صندوق النقد: قطر لديها القدرة على الصمود في مواجهة عدم اليقين العالمي
تاريخ النشر: 18th, May 2024 GMT
قال خبراء صندوق البنك الدولي إن دولة قطر لا تزال تبدي قدرة كبيرة على الصمود في مواجهة عدم اليقين العالمي والتوترات الجيوسياسية، كما لم يكن للصراع بين إسرائيل وغزة أي تأثير ملموس على قطر، فضلًا عن أن التوتر الذي يشهده البحر الأحمر لم يؤثر على صادرات قطر من الغاز الطبيعي المسال إلا لفترة مؤقتة نظرا لقيامها بتحويل المسار.
وكشف خبراء صندوق البنك الدولي، أن قطر تتمتع بوضع متميز باعتبارها من البلدان القلائل التي قامت وكالات التصنيف الثلاث برفع تصنيفها الائتماني السيادي في الشهور الماضية. كذلك أكدت المؤشرات عالية التواتر للأسواق المالية قدرة قطر على الصمود، لافتين إلى أن «استراتيجية التنمية الوطنية الثالثة» التي أطلقتها قطر في يناير 2024 تقوم على تقييم صريح للتقدم المحرز والدروس المستخلصة التي تسلط الضوء على الحاجة إلى التحول من نموذج النمو المكلف الذي تموله الحكومة إلى نموذج أكثر ديناميكية يقوده القطاع الخاص، على أن تصبح الدولة عاملا تمكينيا في هذا السياق.
مبادرات جريئة مقترحةوذكر فريق الخبراء الذي زار قطر لمدة 10 أيام، أن هناك مبادرات جريئة مقترحة للتعجيل بتنويع الاقتصاد، وإعطاء دفعة للإنتاجية والتنافسية، وتعزيز الاستدامة المناخية، مؤكدين أن الاستراتيجية الشاملة والطموحة جديرة بالترحيب، كما أن تركيزها الاستراتيجي متسق مع المشورة السابقة من الصندوق.
وقالت ران بي رئيسة فريق خبراء صندوق النقد الدولي: «استثماراً لزخم الإصلاحات التي أجريت مؤخرا والظهور البارز الذي حققته استضافة مباريات كأس العالم لكرة القدم عام 2022، أطلقت قطر "استراتيجية التنمية الوطنية الثالثة" في يناير 2024 لتسريع مسيرة التحول نحو "رؤية قطر الوطنية 2030". وتتيح "استراتيجية التنمية الوطنية الثالثة" برنامج عمل يحدد الأولويات والإصلاحات الاستراتيجية اللازمة في السنوات القادمة (2024-2030)».
ارتفاع نمو اقتصاد قطر 1.7% في 2024-2025وأضافت بي: «قد استمرت عودة النمو إلى وضعه الطبيعي عقب استضافة كأس العالم لكرة القدم، حيث يُقَدَّر نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي بنحو 1، 3% في عام 2023. ومن المرجح أن يستقر النمو على انخفاض في المدى القريب ثم ينتعش بالتدريج إلى 1، 75% في 2024-2025، حيث يتلقى نمو الناتج غير الهيدروكربوني الدعم من استثمارات القطاع العام، ومكتسبات مشروع التوسع الجاري في إنتاج الغاز الطبيعي المسال، وحركة السياحة القوية. وتبدو آفاق المدى المتوسط أكثر إيجابية، إذ يُتوقع أن يصل النمو المتوسط إلى نحو 4، 5%، على أثر التوسع الكبير في إنتاج الغاز الطبيعي المسال عند استكمال مشروعي التوسعة الشرقي والجنوبي لحقل الشمال، وكذلك زيادة قوة النمو غير الهيدروكربوني عند البدء في جني الثمار الأولى لتنفيذ استراتيجية التنمية الوطنية الثالثة. وسيؤدي مشروع توسعة حقل الشمال الغربي الذي أُعلِن مؤخرا إلى زيادة إنتاج الغاز الطبيعي المسال بنسبة إضافية قدرها 20% بحلول عام 2030، مما يؤدي إلى مزيد من التحسن في آفاق المدى المتوسط. ومن المتوقع أن يتراجع التضخم الكلي إلى 2، 5% في عام 2024 وأن يقترب بالتدريج من 2% على المدى المتوسط. ومن المرجح أن يستمر تحقيق فوائض في الحساب الخارجي وحساب المالية العامة على المدى المتوسط، مع افتراض ارتفاع أسعار الهيدروكربونات واستمرار حصافة إدارة المالية العامة. وتتسم المخاطر التي تواجه آفاق النمو بالتوازن على وجه العموم.
تنفيذ العديد من الإصلاحات الهيكليةوأشارت خبيرة صندوق النقد إلى أنه تم الحفاظ على الانضباط المالي واسع النطاق، ويجري العمل على تنفيذ العديد من الإصلاحات الهيكلية على مستوى المالية العامة. ومن المقدر أن يبلغ فائض الموازنة الكلي 5، 5% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2023، مع تحسن الفائض الأولي غير الهيدروكربوني بأكثر من نقطتين مئويتين من إجمالي الناتج المحلي غير الهيدروكربوني، مما يشير إلى استمرار الضبط المالي. ومن المقدر أيضا أن ينخفض دين الحكومة المركزية بحوالي 3 نقاط مئوية إلى أقل من 40% من إجمالي الناتج المحلي بحلول نهاية 2023. وتحتوي ميزانية 2024 على مزيد من التخفيضات في الإنفاق مقارنة بنتائج عام 2023، مدفوعة في ذلك بالإنفاق الرأسمالي. وقد تم تحديث الميزانية متوسطة الأجل (2024-2026) لتعكس تمويل مبادرات الإصلاح في إطار استراتيجية التنمية الوطنية الثالثة. وبالإضافة إلى ذلك، هناك عدد من الإصلاحات الجارية على مستوى المالية العامة، بما في ذلك تحسين عملية الميزانية، وتعزيز كفاءة الإنفاق، وتدعيم الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
السياسة النقديةوفيما يتعلق بالسياسة النقدية، أفادت ران بي، بأن السياسة النقدية كانت متسقة مع نظام ربط العملة بالدولار الأمريكي. وقام مصرف قطر المركزي بتحسين إدارة السيولة من خلال عملية مدروسة لإصدار أذون الخزانة، مما ساهم في تعزيز انتقال أثر السياسة النقدية. وبدعم من المساعدة الفنية التي قدمها الصندوق، يتطلع مصرف قطر المركزي إلى زيادة تحسين إطار إدارة السيولة. ولا يزال القطاع المصرفي يتمتع بمستوى جيد من الرسملة والسيولة والربحية. وقد سجلت القروض المتعثرة بعض الارتفاع إلى 3، 8% في الربع الثاني من 2023 (من 3، 6% في نهاية 2022)، غير أن هناك مخصصات مقابلة كافية لمواجهتها.
وكانت نسبتا تغطية السيولة وصافي التمويل المستقر مرتفعتين (174% و140%، على الترتيب، في الربع الأول من 2024). وأدت التدابير التي اتخذها المصرف للحد من عدم الاتساق بين الأصول والخصوم الأجنبية قصيرة الأجل إلى تشجيع التمويل المحلي بآجال استحقاق أطول. وتهدف استراتيجية القطاع المالي الثالثة التي أُطلِقت مؤخرا إلى تعميق الأسواق المالية، وتشجيع الادخار، وإتاحة فرص للاقتراض والاستثمار، وتطوير قطاع التأمين، وتعزيز التكنولوجيا المالية، وتحقيق درجة أكبر من الشمول المالي.
اقرأ أيضاً3 مطالب عاجلة لـ اتحاد مستثمري المشروعات الصغيرة والمتوسطة
البورصة تشطب قيد أذون خزانة مصرية بـ 96.17 مليار جنيه
طرق التلاعب بالتدفقات النقدية لتجميل ميزانيات بعض الشركات
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: القطاع الخاص قطر الغاز الطبيعي القطاع العام الأسواق المالية دولة قطر الإصلاحات الهيكلية التوترات الجيوسياسية صندوق البنك الدولي استراتیجیة التنمیة الوطنیة الثالثة إجمالی الناتج المحلی الغاز الطبیعی المسال المالیة العامة المدى المتوسط
إقرأ أيضاً:
ثبات نبي الله إبراهيم عليه السلام في مواجهة الطاغوت : قراءة في المحاضرة الثالثة للسيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي يحفظه الله ضمن سلسلة دروس القصص القرآني
يمانيون / خاص
في محاضرة إيمانية عميقة المضمون، تناول السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي يحفظه الله قصة نبي الله إبراهيم عليه السلام، مستخلصاً منها دروساً خالدة في الثبات على الحق، والبراءة من الباطل، ومواجهة الطغيان بالحُجَّة والموقف المبدئي، ضمن ثلاثة محاور رئيسية تمثل جوهر الرسالة الإبراهيمية في مواجهة الباطل والاستكبار.
المحور الأول: الحُجَّة القاطعة في وجه الطاغوت
استعرض السيد القائد يحفظه الله جانباً من الحوار الذي دار بين نبي الله إبراهيم عليه السلام والطاغية الذي يجادل في الله، حيث استخدم إبراهيم عليه السلام الحُجَّة العقلية والمنطقية التي تُبطل مزاعمه في قوله تعالى : {فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأتِ بها من المغرب} فبهت الذي كفر، وسقطت كل محاولاته التي كانت تقوم على المكابرة لا على الحُجَّة.
وأكد السيد القائد أن الانتقال من مستوى الحُجَّة إلى مستوى إفحام الخصم بالبرهان القاطع، هو من سمات الأنبياء في مواجهة الاستكبار، لأن الطاغية لا يتراجع بسبب الجهل، بل بسبب التكبر. وهذه سنة من سنن الله: أن أهل الباطل حين تُزهق حُجَجهم، لا يعترفون بالحق، بل يستمرون في العناد.
المحور الثاني: عناد الكافرين رغم وضوح الحُجَج
أشار السيد القائد إلى أن الكافرين كلما ازدادت البراهين وضوحاً، ازدادوا عناداً واستكباراً، كما في قوله تعالى: {فرجعوا إلى أنفسهم فقالوا إنكم أنتم الظالمون} ، رغم هذا الاعتراف الداخلي، عادوا إلى باطلهم، وتشبثوا بما لا منطق فيه ولا عقل، تماماً كما فعل قوم إبراهيم حين ألقوه في النار، رغم علمهم بأنه نبي من عند الله.
بل إن أعظم معجزة شهدوها، وهي تحول النار إلى برد وسلام على إبراهيم عليه السلام، لم تُثنهم عن غيّهم، ولم تدفعهم إلى الإيمان، والسبب في ذلك – كما بين السيد القائد – هو التعلُّق بالروابط الخاطئة مع الطغاة والمضلين، والركون إليهم، ما يجعل القلب معانداً مهما وضحت له الحقيقة.
المحور الثالث: إبراهيم عليه السلام نموذجٌ متكامل للثبات والدعوة والبراءة والهجرة
استخلص السيد القائد من قصة إبراهيم عليه السلام نموذجاً إيمانياً متكاملاً، حيث مثَّل النبي إبراهيم عليه السلام: الثبات على المبدأ رغم الإيذاء والتكذيب والدعوة إلى التوحيد بالحُجَّة والمنطق، دون عنف أو مجاملة والبراءة من الباطل بوضوح لا يقبل التنازل :{إنني براءٌ مما تعبدون} ، والهجرة في سبيل الله عندما تعذر استمرار الدعوة وسط بيئة طاغوتية: {وقال إني ذاهبٌ إلى ربي سيهدين}
وقد أكد السيد القائد أن الهجرة هنا ليست انسحاباً، بل انطلاقة نحو أفق أوسع للرسالة، ونقطة تحول في المسار الرسالي، فتحت لإبراهيم آفاق النصر، والتبليغ، والتأسيس لأمة مسلمة خالصة لله.
رسائل إيمانية هامة من المحاضرة
– العبادة الخالصة لله هي الخير كله في الدنيا والآخرة، وكل عبودية لغير الله هي ظلم للنفس، وإساءة إلى أعظم حقيقة التوحيد.
– الحُجَج القرآنية دامغة، لكن أصحاب القلوب المغلقة لا ينتفعون بها لأنهم يؤثرون الطاغوت على الله.
– الصراع بين الحق والباطل صراع قديم متجدد، تحسمه المواقف لا الأرقام، ويكسبه من يثبت على المبدأ لا من يساوم عليه.
– الهجرة في سبيل الله فعل شجاع يصنعه المؤمن حين تضيق سبل الحق في موطنه، فينطلق حيث يمكنه أن يعبد الله بحرية، ويدعو إلى دينه.
– الخاسر الحقيقي هم أولئك الذين تركوا إبراهيم، واصطفوا مع الطاغوت، أما هو فقد حمل النور، وفتح الله له الأرض، وأقام الحجة.
ختاماً
إن قراءة قصة نبي الله إبراهيم عليه السلام كما وردت في محاضرة السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي، تعطينا تصوراً متكاملاً عن الثبات على الحق، والرفض الحاسم للباطل، وأن المؤمن لا يساوم على عقيدته، بل يقف بها، ويفتديها، ويهاجر بها، حتى يحقق وعد الله بالنصر والتمكين.
قصة إبراهيم ليست حكاية ماضية، بل نهج حيٌ، يجب أن يُحتذى به في زمن الطغيان، والاستكبار العالمي، والتضليل الإعلامي. وفي زمن كهذا، نحتاج إلى أن نكون “إبراهيميي الموقف”، ثابتين، متجردين لله، مستقلين عن الطغاة، عاملين لدين الله بقلب سليم وعقل بصير.