حوار هادئ حول حلم التصدير المؤجل
تاريخ النشر: 29th, May 2024 GMT
فجأة عادت الحكومة للحديث عن التصدير باعتباره حلاً سحرياً، وطريقاً ضرورياً لتحقيق للتنمية الاقتصادية، وتطور الطرح الخاص به لتتبنى الحكومة حلماً جديداً يستهدف الوصول بقيمة الصادرات المصرية إلى 145 مليار دولار بحلول سنة 2030.
قبل خمس سنوات بالتحديد ولد حلم المئة مليار دولار صادرات، ووضعته الحكومة بمختلف قطاعاتها كهدف موحد تعمل على تحقيقه وتبشر به متعهدة بإزالة كافة المعوقات التى تواجه التصدير، ودعم الصناعة والانتاج بما يخدم النشاط التصديرى.
لكن الهدف السابق الذى سمعناه على ألسنة كثير من المسئولين لم يتحقق فى 2024 كما قيل، وبالكاد وصلنا إلى نصف الرقم، وقيل وبعض ذلك صحيح، وبعضه غير صحيح، أن تعرض العالم لجائحة كوفيد، ثم اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، ثم انطلاق العدوان الإسرائيلى ضد غزة، وغيرها من الأحداث غير المعتادة، أثار حالة من عدم الاستقرار فى التجارة الدولية، وعطّل الحلم، وقلص الهدف، فلم نتمكن من زيادة الصادرات إلى مئة مليار دولار.
وهذا فى الحقيقة، هو ما ينقصنا عند إعداد الاستراتيجيات التنموية، إذ نفترض أن تسير الأمور على طبيعتها، كما نراها اليوم، دون وضع أى افتراضات أو توقعات أخرى. مَن قال لنا إن تحقيق 15 فى المئة زيادة فى صادرات كل قطاع سنويا أمر حتمى لتصل االصادرات إلى 145 ملياراً بعد ست سنوات؟ ولماذا نفترض أن الأمور ستجرى بدون أى عوائق أو مشكلات جديدة؟ ثُم ماذا لو شهدنا جائحة جديدة، أو اضطراب إقليمى جديد، أو أى أمر مؤثر على الطب العالمي؟ ثُم أين هى دراسات التصدير القطاعية؟ وما هى العوائق الآنية؟ وكيف سنتعامل معها؟
إن مشكلات الصادرات فى مصر أزلية، وكثير منها يتجاوز نطاق مسئولية وزارة التجارة والصناعة، والقطاعات الرسمية المسئولة عن الصادرات، فالمحليات قد تكون سبباً فى إعاقة التصدير، والجمارك قد تكون سبباً، ومنظومة الضرائب قد تكون سبباً، وكذا التأمينات الاجتماعية. والقضية برمتها تحتاج لدراسات واعية، وتخطيط رشيد، وسلطات واسعة يتبناها المجلس الأعلى للصادرات.
وكما كتبت من قبل، فإن مجرد جمع وعرض الفرص التصديرية وتوزيعها على منظمات الأعمال، وعمل حملات ترويجية لبعض السلع، وإرسال البعثات التجارية إلى الأسواق والمعارض الخارجية، والتأكيد فى كل مناسبة على دعم المصدرين وتيسير أعمالهم، هى تكرار لحلول قديمة مستخدمة منذ عقود لم تحقق زيادات ملموسة فى الصادرات، ولم تحول مصر إلى مركز تصديرى إقليمى.
ذلك لأن هناك مشكلات ومعوقات بيروقراطية على أرض الواقع تبدأ من إنشاء الشركات، والحصول على التراخيص والموافقات، وتخصيص الأراضي، وتتعقد وتتشابك مع بدء الانتاج الفعلي، ثُم تتحول إلى مسلسل عذاب دائم بعد أول صفقة تصدير.
ويبقى مطروحاً أمامنا تساؤل آخر حول إن كان حلم الـ145 مليار دولار صادرات فى سنة 2030 حلماً مقبولاً؟ وهل يعنى الوصول إليه أننا حققنا الريادة والتقدم المنشود؟ أو ليست صادرات تركيا الآن تتجاوز مئتين وخمسين ملياراً من الدولارات؟
إننى أرى أننا فى حاجة لمشروع طموح ومدروس وحقيقى فى قضية الصادرات.. وسلامٌ على الأمة المصرية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: د هانى سرى الدين عادت الحكومة الصادرات المصرية مليار دولار التجارة الدولية ملیار دولار
إقرأ أيضاً:
حكومة أخنوش تقدم برنامج التجارة الخارجية لتحقيق عائدات إضافية من الصادرات بـ80 مليار درهم
زنقة 20 ا الدارالبيضاء | تصوير : محمد أربعي
أكد رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، اليوم الأربعاء بالدار البيضاء، أن الحكومة تطمح إلى تحقيق رقم إضافي من الصادرات المغربية يُقدر بحوالي 80 مليار درهم، وذلك في إطار برنامج التجارة الخارجية للفترة الممتدة من 2025 إلى 2027.
وأوضح أخنوش، خلال كلمته الافتتاحية في حفل تقديم البرنامج، أن هذا الأخير يهدف إلى توسيع قاعدة المصدرين من خلال استهداف 400 مصدر إضافي كمعدل سنوي، إلى جانب خلق إطار منسجم وطموح لتطوير قطاع التجارة الخارجية، وجعله رافعة استراتيجية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية بالمملكة.
وأضاف رئيس الحكومة أن التجارة الخارجية تكتسي أهمية محورية ضمن النموذج التنموي المغربي، باعتبارها مرآة لقدرة الاقتصاد الوطني على التنافسية وجذب الاستثمارات، كما تُساهم في تعزيز تموقع المغرب في سلاسل القيمة العالمية. وأبرز أن المملكة أصبحت اليوم قاعدة إقليمية للتجارة والاستثمار، بفضل السياسات القطاعية الناجحة، لا سيما في مجالات الفلاحة، والصناعة، والسيارات، والطيران، والإلكترونيات.
وأشار أخنوش إلى أن المغرب هيّأ مناخ أعمال مشجع عبر إطلاق مشاريع هيكلية، من بينها الميثاق الجديد للاستثمار، وتبسيط ورقمنة إجراءات التجارة الخارجية، مما ساهم في مضاعفة حجم الصادرات الوطنية خلال العقد الأخير، حيث ارتفعت من 200 مليار درهم سنة 2014 إلى 455 مليار درهم سنة 2024، بمعدل نمو سنوي يقارب 9%.
ورغم هذه الدينامية الإيجابية، سجل رئيس الحكومة وجود تحديات قائمة، أبرزها التركيز الجغرافي الكبير نحو السوق الأوروبية، التي تستقطب ما يقارب 70% من الصادرات المغربية، إلى جانب ضعف الحصة المغربية في السوق العالمية، والتي لا تتجاوز 0.2%، رغم توفر إمكانيات تصديرية غير مستغلة تُقدر بـ120 مليار درهم، تشمل أكثر من 200 منتوج قابل للتصدير نحو أسواق واعدة.
واختتم أخنوش كلمته بالتأكيد على أن البرنامج الجديد يسعى إلى تحقيق نقلة نوعية في التجارة الخارجية الوطنية، من خلال خلق 76 ألف منصب شغل مباشر خلال الفترة 2025-2027، ومواصلة العمل على تنويع الأسواق، والرفع من القيمة المضافة للمنتوج المغربي، وتعزيز تموقع المملكة على الخريطة الاقتصادية الدولية.