قمة شرم الشيخ ترسم ملامح سلام غزة
تاريخ النشر: 14th, October 2025 GMT
«الشماعى» لـ«الـوفد»: القمة عززت دور مصر.. ورسالة أمريكا إلى لبنان «نحن قادمون»
خبراء دوليون: طريق السلام «ملغم».. و«نوبل» دافع واشنطن الخفى
تجنب الرئيس الأمريكى دونالد ترامب الخوض فى تفاصيل ما بعد وقف إطلاق النار فى غزة، مكتفياً بتصريحات مقتضبة عن إعادة الإعمار ومستقبل الفلسطينيين. وصل ترامب إلى إسرائيل فى لحظة رمزية تزامنت مع إطلاق سراح أول رهينة من أصل عشرين، حيث استقبلته حشود إسرائيلية بالتصفيق، واعتبر كثيرون أن له الفضل الأكبر من نتنياهو فى الإفراج ولم الشمل وإنهاء حرب استمرت عامين.
وأمام الكنيست أعلن أن «ما حدث ليس نهاية حرب فحسب، بل نهاية عصر الإرهاب والموت»، مضيفاً أن «هذا هو الفجر التاريخى لشرق أوسط جديد». بعدها توجه إلى قمة شرم الشيخ التى جمعت عشرات القادة وسط أجواء احتفالية، حيث قال الرئيس «عبدالفتاح السيسى»: «كفى حرباً، أهلاً بالسلام». لكن غياب إسرائيل وحركة حماس عن القمة، وصدور إعلان مبادئ من دون التزامات محددة، أثارا تساؤلات حول جدية المسار.
فاجأ «ترامب» الإسرائيليين بطرحه على إيران الانخراط فى مفاوضات رغم القصف الأمريكى الإسرائيلى لمواقعها النووية قبل أربعة أشهر، وهو عرض قوبل بالبرود. وفى المقابل حظى بتصفيق صاخب حين تفاخر باغتيال علماء نوويين إيرانيين. ورغم تأكيده المتكرر أن «الحرب انتهت»، بدا نتنياهو متحفظاً مشترطاً نزع سلاح حماس أو مغادرتها غزة، بينما رفضت الحركة ذلك وبدأت ميليشياتها بالعودة إلى الأحياء.
«ترامب» واصل الربط بين قرارات الدول والمكاسب الاقتصادية، مشيراً إلى أن الانضمام لاتفاقيات إبراهام يعزز التجارة، لكنه أقر بأن المنطقة مليئة بحروب تعرقل التنمية.
وكتب الرئيس الأمريكى السابق جو بايدن أن «اليوم جاء أخيراً» للرهائن ولغزة، مشيداً باتفاق يضع المنطقة على طريق سلام يضمن الكرامة والأمن المتساويين.
الخبيرة «لوسى كورتزر- إيلينبوغن» اعتبرت الهدنة «مرحباً بها لكنها هشة»، فيما شددت «منى يعقوبيان» على أن «السلام يجب أن يبدأ من نقطة ما»، محذرة من عقبات كبيرة. ولا يزال مصير «مجلس السلام» الذى أعلن «ترامب» أنه سيرأسه غامضاً، مع اعتراض فلسطينى على احتمال مشاركة تونى بلير.
واعتبر الدكتور «ميشيل الشماعى» الكاتب والمحلل السياسى اللبنانى فى تصريحه لـ«الوفد» أن مخرجات قمة شرم الشيخ عكست حجم الاهتمام الدولى بالقضية الفلسطينية وبغزة بشكل خاص، مشيراً إلى أن ما جرى فى القمة يعكس وجود إرادة دولية واضحة لإنهاء صراع وصفه «ترامب» بأنه مستمر منذ أكثر من ثلاثة آلاف عام. ورأى «الشماعى» أن هذه الهدنة تشكل فرصة يجب استثمارها لتثبيت وقف إطلاق النار وتفعيل الاتفاق الذى تم التوصل إليه، بحيث تكون هذه اللحظة بمثابة انطلاقة جديدة نحو بناء أطر تشاركية وآليات مراقبة وضمانات، وسط حديث متزايد عن إنشاء آلية دولية للضمان (guarantor mechanism) تشارك فيها دول مثل مصر وتركيا وقطر والولايات المتحدة، لمتابعة تنفيذ التفاهمات ورصد مدى التزام الأطراف بها.
وأشار «الشماعى» إلى أن هذا التطور جاء نتيجة مسار من التراجعات والانكسارات التى أصابت ما كان يعرف بمحور المقاومة، معتبراً أن هذا المحور فشل ميدانياً، ولم يتمكن من محاكاة تجربة «الفيتكونغ» كما حاول تصوير نفسه، بل تحول إلى نموذج يقوم على التضحية بشعبه خدمة لمصالح دول خارجية لم تنظر إلى القضية الفلسطينية إلا باعتبارها ورقة تفاوضية.
غير أن «الشماعى» لفت إلى ثغرة أساسية فى قمة شرم الشيخ، وهى غياب كل من إسرائيل وحماس عن طاولة المفاوضات، ما أضعف الطابع التنفيذى للقاء، وأثار مخاطر بأن يتحول إلى مجرد منصة رمزية أو إعلان نوايا، من دون ترجمة عملية على أرض الواقع، خصوصاً إذا طرأت تطورات دولية قد تبدل أولويات الولايات المتحدة. وعلى الرغم من ذلك، اعتبر أن نتائج القمة تبقى أقرب إلى الإيجابية، لكنها مشوبة بتحفظات كبيرة.
وبالمقارنة بين زيارة «ترامب» إلى إسرائيل وزيارته إلى شرم الشيخ، أوضح «الشماعى» أن الزيارتين تعكسان مسارين مختلفين فى الأهداف والرمزية. ففى شرم الشيخ وشدد «ترامب» على أن القضية الفلسطينية ليست شأناً إسرائيلياً داخلياً بل مسألة ذات أبعاد إقليمية ودولية، كما أن اختيار شرم الشيخ مكاناً للقمة بمشاركة دول ضامنة مثل مصر وتركيا وقطر إلى جانب الولايات المتحدة يعكس تحالفاً دولياً يسعى إلى بلورة مقاربة جديدة. أما فى تل أبيب، فقد بدا «ترامب» بمثابة المنقذ لنتنياهو، إذ طلب من الرئيس الإسرائيلى إسقاط التهم الموجهة إليه، الأمر الذى أعاده إلى واجهة الزعامة الداخلية، كما وجه إشارات إلى المعارضة الإسرائيلية بدت كأنها محاولة لترويضها حتى لا تشكل عقبة أمام المرحلة السياسية المقبلة بقيادة نتنياهو.
وختم «الشماعى» بأن نجاح ما توصل إليه «ترامب» يبقى رهناً بآليات التنفيذ والمتابعة، لا بمجرد الشكل والاحتفاليات، مؤكداً أن الأيام المقبلة ستكون قاسية فى المنطقة مع انعكاسات مباشرة على دول الجوار، ولا سيما لبنان واليمن وإيران. واعتبر أن لبنان قد يكون الأكثر عرضة للتأثر بسبب موقعه الجغرافى، لافتاً إلى أن الرسائل التى وجهها «ترامب» للرئيس اللبنانى العماد جوزاف عون تحمل فى طياتها تحذيرات مبطنة تختصر بعبارة واضحة: «نحن قادمون».
وأضاف «آرون ديفيد ميلر»، المحلل والمفاوض السابق فى وزارة الخارجية لشئون الشرق الأوسط: «إنها لحظة استثنائية وتعبير عن إرادة رئيس أمريكى: محاولة لإنهاء الحرب بين إسرائيل وحماس فى غزة. لكن تحقيق ذلك يتطلب تسلق جبال شاهقة». وبالنسبة لـ«ترامب»، هناك على الأقل حافز واضح واحد للبقاء منخرطاً.
لقد خسر جائزة نوبل للسلام عام 2025 الأسبوع الماضى، ويحاول أنصاره بالفعل الضغط من أجل حصوله على الجائزة العام المقبل؛ بحسب قوله.
وأضاف «ميلر»، المفاوض السابق: «عليك أن تتساءل إن كان سيبقى على هذا النهج. سيعتمد ذلك بالأساس على وجود كنز ثمين فى نهاية المطاف: جائزة نوبل المراوغة، التى يعتقد أنه يستحقها وكتب ريتشارد غولدبرغ، الذى خدم فى مجلس الأمن القومى بالبيت الأبيض خلال ولاية ترامب الأولى، على موقع X: «غداً أصعب، كلمات مثل نزع السلاح، ومحاربة التطرف ليست سوى كلمات بلا أفعال. كل خطوة ستكون مليئة بالمخاطر. وكل خطوة ستعارضها قوى لا تدعم رؤية «ترامب» للسلام. من إيران، ومن الإخوان المسلمين، ومن الأمم المتحدة، ومن آخرين».
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الرئيس الأمريكى د قمة شرم الشیخ إلى أن
إقرأ أيضاً:
نائب رئيس المركز العربي للدراسات: نتنياهو تهرّب من حضور قمة شرم الشيخ.. إسرائيل لا تؤمَن
قال الدكتور مختار غباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كان من المنتظر أن يأتي لقمة شرم الشيخ للسلام بعد طلب من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لكن نتنياهو اعتذر في اللحظات الأخيرة بحجة انشغاله بأعياد دينية، موضحًا أن ذلك كان نوعًا من التهرب من الوجود في هذا المحفل الدولي الكبير.
سبب اعتذار نتنياهو عن حضور قمة شرم الشيخ للسلام:وأضاف "غباشي"، خلال لقاءه مع الإعلامية مروة عبدالجواد، ببرنامج "حوار الساعة"، : "إسرائيل لا تؤمَن، والغدر جزء من طبيعتها، مؤكدًا أنه لا أمان مع إسرائيل ولا ثقة في الولايات المتحدة الأمريكية، ضعوا تحت هذه الجملة مائة خط، لأن الولايات المتحدة هي من شجّعت إسرائيل ووقفت إلى جوارها بكل قوة".
وأوضح أن واشنطن حضرت بقوة في هذه المرحلة، إذ أطلق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خطته التي لم يكن يتوقع أن تلقى ردًا إيجابيًا، لكن حين جاء الرد الإيجابي من المقاومة، تمسكت بها الولايات المتحدة، وبدأت في التحرك الفعلي لإنجاحها.
وتابع: "استقبال ترامب في الكنيست كان احتفاءً مهيبًا، لكنه أطلق تصريحات مقلقة للغاية، أبرزها تأكيده أن القدس عاصمة موحدة للكيان الإسرائيلي، وهو ما يتناقض مع فكرة حل الدولتين أو إقامة الدولة الفلسطينية المستقبلية.