بوابة الوفد:
2024-05-20@06:24:36 GMT

الحالة «الترامبية»!

تاريخ النشر: 5th, May 2024 GMT

كنت أظن أن هوس الناس بشخصية الفتوة البلطجى هى ظاهرة منتشرة فقط فى دول العالم التالت والرابع باعتبار أن أغلب شعوبها مغلوبة على أمرها،ضائع حقها، فتجد فى شخص الفتوة المعادل الموضوعى لضعفها وانكسارها، فهو يشبع حاجتها للانتقام ممن ظلموه، لكن أن تنتشر ظاهرة الإعجاب بالبلطجية إلى دول العالم الأول التى يحصل المواطن فيها على كافة حقوقه وحيث الجميع أمام القانون سواء، فالموضوع هنا يحتاج دراسة من علماء النفس لتفسير تلك الظاهرة.

صدق أو لا تصدق مثلًا أن نسبة كبيرة من الشعب الأمريكى تنتظر بفارغ الصبر الانتخابات الرئاسية المقبلة لإعادة انتخاب ترامب وما أدراك من هو ترامب الذى ضرب خلال رئاسته السابقة بكل التقاليد والأعراف عرض الحائط. لكن الجماهير الأمريكية تشعر حاليا بحالة من الملل الشديد، ليس بسبب الركود الاقتصادى والتضخم وارتفاع الأسعار وتراجع الحلم الأمريكى وغيرها من المشاكل التى أثرت سلبًا على الثقافة الأمريكية فى السفر والانطلاق والفسحة والأكل فى المطاعم وتحول الشعب إلى التضحية بكل هذا الترف وأصبح حبيس البيوت، بل مصدر ذلك الملل هو ابتعاد الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب عن دائرة الضوء قبل أن يعود إليها مؤخرًا من خلال محاكمته. لكن لا يزال الشعب الأمريكى يفتقد ترامب والتعليقات النارية والقرارات الغريبة التى كان يتخذها وكانت تحدث حالة من الجدل التى كانت ربما العزاء الوحيد الذى جعل الأمريكيين يصبرون للبقاء فى البيوت بسبب الأزمة الاقتصادية.

الطريف أنه حتى من انتخبوا الرئيس الحالى جو بايدن يفتقدون ترامب والصخب الذى كان يحدثه بتوزيعه الشتائم علي كل من يخالفه ليل نهار طيلة فترة رئاسته، وحماقاته التى لم يسلم منها أحد والتى أحدثت شرخا واضحا فى المجتمع الأمريكى لن يلتئم بسهولة، وجرحا لن يندمل بسرعة، وخناقاته عالية الصوت مع الإعلام الذى كان يتعامل معه بنظرية المؤامرة متهما إياه بأنه إعلام فاشل منحاز ويفتقد المصداقية والمنهجية، وتلك الغوغائية التى كان يتحلى بها وبالذات فى أيام الانتخابات الرئاسية التى سقط فيها سقوطا ذريعا، وكاد ان يسقط معه الحزب كله عندما أبدى تبرما واعتراضا على نتيجة الانتخابات وهدد بعدم تسليم السلطة معتقدا أن الصوت العالى قد يرهب المؤسسات الأمريكية ويجعلها ترضخ لطلبه.

عدد كبير من وسائل الإعلام وخاصة بعض القنوات الشهيرة مثل السى إن إن وال آل سى بى انصرف عنها جمهور المشاهدين حيث لم يعد أمام هذه القنوات مايجذب الناس بعد توارى ترامب عن الأنظار وهو الذى كان يشعلها على مدار الساعة ولعل احدهم فى احدى القنوات صاح فى اجتماع مجلس التحرير قائلا:وجدت طريقة لاستعادة المشاهدين، فأنصت الجميع له حيث قال بثقة: نعود للتحرش بترامب إعلاميا من جديد.على الطرف الآخر كان ترامب هو الآخر يشعر بالملل الذى يسود البلاد خاصة أنه ممنوع من السوشيال ميديا التى كان من خلالها يخاطب أنصاره ومؤيديه وكانت سببًا أساسيًا فى شعبيته الكبيرة التى يتمتع بها والتى يعول عليها كثيرا للعودة للبيت الأبيض.

«مارفى كالب» محلل ومؤرخ أمريكى كبير أصدر كتابا عن ترامب تحت عنوان عدو الشعب، حرب ترامب على الصحافة، المكارثية الجديدة وخطرها على الديمقراطية الأمريكية.الكتاب حقق مبيعات ضخمة حيث جاذبية العنوان لمؤيدى ترامب قبل معارضيه، ويكشف المؤلف فى جانب من الكتاب ما أطلق عليه صفقة شيطانية غير معلنة بين ترامب وتلك القنوات،هى تهاجمه فيعود لها مشاهدوها، وهو يشتمها فيسترد شعبيته. وهو مايذكرنى بنظرية السح الدح امبو أغنية عدوية الشهيرة التى لاحظ احمد عدوية ارتفاع الإقبال عليها كلما هاجمها النقاد وقت ظهورها لدرجة أنه كان يتصل بهم راجيا منهم أن يهاجموه بضراوة كلما قدم أغنية جديدة وربما لم يكن نجمنا الكبير يتوقع أن تصبح نظريته التى أسسها بتلقائية شديدة واحدة من أهم نظريات الإعلام والسياسة فى العالم سوف يطبقها ترامب وإعلامه يمكن لنا وبكل ثقة أن نسميها نظرية ترامب الدح امبو!

[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: هشام مبارك طلة المواطن الشعب الأمريكى التى کان

إقرأ أيضاً:

د.حماد عبدالله يكتب: تقدم العلوم والتكنولوجيا (والعفاريت) !!



تتقدم الأمم وتتقدم العلوم والتكنولوجيا وتنتشر المعلومات بين أرجاء المعمورة فى ثوانى معدودة عبر شبكات التواصل الإجتماعى.
ومع ذلك يبقى لدينا كمصريين فى الذاكرة الجمعية ما يجعلنا نتوقف كثيرًا أمام مشاهد تأتى إلينا عبر شبكات التليفزيون العالمية وتعرضها فى Net Flex أو غيرها مما يجعلنا نعيد التفكير فيما إخُتَزنْ فى الذاكرة الجمعية المصرية والتى أستطيع أن أدعى بأنها أصبحت من الأدب الشعبى المصرى (Folklor) وأتحدث فى مقالى هذا عن (العفاريت) وهى كائنات ذكرت فى القرأن الكريم.
حينما قال عفريت من الجن لسيدنا سليمان عليه السلام أنه على إستعداد لنقل عرش " بلقيس " اليمن إلى مقر سيدنا سليمان قبل أن يغمض له جفن (عين) وقد كان هذه من قصص القرأن الكريم (صدق الله العظيم ) !!
ألا أن موضوع الحديث اليوم هو العفريت الذى كان يهدد به أطفالنا  وخاصة فى زماننا نحن وليس هذا الزمان الذى يعيش فيه أطفالنا ويمارسون فيه ألعابهم الإليكترونية التى تضاهى فعل العفاريت، بفكر زمان، أو عقلية تاريخنا القديم  كنا من سكان منطقة الدرب الأحمر "والمغربلين " فى قلب القاهرة الفاطمية وشارعها العظيم شارع المعز لدين الله الفاطمى والذى يبدأ من شارع محمد على ( القلعة) وينتهى فى خان الخليلى " بالجمالية "مرورًا بأحياء (سوق السلاح والداودية والمغربلين والغورية وتحت الربع وباب الوزير والغورى والموسكى والأزهر وسيدنا الحسين وخان الخليلى والجمالية ).
وهذه المنطقة الشعبية يتأصل فيها جذور شعب المحروسة حيث يحدها منطقة "الحبانية" "والحلمية الجديدة " "وعابدين " حيث مقر الحكومة بلاظوغلى بعد إنتقالها من القلعة فى عصر الخديوى إسماعيل 1868 وكانت القاهرة فى هذا الزمن هى قاهرة شعب المحروسة بكل طوائفه –ففى هذه الأحياء – كانت الحياة الإقتصادية والإجتماعية مرتبطة إرتباطًا لطيفًا – فالكل يعمل ويقايض ويتبادل المصالح والمنافع وأيضًا المشاعر فيما بينهم  فالمدارس فى هذه المنطقة من " الكتاتيب " إلى المدارس حتى المدرسة الثانوية أو ما كانت تسمى بالثقافة أو البكالوريا وأشهر تلك المدارس " مدرسة الخديوية " فى شارع الخليج المصرى و" مدرسة السنية " الثانوية للبنات بالسيدة زينب !!
وفى تلك المناطق كانت ورش الحدادة وصناعة الأسرة والدواليب من الصاج والمواسير وورش الأحذية وورش النجارة وورش الصباغة والنسيج والسجاد وأفران الخبز والكحك ( والمقلاه) للب والسودانى والحمص والطرشجية 
( معامل للتخليل) وأفران تدميس الفول ومطاعم الفول والطعمية والباذنجان المقلى والبطاطس و"مسامط" الفتة والكوارع وبقايا اللحوم التى يستجلبها أصحاب هذه المطاعم من منطقة (المذبح) المجزر القديم في القاهرة  والواقع علية الأن مستشفي أورام الأطفال وفي هذه المناطق المعبئة بعبق التاريخ المصري الأصيل وفي حواري هذه المنطقة عشت جزء كبير من طفولتي حيث كانت الأسرة تعاني من وجود الأطفال في الحواري في العابهم التي أصبحت من التراث في لعب الأطفال مثل لعبة ( الإستغماية ) ( وحرب أيطاليا ) و( السبع طوبات ) ( والطره والوزير ) ( وصلح ) ولعبة ( الأولي ) للبنات ( والبلي ) أو (الدبور والنحلة) (الترونجيلة ) ( الكرة الشراب ) (وعروسة وعريس ) وهذه أهم اللعبات التى كان يختلط فيها البنين والبنات في اللعبة..
وكان الأطفال يصنعون من الكرتون ومن أغطية زجاجات المياة الغازية بعد وضعها علي ( شريط الترام )، قضبان الترام، ومرورة عليها !!

ليسطحها فيصنع منها كثير من الأشكال..  وكانت الكتاتيب والمدارس تجمع الأطفال والأولاد بكل هذة الثقافات المصرية ويختلط الجميع في صوت واحد مردد وراء "المدرس الشيخ " الأيات القرأنية والأناشيد النبوية  وكذلك تسميع القصائد والشعر العربي أما الشييء الذي كان تخافه كل أطفال هذه المرحلة  حينما تهدد الأمهات أبنائهن بأن العفريت قادم أو" أبو رجل مسلوخة "هنا فقط يسرع الطفل إلي بيته ثم إلي سريره  ليبدأ مرحلة نومه بأحلامه وبداية يوم جديد فكانت قوة الأسطورة عن العفاريت و" أبو رجل مسلوخة  " قادرة على ضبط الحركة في البيت في المحروسة ومع ذلك يحدث ذلك فى قاعات استوديوهات(هوليوود) وتقدم لنا الشاشة الفضية بأشكال حديثة ولكنها جميعها قادمة من الماضى الذى إستأثر نفوسنا، وذاكرتنا الجمعية (رحم الله أمى وأيام زمان) !!

أستاذ دكتور مهندس/ حماد عبد الله حماد

مقالات مشابهة

  • بداية «الحاخام» ونهايته
  • الطريق إلى الانتخابات الأمريكية.. ملاسنات ومشاحنات بين ترامب وبايدن
  • د.حماد عبدالله يكتب: تقدم العلوم والتكنولوجيا (والعفاريت) !!
  • رأى خبير عسكرى حول معارك الفاشر
  • ترامب يحذر من اندلاع حرب عالمية قبل الانتخابات الأمريكية
  • "بسبب هؤلاء البلهاء".. ترامب يحذر من اندلاع حرب عالمية قبل الانتخابات الأمريكية
  • إطلالات ساحرة لنجمات العرب
  • بايدن يسعى لكسب الناخبين الأميركيين من أصول أفريقية
  • الأفكار المتطرفة.. وأثرها على العقل المتلقى (1)
  • قمة البحرين العربية.. هل من جديد؟!