ما العمل.. مع زوج ليس منه أمل؟
تاريخ النشر: 22nd, May 2024 GMT
سيدتي، تزوجت من إنسان وفي قلبي من الأحلام ما يمكنني به أن أشيّد القصور والقلاع. حيث أنني تزوجت عن حب، وزوجي لم يتوان خلال فترة الخطوبة عن جعلي أرسم و ألوّن معالم حياتي إلى جانبه.
صحيح أنه لم يكن بحوزته العصا السحرية، كما أنه لم يكن يوما بسليل الأسرة الميسورة إلا أنني صدقت كل وعد منه. أن يتوجني أميرة على عرش قلبه وأن يجعلني سيدة راقية بالرغم من عمله البسيط.
لم تكد تمرّ فترة بعد زواجي ممن توسمته سيد الرجال، حتى إكتشفت همجيته في الحياة، فهو إنسان إتكالي غير منظم، وبما أننا كنا نحيا مع أهله الذين منحونا غرفة بينهم، فقد فوجئت به لا يشارك في مصروف البيت قطّ، كما أنه كثير التغيب عن عمله فهو يقضي ساعات يومه نائما، بينما يتحول ليله إلى إبحار عبر الشبكة العنكبوتية.
في البدء عللت الأمر على أنه فترة دلال ما بعد الزواج ومن أن الأمور ستنصلح بعدها وتأخذ مجراها الطبيعي. إلا أني تفاجأت بوالدا زوجي يفتحان معي الموضوع ويؤكدان لي أنهما ينتظران مني أن أكون أن طفرة التغيير. كون إبنهم نشأ على ذات المنشأ ومن أنه صاحب مراس سيء منذ القديم.
تفاجأت سيدتي وأحسست بأنني في دوامة، حيث أنني لطالما حسبت زوجي من النوع المسؤول القوام. لم أتردّد في فتح الموضوع معه لأجده يخبرني من أنه لا خطب مع أهله. فما دمت أعمل فذلك يكفي لأن أسدّ ثغراته وأملأ خاناته.
هي الطامة الكبرى التي أحياها سيدتي وأنا أجد نفسي بعد قبض كل مرتب أساهم في تسديد الفواتير وإقتناء مؤونة البيت فقط حتى لا أبقى عالة على أهل زوجي المحدودي الدخل. لكنني بعد بضعة اشهر بتّ أحسّ بأنني كمن إبتلع طعم صياد ماكر.
أحيا مهانة بيني وبين نفسي سيدتي، تغلبني دموعي ويثقل الآه كاهلي، وعن أهلي فهم يرون أنني أذللت نفسي خاصة وأنهم تحدثوا إلى زوجي ووجدوا منه إستسلاما من أنه لن يغير في تفاصيل حياته شيء. أخاطبك سيدتي وانا متوجسة من مسألة أن أرزق بأولاد أجد نفسي أمامهم ألعب دور الأب والأم معا وأبوهم حي يرزق ولا يعاني من اي شيء سوى أنه متغطرس إتكالي غير مسؤول.
أريد حلا لما أنا فيه فلا يعقل أن تستمر أيامي على هذا النحو. فما هو رأيك سيدتي؟
أختكم ن.عبير من الشرق الجزائري
الرد:هوّني عليك أختاه ولا تتذمري من الأقدار، فما تحيينه اليوم مكتوب في الجبين وما عليك إلا الرضا والحمد مهما كانت الظروف.
تنساق عديد الفتيات وراء الأحلام الوردية التي يرسمها ويخطها لهنّ الحبيب، فلا تنتبهن للمستقبل وتقعن ضحايا التصديق بالتفاصيل الواهية. وعنك أختاه فقد وقعت في شباك الحب لدرجة أعمت بصيرتك كل تلك الوعود التي بقيت معلقة ولم تطبق. لست ألومك في شيء، فالواضح أن من إرتبطت به يجيد التمثيل ونسج التفاصيل الوردية، وما أنت والعديد من الفتيات سوى ضحايا.
كذلك لا يفوتني أختاه أن أذكرك بدور الزوجة الحاذقة التي تسهر على أن ترسو بزواجها على بر الأمان، حيث أنه من الضروري عليك أن تنجي زواجك من غياهب الطلاق والنهاية المأساوية. حيث أنه من الضروري أن تتواطئي مع حماك وحماتك حتى تخرجا زوجك من حالة الغطرسة والإتكالية التي نشأ عليهما، فقط أخطأتم كثيرا لما تركتم له الحبل على الغالب، كما أنه أسهبتم في توفير متطلباته مما غذّى جشعه ودفعه أن يحيا بينكم عالة.
ما دام زوجك لا يعاني من أي مرض أو عارض يمنعه من العمل، فعلى هذا الزوج أن يتحمل كامل مسؤولياته حيالك وحيال أهله، و لك أن تخاطبيه بلهجة التذكير لما كان منه من وعود. ولتأكدي له أن وعد الحرّ دين عليه.
كذلك من طباع الزوجة الطيبة الحلم والصبر والتحامل، لكنني للأسف أختاه أجد أنه لا داع من الإصطبار على زوج ضرب عرض الحائط بكرامتك وقد أهدر قبلا قدر والديه، لست أحثّك على الطلاق ماعاد الله، لكنني أصرّ أن يكون لك حلّ يكفل لك أن تعانقي السكينة وتشحذي همتك بالأمل خاصة إن رزقك الله بأطفال.
إكبحي جماح هذا الزوج المتعالي المتغطرس وأنبيه ولا تكفي عن سرد مآثر السلف الصالح من أنبياء ومرسلين، ويكفيه قدوتنا جميعا سيد الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم والذي كان له دروس في القوامة ومواقف في التعامل مع زوجاته. أكثري من الدعاء بالهداية لهذا الزوج، وإحتسبي ما تحيينه إلى جانبه جهاد يجزيك الله عليه.
ردت: “ب.س”
المصدر: النهار أونلاين
إقرأ أيضاً:
قوافل الغضب التي هزّت عروش الصمت
بسم الله الرحمن الرحيم
#قوافل_الغضب التي هزّت #عروش_الصمت
دوسلدورف/ أحمد سليمان العُمري
في عالم يُحاصر الأطفال بين أنياب الاحتلال وأقدام الأنظمة العربية، انطلقت قافلتان: واحدة بحرية من أوروبا وأعقبتها أخرى برية من تونس؛ حملتا نفس الحلم: كسر الحصار عن غزّة، لكنهما اصطدما بنفس القسوة، قسوة تثبت أن الخيانة العربية والغطرسة الإسرائيلية وجهان لعملة واحدة. هنا قصّة أولئك الذين رفضوا أن يكونوا حرّاساً لهذا السجن الكبير.
مقالات ذات صلة لماذا يخفق القلب فرحًا أو حزنًا؟ وأيهما أشد وطأة؟ 2025/06/20الليلة التي غرق فيها الضمير العالمي
«تياغو» البرازيلي ذو العشرين ربيعاً لم يكن يعلم أن مشاركته في رحلة سفينة «مادلين» ستنتهي به في زنزانة إسرائيلية تحت الأرض. «كنا 12 ناشطاً فقط على متن السفينة»، يقول بصوت يرتجف، «عندما حاصرتنا الزوارق الحربية الإسرائيلية في المياه الدولية، وكأننا أسطولاً عسكرياً وليس متطوعين يحملون أدوية الأطفال».
بين الأمل والقمع
انطلقت السفينة من ميناء «كاتانيا» في جزيرة صقلية الإيطالية في الأول من يونيو 2025، تحمل على متنها ناشطين من جنسيات متعددة، بينهم الناشطة البيئية “غريتا تونبيرغ” والنائبة الأوروبية ريما حسن. كانت الشحنة رمزية بحجمها وعظيمة بأبعادها، تشمل مئات الكيلوغرامات من المواد الأساسية كالطحين والأرز وحليب الأطفال، بالإضافة إلى معدات طبية وأطراف صناعية وأجهزة تحلية مياه.
هدف الرحلة كان واضحاً: كسر الحصار البحري عن القطاع ونقل رسالة تضامن صامتة لكنها مدوّية، غير أن هذه المبادرة الإنسانية واجهت القسوة نفسها التي تحاصر غزّة، ففي التاسع من يونيو، وبعد ثمانية أيام من الإبحار، اعترضت القوات البحرية الإسرائيلية السفينة في مياه دولية. اعتُقل الناشطون، وتحولت رحلة الأمل إلى فصل جديد من الاعتقال والاضطهاد، حيث واجه الناشطون ظروفا قاسية من الحجز والتفتيش المشدد، في محالة واضحة لكسر إرادتهم ووقف صوت التضامن الدولي.
حيث يُسرق الحليب باسم السيادة
بينما كانت الناشط البرازيلي تياغو على متن السفينة يخترق البحر في محاولة مقدامة لكسر الحصار عن غزّة، جرى اعتقاله مع بقية زملاءه الشجعان بوحشية من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، وسُجنوا في ظروف مهينة، دون أن يُراعى كونهم ناشطين إنسانيين؛ جاءوا بصفتهم المدنية لا كمقاتلين.
معاناة هؤلاء الشبان بالرحلة وفي السجون الإسرائيلية لم تكن حدثًا معزولًا، بل امتداد لمعاناة غيرهم من الأحرار الذين لا ينتمون إلى هذه الأرض جغرافياً، لكنهم ينتمون لها أخلاقياً وإنسانياً.
من تياغو إلى ريما حسن، النائبة الفرنسية الفلسطينية التي لم تشفع لها حصانتها الأوروبية، مروراً بالناشطين بين تركي وألماني وإسباني وهولندي… الخ الذين اعتقلوا أو طُردوا أو شُوّهت سمعتهم لأنهم فقط تجرّؤوا على رفع علم فلسطين في عواصمهم.
وإن كانت يد الاحتلال قد امتدت في عرض البحر لتقمع من جاؤوا متضامنين، فإن اليد الأخرى، المخفية تارة والمكشوفة تارة أخرى، كانت تضرب على اليابسة. ففي مصر، تعرّض الناشطون من “مسيرة غزّة” للضرب والإهانة والتنكيل على أيدي قوات أمن بلباس مدني، في محاولة ممنهجة لإظهار أن الاعتراض يأتي من “المواطنين العاديين”، وليس من الدولة.
لقد لبس القامعون ثوب الشعب ليخونوا نبضه، وأوهموا العالم أن الشارع المصري – وهو الزخم العارم لفلسطين – قد انقلب على المبدأ. بينما الحقيقة أن اليد التي صفعت هؤلاء المتضامنين ليست يد الشعب، بل يد السلطة، وهي اليد ذاتها التي تصافح القتلة هناك، وتمنع المساعدات هنا، وتحاصر الفلسطيني في جسده ومعيشته وتُمعن في عزل كل من يحاول الوصول إليه.
بهذا المشهد، تتكامل المأساة مع الهزل، وتغدو الجغرافيا السياسية للمقاومة محكومة بمنظومتين: شعوبٌ تتقد بالشجاعة رغم البعد، وأنظمةٌ تشتغل لحساب الاحتلال وإن رفعت شعارات ضده. وهنا، كما يؤكّد الحال راهناً، فإن التضامن مع القضية الفلسطينية لا يزال يواجه مقاومة ضارية من أنظمة ترى في بقاء الاحتلال حماية لاستقرارها أو امتداداً لاستعمارها، أكثر مما ترى فيه جريمة تستحق المواجهة.
وفي ليبيا، حيث تسيطر قوات حفتر، كانت العراقيل بذريعة البيروقراطية والتعنّت الأمني في أقصى درجاتها، إذ منعت قوافل التضامن من المرور، وواجه ناشطون تحقيقات مطولة وإجراءات تعسفية، مما يعكس تنسيقاً أمنياً واضحاً وفاضحاً مع الاحتلال.
هذه التجارب المشتركة، من الاعتقال في سجون الاحتلال إلى التضييق في الحدود ومطارات الدول العربية والحدود البرية، تؤكّد حجم العقبات التي تواجه أي محاولة حقيقية لكسر الحصار وإيصال الدعم لغزّة، كما تؤكّد أن التضامن مع القضية الفلسطينية لا يزال يلقى مقاومة شديدة من أنظمة تحابي الاحتلال أكثر مما تُساند شعوبها في قضاياه المصيرية.
الرسائل التي كتبها الجلادون بتواطئهم
الرسالة التي كتبها الجلادون كانت واضحة، وإن اختلفت أيادي التوقيع عليها: حفتر قطع الطريق في الصحراء، والسيسي أطلق شرطته على المتضامنين مع غزّة في شوارع مصر ومطاراتها، يضربون، يرحّلون، ويقمعون كل من حاول أن يمرّ من بواباتهم بجوازه وكرامته.
أما إسرائيل، فكانت تشاهد من بعيد، مُطمئنة إلى أن الطرق إلى غزّة ما زالت مغلقة.
قافلة الصمود رغم عودتها اليوم لم تُكسر، عادت إلى تونس بجراحها وتحمل شيئاً أعظم من العبور: يقظة الضمير. لم تصل الشاحنات، لكن وُلدت إرادة جديدة، وكُسر الصمت، وإن لم تنجح سفينة ماديلين والصمود، فسيأتي بعدهما قوافل أخرى، بالآلاف، فإرادة الشعوب لا تنضب، وغزّة لا يمكن أن تُحاصر إلى الأبد.
إذا مُنعوا اليوم من العبور، فستُحوّل الأرض كلها إلى معبر؛ القوافل والسفن لم تمت، بل صارت فكرة لا تموت.