طهران- للمرة الأولى منذ القصف الإيراني على أربيل مطلع العام الجاري، والرابعة خلال 10 أعوام، قام رئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان البارزاني بزيارة رسمية إلى طهران، حيث بدأ أول أمس الاثنين لقاءاته مع كبار المسؤولين الإيرانيين لمناقشة الملفات السياسية والأمنية والاقتصادية التي حملها بجعبته.

وحرص البارزاني في زيارته، المتواصلة على مدى يومين، على مناقشة هذه الملفات مع كل من المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، والرئيس إبراهيم رئيسي، ووزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان، فضلا عن اجتماعه بأمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي أكبر أحمديان، ورئيس البرلمان محمد باقر قاليباف.

وعلى ضوء التوتر الذي شاب العلاقات بين إيران والإقليم بسبب تكرار هجمات الحرس الثوري الإيراني ضد أهداف شمالي العراق خلال السنوات الأخيرة، أعرب المسؤول الكردي -الذي سبق وعاش أعواما في الجمهورية الإسلامية ويتقن لغتها الفارسية- عن رغبته "بتطوير العلاقات الشاملة" بين طهران وأربيل.

خامنئي (يسار) يستقبل البارزاني في الصالة المخصصة لاستقبال المسؤولين الإيرانيين (الصحافة الإيرانية) لقاء المرشد

اللافت في لقاء البارزاني بالمرشد الإيراني أن الأخير استقبل ضيفه في الصالة المخصصة لاستقبال المسؤولين الإيرانيين بدلا من القاعة المخصصة لاستقبال الضيوف الأجانب، كما أنه لا وجود لعلم إقليم كردستان العراق في الاجتماع، وفق الصور التي نشرها مكتب المرشد.

من ناحيته، أشاد المتحدث الأسبق باسم الخارجية الإيرانية حسين جابري أنصاري بهذه الخطوة، واعتبر، في تغريدته على منصة "إكس"، أنها "تدل على أن مكانة أكراد العراق أعلى من علاقة الجيرة، بل أكثر قربا، وهو كذلك بالفعل، فالأكراد من أقدم سكان الهضبة الإيرانية، إنه إجراء ذكي وجميل ومحمود ومفعم بالأمل".

في المقابل، يرى بعض المراقبين الإيرانيين أن الخطوة مقصودة، وتدل على حرص طهران أن يكون تعاملها مع مسؤولي الإقليم في إطار العراق الواحد، وتحت العلم العراقي دون أعلام الطوائف والأحزاب والمكونات السياسية الأخرى.

أما الضيف الكردي، فقد غرد بالفارسية عقب اللقاء "تشرفت اليوم بلقاء القائد المعظم للجمهورية الإسلامية آية الله العظمى السيد علي خامنئي في طهران.. أكدت خلال اللقاء على استعداد العراق وإقليم كردستان لتعزيز العلاقة مع إيران على كافة الصعد".

أكراد العراق يحتفلون تأييدا للاستفتاء الشعبي عام 2017 (رويترز) ملفات ساخنة

وعلى الرغم من أن التصريحات الرسمية تركز على مناقشة الجانبين تنفيذ الاتفاق الأمني الموقع بين إيران والعراق العام الماضي، وضبط الحدود المشتركة، ونزع سلاح الجماعات الكردية المناوئة لإيران، وتعزيز العلاقات التجارية بينهما، فإن طيفا من المراقبين الإيرانيين يرى أن ثمة ملفات غير معلنة تطغى على الأجندة الرسمية.

ووفقا لهذه الشريحة، فإنه لا يمكن قراءة زيارة وفد أربيل إلى طهران خارج إطار التوتر الناجم بينهما، إثر إجراء الاستفتاء الشعبي عام 2017 لاستقلال الإقليم عن العراق، إلى جانب السياسات التي تصب في صالح تعزيز العلاقات الكردية مع واشنطن وتل أبيب على حساب العلاقات الكردية الإيرانية.

وفي السياق، يعتقد الباحث السياسي والسفير الإيراني الأسبق في ليبيا جعفر قناد باشي، أن زيارة البارزاني إلى طهران تأتي تكريسا لرغبة كل من أربيل وطهران بفتح صفحة جديدة في علاقاتهما وطي الخلافات الماضية.

وفي حديثه للجزيرة نت، يشير الدبلوماسي الإيراني السابق إلى أن طهران تعمدت عدم زيارة مسؤوليها أربيل خلال السنوات الثلاث الماضية، رغم الزيارات الرسمية العديدة التي قام بها وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إلى بغداد، مستدركا أن الجانب الإيراني كان قد بعث قبل أسابيع قليلة وفدا دبلوماسيا إلى الإقليم للتعبير عن الرغبة بردم الهوة بينهما.

وتابع أن زيارة البارزاني تأتي عقب تحركات دبلوماسية كردية، تمثلت في زيارة كل من رئيس الوزراء مسرور البارزاني إلى الولايات المتحدة، واستقبال أربيل الشهر الماضي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وزيارة نيجيرفان البارزاني الأخيرة إلى بغداد، معتبرا أن الجانب الكردي يرغب بتعزيز علاقاته مع القوى الإقليمية، وعلى رأسها طهران.

وخلص قناد باشي إلى أن بلاده لا تريد التفريط بعلاقاتها التاريخية مع القوى الكردية، أو السماح باتساع الشرخ في علاقاتها مع أربيل، ما قد يدفع الأخيرة نحو القوى المنافسة إقليميا ودوليا.

موازنة القوة

ويرى الباحث السياسي الكردي صلاح الدين خديو أن تركيبة الوفد المرافق لنيجيرفان البارزاني في زيارته إلى إيران وعقده اجتماعات مع هرم السلطة في الجمهورية الإسلامية والمؤسسات السياسية والأمنية الأخرى، تدل على أهمية الزيارة والمباحثات الثنائية التي سبقتها خلف الكواليس.

وفي حديثه للجزيرة نت، يرى أن الزيارة تأتي في إطار سياسة الحزب الديمقراطي الكردستاني لترميم علاقاته مع طهران، في سياق موازنة القوة داخل الإقليم وخارجه، لا سيما عقب التقارب بين أنقرة وبغداد.

وأكد أن زيارة البارزاني تهدف إلى استخدام نفوذ طهران، بغية إرجاء الانتخابات البرلمانية في الإقليم المقررة الشهر المقبل، والمساعدة في إلغاء قرار المحكمة الاتحادية العراقية بشأن انتخابات الإقليم، فضلا عن الاستقواء بالجارة الشرقية على الأحزاب الكردية المنافسة.

وكانت المحكمة الاتحادية العليا في العراق قد أصدرت في فبراير/شباط الماضي قرارا يحدد عدد أعضاء برلمان الإقليم بحدود 100 نائب بدلا من 111 عضوا، وتسليم المفوضية العليا للانتخابات إدارة انتخابات الإقليم بدلا من هيئة محلية، وهو ما يرفضه الحزب الديمقراطي الكردستاني.

ورأى خديو أن طهران تثير ملفات أمنية حساسة مع الضيف الكردي، كتنفيذ الاتفاق الأمني بحذافيره، وتحييد الأحزاب الكردية المناهضة لها، وكذلك موضوع حضور الاستخبارات الإسرائيلية شمالي العراق، وتطالب بتغيير السياسات الإعلامية لبعض وسائل الإعلام الكردية ذات النفوذ في المناطق الكردية داخل إيران.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات البارزانی فی

إقرأ أيضاً:

منح أكراد إيران وسوريا وتركيا الجنسية والجواز العراقي من قبل الإقليم خيانة كبرى

آخر تحديث: 18 ماي 2024 - 10:14 ص بغداد/ شبكة أخبار العراق- أصدرت وزارة الداخلية العراقية، أمراً بإبطال جواز سفر رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني، المُعارض، مصطفى محمد هجري، دون الحديث عن أسباب القرار، لكنه جاء بالتزامن مع الاتفاق العراقي الإيراني بشأن إبعاد المعارضة الإيرانية عن الشريط الحدودي بين البلدين، والذي يبدو أن من نتائجه  إسقاط جوازات عراقية مُنحت لإيرانيين معارضين. وبدأ العراق يسحب جوازات سفر من إيرانيين معارضين في إطار الخطوات التصعيدية التي تبنتها الحكومة العراقية بالتنسيق مع حكومة إقليم كردستان، شمالي البلاد، للتضييق على المعارضة الإيرانية ونشاطاتها ضد النظام في طهران. وتشير المعلومات، أن العراق يسحب جوازات سفر من إيرانيين معارضين إذ إن “السلطات العراقية أسقطت إلى جانب جواز هجري، عدداً آخر من جوازات عراقية لشخصيات إيرانية كردية تبين أنها حصلت عليها من خلال دائرة الجوازات والأحوال المدنية في إقليم كردستان وبشكل غير قانوني ومُنحت لهم لتسهيل تنقلهم وسفرهم. وقال مسؤولان في وزارة الداخلية ببغداد، إن الاستخبارات الإيرانية هي من أطلعت بغداد على القضية، ولم يتم اكتشافها من قبل العراق كون صدور الجوازات العراقية لهذه الشخصيات تمّ بشكل رسمي وضمن مستندات وأوراق تم إصدارها لهم في إقليم كردستان.وحصل المعارضون الإيرانيون على الجوازات العراقية من دائرة الجوازات والأحوال المدنية في إقليم كردستان وبشكل غير قانوني وسبق أن نشرت وسائل إعلام إيرانية قريبة من الحرس الثوري، تقارير تحدثت عن إسقاط الحكومة العراقية جوازات سفر ستة من الأعضاء الرئيسيين والمؤثرين في الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني في العراق، وهم كل من: محمد نظيف إبراهيم لطيف الله قادري، شهريار إسماعيل إبراهيم، ناهيد مهران حسام الدين، كاوه رستم فتاح، دارا خالص أحمد وطاهر خالد علي.وبينما بدأ العراق يسحب جوازات سفر من إيرانيين معارضين، تنشط القوى والأحزاب المعارضة للحكم في إيران، في مناطق وبلدات الشريط العراقي الإيراني الحدودي، وهي مناطق ذات تضاريس صعبة، أبرزها مناطق جبال وقرى جومان، وسيدكان، وسوران، وسيد صادق، وخليفان، وبالكايتي، وقنديل، وكويسنجق، وحلبجة، ورانيا ضمن إقليم كردستان، شمالي أربيل وشرقي السليمانية. وأبرز هذه القوى أحزاب حدك وكوملة وبيجاك، إضافة إلى منظمة خبات. ويعتبر الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني المعروف اختصاراً باسم “حدك”، أبرز القوى الإيرانية المعارضة المقربة من الحزب الحاكم في إقليم كردستان العراق، الديمقراطي الكردستاني، بزعامة مسعود البارزاني. وأثار تزويد المعارضين الأجانب بالجوازات العراقية وتجنيس أعداد منهم، حساسية مراقبين عراقيين. وبحسب المعلومات ، فإن “أطرافاً سياسية في إقليم كردستان تتورط بقضية منح الجنسية العراقية لعشرات المعارضين الأكراد الإيرانيين خلال السنوات الماضية لأسباب مختلفة دون الرجوع إلى بغداد”، كما أن من بين الأفراد الذين حصلوا على الجنسية العراقية، أكرادا سوريين يرتبطون بقوات سوريا الديمقراطية، (قسد) وآخرين هم عناصر من حزب العمال الكردستاني، وهذا يعود إلى وجود منظومة جوازات عراقية رسمية في الإقليم تتولى عملية الإصدار وترتبط أرقامها التسلسلية بوزارة الداخلية في بغداد أو من خلال استصدار هويات الأحوال المدنية لهم. ويعاني العراق من اضطراب السجلات المدنية المتعلقة بمدن إقليم كردستان، وهذا عائد إلى فترة خروج محافظات الإقليم الثلاث، أربيل والسليمانية ودهوك، عن سيطرة بغداد إبان نظام صدام حسين منذ عام 1991 ولغاية عام 2003. مع العلم أن القانون العراقي ينص على أن منح الجنسية العراقية، لا يكون إلا بقرار من وزير الداخلية حصراً، وهو ما ينطبق على منح جوازات عراقية. ويعد هذا الملف أحد الإشكالات التي عادة ما تطرح خلال اللقاءات الأمنية والسياسية بين إقليم كردستان وتركيا وإيران، وسط نفي أربيل الدائم لذلك.وفي فبراير/شباط الماضي، هاجم الوزير العراقي السابق، عضو حزب الدعوة الإسلامية، جاسم محمد جعفر، حكومة إقليم كردستان لاستمرارها في ما وصفه بـ”سياسة احتواء الإرهابيين والمعارضين والمطلوبين للقضاء”. واعتبر أن منح معارضين إيرانيين جنسية وجوازات عراقية يعدّ مخالفاً للدستور. وقال محمد جعفر في تصريحات له، إن “مناطق إقليم كردستان أصبحت مرتعاً للعناصر الإرهابية والجماعات المعارضة لدول الجوار، وأن هناك لعبة جديدة من إدارة إقليم كردستان لجلب أكراد الدول المجاورة وتقديم التسهيلات اللازمة لهم”. وكانت بغداد وطهران، قد وقّعتا في 30 أغسطس/آب الماضي، اتفاقية أمنية تقضي بإنهاء معسكرات المعارضة الكردية الإيرانية الموجودة في إقليم كردستان على الحدود مع إيران، كما تقضي بإيقاف طهران عملياتها العسكرية داخل البلدات الحدودية العراقية. وجاء هذا الاتفاق بعد تهديدات إيرانية بمهاجمة الإقليم العراقي بالصواريخ والأسلحة إذا “لم تفِ بغداد بالتزاماتها بشأن الجماعات المسلحة”. وبالفعل، شنَّ الحرس الثوري الإيراني في سبتمبر/أيلول الماضي، هجوماً بأكثر من 70 صاروخ أرض – جو والعشرات من الطائرات المسّيرة المفخخة على كردستان العراق، استهدف مقرات متفرقة للإيرانيين المعارضين.وبعد أن بدأ العراق يسحب جوازات سفر من إيرانيين معارضين، يعلّق سياسي كردي إيراني معارض في أربيل، على الموضوع، ويقول إنه “معروف وقديم”، مضيفاً أن “شخصيات قيادية في أحزاب المعارضة الإيرانية الكردية حصلت على جوازات عراقية بهدف التنقل المريح بين بعض الدول، أملاً في الحصول على دعم مادي للنشاطات السياسية والإعلامية التي تقودها ضد إيران”. وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أكد مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي، نقل بغداد جميع “مسلحي الجماعات الإيرانية الكردية المعارضة” من مواقعهم في السليمانية وأربيل إلى مناطق بعيدة عن الحدود مع إيران. كما أشار إلى أن قوات حرس الحدود العراقية والبيشمركة، سيطرت على مواقع مسلحي المعارضة الإيرانية، وأن السلطات العراقية تنقل “المسلحين” إلى مخيمات خاصة بعيدة عن الحدود.من بين الذين حصلوا على الجنسية العراقية، أكراد سوريون يرتبطون بقسد وآخرون من الكردستاني. الناشط السياسي الكردي شاهو القرة داغي،قال في حديث صحفي، أن “الحزبين الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، كلاهما قدما الجنسية العراقية وجوازات عراقية لشخصيات معينة سواء إيرانية أو سورية كردية، ولكن حتى الآن لا يوجد إحصاء دقيق بأعداد الذين مُنحوا الجنسية والجوازات بسبب الغموض الذي يكتنف الموضوع”. ولفت القرة داغي، إلى أنه “في السابق كان بعض نواب البرلمان في إقليم كردستان قد أثاروا موضوع مشاركة الآلاف من عناصر قوات حسين يزدان بنا (زعيم حزب الحرية الكردستاني الإيراني) وقوات روز السورية في الانتخابات لصالح الديمقراطي الكردستاني، ولكن لا أتصور أن أعداد المجنسين يمكن أن تؤثر كثيراً على المعادلة الانتخابية في الإقليم، بل يمكن أن تضمن منافع مالية كالرواتب، وامتيازات أخرى لهم دون أن يصل تأثيرهم إلى أبعد من ذلك”.

مقالات مشابهة

  • العراق يوجه بعرض الإمكانات المتوفرة على طهران للبحث عن مروحية الرئيس الإيراني
  • حكومة طهران: عملية البحث عن مروحية الرئيس الإيراني تواجه ظروفا صعبة
  • «القاهرة الإخبارية»: طهران تعلن عدم العثور على مروحية الرئيس الإيراني
  • طهران تايمز: لم يتم العثور على طائرة الرئيس الإيراني "حتى الآن" وجهود مكثفة للعثور عليها
  • شاعر الحوثيين يسبّح بحمد إيران وفارس أمام وزير الخارجية الإيراني في طهران
  • إيران على عتبة النادي النووي
  • ما هي الملفات التي سيبحثها ولي العهد السعودي خلال زيارته اليابان؟
  • بايت:يشبه الإقليم بولاية أوكلاهوما الأمريكية ولكن بشكل مصغر
  • منح أكراد إيران وسوريا وتركيا الجنسية والجواز العراقي من قبل الإقليم خيانة كبرى
  • بمشاركة رئيس اتحاد الكتاب العرب ندوات ولقاءات في معرض طهران الدولي للكتاب