غزيون يكشفون طرق تعاملهم مع تغيرات الأوضاع ونقص الغذاء
تاريخ النشر: 20th, May 2024 GMT
تستمر حرب الإبادة الإسرائيلية لليوم 227، وسط تغير دائم لأوضاع الفلسطينيين في مختلف أماكن قطاع غزة سواء من تبقى في الشمال أو نزح إلى الجنوب، في اختلاف ليس بين الأفضل والأسوأ، إنما بين السيء والأقل سوءا.
ويشهد شمال القطاع عودة العمليات البرية إلى مخيم جباليا شمال غزة، الذي يُنظر إليه باعتباره أكبر مخيم للاجئين، ويضم أكثر عدد من السكان حاليا في غزة، بينما تشهد مدينة رفح في أقصى الجنوب عملية برية أولى دفعت نحو مليون فلسطيني إلى منطقة نزوح جديدة في الوسط (دير البلح والمغازي والنصيرات والبريج والأجزاء الغربية من مدينة خانيونس).
وترصد "عربي21" أحوال الفلسطينيين في قطاع غزة، لا سيما مع إغلاق المعابر وتوقف دخول المساعدات باستثناء تشغيل "الميناء العائم" الجديد.
يقول حسام (33 عاما) إن الأسعار ارتفعت بشكل كبير منذ بداية العملية البرية في رفح وإغلاق معبر رفح وتوقف وصول قوافل المساعدات من الجنوب، مضيفا أنه "اختفت تقريبا كل الخضروات والفواكه، وهذه المرة الأمر أسوأ من السابق".
يقال إن هذا الصحن البسيط بمكوناته، يعد طبقا صحيا لإفطار الإنسان كل يوم.. كل مكونات هذا الافطار غير موجودة إلا الصحن في شمال قطاع #غزة
جوّع الله كل من جوعنا وحاربنا وخذلنا وحسبنا الله ونعم الوكيل pic.twitter.com/5CbfS7O48i — رسامة الكاريكاتير أمية جحا cartoonist Omayya Joha (@omayyajoha) May 20, 2024
ويوضح حسام لـ"عربي21" أنه في المرة السابقة "اعتدنا على عدم وجود طعام جيد نتناوله، واللحظة اللي شفنا فيها الخضار والفواكه واللحوم وغيرها شعرنا أنه الحرب خلصت أو قربت تخلص".
ويضيف "كثير بتفرق المعرفة بمقادر التحمل والصمود، في الفترة الأولى الصعبة جدا لم نكن نعرف إلى متى سيستمر هذا الوضع وتحملنا فوق 5 شهور في وضع ما يعلم به إلا ربنا الحمد لله، لكن لو إجيت تقلي تحمل 5 شهور بكون طحين بدون خبز بدون أي أكل أدمي ما أعتقد البني آدم بقدر على هيك".
ويوضح أن الوضع الصعب يمتد حتى إلى كيفية التعامل مع الأزمة الحالية، قائلا: "صحيح كل شيء سعره زاد بشكل كبير زي البطاطا اللي صارت بـ 50 شيكل للكيلو الغرام الواحد (14 دولار)، لكن الطحين لسة سعره معقول ولسة المخابز موجودة حتى الأن لكن الوضع ممكن يتغير بأي وقت".
ويشرح حسام أبعاد محاولة توفير الغذاء لفترة طويلة، قائلا: "صحيح الأن ممكن أشتري طحين أكثر من حاجتي خوفا من انقطاعه وعدم توفره مثل السابق، لكن الجو الأن حار، وكل البيوت مفتوحة أمام القوارض والحشرات وغيرها، ممكن يتلف بسرعة من الجو الحار والرطب الحالي".
ويشير إلى أنه "يمكن أيضا تصرف الأموال القليلة اللي معك من أجل تخزين طعام قد تجبر على تركه إذا عاد الجيش إلى اجتياح المنطقة اللي أنت فيها، قبل كم يوم صرت آخر 100 شيكل معي، ربنا بعت غيرها سبحان الله، لكن الوضع صعب ورح يضل صعب لغاية فرج ربنا".
ومن ناحيته، يقول محمد (41 عاما) إن الوقت الحالي صعب والحياة لا زالت معقدة وخوف الموت والاستهداف لم يتغير ،مضيفا: "رغم هيك ما بتخيل أنه اللي مر علينا ممكن يجي أسوأ منه وأخطر منه، ما بعرف إيش ضل في الدنيا شيء بشع نشوفه أكثر من اللي شفناه".
الماء في مخيمات #غزة لا يوجد، والناس لا تجد للطهارة وللشرب إلا ماء البحر، والأمة تشاهد وتشهد. والناس يحتاجون إلى أموالكم وأفعالكم، فهبوا إلى الله وانصروهم، وإنكم لمحاسبون فردًا فردًا، وكلهم آتيه يوم القيامة فردًا. pic.twitter.com/7QGG9fQprp — د. خالد الشموسي ???????? اللهم انصر غزة???????? (@DAlshmwsy) May 20, 2024
ويؤكد محمد لـ "عربي21" أنه يقوم فعليا بإسكات أي شخص يتحدث عن مخطط جديد لتهجير سكان قطاع غزة عبر الميناء الأمريكي الجديد، مشددا "والله أي حد بحكي هيك قدامي حتى لو على سبيل المزح بقله اخرس، بعد اللي شفناه يا بنموت بغزة مثل أهلنا اللي ماتوا، يا بنضل فيها زي ما بدنا".
ويضيف "التغيرات الحالية وعودة الجيش إلى جباليا ما غيرت من حياتنا كثير، أو بطلت تفرق كثير، طبعا ما بحكي عن الشهداء والمصابين اللي أحسن منا كلنا، بس قصدي إنه كل حد لسة موجود في غزة بتوقع الجيش يدخل للمنطقة اللي هو فيها، أو أنه يتعرض للقصف، اللي فرق أنه خلال الأسابيع الماضية قدرنا نرجع على بقايا بيوتنا ونصلح اللي نقدر عليه فيها، أنه مياه البلدية صارت تيجي مرة في الأسبوع، أنه قدرنا نشتري لوح طاقة شمسية مرآته مكسورة علشان سعره أرخص".
ويذكر محمد "كل غير هيك مش مهم، أنت أقصى مرحلة تخطيط لحياتك هي اختيار نوع الغداء في اليوم التالي من مجموعة أصناف محدودة منحصرة على المعلبات والطعام الجاهز اللي يتوفر في المساعدات، لكن إذا انكسرت رجلك ولا انجرحت بسبب حادث أنت تسببت فيه مش الاحتلال ممكن تموت من هيك لأنه ما في علاج، حتى ممكن تستشهد بس من الطريق إلى المكان اللي ممكن يتوفر فيه علاج".
من ناحينها، تقول انتصار (43 عاما) إنها أقدمت مؤخرا على شراء "قرن موز وحبة تفاح و6 حبات عنب فقط بـ 35 شيكل (نحو 10 دولارات)، وهذا رقم مش طبيعي قديش مخيف، زمان بالمبلغ هذا كل أجيب فواكه لكل البيت".
وتشرح انتصار لـ "عربي21" إنها قامت بشراء هذه الحبات البسيطة فقط من أولادها وخوفها على صحتهم، موضحة "أنا أعمل أخصائية تغذية ولا أتحدث عن تغذية سليمة تناسب الأطفال في طور النمو الجسدي والعقلي، أنما فقط لتحاشي أمراض خطيرة مثل الإسقربوط".
وتبين أن الابتعاد الطويل عن تناول الأطعمة الطازجة قد يكون له جوانب مدمرة للصحة، والمرض الذي تحدثت له علاج يكون فقط بتناول الطعام الطازج الذي تتوفر فيه بعض الفيتامينات ولو بكميات قليلة.
ومرض الإسقربوط ينجم عن نقص حصول الجسم من فيتامين سي، وتشمل أعراضه الإرهاق والأنيميا وآلام المفاصل والعضلات، والكدمات المؤلمة، وضعف في الأنسجة الرابطة، وتأخر التئام الجروح، ونزيف اللثة وخلخلة الأسنان وغيرها.
وتقول انتصار أنها سابقا أرسلت مع المؤن الغذائية التي تخص عائلتها إلى مدينة دير البلح وسط القطاع خوفا من النزوح مرة أخرى من رفح وعدم وجود وقت كافي من أجل حمل المواد الغذائية، مؤكدة "هذا مش مجرد خشية أو خوف إنما واقع عشناه طوال شهور المزوح ويما سبنا أغراض خلفنا".
وتبين "طبعا كلنا شرينا معلبات أكثر من حاجتنا خوفا من انقطاع الطعام مرة أخرى، الحمد لله الوضع حتى الأن مش خطير مثل ما صار معنا في غزة، لكن لا أمان لهذه الحرب".
وأدى العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة، إلى استشهاد وإصابة أكثر من 114 ألف مدني، معظمهم أطفال ونساء، ونحو 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين.
وتواصل دولة الاحتلال الحرب على غزة رغم صدور قرار من مجلس الأمن الدولي بوقف القتال فورا، وكذلك رغم مطالبة محكمة العدل الدولية بتدابير فورية لمنع وقوع أعمال "إبادة جماعية"، وتحسين الوضع الإنساني بغزة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الفلسطينيين غزة رفح الاحتلال فلسطين غزة الاحتلال رفح حرب غزة المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة أکثر من
إقرأ أيضاً:
صدام علني بين الحلفاء.. الإخوان يكشفون دورهم في حرب السودان
شهدت الساعات الأخيرة داخل معسكر بورتسودان تصاعدًا لافتًا في التوتر بين قائد الجيش السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان، وقيادات الحركة الإسلامية المسلحة التي تقاتل إلى جانب القوات الحكومية، بعد تفجر خلاف علني على خلفية تصريحات البرهان التي نفى فيها وجود عناصر من الإخوان المسلمين أو كوادر الحركة ضمن قواته المنخرطة في الحرب منذ أبريل 2023.
غير أن النفي لم يمرّ مرور الكرام؛ إذ ردّت قيادات الحركة الإسلامية بسلسلة تسجيلات ومقاطع فيديو تثبت—وفق روايتهم—مشاركتهم المباشرة في العمليات الجارية، بل وتظهر أنهم "العصب الرئيسي" للقتال، بينما اعتبر بعضهم أن الجيش السوداني لا يمكنه الاستمرار دون دعمهم.
وفي أحدث ردٍّ على تصريحات البرهان، قال أحمد عباس، والي سنار الأسبق في عهد نظام البشير، إن "من يديرون الحرب الآن هم الحركة الإسلامية، وإن 75% من المقاتلين الذين يقاتلون مع البرهان هم من أفراد الحركة". وأضاف بتحدٍّ: "هل ما زال هناك من ينكر أن الحرب في السودان هي حرب الحركة الإسلامية؟"
وأكد عباس أن الحركة الإسلامية لا تعمل في الظل، بل تمارس دورها بشكل مباشر، قائلاً: "نحن من نسند الحكومة، ونحن من يجلب لها الدعم… وحتى علاقاتها الخارجية تُحلّ عبرنا". كما شدد على أن التنظيم لا يزال يسيطر على جزء كبير من اقتصاد البلاد، رغم حلّ لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو.
من جانبه، يواجه البرهان انتقادات متزايدة بعد إنكاره أي وجود للإخوان داخل السلطة التي يديرها حاليًا، رغم أن الواقع الميداني—وفق مراقبين—يشير إلى هيمنة واسعة لعناصر التنظيم على مفاصل الدولة العسكرية والمدنية. وهو ما أكده القيادي الإسلامي عبدالحي يوسف خلال ندوة في إسطنبول حين قال: "البرهان أعجز من أن يقضي على الإسلاميين لأنهم موجودون حتى في مكتبه".
تصريحات يوسف وعباس فتحت الباب واسعًا أمام تساؤلات حول حجم الشرخ بين المؤسسة العسكرية وقيادات الحركة الإسلامية التي تُعد الشريك الأبرز للجيش في الحرب الدائرة مع قوات الدعم السريع.
وفي تصريحات لموقع سكاي نيوز عربية، قال الطيب عثمان يوسف، الأمين العام للجنة تفكيك التمكين، إن حديث البرهان عن عدم سيطرة الإخوان على السلطة "يكذبه الواقع"، مقدّرًا نفوذهم بما يفوق 95% من أجهزة الدولة ومؤسساتها. وأضاف أن اللجنة تمتلك من الأدلة ما يكشف حجم الجرائم والفساد الذي مارسه التنظيم وكيفية تمكين كوادره داخل قطاعات الأمن والقضاء والاقتصاد.
ويرى محللون أن هذا الجدل العلني غير المسبوق بين طرفي التحالف الحكومي–الإسلامي لا يُعد مجرد سجال إعلامي، بل يعكس أزمة بنيوية عميقة داخل المعسكر الذي يقود الحرب. فبينما يسعى البرهان لإظهار الجيش كقوة وطنية مستقلة بلا هوية أيديولوجية، يتمسك الإسلاميون بإبراز دورهم المركزي كقوة قتالية وتنظيم سياسي يريد فرض نفسه لاعبًا رئيسيًا في مرحلة ما بعد الحرب.
ويحذر خبراء من أن هذا التوتر المتصاعد قد يكون مقدمة لتحولات أكبر في بنية التحالف القائم، خصوصًا في ظل الضغوط الدولية والإقليمية المتزايدة، وتراجع الوضع الميداني في عدة جبهات.
ومع استمرار الحرب وتعقّد المشهد، تبدو العلاقة بين الجيش السوداني وحلفائه الإسلاميين مرشحة لمزيد من الانفجار، وسط مؤشرات على صراع نفوذ داخل السلطة المؤقتة. ففي وقت يسعى البرهان إلى تقديم نفسه للمجتمع الدولي كلاعب مستقل، يصر الإخوان على تذكيره بأنهم جزء أساسي من قوته على الأرض.
وبين الاتهامات المتبادلة والظهور العلني للتنظيم، يبدو أن الحرب في السودان لم تعد فقط مواجهة عسكرية، بل صراعًا داخليًا على السلطة والشرعية ومسار الدولة خلال المرحلة المقبلة.