يبدو أننا مقبلون على عصر يشهد تفاعلاً أكبر بين البشر والذكاء الاصطناعي، حتى المدير التنفيذي لشركة جوجل، سوندار بيتشاي، يقر بأن الناس سيزيدون ارتباطهم العاطفي مع التكنولوجيا.

وفي حديثه خلال مؤتمر جوجل لتطوير “أي / أو” هذا الشهر، أشار بيتشاي إلى أنه مع مرور الوقت، سنرى أشخاصاً ينشؤون علاقات عميقة مع برامج الذكاء الاصطناعي، وحث على ضرورة تجهيز المجتمع لهذا التحول والتصدي للتحديات السلبية المحتملة.

وتطرقت النقاشات في السنوات الأخيرة إلى دور روبوتات المحادثة التي تهدف لتقليد البشر ودعمهم في مواجهة الحزن، لكن البحوث أظهرت أن هذا النهج يمكن أن يؤدي في نهاية المطاف إلى آثار سلبية مدمرة.

بيتشاي أشار إلى أن هناك أشخاص سيستخدمون هذه التكنولوجيا للحفاظ على ذكرى أحبائهم، مما يثير مشاعر متباينة بشأن مفهوم “العلاقات العميقة” مع الذكاء الاصطناعي، ويجعل البعض يستحضر الفيلم الرومانسي الخيالي “هير” الذي يروي قصة حب الرجل لمساعدة افتراضية تُدعى سامانثا والتي قامت الممثلة سكارليت جوهانسون بتقديم صوتها.

وأثار نموذج صوتي جديد تم تضمينه في روبوت الدردشة “تشات جي بي تي”، وصدر قبل أيام من إعلان جوجل، مقارنات مع سامانثا، البرنامج الذي كان يحبه الممثل يواكين فينيكس، بطل الفيلم الذي صدر عام 2013.

ولم يشعر بيتشاي بالقلق بشأن التحديثات التي جاءت بعد فترة قصيرة من كشف شركة “اوبن ايه أي” المصدرة لروبوت “تشات جي بي تي” عن نسخة جديدة من روبوتات الدردشة يمكنها أن تجرى محادثات شبيهة بالمحادثات الإنسانية والاستجابة بصورة أفضل للأوامر الصوتية بالإضافة إلى المدخلات الخاصة بالكاميرا.

وما يجعل الأمر طبيعيا بصورة مخيفة، هو أن صوت روبوت الدردشة يبدو أنه يتوقف لفترات وجيزة لإظهار ما يبدو أنه صوت النفس. كما يبدو أن هناك صدى طفيفا للصوت مما يجعله يبدو كأنه يتحدث للمرء من غرفة صغيرة في مكان ما.

ولكن بيتشاي كان بالطبع حريصا بدلا من ذلك على التركيز على خطط جوجل الرائدة لإصلاح نظام تكنولوجياتها البحثية.

وتدعم جوجل محركها البحثي بتكنولوجيا جيميني ايه أي لإعطاء المستخدمين ملخصا بشأن النتائج البحثية قبل أن يقوموا بالضغط على الروابط المدرجة، حيث يؤدي ذلك ” لتقليص الروتين أثناء عملية البحث”.

وهذا يعني أنه عندما يبدأ المرء في البحث عبر محرك جوجل، سوف يتمكن من مشاهدة لمحة سريعة لملخص محتوى المواقع الإلكترونية المدرجة.

وقال بيتشاي إن الذكاء الاصطناعي يعد من أكثر التكنولوجيات عمقا على الإطلاق التي تستخدمها البشرية، رافضا أخبار منافسيه، بالنظر لحجم وأهمية وتيرة التغيير في الذكاء الاصطناعي.

وقد أعلنت جوجل عن سلسلة من الأدوات المدعومة من نموذج” جيميني ايه أي” خلال المؤتمر، وتتضمن سبل لاستخدام النص والصور والفيديو للتفاعل مع برامج الذكاء الاصطناعي المساعدة في تطبيقات جوجل.

وتستثمر جوجل في الذكاء الاصطناعي منذ فترة طويلة، حيث تقوم بتطوير نماذج رائدة وجعلها متاحة للملايين من الأشخاص، حسبما قال بيتشاي. وأضاف أنه في نفس الوقت، فإن ابتكارات الشركات الأخرى تدفع جوجل لتقديم أداء أفضل.

وأوضح بيتشاي أن أحدث الابتكارات التي تم عرضها في المؤتمر تظهر جوجل ” تقوم بالعمل البحثي من أجل المستخدم”. وأضاف بيتشاي أنه يتم طرح السمة، المتعلقة بمنح المستخدمين ملخصا من صنع الذكاء الاصطناعي مع مراجع المصادر فوق الروابط المعتادة، مبدئيا في الولايات المتحدة و ” سوف يتم طرحها في دول أخرى قريبا”.

وقال بيتشاي “الأشخاص يقومون بعمليات بحثية بسبل جديدة بصورة كاملة كما يسألون أنواعا جديدة من الأسئلة”.

وربما تمثل مثل هذه الإجابات الواضحة التي تقدمها النظرات العامة للذكاء الاصطناعي أخبارا جيدة للمستخدمين، ولكن الكثير من الناشرين يخشون من المستقبل، حيث إن عددا أقل من الأشخاص سوف يضغط على عروضهم. ونفت جوجل هذه المخاوف، من أن هذه السمة سوف تحرم بعض المواقع الإلكترونية من الحركة على مواقعها.

وتقول رئيسة قسم البحث في جوجل ليز ريد إن إحدى تجارب الشركة مع النظرات العامة للذكاء الاصطناعي تقوم على تشجيع المستخدمين على القيام بمزيد من البحث من خلال أنواع جديدة من الأسئلة والمزيد منها.

ويستخدم الأشخاص غالبا جوجل للإجابة على سؤال معين، ولكن النتائج تلهمهم التعمق بصورة أكبر. وتشير ريد إلى أن النظرات العامة للذكاء الاصطناعي تحصل على مزيد من الحركة مقارنة بالروابط التقليدية التي تظهر في نتائج البحث.

وربما تؤثر التغيرات على نموذج عمل جوجل أيضا، حيث أنه حتى الآن، يمثل شراء المعلنين مساحة قريبة من نتائج البحث مصدرا رئيسيا للإيرادات.

وقللت ريد من خطورة هذا الأمر على الشركة، قائلة إن جوجل تريد وضع الإعلانات المفيدة للمستخدمين، وسوف تستمر في التفاعل معها حتى بعد تطبيق النظرات العامة للذكاء الاصطناعي.

وأوضحت ريد أنه في كل مرة تعلن فيها جوجل عن سيناريوهات استخدام جديدة في مجال البحث، تعثر فرق الإعلانات على سبل جديدة لجني الأموال.

الشروق نيوز

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی یبدو أن

إقرأ أيضاً:

السباق الاستخباراتي على الذكاء الاصطناعي

في لحظة فارقة على الساحة التكنولوجية الدولية، جاء إطلاق شركة "ديب سيك" الصينية نموذجا لغويا ضخما يُعد من بين الأفضل في العالم، بالتزامن مع تنصيب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة، ليدق ناقوس الخطر في الأوساط الاستخباراتية الأميركية.

واعتبر ترامب ما جرى "جرس إنذار" في حين أقر مارك وارنر نائب رئيس لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ بأن مجتمع الاستخبارات الأميركي "فوجئ" بسرعة التقدم الصيني، وفق مجلة إيكونوميست.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2النيجريون لفرنسا: اعترفي بالجرائم الاستعمارية وعوضي عنهاlist 2 of 2أنقذونا نحن نموت.. المجاعة تجتاح غزةend of list

وفي العام الماضي، أبدت إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن قلقها من احتمال أن يتفوق الجواسيس والجنود الصينيون في سرعة تبنّي الذكاء الاصطناعي "إيه آي" (AI) فأطلقت خطة طوارئ لتعزيز اعتماد المجالين الاستخباراتي والعسكري على هذه التقنية.

وأوضحت المجلة في تقريرها أن الخطة تضمنت توجيه وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) ووكالات الاستخبارات ووزارة الطاقة (المسؤولة عن إنتاج الأسلحة النووية) بتكثيف تجاربها على النماذج الأحدث من الذكاء الاصطناعي، وتوثيق التعاون مع مختبرات القطاع الخاص الرائدة مثل أنثروبيك وغوغل ديب مايند، وأوبن إيه آي.

سباق مفتوح

وفي خطوة ملموسة، منح البنتاغون، في 14 يوليو/تموز الجاري، عقودا تصل قيمتها إلى 200 مليون دولار لكل من تلك الشركات بالإضافة إلى "إكس إيه آي" المملوكة للملياردير إيلون ماسك، بهدف تطوير نماذج من الذكاء الاصطناعي الوكيل الذي يمكنه اتخاذ القرارات، والتعلم المستمر من التفاعلات، وتنفيذ مهام متعددة من خلال تقسيمها إلى خطوات وتحكّمها بأجهزة أخرى مثل الحواسيب أو المركبات.

لكن هذا السباق لا يقتصر -برأي إيكونوميست- على البنتاغون. إذ باتت نماذج الذكاء الاصطناعي تنتشر بسرعة داخل الوكالات الاستخباراتية، لتُستخدم في تحليل البيانات السرية والتفاعل مع المعلومات الحساسة.

الشركات طورت نسخا مُعدّلة من نماذجها تتيح التعامل مع وثائق مصنّفة سرّيا، وتتمتع بإتقان لغات ولهجات حساسة لاحتياجات الاستخبارات، مع تشغيلها على خوادم مفصولة عن الإنترنت العام

كما طوّرت الشركات نسخا مُعدّلة من نماذجها تتيح التعامل مع وثائق مصنّفة سرّيا، وتتمتع بإتقان لغات ولهجات حساسة لاحتياجات الاستخبارات، مع تشغيلها على خوادم مفصولة عن الإنترنت العام.

إعلان

ففي يناير/كانون الثاني الماضي، أعلنت شركة مايكروسوفت أن 26 من منتجاتها في الحوسبة السحابية حصلت على تصريح لاستخدامها في وكالات الاستخبارات.

وفي يونيو/حزيران، أعلنت أنثروبيك عن إطلاق نموذج "كلود غوف" (Claude Gov) وهو روبوت دردشة جديد مصمم خصيصا للجهات العسكرية والاستخباراتية بالولايات المتحدة، مشيرة إلى أنه يُستخدم بالفعل على نطاق واسع في جميع أجهزة الاستخبارات الأميركية، إلى جانب نماذج أخرى من مختبرات منافسة.

منافسون آخرون

ليست وحدها الولايات المتحدة التي تشهد مثل هذه التطورات، حيث تفيد المجلة أن بريطانيا تسعى إلى تسريع وتيرة اللحاق بالركب، ناقلة عن مصدر بريطاني رفيع -لم تُسمِّه- تأكيده أن جميع أعضاء مجتمع الاستخبارات في بلاده بات لديهم إمكانية الوصول إلى "نماذج لغوية ضخمة عالية السرية".

وعلى البر الرئيسي للقارة، تحالفت شركة ميسترال الفرنسية -الرائدة والوحيدة تقريبا في مجال الذكاء الاصطناعي على مستوى أوروبا- مع وكالة الذكاء الاصطناعي العسكري بالبلاد، لتطوير نموذج "سابا" (Saba) المدرّب على بيانات من الشرق الأوسط وجنوب آسيا، ويتميز بإتقانه العربية ولغات إقليمية أخرى مثل التاميلية.

أما في إسرائيل، فقد أفادت مجلة "+972" أن استخدام الجيش نموذج "جي بي تي-4" (GPT-4) الذي تنتجه شركة "أوبن إيه آي" قد تضاعف 20 مرة منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة، في مؤشر إلى مدى تسارع تبنّي هذه النماذج في السياقات العسكرية الحية.

ورغم هذا النشاط المحموم، يقرّ خبراء داخل القطاع بأن تبنّي الذكاء الاصطناعي بأجهزة الأمن لا يزال متواضعا. وتقول كاترينا مولِّيغان المسؤولة عن شراكات الأمن في "أوبن إيه آي" إن اعتماد الذكاء الاصطناعي "لم يصل بعد إلى المستوى الذي نأمله".

وحتى مع وجود جيوب من التميز، كوكالة الأمن القومي الأميركية، إلا أن العديد من الوكالات ما تزال تتخلف عن الركب، إما بسبب تصميمها واجهات تشغيل خاصة بها، أو بسبب الحذر البيروقراطي في تبني التحديثات السريعة التي تشهدها النماذج العامة.

ويرى بعض الخبراء أن التحول الحقيقي لا يكمن في استخدام روبوتات دردشة فحسب، بل في "إعادة هندسة المهام الاستخباراتية نفسها" كما يقول تارون تشابرا المسؤول السابق بمجلس الأمن القومي الأميركي، والمدير الحالي للسياسات الأمنية في شركة أنثروبيك.

لعبة تجسس بالذكاء الاصطناعي

في المقابل، تُحذر جهات بحثية من المبالغة في الآمال المعقودة على هذه النماذج، حيث يرى الدكتور ريتشارد كارتر (من معهد آلان تورينغ البريطاني) أن المشكلة الأساسية تكمن في ما تُنتجه النماذج من "هلوسات" -أي إجابات غير دقيقة أو مضللة- وهو خطر كبير في بيئة تتطلب الموثوقية المطلقة.

وقد بلغت نسبة الهلوسة في أحدث نموذج للذكاء الاصطناعي "الوكيل" الذي تنتجه "أوبن إيه آي" حوالي 8%، وهي نسبة أعلى من النماذج السابقة.

وتُعد هذه المخاوف -بحسب إيكونوميست- جزءا من تحفظ مؤسسي مشروع، خاصة في أجهزة مثل وكالة الاستخبارات والأمن البريطانية المعروفة اختصارا بحروفها الإنجليزية الأولى "جي سي إتش كيو" (GCHQ) التي تضم مهندسين لديهم طبيعة متشككة تجاه التقنيات الجديدة غير المُختبرة جيدا.

إعلان

ويتصل هذا بجدل أوسع حول مستقبل الذكاء الاصطناعي. فالدكتور كارتر من بين أولئك الذين يرون أن بنية النماذج اللغوية العامة الحالية لا تُناسب نوع التفكير السببي الذي يمنحها فهما متينا للعالم. ومن وجهة نظره، فإن الأولوية بالنسبة لوكالات الاستخبارات يجب أن تكون دفع المختبرات نحو تطوير نماذج جديدة تعتمد على أنماط تفكير واستدلال مختلفة.

الصين في الصورة

ورغم تحفّظ المؤسسات الغربية، يتصاعد القلق من تفوق الصين المحتمل. يقول فيليب راينر من معهد الأمن والتكنولوجيا في وادي السيليكون "لا نزال نجهل مدى استخدام الصين نموذج ديب سيك (DeepSeek) في المجالين العسكري والاستخباراتي" مرجحاً أن "غياب القيود الأخلاقية الصارمة لدى الصين قد يسمح لها باستخلاص رؤى أقوى وبوتيرة أسرع".

موليغان: ما يُقلقني فعلا هو أن نكسب سباق الوصول إلى الذكاء الاصطناعي العام (AGI)، لكن نخسر سباق التبني الفعلي له

وإزاء هذا القلق، أمرت إدارة ترامب، في 23 يوليو/تموز الجاري، وزارة الدفاع ووكالات الاستخبارات بإجراء تقييمات دورية لمستوى تبنّي الذكاء الاصطناعي في المؤسسات الأمنية الأميركية مقارنة بمنافسين مثل الصين، وتطوير آلية للتكيّف المستمر.

ويجمع المراقبون تقريبا على نقطة جوهرية، وهي أن الخطر الأكبر لا يكمن في أن تندفع أميركا بلا بصيرة نحو تبني الذكاء الاصطناعي، بل في أن تظل مؤسساتها عالقة في نمطها البيروقراطي القديم.

وتقول كاترينا مولِّيغان "ما يُقلقني فعلا هو أن نكسب سباق الوصول إلى الذكاء الاصطناعي العام (إيه جي آي AGI) لكن نخسر سباق التبني الفعلي له".

مقالات مشابهة

  • السباق الاستخباراتي على الذكاء الاصطناعي
  • فتح باب التقدم لاختبارات الدبلومات الفنية للعام الجامعي 2025/2026 لكليات الحاسبات والذكاء الاصطناعي
  • معضلة الذكاء الاصطناعي والمؤلف العلمي
  • «إي آند» تطلق برنامج خريجي الذكاء الاصطناعي لعام 2025
  • Google Photos تستعد لإطلاق أداة جديدة لتحرير الصور باستخدام الذكاء الاصطناعي
  • الحرب والذكاء الاصطناعي
  • مبادرات جديدة لغوغل في أفريقيا لتعزيز الذكاء الاصطناعي
  • صيف الشارقة الرياضي يكرّم أبطال «الابتكار والذكاء الاصطناعي»
  • وضع الذكاء الاصطناعي يصل إلى الشاشة الرئيسية في هواتف أندرويد
  • شروط القبول في كلية الحاسبات والذكاء الاصطناعي جامعة المنوفية 2025