رحيل رئيسي يأتي وسط تحديات هائلة أمام إيران.. خليفة خامنئي والبرنامج النووي
تاريخ النشر: 20th, May 2024 GMT
جاءت وفاة الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، في حادث تحطم طائرة هليكوبتر في وقت كانت فيه البلاد، التي تواجه تحديات خارجية غير مسبوقة؛ تستعد بالفعل لتغيير النظام مع الوفاة المتوقعة في السنوات القليلة المقبلة لمرشدها الأعلى البالغ من العمر (85 عاما) آية الله علي خامنئي، بحسب تقرير لصحيفة "الغارديان" البريطانية.
وأوضحت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي 21"، أنه "في القيادة متعددة الرؤوس للبلاد، حيث تنتشر السلطة بطرق مبهمة في كثير من الأحيان بين رجال الدين والسياسيين والجيش؛ فإن المرشد الأعلى، وليس الرئيس، هو الذي يتخذ القرار في نهاية المطاف".
وذكرت أن منصبي الرئيس ورئيس الوزراء، القائمين في الأصل على نموذج من الدستور الفرنسي، وقد "طغى عليهما في صياغة الدستور الإيراني في سنة 1979، مما أدى إلى قيام دعاة رئاسة أكثر قوة بالادعاء بأن الدور يندرج في شكل من أشكال الاستبداد الذي تم إنشاؤه باسم الدين".
وأشارت الصحيفة إلى أنه مهما كانت الرئاسة "موالية للمرشد الأعلى، وكان رئيسي يعتبر مخلصا للغاية لخامنئي، غالبا ما يتم تصويرها على أنها كبش فداء مفيد لمساعدة المرشد الأعلى على تجنب الانتقادات، ومن المؤكد أن هذا أصبح مصير سلف رئيسي، حسن روحاني، الذي أصبح بمثابة أداة للقرارات المتخذة في أماكن أخرى".
وأفادت بأنه في الأشهر الأخيرة، تم ذكر رئيسي، الذي تم انتخابه رئيسًا في سنة 2021 ولكن من الناحية العملية اختاره المرشد الأعلى، كخليفة محتمل لخامنئي، وبدلا من ذلك؛ فإن وفاته تمهد الطريق الشائك أمام نجل خامنئي، مجتبى خامنئي.
وقالت الصحيفة إن الاختيار يتم من قبل "مجلس خبراء" مؤلف من 88 عضوا، ومن المؤكد أن رحيل رئيسي يزيد من فرص الخلافة الوراثية في إيران، وهو أمر يعارضه العديد من رجال الدين باعتباره غريبا عن المبادئ الثورية في إيران.
واعتبرت الصحيفة أن وفاة رئيسي من شأنها أن "تزيد من الشعور بأن بلدا يمر بالفعل بمرحلة انتقالية سياسية، ولم يتم انتخاب برلمان متشدد جديد إلا في الأول من آذار/ مارس"؛ حيث انخفضت نسبة المشاركة في بعض الانتخابات إلى أقل من 10 بالمئة، وتم تقديمه بشكل عام على أنه وصل إلى نسبة مشاركة على مستوى البلاد بلغت 41 بالمئة فقط، وهو مستوى قياسي منخفض.
وأضافت أنه تم استبعاد الساسة الإصلاحيين أو المعتدلين أو تعرضوا لضرب مبرح، الأمر الذي أدى إلى انقسام جديد وغير مجرب حتى الآن في البرلمان بين المتشددين التقليديين وجماعة محافظة متطرفة تعرف باسم "بايداري" أو جبهة الصمود.
ولفتت الصحيفة إلى أن الاستبعاد الفعلي للإصلاحيين من المشاركة السياسية في البرلمان للمرة الأولى منذ سنة 1979 يزيد من الشعور بأن البلاد تنتظر مستقبلا غامضا.
ويأتي هذا الاضطراب التراكمي أيضا في وقت لا تستطيع فيه إيران تحمل مثل هذا الغموض في الوقت الذي تواجه فيه التحديات الغربية بشأن برنامجها النووي، واقتصادها المتردي وعلاقاتها المتوترة مع دول الشرق الأوسط الأخرى، وخاصة فيما يتعلق بالعلاقات مع "إسرائيل" والولايات المتحدة.
وبينت أن فقدان حسين أمير عبد اللهيان، وزير الخارجية، في حادث تحطم المروحية لا يؤدي إلا إلى زيادة الشعور بعدم الاستقرار في بلد "يفتخر بقدرته على السيطرة والقدرة على التنب"ؤ. وخليفته الأكثر ترجيحا هو نائبه علي باقري، لكن المتشددين قد يعتبرونه راغبا جدا في التفاوض مع الغرب بشأن البرنامج النووي الإيراني.
وتابعت الصحيفة أنه رغم أن إيران لم تفقد رئيسا في منصبه منذ الثورة في سنة 1979؛ فإن البلاد لديها نظام رسمي واضح للخلافة؛ حيث يتولى النائب الأول للرئيس ــ محمد مخبر حاليًا ــ المسؤولية.
ويعتبر قليلون مخبر، وهو مصرفي ونائب حاكم إقليم خوزستان السابق، يصلح للرئاسة. ولابد من انتخاب رئيس جديد في غضون خمسين يوما، وهو ما من شأنه أن يمنح المرشد الأعلى والوفد المرافق له وقتا قليلا نسبيًا لاختيار شخص لن يصبح رئيسا في مثل هذا الوقت الحرج فحسب؛ بل سيكون أيضا في وضع قوي خلفا لخامنئي نفسه.
وأكدت الصحيفة أن "التحدي المباشر الذي يواجه أي زعيم جديد لن يتمثل في السيطرة على المعارضة الداخلية فحسب؛ بل أيضا على مطالب الفصائل داخل البلاد باتخاذ موقف أكثر صرامة مع الغرب والتقرب من روسيا والصين".
وبينت أن التحدي الدائم الذي تواجهه إيران يظل هو العلاقات مع "إسرائيل"، التي وصلت إلى مستوى جديد من الخطر في نيسان/ أبريل عندما تبادلت الدولتان إطلاق النار، والذي أثاره هجوم إسرائيلي على القنصلية الإيرانية في دمشق، وعلى نطاق أوسع من خلال دعم إيران للجماعات الوكيلة المستعدة لمحاربة "إسرائيل"، بما في ذلك حماس وحزب الله، ولكن أي رئيس جديد سوف يكون لزاما عليه أن يتخذ قرارات كبيرة بشأن البرنامج النووي الإيراني.
ونقلت الصحيفة تصريحات كمال خرازي، مستشار السياسة الخارجية للمرشد الأعلى ووزير الخارجية الإيراني السابق، في 9 أيار/ مايو؛ حيث قال إن إيران ستفكر في التحول العقائدي إلى الردع النووي إذا هاجمت "إسرائيل" ما قالت إيران إنها مواقع نووية مدنية.
وحذر رافائيل غروسي، رئيس المفتشية النووية التابعة للأمم المتحدة، إيران من إنهاء الحديث الفضفاض عن تطوير سلاح نووي، قائلا إن ذلك مثير للقلق.
وقالت الصحيفة إن معارضي النظام، الذين ما زالوا أقوياء من خلال المقاومة المدنية، لن يحزنوا على وفاة رئيسي بسبب دوره في قمع احتجاجات "المرأة، الحياة، الحرية".
واختتمت الصحيفة تقريرها مشيرة إلى أن الإيرانيين الأكبر سنا بنتقدون رئيسي لدوره كنائب للمدعي العام في طهران سنة 1988 عندما لعب، وهو في الثامنة والعشرين من عمره، دورا بارزا في حركة قتلت ما يصل إلى 30 ألف سجين سياسي، معظمهم من أعضاء الحركة الشعبية.
وفي سنة 2019، تم اختياره رئيسا للسلطة القضائية من قبل خامنئي، وهو الدور الذي استخدمه لزيادة احتجاز الدولة للرهائن ومواصلة القمع المحلي من خلال المحاكم الثورية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الإيراني إبراهيم رئيسي خامنئي البرنامج النووي إيران خامنئي البرنامج النووي إبراهيم رئيسي المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المرشد الأعلى فی سنة
إقرأ أيضاً:
الانتخابات العراقية: من يموّل المليارات؟ أموال هائلة تُصرف بلا رقيب… فأين الشفافية والمحاسبة؟
بقلم : حيدر البرزنجي ..
في الوقت الذي كان من المفترض ان تصرف هذه الاموال على تمكين الشباب وتطوير مهاراتهم.
مع كل استحقاق انتخابي جديد في العراق، يتكرر الحديث عن حجم الإنفاق الهائل الذي يطغى على مشهد الانتخابات، وتحديدًا ما يتعلق بالأحزاب السياسية الناشئة، والتحالفات المستجدة، وحتى المرشحين الأفراد الذين يضخّون أموالًا طائلة بلا أي وضوح في مصادر التمويل.
تُقدّر بعض الأوساط السياسية والرقابية حجم ما الصرف في الانتخابات البرلمانية القادمة
بمبلغ يتراوح بين 2.5 إلى 3 ترليون دينار عراقي، وهو رقم صادم يعادل نحو 2 مليار دولار أمريكي، ويثير عشرات الأسئلة حول العدالة الانتخابية، ومشروعية المال المستخدم، وغياب آليات المراقبة والمحاسبة.
إنفاق بلا سقف… ولا ضوابط
في بلد يرزح تحت أزمات اقتصادية مزمنة، من انهيار البنى التحتية إلى البطالة المستفحلة، يبدو إنفاق هذه المبالغ الهائلة في موسم انتخابي أشبه بـ “مباراة مفتوحة للنفوذ المالي”.
وليس من النادر اليوم أن تُصرف ملايين الدولارات على مرشح واحد، كما حصل في إحدى الدوائر الانتخابية مؤخراً، حيث تم الكشف عن إنفاق 5 ملايين دولار من قبل مرشح محسوب على الأوساط التجارية.
في المقابل، تغيب أي إجراءات رقابية فعلية من قبل مفوضية الانتخابات أو الهيئات المالية المختصة، ما يجعل هذه الممارسات تمرّ بلا اعتراض أو مساءلة.
من أين تأتي هذه الأموال؟
لا أحد يعلم على وجه الدقة. بعض الأحزاب التقليدية قد يكون لها مصادر تمويل داخلية معروفة، لكن المثير للقلق هو بروز مرشحين جدد وأحزاب ناشئة يموّلون حملاتهم بملايين الدولارات، دون أي شفافية أو معرفة بمصادر هذه الأموال.
هنا يُطرح السؤال الكبير:
هل يتم تمويل هؤلاء من رجال أعمال؟ جهات خارجية؟ مصالح اقتصادية داخلية؟ أم أن المال السياسي دخل مرحلة “التبييض الانتخابي”؟
في كل الأحوال، الخطر واحد: شراء المواقع التشريعية وتحويل البرلمان إلى ساحة استثمار، لا تمثيل شعبي.
غياب المساءلة: الثغرة القاتلة
رغم وجود قوانين انتخابية تنظّم العملية الديمقراطية، إلا أن لا شيء يفرض على المرشحين أو الأحزاب الإفصاح عن مصادر تمويلهم، أو الالتزام بسقف مالي قانوني.
كما لا توجد جهة مستقلة فعالة تقوم بمراجعة أو تدقيق حسابات الحملات الانتخابية.
نتيجة لذلك، يختل التوازن بشكل خطير بين المرشحين القادرين على الإنفاق، والمرشحين المعتمدين على التأييد الشعبي فقط. وتتحوّل الانتخابات من تنافس برامجي إلى صراع مالي على النفوذ والهيمنة.
المقارنة مع التجارب الدولية: مغالطة شائعة
يُبرّر البعض هذا الإنفاق الهائل بالقول إن “الانتخابات الأمريكية أيضاً تُنفق فيها المليارات”، لكن المقارنة هنا مضلِّلة:
• في الولايات المتحدة، هناك هيئة مستقلة (FEC) تفرض الإفصاح عن كل تبرع يتجاوز مبلغًا بسيطًا.
• توجد شفافية إعلامية ومجتمعية حول الإنفاق ومصادره.
• كما تخضع الحملات لرقابة دقيقة ومحاسبة حقيقية.
أما في العراق، فكل ذلك مفقود، ما يجعل المبالغ الضخمة بابًا خلفيًا للفساد، لا وسيلة لدعم الديمقراطية.
تساؤلات مفتوحة للرأي العام:
1. من يموّل الحملات التي تتجاوز عشرات المليارات؟
2. لماذا لا تكشف مفوضية الانتخابات عن بيانات الإنفاق؟
3. هل يمكن الحديث عن انتخابات “نزيهة” في ظل تفاوت مالي صارخ؟
4. ما هو مصير الديمقراطية حين تصبح المقاعد التشريعية تُشترى بدل أن تُنتخب؟
توصيات: حماية الانتخابات من المال السياسي
• تشريع قانون جديد يُلزم جميع المرشحين والأحزاب بالإفصاح الكامل عن مصادر تمويلهم.
• إنشاء هيئة رقابة مالية مستقلة لمراجعة الحملات الانتخابية.
• فرض عقوبات صارمة على الإنفاق غير المشروع أو التلاعب المالي.
• تمكين منظمات المجتمع المدني من مراقبة التمويل الانتخابي بحرية وشفافية.
خاتمة:
في بلد يبحث عن ترسيخ الديمقراطية وسط أزمات متراكمة، لا يمكن ترك الانتخابات رهينة لأصحاب المال والنفوذ. فالسؤال الحتمي الذي يجب أن يُطرح اليوم:
هل نحن أمام ممارسة ديمقراطية؟ أم أمام مزاد مفتوح لشراء السلطة؟
ما لم تتم محاسبة من يضخون هذه الأموال، وتقييد تأثير المال السياسي، فإن صندوق الاقتراع سيتحوّل إلى صندوق استثمار لا صندوق تمثيل.