كتبت هيام قصيفي في" الاخبار": تقدّم التفاوض الأميركي - السعودي حول الاتفاقية بين البلدين، وتتالت زيارات المسؤولين الأميركيين للرياض، في سعي لفصل مسارَي الاتفاق عن الحرب ومستقبل غزة وحل الدولتين، من الزاوية السعودية. ومع التلويح بقرب انتهاء التفاوض، تنتقل المنطقة إلى مكان آخر في العلاقة بين الولايات المتحدة ودولها، من إسرائيل إلى تركيا والسعودية، لتشكل القفزة المرتقبة تحوّلاً استراتيجياً لا صلة له بمراحل العلاقات السابقة بين البلدين والتي مرّت في السنوات الأخيرة بفترات متأرجحة.


ويأتي هذا الاتفاق في وقت تكرّس السعودية اتجاه تحولاتها الداخلية السريعة، وفيما أصبحت المنطقة، بعد 7 تشرين، تخضع لتوقعات بتغيرات كبرى نتيجة الحرب وما أسفرت عنه حتى الآن من تأثيرات على دول الجوار.
لا تعني لبنان مباشرة أي نتائج من هذا الاتفاق الأمني والاستراتيجي. لكن الاهتمام به يكمن في محاولة استكشاف تأثيراته الإقليمية انطلاقاً من المتغيرات التي ستلحق بالموقع السعودي، بين التفاهم السابق مع إيران، وتحولات 7 تشرين، ومسار التطبيع وأخيراً التفاهم الأمني مع الولايات المتحدة. في وقت تتحول الأنظار إلى ايران وانتخاباتها الرئاسية، والتوجه الذي ستسلكه بعد وفاة الرئيس إبراهيم رئيسي. ومما لا شك فيه أن الاتفاق يعطي التوجه السعودي دفعة إلى الأمام في تحقيق توازن أكبر مع الدور الإيراني في المنطقة، وهذا يشكل في حد ذاته عامل ارتياح لدى معارضي حزب الله في لبنان. ورغم أن لبنان جزء من صورة كبرى للسعودية مصالح فيها، إلا أن الآمال لا تزال معلّقة على تحقيق هذا التوازن واستثماره في لبنان، بدءاً بالملف الرئاسي وصولاً إلى إعادة ترتيب الوضع اللبناني بما يسمح بضبط إيقاع الحرب فيه وإعادة التوازن إليه. ومع التسليم بانتظار ظهور صورة أوضح للوضع الإيراني المستجد، إلا أن ما يحصل سعودياً يفتح المجال لتصور ما، يتلاقى مع الرغبة الأميركية التي تعزّزت بعد 7 تشرين بعدم تقديم تنازلات في لبنان. وهذا الكلام تجدّد أخيراً في الملف الرئاسي وفي ملف الجنوب وتطبيق القرارات الدولية فيه.
وقد تكون فرنسا آخر من اقتنع، بعد شهور من المماطلة، بأن التفاهم الأميركي - السعودي حول لبنان لا يزال ثابتاً، ولم تطرأ عليه تغييرات في اتجاه مختلف. إلا أن تسارع خطوات الاتفاق الأمني ومدلولاته من شأنه أن يثير هواجس فرنسية بسحب الوضع اللبناني من يدها كما جرى سابقاً لمصلحة الدور القطري، مع فارق تأثير الدورين السعودي والقطري، ويعيده إلى نقطة الانطلاق التي رعتها السعودية في لقاء نيويورك الثلاثي مع باريس وواشنطن في أيلول 2022.وهو جاء نسخة مطوّرة للفقرة التي تخص لبنان في البيان الأميركي - السعودي حول الشراكة الاستراتيجية بين البلدين في تموز من العام نفسه خلال زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن لجدة. وفي المرحلة التي كانت فيها فرنسا تسعى إلى الدخول بقوة على خط المنطقة، من إسرائيل ولبنان، جاء تفعيل واشنطن علاقاتها مع السعودية، والإيقاع الذي أرادته الرياض في عدم التفريط بما تعتبره مسلّمات في لبنان، لتعيدا ربط الوضع اللبناني بالصورة الكبرى للمنطقة المقبلة على إعادة توزيع أدوار وانتظار ما سينتج عن الحدث الإيراني والمفاوضات المتعلقة بمستقبل غزة. ولا يزال التمسك باتفاق الطائف وتطبيق القرارات الدولية والحفاظ على سيادة لبنان، عناوين أولى في هذه السياسة. وإذا كان بعد 7 تشرين هو غير ما قبله في المنطقة، ولبنان شاهد على ذلك، فإن الاتفاق الأميركي - السعودي، سيعطي بتأثيراته صورة أخرى للسعودية وسياستها الخارجية في المنطقة، ورهان معارضي حزب الله ألّا يكون لبنان بعيداً عنها.

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: فی لبنان

إقرأ أيضاً:

روسيا: الاتفاق الأمني الأمريكي الأوكراني مجرد حبر على ورق

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

قللت المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، الجمعة من أهمية الاتفاق الأمني "الأمريكي-الأوكراني" الذي أُعلن عنه أثناء قمة مجموعة السبع، واصفةً إياه بأنه مجرد حبر على ورق.

ووفقًا لوكالات إخبارية روسية، أكدت زاخاروفا أن هذه الاتفاقيات لا تحمل أي قيمة قانونية، كما أفادت وكالة "فرانس برس".

وقع الرئيس الأمريكي جو بايدن ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي اتفاقية أمنية ثنائية مدتها 10 سنوات تهدف إلى تعزيز الدفاع الأوكراني.

الاتفاق، الذي تم توقيعه على هامش قمة مجموعة السبع في إيطاليا، يعتبر خطوة نحو انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي، وفقًا لنص الاتفاق.

زيلينسكي يسعى منذ فترة طويلة للانضمام إلى الناتو، لكن الحلفاء لم يتخذوا هذه الخطوة بعد.

حلف الناتو يعتبر أي هجوم على أحد أعضائه الـ 32 هجومًا على الجميع بموجب المادة الخامسة.

الاتفاق يؤكد دعم الولايات المتحدة لأوكرانيا في الدفاع عن سيادتها وسلامة أراضيها، في ظل تجدد التقدم الروسي على الجبهة الشرقية لأوكرانيا.

مقالات مشابهة

  • عن موعد بدء حرب لبنان.. ماذا أعلن مسؤولون إسرائيليون؟
  • إحاطة سرية تكشف معالم الاتفاق الأميركي السعودي المرتقب
  • هذا ما يعطل الدولة.. قبيسي: مع الاسف البعض يرفض الحوار ولغة التفاهم
  • السعوديّة على خط الحركة الرئاسيّة؟
  • صفقات بيع الأسلحة للسعودية.. أي تحوّل في موقف واشنطن؟
  • أحمد ياسر يكتب: الاتفاق النووي الأمريكي السعودي: التداعيات الإقليمية
  • روسيا: الاتفاق الأمني الأمريكي الأوكراني مجرد حبر على ورق
  • واشنطن تقلب الدفاتر القديمة وتستعد لخطوة "إيجابية" تجاه السعودية
  • تحوّل في موقف واشنطن.. مراجعة صفقات بيع الأسلحة للسعودية
  • زيلينسكي: الاتفاق الأمني مع واشنطن يمهد الطريق أمام انضمامنا للناتو