شهد القطاع المصرفي في مصر ارتفاعا ملحوظا في القروض المعدومة للعملاء، وبلغت نسبة الارتفاع حوالي 150 بالمئة مقارنة بالعام الماضي، بحسب مسح أجرته صحيفة "البورصة" المصرية.

ويعكس هذا الارتفاع الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعاني منها البلاد، وتأثر العديد من الأفراد والشركات بالتباطؤ الاقتصادي والتحديات المالية.



وتواجه البنوك المصرية تحديات كبيرة في إدارة هذه الزيادة الكبيرة في القروض المعدومة، ما قد يؤدي إلى خسائر كبيرة للبنوك وتقويض ثقة المستثمرين في النظام المصرفي.

وفي هذا السياق، قدمت وكالة "ستاندرد أند بورز" تصنيفا ائتمانيا يتوقع استمرار ارتفاع معدلات الخسائر على القروض في السنوات المقبلة، مع تباطؤ النمو الاقتصادي وزيادة الضغوط المالية على الأفراد والشركات.

يشير المسح إلى أن البنوك المصرية توسعت خلال العام الماضى فى إعدام القروض المتعثرة، وبلغ إجمالي القروض المعدومة من 13 بنكا محليا حوالي 15.43 مليار جنيه العام الماضي، مقابل 6.43 مليار جنيه خلال 2022 بنمو قدره 140 بالمئة.


وتعد الشركات الأكثر تأثرا بالقروض المتعثرة، وبحسب المسح أظهر أن هناك نموا كبيرا في إعدام القروض لدى أغلبية البنوك واستحوذت الشركات على النصيب الأكبر من القروض المعدومة.

تُشير توقعات وكالة "ستاندرد أند بورز" إلى أنّ تظل الأوضاع الاقتصادية فى مصر صعبة، مع نمو الناتج المحلي 3 بالمئة فقط فى العام المالى الحالي، مما قد يُؤثر سلبًا على قدرة الشركات والأفراد على سداد قروضهم.

وتوقعت الوكالة أن تحتاج مراجعة البنك المركزي لسياسة التشديد النقدي وقتا لترويض التضخم، وأن يسجل التضخم فى مصر 32 بالمئة فى 2024، و22 بالمئة في 2025، وبناء على ذلك رجحت تآكل الجدارة الائتمانية للمقترضين وارتفاع خسائر الائتمان.

ما هي علاقة ذلك بالأوضاع الاقتصادية الصعبة؟
التباطؤ الاقتصادي: يُعدّ التباطؤ الاقتصادي أحد أهمّ العوامل التي تُساهم في ارتفاع القروض المعدومة، فمع انخفاض معدلات النمو، يُصبح من الصعب على الشركات والأفراد الوفاء بالتزاماتهم المالية.

ارتفاع تكاليف المعيشة: يُؤدي ارتفاع تكاليف المعيشة إلى تراجع قدرة الأفراد على سداد أقساط قروضهم، مما يُساهم في ازدياد القروض المعدومة.

قلة فرص العمل: تُؤدي قلة فرص العمل إلى انخفاض الدخل، مما يُشكل صعوبة في سداد القروض.

تداعيات سلبية مستقبلية
في تقديره يقول الباحث الاقتصادي وخبير أسواق المال، أحمد قطب، "يعكس ارتفاع القروض المعدومة تآكل قدرة الشركات والأفراد على السداد وهو مؤشر سلبي للنمو الاقتصادي ويشير التقرير على زيادة كبيرة للغاية في تعثر الشركات عن السداد، وأيضا أحد أسباب ذلك رفع معدلات الفائدة من البنك من المركزي 800 نقطة خلال الفترة الماضية للسيطرة على التضخم وهو ما يجبر البنوك على رفع الفوائد على قروض العملاء الأفراد والشركات وبالتالي زيادة الأعباء المالية".


واستدرك قطب في حديثه لـ"عربي21": "لكن الملاحظ  أن التقرير لم يشمل أكبر بنكين في مصر وهما البنك الأهلى المصري وبنك مصر، والأرقام الصادرة عنهما ستعكس بالتأكيد الوضع الحقيقي لمستقبل القروض في مصر، نلاحظ أيضا بنك التعمير والإسكان، إذ بلغ إجمالي القروض التي تم إعدامها 368.7 مليون جنيه العام الماضى مقابل 11.3 مليون جنيه في 2022 أي بزيادة حوالي 32 ضعف فى القروض المتعثرة في البنك الأول في مصر المتخصص فى القروض العقاريه معنى ذلك أن هناك انكماش فى السوق العقاري وأن هناك في الغالب بالونه عقارية تتكون في السوق".

وخلص قطب إلى القول: "الأرقام تخبرنا أيضا عن سوء إدارة في الموافقة على القروض وعدم تحري الدقة في منح القروض تتحملها الإدارات الائتمانية في البنوك وإدارة المخاطر عليها العبء الأكبر إلى الانتباه إلى المشكلة ومعالجتها".


واعتبر رئيس شركة الاستشارات الاستثمارية "بويز إنفستمنت" بواشنطن، شريف عثمان، "زيادة حالات الديون المعدومة وارتفاع قيمتها نتيجة طبيعية لرفع أسعار الفائدة بشكل كبير منذ مارس 2022 من مستوى 10 بالمئة إلى أكثر من 27 بالمئة".

وأوضح عثمان لـ"عربي21": "رغم أن الهدف من تلك الخطوة هو خفض معدلات التضخم من خلال سياسات التشديد النقدي إلا أن الأعراض الجانبية تشمل مواجهة الشركات والأفراد صعوبات في تمويل مشروعاتهم وفي سداد القروض الخاصة بهم وبالتالي يزيد حجم القروض المعدومة".

ورهن عثمان "تحسن الأوضاع من خلال اتخاذ خطوات جادة نحو الإصلاحات الهيكلية للاقتصاد المصري وإفساح المجال أمام القطاع الخاص وغيرها من الإصلاحات الضرورية والتي تشمل أوجه الاقتصاد وليس التركيز فقط على سعر العملة والتضخم لأنهما أحد أشكال اضطراب واختلال الهيكل الاقتصادي، وسوف يسهل للشركات الحصول على القروض وإعادة التمويل وبالتالي يقلل من حالات القروض المعدومة وحالات الإفلاس".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد عربي اقتصاد عربي القطاع المصرفي مصر الاقتصادية البنوك مصر اقتصاد البنوك القطاع المصرفي المزيد في اقتصاد اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الشرکات والأفراد فی مصر

إقرأ أيضاً:

مختصون: البيانات المفتوحة محرك رئيسي للابتكار والنمو الاقتصادي

- د. أحمد الجهوري: أداة محورية في تكريس الشفافية وتعزيز حس المسؤولية

- حميدة المعمرية: تطوير الإنتاج الأكاديمي وتحسين موثوقية الأبحاث

- مبارك الحمداني: بناء نماذج اقتصادية دقيقة قائمة على السيناريوهات المتوقعة

- طوعة آل داوود: تسهم في تعزيز البنية الأساسية للأمن السيبراني

تَبرُز البيانات المفتوحة كأحد أبرز مرتكزات بناء اقتصاد قائم على المعرفة ومعزز بالشفافية، حيث أصبحت هذه البيانات أكثر من مجرد أرقام أو جداول، بل أداة استراتيجية لصنع القرار، ومحرّك رئيسي للابتكار والنمو الاقتصادي، وأكد عدد من الخبراء والمتخصصين في عدة قطاعات أن البيانات المفتوحة تصنع أثرا ذا أبعاد ممتدة بدءا من القطاع الاقتصادي، وتمتد لتشمل الأبعاد القانونية، والبحثية، والاجتماعية، من خلال تعزيز المساءلة، وتمكين المجتمع المدني، وتوفير بيئة خصبة للابتكار والبحث العلمي، مؤكدين على أهمية تبنّي سياسات تنظيمية واضحة، وبنية تحتية رقمية متقدمة، تضمن الاستخدام الأخلاقي والفعّال لهذه البيانات.

وقال الدكتور أحمد بن سعيد الجهوري، محام ومستشار قانوني إن البيانات المفتوحة تعد أداة محورية في تكريس مبدأ الشفافية وتعزيز حس المسؤولية داخل المؤسسات، لا سيما في الجوانب القانونية والتشريعية. فعندما تُتاح المعلومات المرتبطة بالقوانين، الميزانيات، العقود، والتقارير الرقابية للجمهور، تنخفض احتمالات التجاوزات الإدارية وتُصبح الرقابة المجتمعية أكثر فاعلية.

هذا الانفتاح يمنح الجهات الرقابية، والمجتمع المدني، وحتى الإعلام، إمكانية تتبع الأداء المؤسسي وكشف مكامن الخلل القانوني أو الإداري، الأمر الذي يفرض تلقائيًّا على الموظفين والقيادات التزامًا أكبر، مدفوعًا بإدراكهم أن أعمالهم أصبحت قابلة للتدقيق العام. وبذلك، تسهم البيانات المفتوحة في تضييق فرص الفساد، وترسيخ ثقافة المساءلة التي تشكل أساسًا لإدارة مؤسسية نزيهة.

القرارات القانونية

وأضاف الجهوري أن البيانات المفتوحة تؤدي دورا مهما في تطوير البحث والتحليل القانوني، ودعم اتخاذ القرار القائم على المعرفة، مشيرا إلى أنه: "في عصر المعرفة الرقمية، أصبحت البيانات المفتوحة مصدرًا لا غنى عنه للباحثين القانونيين وصنّاع السياسات، والمشرّعين. من خلال إتاحة قواعد بيانات ضخمة تشمل النصوص القانونية، والسوابق القضائية، والتقارير الرسمية، يمكن للباحثين إجراء تحليلات معمقة ترصد تطور التشريعات واتجاهات الأحكام القضائية عبر الزمن".

كما تتيح هذه البيانات فرصًا غير مسبوقة في دعم القرارات القانونية استنادًا إلى أرقام ووقائع ملموسة، ما يعزز من فعالية السياسات المقترحة ويقلل من الاعتماد على التقديرات الشخصية. علاوة على ذلك، تسهم هذه الشفافية في تعزيز العدالة، إذ تُستخدم البيانات لتحليل مدى التوازن في تطبيق القوانين، والكشف عن أي تفاوت أو تحيز، الأمر الذي يفتح المجال لإصلاحات قانونية عادلة مبنية على أدلة لا على تصورات.

وأوضح الجهوري أن البيانات المفتوحة أيضا تمكّن الأفراد والمجتمع المدني من المشاركة الفعالة في صياغة السياسات والتشريعات من خلال إعادة تعريف العلاقة بين المواطن والمشرّع، عبر تمكين الأفراد والمجتمع المدني من المساهمة الفعالة في رسم السياسات وصياغة التشريعات.

فعندما تُتاح المعلومات المتعلقة بالأداء الحكومي والتشريعات القائمة بشكل واضح ومفتوح، تصبح لدى المجتمع القدرة على فهم أعمق للواقع القانوني، وبالتالي المشاركة بمقترحات مدروسة، وليست مبنية فقط على آراء عامة. هذا الفهم المعمق يدعم بناء حملات ضغط أكثر وعيًا وتأثيرًا، ويتيح للمجتمع المدني الاستناد إلى أدلة وبيانات في المطالبة بالتغيير أو في الدفاع عن قضايا معينة، كما أن هذه المشاركة المعززة بالبيانات ترفع من مستوى الشفافية في العملية التشريعية، وتُسهم في تقليص الفجوة بين المواطن وصاحب القرار، مما يرسّخ ثقة المجتمع في النظام القانوني والتشريعي.

البحث العلمي

وأشارت حميدة بنت عبدالله المعمرية، أستاذ محاضر بجامعة التقنية والعلوم التطبيقية بصحار إلى أن البيانات المفتوحة تشكل عنصرا أساسيا في تعزيز منظومة البحث العلمي داخل المؤسسات التعليمية، إذ تمكّن الباحثين والطلبة من الوصول إلى مصادر موثوقة ومحدثة، وتسهم في تطوير إنتاجهم الأكاديمي وتحسين جودة وموثوقية الأبحاث. فمع تزايد الطلب على البيانات الدقيقة وارتفاع وتيرة التحول الرقمي، أصبحت هذه البيانات أداة فاعلة لإجراء دراسات تحليلية معمقة، وإعادة إنتاج نتائج علمية، وتعزيز الشفافية. كما تساهم في بناء بيئة خصبة للتعاون البحثي محليا ودوليا، عبر تسهيل تبادل المعرفة والخبرات، مما يفتح المجال أمام الابتكار المشترك وتقديم حلول علمية لمختلف التحديات المعاصرة في مجالات مثل الصحة والبيئة والتعليم.

إلا أن هذا التوجه يواجه تحديات، أبرزها حماية الخصوصية، وضمان موثوقية البيانات، ونقص المهارات التقنية، فضلا عن الحاجة إلى بنية تحتية متطورة وتشريعات واضحة، وللتغلب على هذه العقبات، تبرز أهمية التوعية والتدريب، وتبنّي سياسات مؤسسية تشجع على الاستخدام الآمن والفعال للبيانات، وتطوير منصات رقمية داعمة لمشاركة الأبحاث. وتُعد تجربة جامعة التقنية والعلوم التطبيقية بصحار مثالًا ملهمًا في هذا الإطار، من خلال تقديم برامج لبناء القدرات في التعامل مع البيانات المفتوحة.

وقد أطلقت جامعة التقنية والعلوم التطبيقية مبادرة رائدة لتعزيز ثقافة البيانات المفتوحة، عبر تقديم برامج تدريبية تستهدف جميع الفئات الأكاديمية من طلاب وباحثين؛ بهدف رفع الوعي بكيفية استخدامها بشكل فعّال. كما وضعت الجامعة سياسات واضحة لتنظيم التعامل مع البيانات، بما يضمن حمايتها وسلامتها، كما أن تبنّي منصة وطنية مفتوحة للنشر الأكاديمي يعزز من الحضور البحثي لسلطنة عُمان، ويرتقي بتصنيف جامعاتها عالميا، وذلك في انسجام تام مع مستهدفات رؤية عُمان 2040 والتي تتبنّى عملية ترسيخ الريادة العلمية والمعرفية.

ووضحت أن "عددًا من التقارير الدولية من ضمنها التقرير الصادر عن معهد البيانات المفتوحة Open Data Institute بالمملكة المتحدة، تشير لنمو حجم البيانات المفتوحة خلال السنوات الخمس الأخيرة، حيث إن 20-30% من البيانات البحثية في المجالات العلمية (مثل الفيزياء، البيولوجيا، علوم البيئة) تُنشر كبيانات مفتوحة في مستودعات مثل Zenodo ،Figshare، أو بوابات الحكومات المفتوحة، وهذه النسبة تزداد في بعض المجالات مثل علوم المناخ أو الصحة العامة، كما أن عددا من الجامعات العالمية تخصص تمويلا لنشر بعض الأبحاث للوصول الحر دون مقابل، في الدوريات ذات معامل التأثير العالي والمنشورة عبر دُور النشر العالمية المعروفة؛ دعما لوصول مخرجات ونتائج تلك الدراسات إلى شرائح أكبر من المجتمع".

التخطيط الاقتصادي

من جهته أوضح مبارك بن خميس الحمداني، باحث في السياسات العامة أن البيانات المفتوحة تعمل على تمكين الاقتصاد وتحفيز النمو المستدام، إذ باتت أداة لا غنى عنها في دعم التخطيط الاقتصادي وصناعة السياسات المبنية على الأدلة والمعطيات الواقعية. وتتيح هذه البيانات للجهات المعنية بناء نماذج اقتصادية دقيقة قائمة على السيناريوهات المتوقعة، ما يسهم في رفع كفاءة التعامل مع المتغيرات وتخفيف أثر المخاطر الاقتصادية المحتملة، حيث لا يقتصر أثر البيانات المفتوحة على الجانب الحكومي فحسب، بل امتد ليشمل القطاع الخاص، حيث تمثل موردا استراتيجيا يعزز من قدرة المستثمرين، المحليين والأجانب، على اتخاذ قرارات أكثر وعيًا ودقة.

وأشار الحمداني إلى أنها تشكل مصدرا جوهريا للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، يساعدها على فهم الأسواق، وتقليل نسب المخاطرة، وبناء دراسات جدوى أكثر واقعية، في ظل بيانات توفر تصورًا واضحًا للحالة الاقتصادية والاجتماعية والتشريعية وحتى السياسية في بيئة الاستثمار. وقد باتت بعض الدول المتقدمة تعتمد استراتيجيات شاملة لإتاحة البيانات المفتوحة بصورة تكاملية وعالية الكفاءة، تتجاوز المؤشرات الاقتصادية والتشريعات إلى إتاحة صور الأقمار الصناعية وبيانات متخصصة لبعض القطاعات الحيوية، ما يمنح المستثمرين رؤى أعمق وأكثر شمولية عن البيئة الاستثمارية.

جذب الاستثمارات

كما ترتبط البيانات المفتوحة ارتباطًا وثيقًا بجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، كما أثبتته دراسات حالة لعدد من الدول التي تبنّت نهج الشفافية والانفتاح، حيث أدت إتاحة البيانات المتعلقة بالمخاطر والبيئة التنظيمية إلى تعزيز ثقة المستثمرين، وتحقيق تأثير مباشر وفوري على حجم الاستثمارات الوافدة. فالشفافية، إلى جانب البيئة التشريعية والحوافز، تُعد من الركائز الأساسية في تحسين مناخ الاستثمار.

وأضاف الحمداني: إن البيانات المفتوحة تتيح تحسين الامتثال التنظيمي في المؤسسات الاقتصادية، بصرف النظر عن حجمها أو مجالها، حيث تساعد في رصد الاتجاهات السائدة ومواكبة التغيرات في أنماط الطلب الاستهلاكي. وتؤدي هذه القدرة إلى تعزيز الابتكار، وتوسيع فرص الدخول إلى السوق، لا سيما أمام رواد الأعمال والمؤسسات الصغيرة، بما يعزز تنافسيتها واستدامتها. وبذلك نستشف أن نجاح منظومة البيانات المفتوحة يبقى مرهونًا بعدة عوامل، أبرزها التنسيق الحكومي المستمر، واعتماد تقنيات تحليل وعرض حديثة، وتسهيل الوصول إلى البيانات، مع ضمان التحديث المنتظم لها. كما تبرز الحاجة إلى ترسيخ مبادئ الاستخدام الأخلاقي والمهني لتلك البيانات لضمان استدامة أثرها الاقتصادي الإيجابي.

في المحصلة، تمثل البيانات المفتوحة موردا استراتيجيا قادرا على دفع عجلة النمو الاقتصادي، وتعزيز الشفافية، وتحفيز الاستثمار، شريطة أن تتوفر لها البنية المؤسسية والتقنية والتنظيمية الداعمة، وأن تُدار برؤية تستشرف المستقبل وتستثمر في الفرص.

الأمن السيبراني

طوعة بنت عبدالله آل داوود، رئيسة قسم التطوير والدراسات بوزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات تقول إن "البيانات المفتوحة تسهم إسهاما كبيرا في تعزيز البنية الأساسية للأمن السيبراني وتطوير آليات الاستجابة للتهديدات الرقمية"، لافتة إلى أنها "تدعم تطوير أدوات الذكاء الاصطناعي حتى تكون قادرة على التنبؤ بالتهديدات والتعامل معها بشكل استباقي، مما يعزز آليات الاستجابة وسرعة التنبيه والتحليل، ويتمثل ذلك عبر تمكين تبادل المعلومات بين الجهات المختلفة، الأمر الذي يساعد على كشف الأنماط الشائعة للهجمات السيبرانية، وتحسين جاهزية الأنظمة الدفاعية". ومن خلال إتاحة بيانات حول الحوادث والثغرات الأمنية، يتمكّن الباحثون والخبراء من تحليلها وتقديم حلول مبتكرة تُسهم في تعزيز البنية الأساسية للأمن السيبراني ورفع مستوى الحماية الرقمية بشكل عام.

وأوضحت آل داوود أن تصميم خدمات رقمية فعالة وشفافة بات يعتمد كثيرا على توفر البيانات المفتوحة؛ فعند إتاحة البيانات للمطورين والقطاع الخاص والجهات الحكومية، يمكن استخدامها في بناء تطبيقات وخدمات ذكية موجهة لاحتياجات المواطنين والمستخدمين، كما تتيح البيانات المفتوحة تعزيز الرقابة المجتمعية وقياس كفاءة الأداء الحكومي، مما يرفع من مستوى الثقة ويعزز الشفافية. وبهذا الأمر فهي تشكل عاملا محوريا في التحول الرقمي الحكومي، إذ تسهم في تحقيق التكامل بين الجهات وتسهيل الوصول إلى المعلومات الموثوقة.

التحديات

أما عن التحديات المرتبطة بإتاحة البيانات المفتوحة في بيئة رقمية تعتمد على الخصوصية والحماية أشارت آل داوود إلى أن التحديات الرئيسية في ضمان عدم الإفصاح عن بيانات حساسة أو شخصية، والحفاظ على سرية المعلومات الأمنية، خاصة في ظل تزايد المخاطر السيبرانية، ولتحقيق التوازن بين الشفافية والأمن ينبغي اتباع نهج شامل يشمل عدة جوانب مثل: تطبيق معايير صارمة لإخفاء الهوية، تصنيف البيانات بحسب مستويات الحساسية، وضع سياسات واضحة تحكم ما يمكن نشره وما يجب حمايته، بالإضافة إلى تعزيز ثقافة الأمن السيبراني داخل الجهات المنتجة للبيانات، قبل نشر البيانات، وذلك بما يضمن الاستفادة من البيانات المفتوحة دون الإخلال بمبادئ الخصوصية أو تهديد الأمن الوطني.

وختاما تُظهر آراء المختصين من خلال هذا الاستطلاع أن البيانات المفتوحة أصبحت أداة استراتيجية تعزز الاقتصاد، والبحث العلمي، والشفافية المؤسسية والرقمية في سلطنة عُمان، ويتجلى دورها في دعم اتخاذ القرار، وجذب الاستثمارات، وتمكين الابتكار، إلى جانب ترسيخ الحوكمة الرشيدة وبناء منظومة رقمية آمنة.

مقالات مشابهة

  • سعر اليورو اليوم الجمعة 30 مايو 2025 في البنوك المصرية
  • تجاوزت 4.8 مليون طن.. قفزة كبيرة في الصادرات الزراعية
  • تجاوزت 4.8 مليون طن.. قفزة كبيرة في الصادرات الزراعية منذ بداية 2025
  • قفزة في إيرادات فيلم Mission: Impossible – The Final Reckoning
  • قفزة كبيرة لأسعار الذهب محلياً
  • مختصون: البيانات المفتوحة محرك رئيسي للابتكار والنمو الاقتصادي
  • الدولار مقابل الجنيه المصري في البنوك اليوم الخميس 29-5-2025
  • وزير الخارجية المصري يعرض مشاركة الشركات المصرية في مشاريع مونديال المغرب
  • سعر الدولار الأمريكي في البنوك اليوم الخميس 29-5-2025
  • سعر الدينار الكويتي اليوم الخميس 29 مايو 2025 في البنوك المصرية