أثار قرار وزير العدل المصري بمنح الضبطية القضائية لنحو 80 من العاملين بهيئة الطرق والكباري (الجسور) التابعة لوزارة النقل تساؤلات عن دلالته وأسبابه وعما إذا كان يعتبر تقييدا للحريات.

وفي حين يرى البعض أن هذا القرار يأتي في إطار سعي الدولة لفرض القانون وإحكام سيطرتها على مختلف القطاعات الحيوية، اعتبره البعض الآخر رخصة تُمنح للمواطنين العاديين وقد تتم إساءة استخدامها.

تقييد للحريات؟

ونشرت الجريدة الرسمية، الأسبوع الجاري، قرار وزير العدل، المستشار عمر مروان، رقم 1212 لسنة 2024 بتخويل بعض العاملين بالهيئة العامة للطرق والكباري صفة مأموري الضبط القضائي.

وتضمنت المادة الأولى لقرار وزير العدل أنه "يخول بعض العاملين بالهيئة العامة للطرق والكباري صفة مأموري الضبط القضائي، وذلك إعمالًا لنص المادة (23) من قانون الإجراءات الجنائية، بالنسبة للجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام القانون رقم 84 لسنة 1968 بشأن الطرق العامة".

وقال المحامي الحقوقي، محمد شكرالله، لموقع "الحرة" إن "مصر حاليا تشهد أزمة واضحة بين الحكومة وبعض فئات الشعب بسبب خطط توسيع وتطوير الطرق والكباري تحديدا، وهذا القرار يسمح للموظفين بالتعامل مع التعديات على أملاك الدولة وفقا للمادة ٩٧٠ من القانون ".

وأضاف أن "خطط التطوير التي تنفذها الحكومة تجور على ممتلكات شخصية لأفراد وكذلك عامة مملوكة للشعب، وهذا ما رأيناه في الفترة السابقة من هدم مقابر تاريخية ومتاحف ومنازل سكنية، وهو ما يدفع العديد من الأشخاص والجهات للاعتراض على هذه القرارات الحكومية ومحاول إيقافها من خلال الشكاوى أو من خلال رفض تنفيذ قرارات الإخلاء التي تسبق الهدم".

وتابع أن "قرار منح الضبطية القضائية يعني أن الموظفين العموميين سيقومون بدور الداخلية في رصد وضبط أي مخالفة، ومن ثم القبض على الشخص المخالف وتسليمه للشرطة،  بدون حكم قضائي وكذلك بدون رقيب من القضاء أو من أي جهة أخرى، ما يفتح الباب للاشتباكات بين المواطنين المدنيين".

وشهدت الأعوام الثلاثة الأخيرة إزالة  الآلاف المباني السكنية في العديد من المناطق، وكذلك القبور في جبانة القاهرة التاريخية التي تُعد الأقدم في العالم الإسلامي والمدرجة على قائمة منظمة اليونسكو للتراث العالمي، لخدمة مشاريع لتطوير شبكة الطرق والمواصلات في العاصمة من خلال بناء جسور وأنفاق وسكك حديدية، وفقا لوكالة "فرانس برس".

وأوضح شكرالله أن "منح الضبطية بدوره يفتح الباب للاشتباك بين المواطنين المدنيين، كما يُشجع الناس العاديين للوشاية أو للإبلاغ عن بعضهم البعض".

ويرى المحامي الحقوقي أن "منح الضبطية القضائية لموظفين مدنيين لا يحدث في أغلب دول العالم، وعادة ما يكون تطبيقه في أضيق الحدود، لأنه يفاقم من مشكلة الرشاوى والتحيزات والخلل في تطبيق منظومة العدل".

وأشار إلى أنه "مؤخرا بدأت الحكومة المصرية التوسع بشكل واضح في منح الضبطية للموظفين في وزارت مختلفة مثل وزارة الإسكان، والتأمين، ليس لتطبيق القانون فحسب بل لفرض سيطرتها على معارضيها داخل هذه الوزارات والهيئات التابعة لها، فضلا عن موافقة البرلمان، في يناير الماضي، على مشروع قانون تقدمت به الحكومة، يمنح رجال الجيش صلاحية الضبطية القضائية، والذي يعتبر تقويضا سافرا للحريات العامة والمدنية"، حسب تعبيره.

ويوضح قانون العمل المصري ضوابط تفتيش العمل والضبطية القضائية، إذ نصت المادة 232 على أنه يكون للعاملين القائمين على تنفيذ أحكام هذا القانون والقرارات الصادرة تنفيذا له والذين يصدر بتحديدهم قرار من وزير العدل بالاتفاق مع الوزير المختص، صفة مأموري الضبط القضائي بالنسبة للجرائم التي تقع في دوائر اختصاصهم وتكون متعلقة بأعمال وظائفهم، وذلك عملًا بنص المادة (23) من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة للجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام القانون رقم 84 لسنة 1968 بشأن الطرق العامة.

وتنص المادة 233 على أن يحمل العامل الذي له صفة الضبطية القضائية بطاقة تثبت هذه الصفة وله حق دخول جميع أماكن العمل وتفتيشها للتحقق من تطبيق أحكام هذا القانون والقرارات المنفذة له، وفحص الدفاتر والأوراق المتعلقة بذلك، وطلب المستندات والبيانات اللازمة من أصحاب الأعمال أو من ينوب عنهم، وفقا لصحيفة "اليوم السابع".

اختصاصات محدودة

وقال المحامي الحقوقي، أحمد معوض، لموقع "الحرة" إن "هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها إصدار قرارات الضبطية القضائية في مصر، إذا صدرت سابقا، وإذا تحدثنا تحديدا عن هيئة الطرق والكباري سنجد أن قرار الضبطية صدر في 2021، و2017، وقبل ذلك أيضا".

وأضاف أن "هذا القرار ليس له علاقة بالحريات العامة، لأنه يتعلق بمهمة محددة للموظف وهي رصد الانتهاكات المتعلق بالطرق والكباري فقط، والقبض على المخالفين وتسليمهم للشرطة لتحرير محضر، ومن ثم الاحتجاز حتى العرض على النيابة العامة".

وتابع أن "هؤلاء الموظفين يقومون بدور الشرطة فيما يتعلق فقط بنطاق اختصاصهم المتمثل في تنفيذ قوانين الطرق والكباري، أي أنه إذا وقعت أي مخالفة أخرى أو جريمة، فليس من حقهم التدخل أو إصدار أي قرار بالضبط".

وتحدث معوض عن جدوى إصدار مثل هذا القرار، قائلا إن "مصر حاليا تعاني من أزمة عددية في جهاز الشرطة، وبالتالي تفقد الحكومة السيطرة على مفاصل الدولة والمخالفات بالقطاعات المختلفة، لذلك لابد من الاستعانة بالموظفين المدنيين لمساعدتها في ضبط المخالفين والتحرك بشكل يومي ودقيق لرصد أي انتهاكات للقانون".

وبشأن إساءة استخدام هذه الصلاحية، يرى المحامي الحقوقي أن "أي موظف عمومي يمكنه استغلال منصبه مهما كان بسيطا، ولذلك فإن قرار الضبطية ليس له علاقة مباشرة بالفساد أو الرشاوي أو المحسوبية لأنها موجودة بالفعل في مختلف القطاعات المصرية". لكنه أوضح أن "الضبطية قد تزيد من وشاية المواطنين ضد بعضهم".

وفيما يتعلق بأزمة تطوير الطرق والكباري بين الحكومة وبعض فئات الشعب، قال معوض إن كما رأينا خلال الفترات السابقة، فإن الحكومة تنفذ خططها بغض النظر عن أي اعتراض أو غضب مجتمعي، وتستخدم في ذلك جهازي الداخلية والجيش، ولذلك فإن قرارات الضبطية للموظفين المدنيين لن تزيد الأوضاع تعقيدا".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: منح الضبطیة القضائیة الطرق والکباری وزیر العدل هذا القرار

إقرأ أيضاً:

بشرى سارة لموظفي الدولة.. موعد تطبيق موازنة أكبر زيادة في المرتبات والمعاشات

تتواصل المناقشات في مجلس النواب حول الموازنة العامة للعام المالي 2024- 2025 والتي تحمل البشرى للعديد من المواطنين من زيادة في الأجور والحوافز والمنح والاستثمارات، في ظل توجه الدولة لدعم الفئات الأقل دخلًا، وزيادة المبالغ المنصرفة لهم سواء من خلال الدعم النقدي أو العيني.

الحكومة تطبق موازنة الحكومة العامة وهي الأكثر شمولًا

وقال النائب مصطفى سالم وكيل لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب في تصريحات خاصة لـ«الوطن» إنَّه من المقرر أن يتمّ العمل بالموازنة الجديدة بداية العام المالي الجديد من يوليو المقبل، مشيرًا إلى أنّها الأكثر شمولًا، إذ أنَّه لأول مرة تطبق الحكومة موازنة العامة والتي اقرتها تعديلات قانون المالية الموحد، وتضم الموازنة، الهيئات الاقتصادية وإيرادتها، وتعكس كامل إيرادات ومصروفات الدولة وهيئاتها العامة، وتشمل الموازنة العامة للدولة وموازنات 59 هيئة اقتصادية.

زيادة مخصصات المنح والدعم الاجتماعي وتكافل وكرامة

وأضاف وكيل لجنة الخطة والموازنة شهدت مخصصات الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية زيادة حيث بلغت 635.9 مليار مقابل 529.7 مليار العام المالي الحالي بنسبة 16% من إجمالي المصروفات ونسبة 3.4% من الناتج المحلي، موضحًا يتضمن الدعم والمنح الحماية الاجتماعية 144 مليار جنيه لدعم السلع التموينية و154 مليار جنيه لدعم المواد البترولية و40 مليار تكافل وكرامة.

زيادة مخصصات الأجور

شهدت مخصصات الأجور زيادة إلى 575 مليار جنيه مقابل 494 مليار جنيه، لاستيعاب الحزمة الأخيرة المقررة للعاملين بالدولة، التي تضمنت رفع الحد الأدنى للأجور بنسبة 50% ليصل إلى 6 آلاف جنيه شهريًا، وزيادة أجور العاملين بالدولة والهيئات الاقتصادية بحد أدنى يتراوح بين 1000 جنيه إلى 1200 جنيه، وفق الدرجة الوظيفية، حيث تم تعجيل صرف العلاوة الدورية للمخاطبين بقانون الخدمة المدنية في شهر مارس 2024 بنسبة 10% من الأجر الوظيفي، و15% من الأجر الأساسي لغير المخاطبين، وبحد أدنى 150 جنيهًا بتكلفة إجمالية 11 مليار جنيه، وصرف حافز إضافي يبدأ من 500 جنيه للدرجة السادسة ويزيد بقيمة 50 جنيهًا لكل درجة، ليصل إلى 900 جنيه للدرجة الممتازة، وتخصيص 6.6 مليار جنيه لتعيين 120 ألفًا من أعضاء المهن الطبية والمعلمين والعاملين بالجهات الإدارية الأخرى.

ولفت إلى إقرار زيادة إضافية في أجور المعلمين بالتعليم قبل الجامعي، تتراوح بين 325 جنيهًا إلى 475 جنيهًا، وزيادة إضافية أيضًا لأعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم بالجامعات والمعاهد والمراكز البحثية، وزيادة إضافية أخرى لأعضاء المهن الطبية وهيئات التمريض تتراوح من 250 إلى 300 جنيه في بدل المخاطر للمهن الطبية، وزيادة تصل إلى 100% في بدل السهر والمبيت، وزيادة حد الإعفاء الضريبي لكل العاملين بالدولة بالحكومة والقطاعين العام والخاص بنسبة 33%، من 45 ألف جنيه إلى 60 ألف جنيه، بتكلفة إجمالية سنوية 5 مليارات جنيه.

دعم النشاط الصناعي والزراعي بالموازنة الجديدة

وشهدت الموازنة الجديدة دعم الأنشطة الصناعية والزراعية والتي يبلغ المقدر لها في مشروع الموازنة المقدم لمجلس النواب نحو 17 مليارا و500 مليون جنيه وتوزع هذه المخصصات على 5 بنود، البند الأول منها دعم الضرائب العقارية على المباني المستخدمة في ممارسة الأنشطة الصناعية على المباني المستخدمة في ممارسة الأنشطة الصناعية في مشروع الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2024-2025 مليارا و500 مليون جنيه ويمثل هذا الدعم قيمة الضريبة على العقارات المبنية المستخدمة في ممارسة الأنشطة الصناعية والذي تتحمله وزارة المالية في ضوء ما قرره مجلس الوزراء بالقرار رقم 61 لسنة 2022 وذلك بدءا من 10 يناير 2022 ولمدة 3 سنوات.

رفع مخصصات القطاع الصحي، ولفت إلى أنَّه تم الالتزام بتعزيز الإنفاق على الصحة والتأمين الصحي الشامل وتطوير التعليم؛ لاستكمال استراتيجية بناء الإنسان المصري، على نحو انعكس في رفع مخصصات القطاع الصحي إلى 495.6 مليار جنيه بموازنة العام المالي المقبل، مقابل 396.9 مليار بمعدل نمو سنوي 24.9%، ورفع مخصصات قطاع التعليم إلى 858.3 مليار جنيه مقابل 591 مليار جنيه خلال العام المالي الحالي بمعدل نمو سنوي 45% وزيادة مخصصات البحث العلمي لأكثر من139.5 مليار جنيه مقابل 99.6 مليار جنيه.

وتابع: هناك التزام دستوري على الموازنة برفع مخصصات قطاعي الصحة والتعليم بنسبة تتجاوز 30% باعتبارهما من أهم أولويات الدولة لاستكمال استراتيجية بناء الإنسان المصري خلال المرحلة المقبلة بدءًا من هذا العام، مشيرًا إلى أنَّ جملة المصروفات في مشروع الموازنة بلغت 6.6 تريليون جنيه، وهو ما يؤكّد أن الإنفاق العام بالموازنة يأخذ شكل تصاعدي وذلك لزيادة مظلة الحماية الاجتماعية وتوفير السلع الأساسية.

مقالات مشابهة

  • إجراءات عاجلة منالكهرباء للتصدي لظاهرة التلاعب في محاضر الضبطية القضائية
  • "يقلص أو يعدم الحقوق الدستورية".. رئيس جمعية هيئات المحامين يرد على دفاع وزير العدل عن مشروع قانون المسطرة المدنية
  • وزير النقل يكشف دور مشروعات الطرق والكباري في نجاح صفقة رأس الحكمة.. فيديو
  • النيابة العامة تفتح تحقيقا في عمليات اختطاف مغاربة بتايلاند وتحذر من الشبكات الإلكترونية
  • الحكومة توافق على عدة قرارات.. بينها مشروع قانون تنظيم مرفق مياه الشرب
  • رئيس صحة النواب يكشف سبب الاستعانة بالأطقم الطبية الأجنبية بمستشفيات الحكومة
  • بشرى سارة لموظفي الدولة.. موعد تطبيق موازنة أكبر زيادة في المرتبات والمعاشات
  • اقتصادية: الحكومة تولي المشروعات القومية اهتماما لتحقيق التنمية المستدامة
  • المكتب المركزي للأبحاث القضائية يضرب بقوة ويوقع بمجموعة من الإرهابيين بهاتين المدينتين المغربيتين
  • للمرة الثانية خلال ٣ أيام .. ضبط أكاديمية تعليمية تمنح شهادات مزورة بالإسكندرية