لجريدة عمان:
2024-06-16@09:53:42 GMT

خطة نتانياهو لغزة فيما بعد الحرب

تاريخ النشر: 20th, May 2024 GMT

ثمة خلافات حادة داخل الائتلاف الإسرائيلي الحاكم ظهرت إلى العلن في الأيام الأخيرة. في ظاهر الأمر، يتركز الخلاف على الترتيبات المفضلة لمرحلة ما بعد الحرب في غزة، ولكن المواقف المتنافسة تعكس أيضا وجهات نظر متناقضة حيال أداء وأهداف الحملة العسكرية الإسرائيلية الجارية الآن منذ ثمانية أشهر في قطاع غزة.

بدأت الانقسامات تلفت الانتباه في الأيام الأخيرة بسبب تصريح وزير الدفاع يوآف جالانت علنيا بانتقاد الحكومة لـ«ترددها» فيما يتعلق بـ«اليوم التالي» في غزة.

ولكن هذا النزاع غير جديد. إذ يدافع جالانت منذ أشهر في مجلس الوزراء عن خطة وضعتها وزارته، تتعلق بكيفية حكم غزة بعد الحرب، نشرت تفاصيل هذه الخطة في شهر مارس الماضي وهي تتصور إنشاء سلطة حكم ذاتي في غزة، يتم تجميعها بمشاركة ما بين خمسة إلى سبعة آلاف من سكان غزة الموالين للسلطة الفلسطينية في رام الله، وتستبقي إسرائيل لنفسها حق حرية العمل في المجال الأمني، مثلما تفعل في الضفة الغربية. وقد تم تجميع قائمة سكان غزة الذين سيشاركون في الخطة بمساعدة ماجد فرج، رئيس المخابرات الفلسطينية، وكان من المتصور أن تنفَّذ الخطة على مراحل، فتقيم إسرائيل مناطق آمنة في الأجزاء التي احتلتها من غزة ثم تبدأ السلطة الجديدة في العمل في هذه المناطق، ليجري توسيعها تدريجيا.

ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية في مارس أن نتانياهو رفض هذه الخطة، فمن جانبه، يرفض رئيس الوزراء وأنصاره فكرة إنشاء أي ترتيب لمرحلة ما بعد الحرب حتى يتم تدمير قدرة حماس العسكرية، وأشار مستشار الأمن القومي تساشي هنجبي، في مقابلة أجريت معه مؤخرا مع أخبار القناة 12 الإسرائيلية، إلى أن الحلفاء لم يشكلوا حكومة ما بعد الحرب في ألمانيا في الحرب العالمية الثانية إلا بعد هزيمة جيش النظام النازي بالكامل.

وأعرب جالانت، في بيانه العلني، عن قلقه من أن يفضي «التردد» الحالي إلى مسار «خطير» يمكن أن يؤدي إلى «حكم إسرائيلي عسكري ومدني في غزة»، وردا على ذلك، أعلن نتانياهو أنه لن يسمح بدور للسلطة الفلسطينية في غزة ما بعد حماس، وقال: إنه لن يأتي بـ«فتح ستان» بدلا من «حماس ستان». (وفتح هي الحزب الحاكم في السلطة الفلسطينية).

وفي هذا التراشق نقطة مثيرة للاهتمام هي أن كلا من جالانت ونتانياهو يهاجمان في ما يبدو رجالا من ورق.

يتهم نتانياهو جالانت بالسعي إلى إعادة السلطة الفلسطينية إلى غزة، لكن يبدو أن خطة وزير الدفاع تهدف على وجه التحديد إلى تجنب أي دور مباشر لسلطة رام الله في الحكم.

في الوقت نفسه، يتهم جالانت نتانياهو بالسعي إلى إنشاء إدارة عسكرية إسرائيلية جديدة في غزة، ويرى وزير الدفاع أن فكرة الحكم العسكري الإسرائيلي في غزة «خطيرة»، ولكن من الصعب أن نرى كيف يمكن تنفيذ خطته هو دون فترة أولية على الأقل تصبح فيها القوات الإسرائيلية هي القوة الفعلية الحاكمة في القطاع.

والأهم من ذلك أن الواقع القائم على الأرض في غزة يكذب أي اقتراح بإدارة عسكرية متجددة ناشئة، فالحقيقة هي أن الوضع الفوضوي الحالي الذي تعاود في ظله سلطة حماس الظهور فور مغادرة الجيش الإسرائيلي لأي جزء من القطاع لم يتيسر إلا لسبب واحد محدد هو أن عدم ترسيخ السيطرة والحكم العسكريين. وتخوض الفرقة 98 الإسرائيلية المحمولة جوا حاليا اشتباكات عنيفة في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة. وتوغلت القوات الإسرائيلية في هذه المنطقة أواخر عام 2023، لكنها لم تسع لاحتلالها. ونتيجة لذلك، عادت حماس إلى المنطقة. ولذلك تقاتل إسرائيل الآن فيها مرة أخرى.

لا شك أن في الائتلاف الحاكم في إسرائيل عناصر تسعى إلى إعادة ترسيخ الحكم العسكري الإسرائيلي في غزة. إذ يؤيد كل من وزير الأمن القومي إيتمار بن جفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريش من حزب الصهيونية الدينية هذه النتيجة علنا، وهما يريدان أيضا البدء من جديد في الاستيطان اليهودي في القطاع. ونتانياهو بحاجة إلى دعمهما من أجل بقائه السياسي، ولذلك فمن غير المرجح أن يرفض علانية اتجاههما المفضل، لكن الأحداث الجارية على الأرض لا تشير إلى أنه يسعى إلى تنفيذ رؤيتهما.

لذا، في حال رفض نتانياهو لأي دور للسلطة الفلسطينية في غزة، مع عدم محاولته فيما يبدو إعادة احتلال عسكري إسرائيلي كامل للقطاع، فماذا تكون بالضبط استراتيجيته المفضلة في واقع الأمر؟

إن هدفه المعلن، بطبيعة الحال، هو «الانتصار الكامل» على حماس. ولكن في واقع الأمر، ما يبدو أنه آخذ في النشوء هو وضع تستمر فيه حماس في كونها السلطة الحاكمة بحكم الأمر الواقع في غزة، في الوقت نفسه، تحتفظ إسرائيل بحرية العمليات في جميع أنحاء القطاع، فتضرب حماس وقادتها كيف تشاء، بمشاركة عدد محدود فقط من القوات، وفي الوقت نفسه، تمنع المنطقة الخاضعة لسيطرة الجيش الإسرائيلي على طول حدود غزة (في جانب غزة) وقوع المزيد من الهجمات المماثلة لما حدث في السابع من أكتوبر على المجتمعات الحدودية الإسرائيلية.

وما لم يتم اتخاذ قرار واضح في اتجاه آخر، يبدو أن هذا هو الواقع الناشئ في غزة، وفي حال إعلان نتانياهو أنه يسعى إلى دخول السلطة الفلسطينية إلى غزة، فمن المرجح أن ينهار ائتلافه، وفي حال إعرابه عن تأييد إعادة الاحتلال العسكري للقطاع، فإن رد الإدارة الأمريكية سيكون فوريًا وقاسيًا، وعدم التعبير عن الدعم لأي من الأمرين يمكّن رئيس الوزراء الإسرائيلي من الرجوع إلى أن يكون مدير الصراع المدبر، وهو يحب القيام بهذا الدور الذي طالما قام به (على الأقل خارج كتبه وخطاباته). غير أنه لا يستطيع الالتزام علنًا بهذه السياسة أيضا؛ لأنها أقل كثيرا من «النصر الكامل» لإسرائيل على الإسلاميين في غزة، والحقيقة أن ما ينطوي عليه هذا الاتجاه هو شيء شبيه بوضع ما قبل الحرب مع حلول ضعف كبير على حماس لا يصل مع ذلك إلى درجة الدمار، وتلك عودة إلى ما اعتاد الإسرائيليون على تسميته بـ«جز العشب»، والقطع بحكمة هذا المسار من عدمها فنقاش مختلف تماما، ولكن بعيدا عن التصريحات العلنية وحجج الرجال الورقيين، يبدو أن هذه هي الوجهة التي تمضي إليها إسرائيل.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: ما بعد الحرب یبدو أن فی غزة

إقرأ أيضاً:

الخارجية الإسرائيلية تعلق على هجمات غالانت على فرنسا

رفض وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، الجمعة، مبادرة فرنسية جديدة لمحاولة احتواء التوتر على الحدود الإسرائيلية-اللبنانية متهما باريس بـ"العدائية" حيال إسرائيل، في تصريحات انتقدتها الخارجية الإسرائيلية واعتبرتها "في غير محلها".

وكتب غالانت في رسالة بالإنكليزية على منصة إكس "فيما نخوض حربا عادلة دفاعا عن شعبنا، اعتمدت فرنسا سياسة عدائية حيال إسرائيل. وعبر قيامها بذلك، تتجاهل فرنسا الفظائع التي ترتكبها حماس" مضيفا "إسرائيل لن تكون جزءا من الإطار الثلاثي الذي اقترحته فرنسا".

As we fight a just war, defending our people, France has adopted hostile policies against Israel.
In doing so, France ignores the atrocities committed by Hamas against Israeli children, women and men.

Israel will not be a party to the trilateral framework proposed by France.

— יואב גלנט - Yoav Gallant (@yoavgallant) June 14, 2024

والخميس، أعلن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أن فرنسا والولايات المتحدة وإسرائيل ستعمل ضمن إطار "ثلاثي" على خارطة طريق فرنسية هدفها احتواء التوترات شبه اليومية بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله على الحدود بين إسرائيل ولبنان، وذلك منذ بدء الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة إثر الهجوم الدموي غير المسبوق الذي شنته الحركة داخل الأراضي الإسرائيلية في 7 أ كتوبر.

وردا على أسئلة وكالة فرانس برس لمعرفة ما إذا كانت هذه التصريحات تعكس موقف الحكومة الإسرائيلية، قال ناطق حكومي إن غالانت تحدث بصفته وزيرا للدفاع.

من جهتهم، قال مسؤولون كبار في وزارة الخارجية الإسرائيلية "بعيدا عن الخلافات في الرأي بين إسرائيل وفرنسا" فإن "هجمات" غالانت على باريس "غير صائبة وفي غير محلها"، وفقا لما نقلت فرانس برس.

وذكروا بأن "فرنسا شاركت بفاعلية في الدفاع عن أجواء دولة إسرائيل" ليلة 13-14 أبريل للمساعدة في التصدي لهجوم غير مسبوق شنته إيران ضد إسرائيل.

وأضافوا "منذ بداية الحرب، تميزت فرنسا بسياسة واضحة من الإدانة والعقوبات ضد حماس" كما أن "السلطات الفرنسية تحارب بنشاط آفة معاداة السامية"، مؤكدين أن "وزير الخارجية سيواصل العمل مع كل الأطراف المعنية لحماية مصالح إسرائيل على حدودها الشمالية".

وفي 31 مايو ألغت فرنسا مشاركة مصنعي أسلحة إسرائيليين في معرض الدفاع يوروساتوري المقرر في باريس من 17 الى 21 يونيو، على خلفية موجة السخط الدولية بشأن مسار العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة.

اندلعت الحرب في 7 أكتوبر بعد شن حماس هجوما غير مسبوق على الأراضي الإسرائيلية خلف 1194 قتيلا غالبيتهم مدنيون وفق تعداد لفرانس برس يستند إلى معطيات إسرائيلية رسمية.

خلال هذا الهجوم احتُجز 251 رهينة ما زال 116 منهم في غزة بينهم 41 يقول الجيش الإسرائيلي إنهم لقوا حتفهم.

وردّت إسرائيل بحملة عنيفة من القصف والغارات والهجمات البرية أدت حتى الآن إلى مقتل ما لا يقل عن 37266 شخصا في غزة معظمهم مدنيون وفق آخر حصيلة لوزارة الصحة في القطاع.

وتسعى الولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق يستند إلى خطة كشف عنها رئيسها جو بايدن وتنص في مرحلة أولى على وقف إطلاق نار على ستة أسابيع يترافق مع انسحاب إسرائيلي من المناطق المأهولة في غزة والإفراج عن رهائن إسرائيليين وفلسطينيين معتقلين في السجون الإسرائيلية.

مقالات مشابهة

  • معارك بجنوب غزة وارتفاع القتلى العسكريين الإسرائيليين إلى 306
  • ثمن باهظ.. أول تعليق لنتانياهو على تفجير ناقلة الجنود برفح
  • زهران: حل القضية الفلسطينية يجب أن يشمل دولة مستقلة وليس وقف الحرب فقط
  • الخارجية الإسرائيلية تنتقد تصريحات غالانت بحق فرنسا
  • الخارجية الإسرائيلية تعلق على هجمات غالانت على فرنسا
  • كيف يرى الجانب الإسرائيلي وحركة حماس الحرب على غزة؟
  • حماس: الاحتلال قتل أسيرين إسرائيليين في قصف جوي على رفح
  • الخارجية الإسرائيلية: تصريحات جالانت الهجومية ضد فرنسا غير صحيحة
  • اقرأ غدًا بالوفد.. حماس تتهم أمريكا بعرقلة مفاوضات وقف الحرب الإسرائيلية
  • الأمم المتحدة: أكثر من نصف الأراضي الزراعية في قطاع غزة دمرت بسبب الحرب الإسرائيلية