مصر تمنح الضبطية القضائية لموظفي الطرق والكباري.. ماذا يعني ذلك؟
تاريخ النشر: 3rd, May 2024 GMT
أثار قرار وزير العدل المصري بمنح الضبطية القضائية لنحو 80 من العاملين بهيئة الطرق والكباري (الجسور) التابعة لوزارة النقل تساؤلات عن دلالته وأسبابه وعما إذا كان يعتبر تقييدا للحريات.
وفي حين يرى البعض أن هذا القرار يأتي في إطار سعي الدولة لفرض القانون وإحكام سيطرتها على مختلف القطاعات الحيوية، اعتبره البعض الآخر رخصة تُمنح للمواطنين العاديين وقد تتم إساءة استخدامها.
ونشرت الجريدة الرسمية، الأسبوع الجاري، قرار وزير العدل، المستشار عمر مروان، رقم 1212 لسنة 2024 بتخويل بعض العاملين بالهيئة العامة للطرق والكباري صفة مأموري الضبط القضائي.
وتضمنت المادة الأولى لقرار وزير العدل أنه "يخول بعض العاملين بالهيئة العامة للطرق والكباري صفة مأموري الضبط القضائي، وذلك إعمالًا لنص المادة (23) من قانون الإجراءات الجنائية، بالنسبة للجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام القانون رقم 84 لسنة 1968 بشأن الطرق العامة".
وقال المحامي الحقوقي، محمد شكرالله، لموقع "الحرة" إن "مصر حاليا تشهد أزمة واضحة بين الحكومة وبعض فئات الشعب بسبب خطط توسيع وتطوير الطرق والكباري تحديدا، وهذا القرار يسمح للموظفين بالتعامل مع التعديات على أملاك الدولة وفقا للمادة ٩٧٠ من القانون ".
وأضاف أن "خطط التطوير التي تنفذها الحكومة تجور على ممتلكات شخصية لأفراد وكذلك عامة مملوكة للشعب، وهذا ما رأيناه في الفترة السابقة من هدم مقابر تاريخية ومتاحف ومنازل سكنية، وهو ما يدفع العديد من الأشخاص والجهات للاعتراض على هذه القرارات الحكومية ومحاول إيقافها من خلال الشكاوى أو من خلال رفض تنفيذ قرارات الإخلاء التي تسبق الهدم".
وتابع أن "قرار منح الضبطية القضائية يعني أن الموظفين العموميين سيقومون بدور الداخلية في رصد وضبط أي مخالفة، ومن ثم القبض على الشخص المخالف وتسليمه للشرطة، بدون حكم قضائي وكذلك بدون رقيب من القضاء أو من أي جهة أخرى، ما يفتح الباب للاشتباكات بين المواطنين المدنيين".
وشهدت الأعوام الثلاثة الأخيرة إزالة الآلاف المباني السكنية في العديد من المناطق، وكذلك القبور في جبانة القاهرة التاريخية التي تُعد الأقدم في العالم الإسلامي والمدرجة على قائمة منظمة اليونسكو للتراث العالمي، لخدمة مشاريع لتطوير شبكة الطرق والمواصلات في العاصمة من خلال بناء جسور وأنفاق وسكك حديدية، وفقا لوكالة "فرانس برس".
وأوضح شكرالله أن "منح الضبطية بدوره يفتح الباب للاشتباك بين المواطنين المدنيين، كما يُشجع الناس العاديين للوشاية أو للإبلاغ عن بعضهم البعض".
ويرى المحامي الحقوقي أن "منح الضبطية القضائية لموظفين مدنيين لا يحدث في أغلب دول العالم، وعادة ما يكون تطبيقه في أضيق الحدود، لأنه يفاقم من مشكلة الرشاوى والتحيزات والخلل في تطبيق منظومة العدل".
وأشار إلى أنه "مؤخرا بدأت الحكومة المصرية التوسع بشكل واضح في منح الضبطية للموظفين في وزارت مختلفة مثل وزارة الإسكان، والتأمين، ليس لتطبيق القانون فحسب بل لفرض سيطرتها على معارضيها داخل هذه الوزارات والهيئات التابعة لها، فضلا عن موافقة البرلمان، في يناير الماضي، على مشروع قانون تقدمت به الحكومة، يمنح رجال الجيش صلاحية الضبطية القضائية، والذي يعتبر تقويضا سافرا للحريات العامة والمدنية"، حسب تعبيره.
ويوضح قانون العمل المصري ضوابط تفتيش العمل والضبطية القضائية، إذ نصت المادة 232 على أنه يكون للعاملين القائمين على تنفيذ أحكام هذا القانون والقرارات الصادرة تنفيذا له والذين يصدر بتحديدهم قرار من وزير العدل بالاتفاق مع الوزير المختص، صفة مأموري الضبط القضائي بالنسبة للجرائم التي تقع في دوائر اختصاصهم وتكون متعلقة بأعمال وظائفهم، وذلك عملًا بنص المادة (23) من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة للجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام القانون رقم 84 لسنة 1968 بشأن الطرق العامة.
وتنص المادة 233 على أن يحمل العامل الذي له صفة الضبطية القضائية بطاقة تثبت هذه الصفة وله حق دخول جميع أماكن العمل وتفتيشها للتحقق من تطبيق أحكام هذا القانون والقرارات المنفذة له، وفحص الدفاتر والأوراق المتعلقة بذلك، وطلب المستندات والبيانات اللازمة من أصحاب الأعمال أو من ينوب عنهم، وفقا لصحيفة "اليوم السابع".
اختصاصات محدودةوقال المحامي الحقوقي، أحمد معوض، لموقع "الحرة" إن "هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها إصدار قرارات الضبطية القضائية في مصر، إذا صدرت سابقا، وإذا تحدثنا تحديدا عن هيئة الطرق والكباري سنجد أن قرار الضبطية صدر في 2021، و2017، وقبل ذلك أيضا".
وأضاف أن "هذا القرار ليس له علاقة بالحريات العامة، لأنه يتعلق بمهمة محددة للموظف وهي رصد الانتهاكات المتعلق بالطرق والكباري فقط، والقبض على المخالفين وتسليمهم للشرطة لتحرير محضر، ومن ثم الاحتجاز حتى العرض على النيابة العامة".
وتابع أن "هؤلاء الموظفين يقومون بدور الشرطة فيما يتعلق فقط بنطاق اختصاصهم المتمثل في تنفيذ قوانين الطرق والكباري، أي أنه إذا وقعت أي مخالفة أخرى أو جريمة، فليس من حقهم التدخل أو إصدار أي قرار بالضبط".
وتحدث معوض عن جدوى إصدار مثل هذا القرار، قائلا إن "مصر حاليا تعاني من أزمة عددية في جهاز الشرطة، وبالتالي تفقد الحكومة السيطرة على مفاصل الدولة والمخالفات بالقطاعات المختلفة، لذلك لابد من الاستعانة بالموظفين المدنيين لمساعدتها في ضبط المخالفين والتحرك بشكل يومي ودقيق لرصد أي انتهاكات للقانون".
وبشأن إساءة استخدام هذه الصلاحية، يرى المحامي الحقوقي أن "أي موظف عمومي يمكنه استغلال منصبه مهما كان بسيطا، ولذلك فإن قرار الضبطية ليس له علاقة مباشرة بالفساد أو الرشاوي أو المحسوبية لأنها موجودة بالفعل في مختلف القطاعات المصرية". لكنه أوضح أن "الضبطية قد تزيد من وشاية المواطنين ضد بعضهم".
وفيما يتعلق بأزمة تطوير الطرق والكباري بين الحكومة وبعض فئات الشعب، قال معوض إن كما رأينا خلال الفترات السابقة، فإن الحكومة تنفذ خططها بغض النظر عن أي اعتراض أو غضب مجتمعي، وتستخدم في ذلك جهازي الداخلية والجيش، ولذلك فإن قرارات الضبطية للموظفين المدنيين لن تزيد الأوضاع تعقيدا".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: منح الضبطیة القضائیة الطرق والکباری وزیر العدل هذا القرار
إقرأ أيضاً:
أكثر من 12 مليار ريال تكلفة صيانة الطرق خلال 2024م
تقرير/ يحيى جارالله
الصيانة بأنواعها المختلفة (دورية، روتينية، وطارئة) كانت وستظل حجر الزاوية في الحفاظ على شبكة الطرق والجسور، واستمراريتها في خدمة المواطن، إلا أنها باتت تشكل عبئا كبيرا نتيجة العدوان والحصار المستمران على اليمن منذ عشر سنوات، وما ألحقاه من تداعيات اقتصادية خطيرة كان لها تأثير كبير في تراجع مخصصات صيانة الطرق.
تمثل مسالة صيانة الطرق واحدة من المهام الكبيرة والصعبة التي تواجه الدولة والحكومة، وتضطلع بتنفيذها المؤسسة العامة للطرق والجسور، ومعها صندوق صيانة الطرق كمساند وداعم أساسي لجهودها المستمرة في إجراء المعالجات الطارئة لشبكة الطرق من أجل الحفاظ عليها والحيلولة دون وصولها إلى المرحلة التي يصعب فيها إجراء أي معالجات لأنها عندئذ تتطلب إعادة إنشائها بمبالغ كبيرة لا يمكن توفيرها في ظل الظروف الراهنة مع استمرار قوى العدوان والمرتزقة في نهب ثروات ومقدرات البلد التي كانت تساهم في تغطية الجزء الأكبر من الموازنة العامة.
تعد الإدارة العامة للصيانة بالمؤسسة العامة للطرق هي المعنية بأداء هذه المهمة الحيوية والتي باتت تواجه الكثير من الصعوبات، منذ بداية العدوان على اليمن وما ترتب عليه من تراجع كبير في الاعتمادات المالية التي كانت تخصص لإجراء الصيانة الدورية للطرق والتي تساهم في إطالة العمر الافتراضي لها.
وأوضح رئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة للطرق والجسور المهندس عبدالرحمن الحضرمي أنه ومنذ العام 2015م تراجعت الإيرادات العامة بشكل كبير جدا نتيجة العدوان والحصار فتراجعت معها التمويلات المخصصة للصيانة الدورية للطرق ما أدى إلى تفاقم الأضرار فيها، الأمر الذي شكل تهديدا حقيقيا للشبكة وكاد أن يصل بها إلى الانهيار الكلي لولا الجهود الكبيرة التي تبذلها المؤسسة والتي واصلت العمل من أجل إنقاذ الطرق خصوصا الرئيسية، من خلال وضع طبقات إسفلتية رقيقة كحلول إسعافية للحد من تفاقم الأضرار وبما يضمن بقاءها في الخدمة.
حلول إسعافية
رئيس المؤسسة أكد أنه ونتيجة لتراجع المخصصات المالية للصيانة جراء العدوان والحصار اضطرت المؤسسة لتخفيض الطبقات الاسفلتية أثناء الصيانة لتصل إلى سنتيمتر واحد في غالبية الأحيان بعد أن كانت تصل خلال الفترات الماضية إلى خمسة سنتيمترات، وذلك لتتمكن المؤسسة من معالجة الخشونة في أكبر قدر من الطرق، كحلول اسعافية تدوم لنحو ثلاث إلى أربع سنوات، وبالتالي الحفاظ على ما يمكن الحفاظ عليه حتى تتحسن الأوضاع وتعود المخصصات الكافية لتنفيذ طبقات اسفلتية تدوم لفترات طويلة.
ولفت إلى أنه ونتيجة لشحة الإمكانيات المالية المخصصة للصيانة انحصر العمل على الصيانة الروتينية والطارئة والتي لم تكن مجدية من دون تنفيذ أعمال الصيانة الدورية، فكان لزاماً البحث عن حلول ومعالجات بديلة تمثلت في تنفيذ طبقات اسفلتية إضافية تراوحت ما بين 2 سنتيمتر إلى 5 مليمتر حسب نسبة خشونة الطريق، والذي أسهم في الحد من استنزاف المبالغ الخاصة بالصيانة المتكررة للطريق.
وبحسب المهندس الحضرمي فإن غالبية الطرق قد دخلت مرحلة إعادة التأهيل التي تتطلب مبالغ كبيرة يصعب توفرها في الوضع الراهن، إلا أنه يتم تنفيذ المعالجات الضرورية والمناسبة للحفاظ عليها بحسب الإمكانيات والموارد المتاحة لضمان استمرار جاهزيتها وراحة مستخدمي الطرق والحد من الحوادث واستهلاك المركبات.
وثمن الاهتمام الذي توليه القيادة الثورية ورئيس المجلس السياسي الأعلى، والحكومة ممثلة بقيادة وزارة النقل والأشغال العامة، في متابعة ودعم جهود المؤسسة والصندوق للحفاظ على الطرق خصوصا الرئيسة منها الرابطة بين المحافظات.
أعمال الصيانة في 2024
شهد العام الماضي 2024م حراكا كبيرا في أعمال صيانة الطرق على مستوى جميع فروع ومراكز الصيانة، وتنفيذ الترميمات الاسفلتية لشبكة الطرق الرئيسية إلى جانب أعمال تصفية العبارات ومصارف المياه لغالبية الطرق.
وبهذا الشأن أوضح مدير الإدارة العامة للصيانة بالمؤسسة المهندس عبدالقادر بادي أن التكلفة الإجمالية لأعمال صيانة الطرق بلغت خلال العام الماضي 12 مليارا و73 مليون ريال.. مبينا أن التمويلات المقدمة عبر صندوق صيانة الطرق بلغت 11 مليارا و666 مليون ريال، في حين بلغت تكلفة الأعمال الممولة من السلطة المحلية في أمانة العاصمة 224 مليون ريال، إلى جانب 147 مليونا من السلطة المحلية بمحافظة صنعاء، وقرابة 36 مليون ريال كمساهمة من المجتمع.
وذكر أن الخلطة الاسفلتية المستخدمة في أعمال الصيانة وصلت خلال العام 2024م إلى 60 ألفا و128 طنا، فضلا عن أربعة آلاف و480 طنا من الاسفلت السائل.
معدات جديدة بمليار ريال
تحرص قيادة المؤسسة العامة للطرق والجسور على الاستمرار في برنامج شراء المعدات الجديدة على مستوى إداراتها العامة الرئيسية ومنها الإدارة العامة للصيانة التي تمثل القلب النابض للمؤسسة بالنظر إلى دورها المحوري في تنفيذ أعمال ومشاريع الصيانة الكفيلة بالحفاظ على جاهزية الطرق واستمرار حركة السير فيها.
وفي هذا السياق أفاد مدير عام الصيانة بأن إدارته تمكنت خلال العام الماضي من شراء معدات جديدة بأكثر من مليار و51 مليون ريال، والتي شملت غرافتين نوع (كاتر- 950)، ودكاكتي اسفلت (دبل)، وخمسة بوكلينات نوع (كاتر)، وفرادة اسفلت (فوجل 3 – 1800)، وخلاطة اسفلت، ومنشار لقص الاسفلت، وآخر لقص الأشجار، وعدد أربعة فينكسات، وكرفانة متنقلة، إضافة إلى خلاطتي اسمنت، وخمسة كمبريشنات.
إصلاح المعدات
وأكد المهندس بادي أنه وإلى جانب تنفيذ أعمال الصيانة والترميمات للطرق، استمرت الإدارة العامة للصيانة في برنامجي إصلاح المعدات والكنوب في فروع المؤسسة ومراكز الصيانة المنتشرة في عموم المحافظات، والتي تكللت بإصلاح العديد من هذه المعدات والآليات بتكلفة 218.9 مليون ريال، فيما بلغت تكلفة إصلاح الكنوب قرابة 40 مليون ريال.
وتعرف الكنوب بأنها الأماكن أو المواقع التي تستخدمها المؤسسة كمقرات لمعداتها ومساكن لمهندسيها وعمالها، إلى جانب مزاولة الأعمال الإدارية لكافة الفروع ومراكز الصيانة في المحافظات.
وفي إطار خطتها للعام الجاري تسعى الإدارة العامة للصيانة إلى تنفيذ أعمال ترميمات لكنوب الفروع ومراكز الصيانة بمبلغ 80 مليون ريال، انطلاقا من الأهمية التي تشكلها هذه الكنوب لتطوير وتحسين الأداء وتسريع الإنجاز لمختلف الأعمال والمشاريع المنفذة في مختلف المحافظات.
كما تسعى إدارة الصيانة في إطار الخطة إلى توفير 500 طن من الاسفلت كمخزون احتياطي، بتكلفة 180 مليون ريال، وكذا 300 ألف لتر من الديزل بقيمة 140 مليون ريال، إلى جانب شراء قطع غيار وإطارات للمعدات الجديدة (بوكلينات، بوبكات، قلابات) بقيمة 50 مليون ريال، وإصلاح معدات في الفروع ومراكز الصيانة بنحو 80 مليون ريال.
سبأ