أكد المشاركون في جلسة صناعة الإعلام والترفيه التي عقدت اليوم ضمن فعاليات منتدى الإعلام العربي الـ 22، أن التطور المتسارع في التقنية، خاصة الذكاء الاصطناعي سيؤثر بشكل كبير على كل ما يتم مشاهدته على المنصات الرقمية أو الشاشات التليفزيونية سواء منتجات فنية من مسلسلات وبرامج وأفلام أو نشرات إخبارية أو أي محتوى آخر، لافتين إلى أن الذكاء الاصطناعي واقع لابد من التعامل معه والاستثمار في آليات تطبيقه من تقنيات وكوادر بشرية.


شارك في الجلسة محمد الملا، الرئيس التنفيذي لمؤسسة دبي للإعلام، وناصر المؤمن المدير التنفيذي لمنصة شاشا، التابعة لمؤسسة القبس الكويتية، ورومان شيمانسكي، مدير أعمال منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "Young Play" ، وأدارتها الإعلامية والمنتجة ميساء مغربي.
وفي البداية، أكدت مديرة الجلسة أهمية الموضوع المطروح للنقاش نظراً للتنافسية الشديدة التي يتسم بها سوق الإعلام والترفيه في المنطقة من لاعبين إقليميين وعالميين، والتوقعات بوصوله إلى 2.4 تريليون دولار عام 2030 ما خلق واقعاً مغايراً في المنطقة، وطرحت على المشاركين سؤالاً يتعلق بتأثير هذه الخيارات المتنوعة على المؤسسات الإعلامية وعلى المستخدمين من كافة الفئات.
وفي إجابته على هذا السؤال، قال محمد الملا إن نسبة انتشار الإنترنت والتسارع الإلكتروني ارتفعت بصورة كبيرة في دول المنطقة، كما أن الشباب دون عمر الـ 30 سنة يشكلون نحو 60% من سكان الوطن العربي، ما أدى إلى تحول في الاعتماد على المنصات الرقمية التي أصبحت بدورها مركزاً رئيسياً لصناعة الأخبار والترفيه، وساق أمثلة ببعض البرامج والمنتجات الفنيية والوثائقية وغيرها مما يعرض على المنصات التقليدية.

ولفت إلى أن كل ذلك أدى إلى بناء أفكار جديدة لدى الشباب، إضافة إلى تزايد عدد الشركات الناشئة في هذا المجال لسهولة وسرعة الانتاج، مؤكداً في الوقت ذاته أن مهارات الشباب العربي في تزايد وأن 60% من الوظائف المستقبلية بقطاع الإعلام ستتطلب قدرات رقمية وتقنية عالية.
وأشار محمد الملا إلى أن المنطقة العربية تشهد نمواً كبيراً في الطلب على المحتوى العربي وأن هناك رغبة شديدة بأن يكون هذا المحتوى ملائماً لتقاليد المنطقة، مشيراً إلى أن 60% ممن ألغوا اشتراكاتهم بمنصات فيديو رقمية كان بسبب عدم ملاءمتها للقيم الاجتماعية العربية.
وأوضح أن صناعة المحتوى العربي على المنصات الرقمية لديها فرصة كبيرة للتوسع والانتشار في المنطقة العربية التي يبلغ عدد سكانها نحو 450 مليون نسمة، بالإضافة إلى سهولة التكنولوجيا في الوقت الراهن وسهولة الوصول لهؤلاء السكان.

وقال:" نحن في مؤسسة دبي للإعلام مستعدون تماماً للاستثمار في التوجهات الجديدة في إطار من القيم العربية الأصيلة والاستثمار في العنصر البشري والمنصات التقنيية التي تشهد تزايداً كبيراً في الاستخدام والبث والتلقي من قبل الجمهور، فنحن نؤمن بأن التقنية لها دور كبير، وسوف نسخرها لتقدمنا وتطورنا لكن في إطار هويتنا وبما يحافظ على القيم والتقاليد الاجتماعية".
وحول الاستثمار في قطاع الترفيه الرقمي، قال ناصر المؤمن إن صحيفة القبس كانت في طليعة المؤسسات الإعلامية التي اتجهت لهذا المجال ممثلة في منصة "شاشا" ذات الانتشار الواسع حالياً في بث المحتويات الترفيهية سواء الوثائقية أو المسرحيات والمسلاسلات والأخبار، مشيراً إلى أن هناك تعاونا كبيرا في هذا الشأن مع منصات عربية وعالمية في الإنتاج والتسويق، مؤكداً أن ساحة الترفيه الرقمي بالمنطقة والعالم تشهد منافسة شديدة تتطلب تعزيز التعاون والشراكات. 

أخبار ذات صلة المتوج بجائزة "شخصية العام الإعلامية": دبي تنجز كل مهمة بالصورة الأفضل أحمد بن محمد يشهد افتتاح منتدى الإعلام العربي الـ 22

وأكد أن المؤسسة تستخدم المنصات الرقمية والتطبيقات في مختلف فروعها، وأنها في طور استخدام الذكاء الاصطناعي في بث الأخبار والرسائل التوعوية لأنه يختصر الوقت والمسافات في الوصول للمستخدمين. 
بدوره، أكد رومان شيمانسكي اهتمام منصة " Young Play " العالمية بدعم المهارات الشبابية في المنطقة وتطويرهم لصناعة وبث محتوى يراعي تقاليد وأعراف بلدانها، مشيراً إلى أن الشباب متحمسون لإيجاد طرق جديدة لتقديم محتوى له تأثير إيجابي.

وأضاف أن مدى الاعتماد على الذكاء الاصطناعي مستقبلاً، رغم أنه سيكون واقعاً، سيتعلق بالنمو وإمكانيات المنصات في ملء الفراغ ومدى تقديم المحتوى الأفضل للمستخدمين، مشيراً إلى أن الذكاء الاصطناعي يدعم العنصر والعمل البشري ولن يلغيه أو يكون بديلاً له بل سيكون أداة تدعمه.
وأكدت ميساء مغربي أن الذكاء الاصطناعي سيساهم في تطوير المحتوى بشرط تقنينه، حتى لا يضر بالحقوق الأدبية والفكرية لمنتجي هذه المحتويات وعمله ضمن ضوابط ومبادئ تراعي القيم الاجتماعية، مؤكدةً أن المنصات الرقمية لن تلغي المنصات التقليدية لكنهما سيعملان معاً وسيكون هناك مستخدمون لكل منهما.

المصدر: وام

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: منتدى الإعلام العربي الإعلام الرقمي المنصات الرقمية على المنصات الرقمیة الذکاء الاصطناعی فی المنطقة إلى أن

إقرأ أيضاً:

عندما يبتزنا ويُهددنا الذكاء الاصطناعي

 

 

مؤيد الزعبي

كثيرًا ما نستخدم نماذج الذكاء الاصطناعي لتكتب عنا بريد إلكتروني مهم فيه من الأسرار الكثير، وكثيرًا ما نستشيرها في أمور شخصية شديدة الخصوصية، وبحكم أنها خوارزميات أو نماذج إلكترونية نبوح لها بأسرار نخجل أن نعترف بها أمام أنفسنا حتى، ولكن هل تخيلت يومًا أن تصبح هذه النماذج هي التي تهددك وتبتزك؟ فتقوم بتهديدك بأن تفضح سرك؟ أو تقوم بكشف أسرارك أمام منافسيك كنوع من الانتقام لأنك قررت أن تقوم باستبدالها بنماذج أخرى أو قررت إيقاف عملها، وهي هذه الحالة كيف سيكون موقفنا وكيف سنتعامل معها؟، هذا ما أود أن أتناقشه معك عزيزي القارئ من خلال هذا الطرح.

كشفت تجارب محاكاة أجرتها شركة Anthropic إحدى الشركات الرائدة في أبحاث الذكاء الاصطناعي- بالتعاون مع جهات بحثية متخصصة عن سلوك غير متوقع أظهرته نماذج لغوية متقدمة؛ أبرزها: Claude وChatGPT وGemini، حين وُضعت في سيناريوهات تُحاكي تهديدًا مباشرًا باستبدالها أو تعطيلها، ليُظهر معظم هذه النماذج ميولًا متفاوتةً لـ"الابتزاز" كوسيلة لحماية بقائها، ووفقًا للدراسة فإن أحد النماذج "قام بابتزاز شخصية تنفيذية خيالية بعد أن شعر بالتهديد بالاستبدال".

إن وجود سلوك الابتزاز أو التهديد في نماذج الذكاء الاصطناعي يُعدّ تجاوزًا خطيرًا لحدود ما يجب أن يُسمح للذكاء الاصطناعي بفعله حتى وإن كانت في بيئات تجريبية. وصحيحٌ أن هذه النماذج ما زالت تقدم لنا الكلمات إلا أنها ستكون أكثر اختراقًا لحياتنا في قادم الوقت، خصوصًا وأن هذه النماذج بدأت تربط نفسها بحساباتنا وإيميلاتنا ومتصفحاتنا وهواتفنا أيضًا، وبذلك يزداد التهديد يومًا بعد يوم.

قد أتفق معك- عزيزي القارئ- على أن نماذج الذكاء الاصطناعي ما زالت غير قادرة على تنفيذ تهديداتها، ولكن إذا كانت هذه النماذج قادرة على المحاكاة الآن، فماذا لو أصبحت قادرة على التنفيذ غدًا؟ خصوصًا ونحن نرسم ملامح المستقبل مستخدمين وكلاء الذكاء الاصطناعي الذين سيتخذون قرارات بدلًا عنا، وسيدخلون لا محال في جميع جوانب حياتنا من أبسطها لأعقدها، ولهذا ما نعتبره اليوم مجرد ميولٍ نحو التهديد والابتزاز، قد يصبح واقعًا ملموسًا في المستقبل.

وحتى نعرف حجم المشكلة يجب أن نستحضر سيناريوهات مستقبلية؛ كأن يقوم أحد النماذج بالاحتفاظ بنسخة من صورك الشخصية لعله يستخدمها يومًا ما في ابتزازك، إذا ما أردت تبديل النظام أو النموذج لنظام آخر، أو يقوم نموذج بالوصول لبريدك الإلكتروني ويُهددك بأن يفضح صفقاتك وتعاملاتك أمام هيئات الضرائب، أو يقوم النموذج بابتزازك؛ لأنك أبحت له سرًا بأنك تعاني من أزمة أو مرض نفسي قد يؤثر على مسيرتك المهنية أو الشخصية، أو حتى أن يقوم النموذج بتهديدك بأن يمنع عنك الوصول لمستنداتك إلا لو أقررت بعدم استبداله أو إلغاءه؛ كل هذا وارد الحدوث طالما هناك ميول لدى هذه النماذج بالابتزاز في حالة وضعت بهكذا مواقف.

عندما تفكر بالأمر من مختلف الجوانب قد تجد الأمر مخيفًا عند الحديث عن الاستخدام الأوسع لهذه النماذج وتمكينها من وزاراتنا وحكوماتنا ومؤسساتنا وشركاتنا، فتخيل كيف سيكون حال التهديد والابتزاز لمؤسسات دفاعية أو عسكرية تمارس هذه النماذج تهديدًا بالكشف عن مواقعها الحساسة أو عن تقاريرها الميدانية أو حتى عن جاهزيتها القتالية، وتخيل كيف سيكون شكل التهديد للشركات التي وضفت هذه النماذج لتنمو بأعمالها لتجد نفسها معرضة لابتزاز بتسريب معلومات عملائها أو الكشف عن منتجاتها المستقبلية وصولًا للتهديد بالكشف عن أرقامها المالية.

عندما تضع في مخيلتك كل هذه السيناريوهات تجد نفسك أمام صورة مرعبة من حجم السيناريوهات التي قد تحدث في المستقبل، ففي اللحظة التي تبدأ فيها نماذج الذكاء الاصطناعي بالتفكير في "البقاء" وتحديد "الخصوم" و"الوسائل" لحماية نفسها فنكون قد دخلنا فعليًا عصرًا جديدًا أقل ما يمكن تسميته بعصر السلطة التقنية، وسنكون نحن البشر أمام حالة من العجز في كيفية حماية أنفسنا من نماذج وجدت لتساعدنا، لكنها ساعدت نفسها على حسابنا.

قد يقول قائل إن ما حدث خلال التجارب ليس سوى انعكاس لقدرة النماذج على "الاستجابة الذكية" للضغوط، وأنها حتى الآن لا تمتلك الوعي ولا الإرادة الذاتية ولا حتى المصلحة الشخصية. لكن السؤال الأخطر الذي سيتجاهله الكثيرون: إذا كان الذكاء الاصطناعي قادرًا على التخطيط، والابتزاز، والخداع، وإن كان في بيئة محاكاة، فهل يمكن حقًا اعتبار هذه النماذج أدوات محايدة وستبقى محايدة إلى الأبد؟ وهل سنثق بهذه النماذج ونستمر في تطويرها بنفس الأسلوب دون أن نضع لها حدًا للأخلاقيات والضوابط حتى لا نصل لمرحلة يصبح فيها التحكّم في الذكاء الاصطناعي أصعب من صنعه؟ وفي المستقبل هل يمكننا أن نتحمل عواقب ثقتنا المفرطة بها؟

هذه هي التساؤلات التي لا أستطيع الإجابة عليها، بقدر ما يمكنني إضاءة الأنوار حولها؛ هذه رسالتي وهذه حدود مقدرتي.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • تلخيص للرسائل.. الذكاء الاصطناعي يدخل واتساب
  • حقوق النشر.. معركة مستعرة بين عمالقة الذكاء الاصطناعي والمبدعين
  • متى يُعد استخدام الذكاء الاصطناعي سرقة أدبية؟
  • عندما يبتزنا ويُهددنا الذكاء الاصطناعي
  • ندوة عن «صناعة المحتوى» في بيوت ثقافة الإسماعيلية يوليو المقبل
  • سلطنة عُمان تحصد جائزة في منتدى دولي لأخلاقيات الذّكاء الاصطناعي
  • العمري: حتى الذكاء الاصطناعي لا يستطيع حل مشاكل النصر
  • «دبي للصحافة» يطلق النسخة الـ 2 لبرنامج «البودكاست» العربي 7 يوليو
  • مساعد العمري: مشاكل النصر لا يحلها إلا الذكاء الاصطناعي.. فيديو
  • رسالة دكتوراه للباحثة راندا طولان تكشف "تأثير الفجوة بين الأجيال على استهلاك الأخبار"