ضحكات مرتفعة وخطوات صغيرة تجرى وراء بعضها، مشهد ملىء بالحيوية والطاقة، أبطاله صغار قرر أهاليهم استغلال إجازة انتهاء العام الدراسى لإخراج طاقتهم فى أمر مفيد، والاستفادة كذلك بممارسة الأنشطة المختلفة والحصول على معلومات تزيدهم ثراءً معرفياً.

كامب الأطفال للتعليم والترفيه

«كامب للأطفال»، صار المنشور الذى يجذب الأهالى عبر وسائل التواصل الاجتماعى، يرغبون فى تحقيق أكبر فائدة ممكنة خلال شهور الإجازة لأطفالهم من مختلف الأعمار، وحسب كل فئة عمرية يُحدد نوع «المعسكر» الذى ينضمون إليه.

داخل محمية وادى دجلة وثرائها البيئى، اختار أحمد فتحى، رئيس مؤسسة «شباب بتحب مصر» أن يكون زائروها من الأطفال، كما أن وزارة البيئة أعفت المؤسسة من رسوم التخييم والدخول إلى المحمية، وهو ما ساعدهم فى الاستمتاع بـ«الكامب»: «الأطفال كانوا مبسوطين جداً بالكامب، والأهالى حبوا الفكرة جداً وطلبوا إنها تتكرر تانى»، ليوضح «فتحى» أن فكرة المحمية قائمة على دراسة المعلومات الخاصة بالمحمية ونشأتها.

محمية وادي دجلة

يحكى «فتحى» عن تجربتهم لإيصال المعلومات بطريقة مختلفة إلى الأطفال بداية من عمر الـ5 سنوات، وإقبال الأهالى: «من إجازة العيد واحنا بدأنا نستعد للكامب فى محمية وادى دجلة ونزلنا استمارة على الموقع الخاص بالمؤسسة والأهالى سجلت للحضور وكان الإقبال أكبر من العدد المستهدف بكتير».

فى أحد الأماكن الترفيهية ينتشر الأطفال؛ منهم من يستمتع بالألعاب المختلفة، ومنهم من يمتطى الحصان، ومنهم من ينشغل بالتجارب العلمية البسيطة، ومن ينظر إليهم قد يظن أنها رحلة عائلية بسبب التقارب القوى بين الأطفال وأقرانهم، وسط حالة من الرغبة فى الاستمتاع بالإجازة الصيفية.

مع دخول الإجازة الصيفية وانتهاء أطفال الروضة من الدراسة، أراد بعض مديريها الترفيه عن الأطفال الصغار، بجانب التذكير بما درسوه خلال الفترة الماضية، بالإضافة إلى تعليمهم أشياء جديدة فى شكل آخر، أو ما أطلقوا عليها «معلومة ترفيهية».

أنشطة تعليمية في نادي الفروسية

«أنا حابة أطلع الأطفال من جو الدراسة اللى متعودين عليها وأوصل لهم المعلومة بطريقة وأنشطة مختلفة»، كلمات بدأت بها صفا عادل محمد، صاحبة روضة خاصة للأطفال، حديثها لـ«الوطن»، مشيرة إلى استعانتها بالعديد من معلمى الأنشطة التعليمية المختلفة حتى تستطيع إيصال المعلومة إلى الأطفال بالطرق الترفيهية.

هنا تختلف شروط ذهاب الأطفال إلى كامب اليوم الواحد، الذى يبدأ من سن 5 سنوات، دون ذهاب أولياء الأمور برفقتهم: «مسئولية الأطفال بتكون كاملة معايا أنا والفريق علشان يقدروا يتحملوا المسئولية فى المستقبل ويعتبر من الدروس الأولى فى الاعتماد على النفس».

كامب للفروسية، كان آخر ما قامت به «صفا» حتى تعلِّم الأطفال كل ما يتعلق بالخيل والفروسية فى إطار ترفيهى محبب إليهم: «دايماً علشان توصل المعلومة لطفل وصلها ليه بطريقة لعبة وده إحنا اللى بنعمله فى الكامب، علشان أوصل أهمية الزراعة والاهتمام بالنباتات والطيور أو الحيوانات خدتهم مزرعة فى إسكندرية»، موضحة أنها تعمل فى هذا المجال منذ 9 سنوات، وتتمتع بخبرة عالية به والتعامل مع الأطفال.

حالة من الفرحة والبهجة سيطرت على أولياء أمور الأطفال بعد انتشار فكرة الكامب وكيفية الطرق التعليمية المختلفة التى تقدم إليهم، وهو ما حدث مع آلاء نور، محاسبة بأحد البنوك: «أنا طبيعة شغلى مش بكون دايماً مع ابنى، وفكرة الكامب كانت حلوة جداً، خاصة مع الأطفال اللى بتحب تعرف كل حاجة وعندها طاقة كبيرة عايزة تخرّجها».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: كامب كامب الأطفال الفروسية مخيم محمية وادي دجلة

إقرأ أيضاً:

رواية سراب دجلة لخالد عبد الجابر.. إرث الخذلان والفقد

يبدو أن الكثير من الروائيين العرب تشغلهم فكرة الغربة والاغتراب، سواء في الوطن أو بعيدا عنه. إذ تناقش الكثير من الروايات الصادرة خلال الخمس سنوات الأخيرة أزمة الغياب أو التغييب عن الأرض والوطن وحتى عن الذات.

ولم تكن رواية "سراب دجلة" للكاتب المصري الشاب خالد عبد الجابر والصادرة بطبعتها الأولى عن دار العين المصرية في عام 2023 تغرد بعيدا عن سرب البحث عن طوق النجاة في وطن بديل.

تبدأ الرواية مشحونة بكم كبير من الإهداءات على 3 مستويات: لأفراد من عائلة الكاتب، للأبنودي والأسطى حراجي، وإلى كل الذين عافوا أرضهم بحثا عن الأنا الضائعة على أرصفة المهجر.

لم يكن هذا الزخم العرفاني عشوائيا؛ فكأن عبد الجابر يخبرنا عن هؤلاء الذين ألقوا بأحمال قصصهم فوق كتفيه وقالوا له: "اكتبنا، فنحن متعبون!".

أما بداية القص فلم تكن أقل جودة من الإهداء، إذ ومنذ الصفحة الأولى يبدأ عبد الجابر استخدام تقنيات كتابية تثري النص، واضعة القارئ قبالة تجربة فريدة من الاستمتاع الموجع.

ففي الجزء الأول من الفصل الأول نجد الكاتب يفتتح روايته بتقنية "التكثيف السردي" في فصل لا يتجاوز الثلاث صفحات، يطرح من خلالها وبشكل بانورامي سينمائي أخاذ أغلب المواضيع التي ستناقشها الرواية تباعا، بدءا من الغربة، وعنوان الفصل هو الغريب، مرورا بكيف وصل إلى العراق، ذكرياته مع والده ووالدته وشقيقته على الطبلية.

إعلان

ويتكلم عن قريتهم وبيتهم الدافئ، غرفة السكن الموحشة في بغداد مع أناس لا يعرفهم ولا يفهم مشاعرهم وطرق عيشهم، علاقته الوطيدة بجده الذي تتلمذ على يده فوق مصطبة احتضنت الكثير من ذكرياته، انتهاء ببدئه كتابة الرسالة الأولى التي ستكون واحدة من رسائل كثيرة بينه وبين والده في مصر.

تقنيات السرد

يتأرجح السرد في رواية "سراب دجلة" بين 3 تقنيات: الراوي العليم، ضمير المتكلم لأغلب الشخوص الرئيسة، والرسائل بين صادق ووالده محمد.

هذا اللعب والانتقال بين راو عليم يدرك مكنونات الشخوص، وضمير متكلم يفرد مساحة خاصة لكل شخصية بأن تفصح عن مخاوفها ومآسيها وأوجاعها، والرسائل التي استخدمها عبد الجابر لتنوب عن الحوارات شبه المعدومة في الرواية، خلقت جوا حميميا أضفى على السرد سلاسة وخصوصية تشد القارئ وتجعله جزءا من دائرة القص.

ومتابعة لتقنيات الكتابة المستخدمة في هذه الرواية، من اللافت استحضار البيئة وتوظيفها في إدارة تصرفات ومصائر شخوص العمل، إذ نرى كيف أثرت بيئة القرية والتربية على قرارات غالبية شخوص العمل، كأن يقرر محمد المصري خوض الحرب دفاعا عن أرضه وبيته وكرامته.

إذ إن الأرض هي العِرض في مفهوم بنيته، تماما كولده صادق الذي انتعل الهجرة وسيلة لجمع المال وشراء الأرض التي فقدوها، لا بسبب الحرب بل بسبب جشع العم إبراهيم (شقيق محمد والعشيق السابق لزوجته زينب) الذي وضع يده على ممتلكات الجد بعد وفاته مستفيدا من غياب محمد في الحرب.

لغويا، كان التنقل بين الجمل الاسمية والجمل الفعلية واحدا من أهم نقط قوة العمل، فقد منح هذا التنقل بعدا جماليا بعيدا عن نمطية الاكتفاء بالجمل الفعلية أو الاسمية. كما أن استخدام صيغة النفي مفتتَحًا للكثير من الجمل جعل للغة سطوتها، إذ كانت قوية وحاسمة. الأمر اللافت الآخر في اللغة (نحويا) هو تقديم الخبر على المبتدأ في الكثير من الجمل ما خلق تنوعا نحويا بلاغيا وتناغما صوتيا في السرد.

إعلان

ربما فات الكاتب استخدام بعض الكلمات والحوارات العامية التي أعتقد أنها كانت ستخدم جوهر النص، فنحن هنا نتحدث عن صادق، ابن الريف الذي ذهب للعيش في العراق، وتحديدا في بغداد، وعقبة اختلاف اللهجات قد تكون أول ما يتعثر به المغترب. فوجود بعض الفوارق في اللهجات وطرحها في العمل كانت ستخدم النص وتضفي عليه بعدا جماليا.

المصطبة في هذه الرواية لم تكن مجرد حجارة يجلس فيها المارة، بل كانت المكان الذي علم الجد فيه أبناء القرية ومنهم صادق، والمكان الذي شهد خيبات الجد وانكساراته وفرحه (مولدة بالذكاء الاصطناعي-الجزيرة) تشظي الزمان وشخصنة المكان

لم يكن المكان في رواية "سراب دجلة" مجرد الوعاء الحاضن للحدث، لكنه كثيرا ما نما وتطور وتغير وغير، سواء كان المكان داخليا (غرفة السكن في بغداد، منزل ونس النيل في القرية، منزل العائلة الكبير، المقهى في بغداد حيث عمل صادق، مكتبة الفرات، مصطبة الجد)، أو خارجيا (بغداد، الغيط، شارع المتنبي، قرية ونس النيل).

أثر المكان في مصائر شخوص العمل، فالأرض هي ما دفع محمد ليركب موج الحرب دفاعا عنها، وهي ما دفع صادق للغربة جمعا للمال لشرائها، كما كانت شخصية الفلاح المهيمنة على صادق والتي هي تحصيل حاصل لعيشه في الغيط هي ما أدت به لفقدان وظيفته الأولى في بغداد عندما عمل كصبي في قهوة. ثار الفلاح فيه، فكيف بيد كانت البارحة تضرب بالفأس لتزرع، تتحول بليلة وضحاها ليد تخدم الغرباء؟

الأرض في رواية "سراب دجلة" كانت السبب، وبغداد كانت النتيجة. صادق هزمه نيل مصر، فالتجأ إلى دجلة العراق طلبا للعون، لكنه عاد خائبًا لحضن النيل طالبا العفو والسماح، فدجلة لم يرو عطشه، لأنه كان سرابا. وهنا تكمن جمالية العنوان… سراب دجلة! تلك العبارة الناقصة بمبتدأ لا خبر فيه حتى وإن حاول المضاف إليه شغل محل الخبر. يبقى الخبر خبرا لا بديل عنه.

إعلان

لخالد عبد الجابر قدرة هائلة في استخدام تقنية الشخصنة الروائية بمنحه الروح والصفات البشرية للجماد من حوله. فالمصطبة في هذه الرواية لم تكن مجرد حجارة يجلس فيها المارة، بل كانت المكان الذي علم الجد فيه أبناء القرية ومنهم صادق، المكان الذي شهد خيبات الجد وانكساراته وفرحه عندما علق صورة جمال عبد الناصر فوقها، المصطبة التي لعب عندها محمد في طفولته، سقط عندها، جرح جبينه فوقها.

المصطبة التي عاد إليها محمد بعد سنوات يسأل أين ذهب الراحلون؟ وإن بقيت الأمكنة، فمن يعيد إلينا الغياب؟ هنا لعبوا، ركضوا، هربوا من غضب أبيهم، سقطوا، ضحكوا، وبكوا. هي المصطبة التي بعد سنوات طويلة بنى محمد مثلها قبالة بيته، جلس فيها يشرب الشاي ويلقي الجائلة عليه السلام حتى عاد إبراهيم إليه منكسرا يطلب السماح على خيانته. هي المصطبة التي مات فوقها محمد المصري ليطوي قصة رجل أحب أرضه وبذل نفسه فيها.

شخوص تبحث عن الخلاص

شخوص العمل كانت كلها بشكل عام أساسية. منها من استمر على طول السرد ومنها من لم يظهر بشخصه كالشحات رفيق محمد في الحرب.

وثمة الكثير من الشخوص المعقدة في تركيبها والتي تترك القارئ في ارتباك قبالة الحكم عليها، أهو جلاد أم ضحية، وتحديدا إبراهيم الذي كان له ما له وعليه ما عليه. فهو ظلم وبخس حقه في التعليم لصالح شقيقه محمد، هو من تعب وكد في الأرض بينما كان محمد في المدارس يتعلم. لكن يبقى السؤال: هل برر هذا خيانته وسرقة نصيب محمد وأختيه من ميراث الأب؟

"سراب دجلة" بداية واعدة لكاتب موهوب، صادق وحساس ننتظر منه الكثير لأنَّ -فعلا- في جعبته الكثير.

مقالات مشابهة

  • "صفقة قد تهز الكامب نو".. فليك يضع لوكمان في دائرة اهتمام برشلونة
  • دعاء يوم التروية 2025.. أدعية مستحبة ومعلومات عن فضل اليوم الثامن من ذي الحجة
  • صحة الدقهلية تُعلن خارطة أماكن توزيع الألبان المدعمة خلال إجازة العيد
  • «عيد الأضحى في أبوظبي».. تجارب ثقافية وفعاليات ترفيهية
  • مبادرة عراقية لحماية مياه دجلة والفرات تواجه تحديات وانتقادات
  • «نسائية دبي» تُسعد الأيتام بفعالية ترفيهية
  • إستمرار صرف ألبان الأطفال المدعمة بالقليوبية خلال إجازة عيد الأضحى المبارك
  • جزيرة ياس تستضيف برنامجاً صيفياً للأطفال في مدنها الترفيهية المختلفة
  • رواية سراب دجلة لخالد عبد الجابر.. إرث الخذلان والفقد
  • فعالية ترفيهية تتحول إلى كابوس في مرسين التركية