بعد اتهامات الغاز السام لروسيا.. ما تاريخ موسكو مع هذا السلاح وماذا يقول القانون الدولي؟
تاريخ النشر: 24th, May 2024 GMT
كشفت شهادات حديثة لمسؤولين أميركيين وأوكرانيين، بجانب مسعفين وباحثين دوليين وجنود، أن روسيا "تستخدم الغازات السامة في المعارك الحالية في أوكرانيا بكثافة"، في اتهامات متكررة لموسكو باستخدام تلك المواد المحظورة دوليًا.
وأشارت الشهادات التي نقلتها صحيفة "وول ستريت جورنال"، أن من بين تلك الغازات السامة التي ثبت بالفعل استخدامها في المعارك ضد القوات الأوكرانية، تلك التي تحتوي على "الكلوروبكرين"، وهي مادة استخدمت بشكل واسع خلال الحرب العالمية الأولى كغاز خانق.
ورصد الأوكرانيون استخدام الأسلحة الكيماوية على الجبهة منذ فبراير 2023، حيث تزايد عدد الحوادث المؤكدة بشكل مطرد.
وحتى الثالث من مايو الجاري، أكدت القوات الأوكرانية وقوع 1891 هجوما من هذا القبيل منذ أن بدأت في تتبع البيانات، 444 منها حصلت في أبريل فقط، وفق الصحيفة.
كما ذكرت "وول ستريت جورنال" أن هذه الأرقام "لا تعطي الصورة الكاملة عن الأمر"، لأنه في كثير من الأحيان لا يمكن الوصول إلى الموقع الذي تم استخدام الغاز فيه لجمع عينة أو أخذ إفادات الجنود، بسبب شدة القتال.
تواجه روسيا اتهامات طويلة الأمد باستخدام المواد السامة كسلاح، خاصة ضد المعارضين، وأبرزهم أليكسي نافالني، المعارض السابق للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي توفي في 16 فبراير الماضي في السجن، بعد سنوات من تعرضه لمحاولة اغتيال بسلاح كيماوي، اتُهم الكرملين بالوقوف خلفها.
أما العميل الروسي المزدوج السابق، سيرغي سكريبال، وابنته يوليا سكريبال، فقد تعرضا للتسميم في إنكلترا عام 2018.
ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية في تقرير سابق لها، عن أندرو سي ويبر، أحد كبار مسؤولي حظر انتشار الأسلحة النووية في البنتاغون، حول حادث سكريبال: "لقد استخدمت روسيا الأسلحة الكيماوية في زمن السلم، في بلد أجنبي. لذا فالاعتقاد بأنها قد تستخدم الآن أسلحة كيماوية في أوكرانيا أمر منطقي تماما".
كما ذكرت الصحيفة أن المعامل العسكرية التي أنتجت غازات الأعصاب، مثل نوفيتشوك وسارين، تواصل العمل، وقد سُمح لعلماء الأسلحة الروس بمتابعة أبحاث أسلحة جديدة بموجب ثغرة في معاهدة، تسمح بإنتاج كميات صغيرة من الأسلحة الكيماوية لأغراض دفاعية.
ونقلت عن مسؤولي استخبارات حاليين وسابقين، أن روسيا واصلت العمل في نوفيتشوك بعد الحرب الباردة، وهو جهد تسارع في 2010 وبلغ ذروته باستخدام متغير مُحسَّن من غاز الأعصاب نفسه، في محاولات اغتيال ضد اثنين من أعداء الكرملين (سكريبال عام 2018، ونافالني عام 2020).
وانتقد الاتحاد الأوروبي روسيا، في بيان صدر عام 2022، حول العمل باتفاقية حظر وتطوير وتخزين واستخدام الأسلحة الكيماوية، وتدمير تلك الأسلحة، التي يبلغ عدد الدول الأطراف فيها 193 دولة، وتكرس المعيار الدولي لمناهضة استخدام الأسلحة الكيماوية.
وقال البيان إنه "منذ دخول الاتفاقية حيز التنفيذ، تم التحقق من تدمير 99 بالمئة من مخزون الأسلحة الكيماوية المعلن عنه في العالم تحت سيطرة منظمة حظر الأسلحة الكيماوية، ومع ذلك، وعلى الرغم من التقدم الملموس، فإن عودة ظهور استخدام الأسلحة الكيماوية هي أحد أخطر التهديدات للسلم والأمن الدوليين".
وعبّر الاتحاد الأوروبي عن "قلقه الشديد" من أن روسيا لم "تستجب بعد للنداءات الدولية للتعاون الكامل مع منظمة حظر الأسلحة الكيماوية لضمان إجراء تحقيق دولي محايد في محاولة اغتيال نافالني".
حظر الأسلحة الكيماويةفي بارس عام 1993، حُررت اتفاقية بشأن حظر استحداث وصنع وتخزين واستخدام الأسلحة الكيماوية وتدميرها.
ونصت الاتفاقية، وفق ما نشره الموقع الرسمي للجنة الصليب الأحمر الدولية، فقد تعهدت الدول المنضوية بألا تقوم تحت أي ظرف "باستحداث، أو إنتاج الأسلحة الكيماوية أو احتيازها بطريقة أخرى أو تخزينها أو الاحتفاظ بها، أو نقل الأسلحة الكيماوية بصورة مباشرة أو غير مباشرة إلى أي مكان".
وتلتزم الدول أيضًا بعدم "استعمال الأسلحة الكيماوية، أو القيام بأية استعدادات عسكرية لاستعمال الأسلحة الكيماوية، أو مساعدة أو تشجيع أو حث أي كان بأي طريقة على القيام بأنشطة محظورة على الدول الأطراف بموجب هذه الاتفاقية".
كما تتعهد كل دولة طرف بأن تدمر الأسلحة الكيماوية التي تملكها أو تحوزها أو تكون قائمة في أي مكان يخضع لولايتها أو سيطرتها، وفقاً لأحكام هذه الاتفاقية.
تنص التعهدات أيضًا على أن تدمر جميع الأسلحة الكيماوية التي خلفتها في أراضي أي دولة طرف أخرى، كما تدمر أي مرافق لإنتاج الأسلحة الكيماوية تمتلكها أو تكون في حيازتها أو تكون قائمة في أي مكان يخضع لولايتها أو سيطرتها.
كما حدد نص الاتفاقية تعريفا لمصطلح "المادة الكيماوية السامة "، وهي أي "مادة كيماوية يمكن من خلال مفعولها الكيماوي في العمليات الحيوية أن تحدث وفاة أو عجزاً مؤقتاً أو أضرار دائمة للإنسان أو الحيوان".
ويشمل ذلك "جميع المواد الكيماوية التي هي من هذا القبيل، بغض النظر عن منشئها أو طريقة إنتاجها، وبغض النظر عما إذا كانت تنتج في مرافق أو ذخائر أو أي مكان آخر".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: فی أوکرانیا أی مکان
إقرأ أيضاً:
الإيجابية السامة وفن التخلي
في عالمٍ يُلح علينا بشعارات التحفيز، والابتسامات المصطنعة، والعبارات اللامعة مثل “كن إيجابيًا مهما حدث”، “تخلى عما يؤذيك” ننسى أن الإيجابية الحقيقية لا تعني إنكار المشاعر الإنسانية، بل الاعتراف بها والمرور عبرها بصدق.
ولكن! ماهي الإيجابية؟
الإيجابية، ببساطة، هي الميل لرؤية الجانب المُضيء من الأشياء، والسعي للسلام النفسي، والنظر للأزمات من زاوية النمو والتعلم. وهي بلا شك سلوك ناضج ومفيد في الحياة.
ولكن… متى تنقلب هذه الإيجابية ضد الإنسان بدلًا من أن تكون لصالحه؟
ومتى تصبح الإيجابية “سامة”؟
تُصبح الإيجابية سامة حين تتحوّل إلى قناع يُخفي الألم الحقيقي، ووسيلة للهروب من المشاعر الصعبة، أو عندما تُستخدم لإسكات الآخرين وتقزيم معاناتهم.
حين يُقال لشخص يتألم: “تجاوز الأمر، على الأقل أنت أفضل من غيرك”، حين يُقال لمن فقد عزيزًا: “كل شيء يحدث لسبب” حين يُقال للمقهور: “كن ممتنًا، فهناك من هو أسوأ حالًا منك”
هنا لا تُمارَس الإيجابية كتعاطف، بل كأداة للإنكار، والتقليل، والعزل.
فالإيجابية السامة تُفقد الإنسان جزءًا من إنسانيته.
وتجعلنا نرفض الاستماع الحقيقي، ونبتعد عن الأحزان، ونخشى أن نتلامس مع الألم.
وبإسمها تحوّلنا إلى كائنات أنانية، تهتم فقط بالمُتعة اللحظية، وترفض العلاقات العميقة، وتُقصي من يعاني، وتضع مُلصق “السلبي” على كل متألم.
وراء كثير من الدعاوى لقطع العلاقات، والانعزال عن “الطاقة السلبية”، تجد أشخاصًا جُرحوا بعمق، ولم يجدوا من يحتويهم، فقرروا ألا يعودوا بشرًا يشعرون، بل “مدربي طاقة”، أو “مرشدي سعادة”، أو “ناجين روحيًا”، يوزعون نصائح مُفرغة من الرحمة.
لكن الحقيقة هي: كل من يطلق وصف “سلبي” على المتألمين، فقط لأنهم يعبرون عن مشاعرهم، هو إنسان فقد شيئًا من إنسانيته، ويريد أن ينتقم من الضعف الذي كان فيه يومًا، بدل أن يضمده.
وفي هذا السياق، نستحضر قول لوري ديشين: “لست مضطرًا لأن تكون إيجابيًا طوال الوقت، فلا بأس تمامًا بأن تشعر بأنك حزين، أو غاضب، أو مُنزعج، أو مُحبط، أو خائف أو قلق، إمتلاكك للمشاعر لا يجعلك “شخص سلبي”، بل يجعلك إنسانًا”
همسة
دعونا نُعيد تعريف القوة.
فالقوة ليست في دفن الألم تحت قناع “كل شيء على ما يرام”، بل في مواجهته.
القوة ليست في إنكار مشاعر الآخرين والتراقص على آلامهم وتسميتها سلبية، بل في الجلوس معهم، والإنصات، والمشاركة.
فالإيجابية الحقيقية ليست أداة فصل عن العالم، بل وسيلة للتواصل معه بصدق.