الجزيرة:
2025-12-14@05:10:05 GMT

فلسطين جوهرة الفن المصري الرفيع

تاريخ النشر: 27th, May 2024 GMT

فلسطين جوهرة الفن المصري الرفيع

فلسطين ومقاومتها عظيمةٌ، وشهيدها غالٍ على قلب كل مصري وطني، ليس في الأمر عواطف، ولا تفضُّل من أحد على أحد، بل هي المصائر المشتركة والقدر، الذي فرضته الجغرافيا، وفرضته وحدة العرق والثقافة والدين، ومن كافة الجوانب فلسطين مصرية، ومصر فلسطينية، رغم أنف الصهاينة والأميركان، وأعوانهم من "المأجورين" هنا أو هناك.

تلك المعاني فهمها "المماليك"، الذين خرجوا بخيولهم وسيوفهم لحماية الأرض المقدسة من زحف "المغول" تحت قيادة "سيف الدين قُطُز"، وقبلهم فهمها الأيوبيون لما دخل "صلاح الدين " إلى مصر ليحررها من عميل الصليبيين الوزير "ضرغام"، ودخل فلسطين ليحرر بيت المقدس، فهو كان يعلم أن مصَر مُعَلّقٌ مصيرها بفلسطين، وفلسطين مُعلّقٌ مصيرها بمصر.

مبدعون وطنيون

وهذه المعاني فهمها المبدعون المصريون الوطنيون، منذ نكبة 1948، وهنا لن نناقش خيبات الساسة والعسكريين، بل نقترب من "فلسطين" التي أحبَّها وصَوَّرها المبدعون في قصائد وقصص قصيرة، وأفلام سينمائية، استطاعت الإبقاء على "جوهرة" العروبة، حيّةً في وجدان الأجيال المتعاقبة، والفيلم الأول الذي واكب النكبة في العام 1948، هو "أرض السلام" وشارك فيه عمر الشريف وفاتن حمامة وغيرهما من نجوم السينما في مصر.

وفيه سرد للمقاومة البطولية التي أبداها الشعب الفلسطيني في مواجهة عصابات الصهاينة المدعومة من الجيش البريطاني، وفيه ذِكرٌ للبطولات التي قام بها المتطوِّعون من مصر، وقد سبق البطل "أحمدعبدالعزيز" الجميع إلى فلسطين ومعه كتائب المتطوِّعين، قبل أن يرسل الملك فاروق الجيش بصفة رسمية، وحارب "أحمد عبدالعزيز"، ورجاله وحقق انتصارات كبيرة، ووافاه الأجل برصاصة من مقاتل مصري، بطريق الخطأ، كان يظنه واحدًا من الصهاينة.

وقدمت السينما المصرية في الحقبة نفسها أفلامًا، اهتمت ببطولات الجيش، وفي الفترة التي أعقبت 23 يوليو/تموز 1952، ظهرت في السينما قصة "الأسلحة الفاسدة" التي اعتبرها الضباط الأحرار، السبب في هزيمة الجيش المصري في فلسطين.

لكن "خالد محيي الدين" أحد المؤسسين للضباط الأحرار، قال في مذكّراته التي حملت عنوان: "الآن أتكلم"، وصدرت في عدة طبعات بالقاهرة في تسعينيات القرن الماضي: إن الأسلحة الفاسدة، ليست المسؤولة عن الهزيمة، إنما الهزيمة مصدرها عدم وجود"قوة نيران" كافية لردع العدو الصهيوني المدعوم بالسلاح البريطاني المتطور، وعدم حصول الجيش المصري على التدريب القتاليِّ الكافي، في الفترة السابقة على دخول الحرب.

والفيلم المهم الذي حاول تقديم صورة حقيقية وصادقة عن المقاومة الفلسطينية، المتواجدة في لبنان في فترة الاجتياح الإسرائيلي لبيروت والجنوب، هو: "ناجي العليّ" الذي أنتجه الفنان "نور الشريف"، وأخرجه عاطف الطيب، وقام فيه بدور الفنان ناجي العليّ، رسام الكاريكاتير الفلسطيني الذي اغتاله "الموساد" في لندن، حتى يخرس صوته المزعج لدولة الكيان.

وكما كان ناجي العليّ مزعجًا للصهاينة في حياته، كان فاضحًا لوكلاء إسرائيل وعملاء المخابرات الأميركية في مماته، فهاجموا "نور الشريف " هجومًا عنيفًا.

شعر المقاومة المصري

وفي الوقت ذاته كان الشِّعر المصري صامدًا على ذات الجبهة، فأصدر "الأبنودي" ديوانه: "الموت على الأسفلت"، وهو عبارة عن مرثية للفنان الراحل ناجي العليّ، الفنان المناضل الذي عاش في المخيم، واكتوى بالفقر والغربة، واكتشفه الشهيد "غسان كنفاني" الصحفي والروائي الذي اغتيل في سبعينيات القرن الماضي، في لبنان بأوامر مباشرة من "غولدا مائير" رئيسة وزراء دولة الكيان آنذاك.

وكما كتب "الأبنودي" ديوانه: "الموت على الأسفلت"، كتب ديوان: "المشروع والممنوع"، وفيه فضحٌ لحلفاء الصهاينة في الوطن العربي، وقبلها كتب أغنية: "المسيح" التي غناها عبدالحليم حافظ في لندن، وفيها ربط بين ما جرى من اليهود مع المسيح ابن "الناصرة "، في فلسطين، وما حدث منهم مع العرب في العصر الحاضر.

والشاعر "أحمد فؤاد نجم" ومعه "الشيخ إمام " قدّما في فترة حصار المقاومة الفلسطينية في لبنان، أغنيات كثيرة، تمجد نضال الشعب الأبيّ، وغنى الشيخ إمام أغنيات لشعراء فلسطينيين ومصريين، تناولوا قصة المقاومة، منذ النكبة، حتى إخراج المقاومة من لبنان.

وغنى هذه الأغنيات في حفلات أحياها في باريس، وتونس، والجزائر، والجنوب اللبناني، ومعروف أن فريقًا من مناضلي اليسار المصري انضمّ إلى المقاومة الفلسطينية اللبنانية في فترة حصار الصهاينة لبيروت، منهم المطرب "عدلي فخري"، وعدد من الشعراء، منهم شاعر العامية سمير عبدالباقي.

ويمكن القول؛ إن ألحان الشيخ إمام، نقلت الشعور بالنضال الفلسطيني إلى الأجيال الجديدة في الوطن العربي، وانفردت "تونس"، باحتضان مشروعه الموسيقي الثوريّ، حتى يومنا هذا. وكان للشاعر "أمل دنقل" نصيبه من دعم قضية العرب الأولى، بقصيدته: "لا تصالح"، وهي رسالة موجّهة للتصدِّي لدعوة الصلح مع إسرائيل، قبل توقيع "كامب ديفيد" بسنوات.

وألقى – رحمه الله – هذه القصيدة في محفل عام أقيم في القاهرة، وفيما بعد، تعرّض "أمل دنقل" بعد موته بسنوات لحملة تشويه، من جانب "شعراء العولمة الأميركية"، استهدفت التقليل من منجزه، وأطلق عليه أحدهم لقب: "شاعر القبيلة".

تجربة جادّة

وظلّ الفنانون والأدباء المصريون يعتبرون إسرائيل العدوّ الأوّل، ولما تصاعد النضال الفلسطيني في "غزّة"، وغيرها من الأراضي المحتلة، قدّم عمار الشريعي وآمال ماهر، أغنية "عربية يا أرض فلسطين"، وقد تم استخدامها لامتصاص غضب الشارع المصري المتعاطف مع الشعب الفلسطيني المناضل.

وآخر تجربة جادّة على مستوى الدراما التلفزيونية، قدّمها المخرج "يسري نصر الله" عن رواية "باب الشمس" للكاتب اللبناني إلياس خوري، في مسلسل بالاسم ذاته، وحققت نجاحًا جماهيريًا طيبًا. وهناك تجارب مسرحية كثيرة تناولت القضية الفلسطينية من أشهرها، مسرحية "اليهودي التائه" للكاتب يسري الجندي، قدّمها مسرح البالون، مواكبةً لانتفاضة الشعب الفلسطيني الثانية.

وعقب "السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023" أعلن فنانون مصريون تعاطفهم مع الشعب الفلسطيني، وسقط آخرون من الفنانين في عار الجهل والبلادة بالتقليل من الدور العظيم للمقاومة الفلسطينية، منهم "بيومي فؤاد" الذي عاقبه الجمهور المصري على موقفه، وأسقط فيلمًا له كان معروضًا في موسم عيد الفطر، وجعل منتجين سينمائيين يلغون تعاقداتهم معه.

ونبذ المثقّفون الوطنيون، كلَّ الذين واكبوا الحرب الصهيونيّة على "غزة" بعبارات داعية لتجنيب "مصر" ويلات الحرب، ورفعوا شعارًا يقول: "إحنا مالنا"، وهو شعار يهدف إلى عزل الشعب المصري عن محيطه الطبيعي وقضيته الأولى؛ قضية فلسطين.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الشعب الفلسطینی ناجی العلی

إقرأ أيضاً:

مطرانية الأردن للروم الأرثوذكس تعرض الفيلم الوثائقي-الدرامي «جوهرة الصحراء» في عمّان

صراحة نيوز- عرضت مطرانية الأردن للروم الأرثوذكس، مساء أمس الجمعة، في مركز الحسين الثقافي بالعاصمة عمّان، الفيلم الأردني الوثائقي-الدرامي «جوهرة الصحراء»، الذي يوثّق سيرة القديسة كاترينا ويعيد إحياء التاريخ الروحي والثقافي لديرها في سيناء، أحد أقدم الأديرة المسجّلة على قائمة التراث العالمي.

وبحسب بيان صادر عن المطرانية اليوم السبت، فإن الفيلم ثمرة عمل استمر عاماً كاملاً، جرى خلاله التصوير في أربعة مواقع رئيسة هي: سيناء، ووادي رم، وجرش، والقدس، بهدف إعادة بناء أبرز المحطات التاريخية في حياة القديسة، وإبراز أصالة المكان وعمقه الروحي.

وشارك في إنتاج العمل أكثر من 125 فرداً ومؤسسة من الأردن ومصر وفلسطين، من ممثلين وفنانين وفنيين وطواقم لوجستية. وأشرف على الفيلم مطران الأردن للروم الأرثوذكس ورئيس مجلس رؤساء الكنائس في الأردن المطران خريستوفوروس عطا الله، فيما تولّى البحث والكتابة موسى النبر، وأخرج العمل الأب صفرونيوس حنا.

وأشار البيان إلى أن «جوهرة الصحراء» يشكّل إضافة نوعية في مجال التوثيق الديني والثقافي، ويُعدّ أول عمل أردني يتناول تاريخاً مسيحياً بهذا الطابع، مقدّماً سرداً بصرياً جديداً لإرث القديسة كاترينا وديرها العريق.

ورعى عرض الافتتاح بطريرك المدينة المقدسة وسائر أعمال فلسطين والأردن، غبطة البطريرك كيريوس ثيوفيلوس الثالث، بحضور مطران الأردن للروم الأرثوذكس المطران خريستوفوروس عطا الله، إلى جانب عدد من الشخصيات الدينية والثقافية.

وألقى مخرج الفيلم كلمة استعرض فيها التجربة الإنتاجية التي امتدّت عاماً كاملاً من العمل المتواصل بين مواقع التصوير المختلفة، فيما أثنى المطران خريستوفوروس على الجهود الكبيرة المبذولة في إعداد الفيلم، مؤكداً أن هذا الإنجاز يشكّل محطة مضيئة في المسيرة الإعلامية والروحية للمؤسسة الأرثوذكسية، ويفتح نافذة جديدة على تاريخ المسيحية في الشرق ودور الأردن المحوري في الحفاظ على إرثها

مقالات مشابهة

  • كانديس أوينز.. اليمينية السوداء التي ناصرت فلسطين وعادت الصهيونية
  • الوطني الفلسطيني: تصريحات السفير الأمريكي حول الاستيطان تشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي
  • مطرانية الأردن للروم الأرثوذكس تعرض الفيلم الوثائقي-الدرامي «جوهرة الصحراء» في عمّان
  • بشأن الأونروا.. فلسطين ترحب بالإجماع الدولي على فتوى "العدل الدولية"
  • وزير الإعلام المصري الأسبق لـعربي21: الكاميرا يجب أن ترافق البندقية.. والبعض خان فلسطين (شاهد)
  • حماس تستهجن تقرير "العفو الدولية" الذي يزعم ارتكاب جرائم يوم 7 أكتوبر
  • حماس تهنئ الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في ذكرى انطلاقتها الـ58
  • “حماس” تهنئ الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في ذكرى انطلاقتها الـ58
  • الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين: مقاومة العدو الاسرائيلي حق أصيل وخيار وطني لابديل عنه
  • “لجان المقاومة في فلسطين”: الجبهة الشعبية شكّلت علامة مضيئة في مسيرة الكفاح الوطني الفلسطيني