسبة داخل اللجان، وتوفير كل سبل الراحة للطلاب والطالبات، بما يضمن أداءهم للامتحانات في بيئة يسودها الانضباط والهدوء.
وأشار إلى أن الامتحانات تم إعدادها وفق معايير دقيقة تراعي التنوع في الأسئلة، وتهدف إلى قياس مستويات الفهم والاستيعاب، وليس الحفظ فقط. كما دعا أبنائه الطلاب والطالبات إلى التحلي بالثقة والجدية، مؤكدًا أن الاجتهاد والانضباط هما مفتاحا النجاح، متمنيًا لجميع الطلاب التوفيق والسداد.