واجه العواصف بقوة وظل فى الشدة باس يتجلى)..
عزل البشير وابلاغه بقبض روح حكمه كان من اخطر المهام
كثير من الاحداث الجسام وقعت مابين رئاسته للمجلس العسكري، والسيادي
حاولت المليشيا قتله داخل مقر اقامته داخل القيادة العامة
واجه فوضى الاضرابات الجماعية، والمواكب ، وتتريس وإغلاق الطرقات والاعتصامات
قابل حادثة اصابة ابنه ووفاته بثبات وظل فى الميدان رغم عظم الابتلاء
إسماعيل جبريل تيسو
وليس للإنسان أغلى من الوطن والولد، فالأول هو مكمن الانتماء الفطري والملاذ الآمن تأريخاً وجغرافية وهوية، فيما يمثل الابن (قطعة الحشا)، ونبض الروح، وبشارة الأمل، وحقيقة المستقبل، فلا غرو أن يكون الأبناء والأوطان الأكثر محبة واستحواذاً على المهج والأرواح، واستيطاناً بين نياط القلوب، فكيف إذا اُستهدف الإنسان في وطنه بحرب ودمار وموت وحصار؟ وكيف إذا أُبتلي في الابن وفلذة الكبد بالموت والفقد؟ أسئلةٌ نطرحها وبين أيدينا تجربة مريرة عاشها ويعيشها حالياً الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة، القائد العام للقوات المسلحة، الرجل الذي فقده بالأمس القريب ابنه الغالي محمد على خلفية حادث مروري غامض التفاصيل كان مسرحه مدينة أنقرة التركية.
مرمى النيران
والواقع أن الفريق البرهان ظل في مرمى نيران الاستهداف منذ حدوث التغيير والإطاحة بالرئيس المعزول عمر البشير، فقد كان البرهان مكلفاً بمهمة صعبة إلا وهي تبليغ رئيس البلاد لأكثر من ثلاثين عاماً، بقرار قبض روح حكمه، بعد أن انحازت اللجنة الأمنية لرغبة الشارع وتطلعات الجماهير، فكانت تلك أولى المواقف الصعبة التي واجهها الرجل، بعزل المشير عمر البشير، قائده في الجيش وما أدراك ما الجيش المؤسسة العسكرية القائمة على المهنية والانضباط والالتزام المهني والتراتبية.
رياح الابتلاءات
ثم توالت رياح التحديات والابتلاءات عاصفة تهزُّ أركان سفينة التكليف الذي قبل به البرهان منذ أن تولى رئاسة المجلس العسكري خلفاً للفريق عوض ابن عوف رئيس اللجنة الأمنية، الذي رفضته الجماهير بعد سويعات من إعلانه الإطاحة بالرئيس عمر البشير، وما بين رئاسة البرهان للمجلس العسكري، ورئاسته الحالية لمجلس السيادة الانتقالي، جرت الكثير من المياه تحت الجسر، بدايةً بمجزرة فض اعتصام القيادة في يونيو 2019 م، ومروراً بتشكيل حكومة حمدوك في سبتمبر 2019 م، ثم اعتصام القصر الجمهوري في أكتوبر 2021م، ثم فضّ شراكة المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير في أكتوبر 2021 م، وانتهاءً باندلاع تمرد ميليشيا الدعم السريع في أبريل من العام 2023م.
اختبارات حقيقية
لقد كانت هذه الأحداث بمثابة اختبارات حقيقية واجهت الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان خلال الفترة الانتقالية التي اتسمت بعدم التوافق بين المكون العسكري والمدني، وشهدت ارتفاع حرارة ثيرمومتر الاستقطاب والاستقطاب المضاد، الذي أودى إلى حالة من الاحتقان الحاد، فاستشرت فوضى الاضرابات الجماعية، والمواكب الشبابية، وتتريس وإغلاق الطرقات، فكان المناخ مهيئاً لتكاثف سحب خطاب الكراهية، التي قادت إلى إشعال فتنة الصراعات والنزاعات القبلية.
تجارب قاسبة
إذن فقد خاض الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان تجارب شرسة وقاسية من حكم البلاد خلال ست سنوات حسوما، هي عمر الفترة الانتقالية، لم يسلم خلالها من محاولات مستمرة مع سبق الإصرار والترصد للنيل منه بشيطنته والاجتهاد لقتل شخصيته، بإثارة غبار كثيف من الشائعات والاتهامات بانتمائه للحركة الإسلامية، وإذعانه لتنظيم المؤتمر الوطني المحلول، والادعاء بأن الفلول والكيزان هم من يديرون المشهد متخفيين وراء ( ميري ) المكوّن العسكري بقيادة الفريق البرهان وأركان حربه من المكون العسكري داخل مجلس السيادة أو بعض من أعضاء هيئة القيادة العليا في القوات المسلحة.
الطامة الكبرى
لتأتي الطامة الكبرى باندلاع تمرد ميليشيا الدعم السريع بقيادة المتمرد محمد حمدان دقلو حميدتي، الذي كان حريصاً على توقيف البرهان حياً أو ميتاً، فخصص قوة خاصة لمداهمة مقر إقامة البرهان داخل القيادة العامة للجيش، ولكن استبسال أكثر من خمسة وثلاثين جندياً وضابطاً من الحرس الرئاسي والشخصي للبرهان وبذلهم أرواحهم رخيصة فداءً للقائد العام للقوات المسلحة، أفشل مخطط حميدتي، وقلب الدائرة عليه وعلى داعميه من قوى الحرية والتغيير ومن دولة الإمارات ودول أخرى في محيطنا الإقليمي، فأصبحوا جميعاً على ما أسرّوا في أنفسهم نادمين.
فاجعة ابنه
واستمرت حلقات مسلسل التآمر والعمالة والخيانة ضد الوطن، واستمر البرهان في ثباته يواجهها بصبر وشكيمة، وإرادة وقوة عزيمة، مطمئن القلب ثابتاً على مبدئه، وحتى حادثة ابنه التي وقعت في مارس الماضي في تركيا، قابلها البرهان بثبات، سافر إلى أنقرة ووقف على حالة ابنه، ولكنه سرعان ما عاد إلى البلاد ليواصل إدارة ملف العمليات والقضاء على ميليشيا الدعم السريع، حتى نعى الناعي أمي رحيل ابنه، فغادر الرجل على عجل إلى تركيا لتشيع فلذة كبده، بعيداً عن وطنه وأهله وذويه.
وانطلاقاً من قيم الثبات والصبر والحكمة والمنطق التي تحلى بها الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، لمواجهة خضم السيناريوهات من الابتلاءات التي ضربت الفترة الانتقالية خلال الست سنوات الماضية، فإننا على ثقة ويقين في قدرة البرهان على تجاوز محنته بفقد فلذة كبده، والاستمرار في دفع ضريبة العطاء وبذل الغالي والنفيس من أجل الحفاظ على الوطن، ذلك أن الرجل من الصابرين في السراء والضراء وحين البأس فهو من الصادقين والمتوكلين، وهو فارسٌ في الشدة يتجلى.
إسماعيل جبريل تيسو
الكرامة
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الفریق أول رکن عبد الفتاح البرهان
إقرأ أيضاً:
رسالة تحذير من آبي أحمد إلى البرهان: الفشقة خط أحمر إلى إثيوبيا
كشف تقرير استخباراتي حديث عن تصاعد حدة التوتر بين السودان وإثيوبيا، بعد أن وجه رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، رسالة رسمية إلى رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، طالبًا ضمان عدم استخدام منطقة الفشقة الحدودية كنقطة انطلاق لأي عمليات عسكرية ضد أديس أبابا، سواء من قبل إريتريا أو قوات تيغراي، في حال اندلاع صراع جديد في المنطقة.
وبحسب ما نقل موقع “المشهد السوداني”، أعربت إثيوبيا عن قلق بالغ من احتمال تحول الفشقة، التي تقع بمحاذاة إقليم تيغراي، إلى ممر لوجستي وعسكري تستخدمه أطراف معادية، لاسيما إريتريا، التي تخوض صراعاً سياسياً وعسكرياً غير معلن مع حكومة آبي أحمد، خاصة حول منطقة ولكايت المتنازع عليها بين الأمهرة وقوات تيغراي.
الطلب الإثيوبي تم تسليمه عبر مبعوثين رفيعي المستوى إلى بورتسودان في يونيو الماضي، هما رئيس جهاز الأمن والمخابرات الإثيوبي، رضوان حسين، ومستشار آبي أحمد لشؤون شرق أفريقيا، قيتاتشو ردا.
ووفقاً للتقرير، فإن رئيس الوزراء الإثيوبي طلب بشكل مباشر التزامًا سودانيًا بعدم دعم أي طرف قد يهدد الأمن القومي الإثيوبي انطلاقًا من الأراضي السودانية.
لكن الرد السوداني لم يتوافق مع الرغبة الإثيوبية. فقد تجاهل البرهان ذلك الطلب، وأكد على تمسكه بما وصفه بـ”التحالف الاستراتيجي” مع إريتريا، حليف السودان الرئيسي في المنطقة.
ويشمل هذا التحالف ترتيبات عسكرية ولوجستية واسعة، أبرزها استقبال لاجئين سودانيين وتسهيل سفرهم إلى دول الخليج، إضافة إلى تدريب مجندين سودانيين في معسكرات إريترية.
كما كشف التقرير عن استضافة إريتريا طائرات عسكرية سودانية في مطار العاصمة أسمرا خلال مايو الماضي، بهدف حمايتها من هجمات الطائرات المسيّرة، والتي يتهم الجيش السوداني الإمارات بالوقوف خلفها، في مؤشر على تعقيد الصراعات وتشابك الأجندات الإقليمية في القرن الأفريقي.
التوتر بين إثيوبيا والسودان زاد حدةً أيضاً بعد استقبال أديس أبابا لقائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو “حميدتي”، بتشريفات رسمية في ديسمبر 2023، وهو ما أثار استياء كبيراً لدى البرهان، وقد عبّر الأخير عن غضبه خلال زيارة آبي أحمد إلى بورتسودان في يوليو 2024، والتي شهدت ما وصفه المقربون منه بـ”مظاهر ودّ مبالغ فيها تجاه حميدتي”.
في هذا السياق، يواصل السودان تعزيز تحالفه مع إريتريا، التي تعارض قوات الدعم السريع وتعتبرها “أداة لنفوذ خارجي”، في إشارة إلى تدخلات إقليمية معقدة تشمل الإمارات وإثيوبيا، ويعكس ذلك التنسيق العسكري والسياسي العميق بين الخرطوم وأسمرا، وسط مشهد إقليمي متقلب يهدد بإشعال مواجهات جديدة على أكثر من جبهة.
في المقابل، حذر الرئيس الإريتري أسياس أفورقي في تصريحات سابقة من “مغبة أي حرب جديدة”، موجهًا انتقادات مبطنة إلى أديس أبابا، ما يضيف مزيدًا من الغموض والقلق إلى المشهد الأمني في القرن الأفريقي.