المسمار المستقيم والحلزوني وفلسفة الصلابة والمرونة
تاريخ النشر: 13th, October 2025 GMT
د. هبة محمد العطار
يظن الكثيرون أن الاستقامة وحدها كافية للثبات والمرور الآمن في الحياة، فيتشبثون بأن يكونوا مثل المسمار المستقيم، واضحين صريحين، لا اعوجاج فيهم، يطرقون ويسلكون طريقهم بثقة حتى يخترقوا جدار العالم، لكنهم لا يدركون أن الصراحة المفرطة والنقاء الصلب لا يحتملهما الواقع دائمًا، فالمسمار المستقيم مهما كان قويا، إن استمر عليه الضغط انكسر أو انقطع، ويُرمى جانبا بعد أن يفقد القدرة على الاستمرار.
أما المسمار الحلزوني؛ فهو نموذج الحكمة في الحركة، يعرف أن الخط المستقيم لا يوصل دائمًا، فيسلك طريقه الملتف أحيانا بخفة ودراية، يدخل الخشب لا بقوة المطرقة؛ بل بفن الدوران، يتقدم بثبات لا يُحدث جرحًا ولا ضجيجًا، لأنه أدرك سر التفاهم مع ما حوله، يتحاور مع الواقع حتى يحتل مكانه العميق، ويظل ثابتًا لا يُكسر ولا يُرمى، لأنه لم يختر الحرب؛ بل اختار الفهم.
الفرق بين المسمارين ليس في المعدن؛ بل في الفهم، فالاستقامة الصارمة قد تجعلنا نطرق حتى ننكسر، بينما المرونة الواعية تجعلنا ندور حتى نستقر. الإنسان في جوهره كائن يسكنه الصراع بين الثبات والتحول، يريد أن يكون صادقًا مع نفسه كالمسمار المستقيم، وفي الوقت ذاته يحتاج أن يعرف كيف ينجو وسط عالم لا يرحم النقاء. كل يوم اختبار جديد بين أن يكون كما هو أو أن يتشكل كما يقتضي الموقف.
الصلابة تمنحنا الإحساس بالقيمة لكنها أحيانًا تُفقدنا القدرة على البقاء، أما المرونة فتعطينا مساحة للفهم لكنها قد تجرنا نحو التنازل إن لم يضبطها الوعي، لذلك يعيش الإنسان بين طرفين: قسوة الاستقامة المطلقة وارتخاء الانحناء الكامل، والحكمة أن يظل في المنتصف ثابت الجذر، مرن الغصن، صلب في المبدأ، لِين في الأسلوب، تلك هي المعادلة التي لا يتقنها إلا من فهم نفسه والعالم معًا.
الحياة لا تختبرنا في لحظة انتصار؛ بل في لحظة ضغط، حين تطرق أرواحنا كما يطرق المسمار لنرى هل سننقطع أم نلتف لنكمل الطريق، الذكي لا يقاوم المطرقة؛ بل يجعل منها إيقاعًا يعيد تشكيله؛ فالقوة الحقيقية ليست في أن تبقى كما كنت؛ بل أن تتغير دون أن تفقد نفسك. نحن لا نهزم حين ننحني قليلًا؛ بل حين نكف عن المحاولة، فالتاريخ لا يذكر من وقف في وجه الريح حتى كسر؛ بل من انحنى بوعي حتى عبر. ليس كل انحناء ضعفًا، كما أن ليس كل صلابة قوة، أحيانًا يكون الانحناء لحظة وعي ينجو فيها العاقل مما يكسر الجاهل.
الشجرة التي تتمايل أمام العاصفة لا تسقط، بينما التي تتحدى الريح تتشقق من الداخل وإن بدت ثابتة؛ فالمرن لا يعني المتنازل بل من يفهم الإيقاع الخفي للعالم، ويعرف أن البقاء لا يعني الثبات في المكان؛ بل الثبات في المعنى، الانحناء الواعي فعل نبل لا خضوع، إنه انحناءة القلب أمام التجربة كي لا ينكسر، وانحناءة الفكر أمام الحقيقة كي لا يتعالى، وانحناءة الإنسان استقامة قوية امام الظروف وضرورات الحياة كي يظل فيها إنسانًا.
نحن جميعًا مسامير في جدار الوجود، نثبت بمعرفة أو نكسر بجهل، من أدرك شكله وحركته انغرس في موضعه بسلام، ومن قاوم طبيعته تكسّر تحت أول مطرقة؛ فالحكمة ليست في القوة بجمودها، بل في الانسجام مع قوانين الحياة التي لا ترحم من يجهلها، والذين عرفوا سر المرونة الذكية لم يسقطوا يومًا؛ بل تعلموا كيف يطيرون.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
ترامب: الحرب على قطاع غزة انتهت والجميع يريد أن يكون جزءا من السلام في الشرق الأوسط
أكد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أن الحرب على قطاع غزة انتهت، وأن الجميع يريد أن يكون جزءا من السلام في الشرق الأوسط.
وقال خلال تصريحاته الصحفية أثناء توجهه إلى الكنيست الإسرائيلي، إنه سيتوجه إلى مصر بعد إسرائيل وسيلتقي قادة الدول الكبيرة، مشيرا إلى أن الجميع يدعم وقف إطلاق النار في غزة حيث يريد الجميع أن يكون جزءا من السلام.
وأضاف الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب: أن هناك 2 مليون شخص سيعودون إلى بيوتهم في غزة، قائلا: «أتوقع نجاح اتفاق غزة»، متابعا: «أعطينا ضمانات من أجل صمود اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.
وأكد ترامب أن الحرب على قطاع غزة قد انتهت، منوها إلى أن الوضع في الشرق الأوسط سيكون جيدا، مضيفا: «نحن أمام فرصة لتحقيق السلام بعد عقود طويلة».
وفي السياق ذاته، أنكر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب معرفته بمشروع ريفييرا الشرق الأوسط للتهجير القسري بغزة، قائلا:«لا أعرف شيئا عن ريفييرا غزة وعلينا الاهتمام بالأشخاص أولا.
قمة شرم الشيخ للسلاموتستضيف مصر اليوم الإثنين قمة دولية في مدينة شرم الشيخ، بمشاركة أكثر من 20 من قادة وزعماء العالم، بهدف وضع اللمسات الأخيرة على اتفاق شامل لإنهاء الحرب في قطاع غزة.
وتأتي القمة بدعوة من جانب مصر والولايات المتحدة، التي تسعى إلى إطلاق المرحلة التالية من خطتها للسلام، بما يشمل التوصل لاتفاق نهائي لوقف إطلاق النار في غزة، ووضع ترتيبات ما بعد الحرب في القطاع، لا سيما ما يتعلق بالحكم والأمن وإعادة الإعمار.
أهداف قمة شرم الشيخ للسلامتهدف القمة إلى إنهاء الحرب في قطاع غزة، وتعزيز جهود إحلال السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، وفتح صفحة جديدة من الأمن والاستقرار الإقليمي.
القادة المشاركين في قمة شرم الشيخ للسلاميشارك في قمة شرم الشيخ للسلام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، وقادة فرنسا وبريطانيا وألمانيا وتركيا، إلى جانب العاهل الأردني، ورؤساء حكومات إيطاليا وإسبانيا وباكستان، وغيرهم.
اقرأ أيضاً«القسام» تتعهد بتنفيذ الاتفاق والجداول الزمنية بشرط التزام الاحتلال الإسرائيلي
اليوم.. انطلاق قمة «شرم الشيخ للسلام» لإنهاء حرب غزة