شبكة اخبار العراق:
2025-05-24@19:57:58 GMT

العراق. . دكتاتورية الأغلبية

تاريخ النشر: 30th, May 2024 GMT

العراق. . دكتاتورية الأغلبية

آخر تحديث: 30 ماي 2024 - 10:31 ص بقلم:ادهم ابراهيم يشير مفهوم “ديكتاتورية الأغلبية” إلى سيناريو تفرض فيه الأغلبية في النظام الديمقراطي إرادتها على حساب الأقليات، مما يقوض مبادئ المساواة والعدالة التي تهدف الديمقراطية إلى دعمها.ويقدم العراق، بمشهده الاجتماعي والسياسي الحالي نموذجا لدكتاتورية الاغلبية ، في مجتمع يسعى جاهداً من أجل الديمقراطية الحقة .

في اغلب الدول الديموقراطية في العالم ، التي تتبنى دستور قائم على أسس حديثة ،  يحظر فيها تشكيل أحزاب طائفية او فئوية تقسم المجتمع الواحد ولاتتمسك بالهوية الوطنية . وأصبح المفهوم الحديث للديموقراطية أن تكون ليبرالية المضمون والمحتوى . بمعنى ضمان الحريات والحقوق العادلة للأفراد والاقليات او الجماعات المختلفة من استبداد الاغلبية . وهذا هو جوهر الديمقراطية الحديثة .كتب الفيلسوف والاقتصادي البريطاني جون ستيورات ميل في كتابه عن الحرية أن هيمنة الاغلبية ستؤدي إلى اضطهاد مجموعات الأقليات الشبيه بما يمارسه الطاغية أو المستبد .   فتح سقوط النظام السابق في أعقاب الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 ، الباب أمام حقبة سياسية جديدة تفترض إقامة حكم شعبي ديمقراطي ، الا ان  المشهد السياسي الجديد استند على أحزاب طائفية وفئوية تقسم المجتمع الواحد ولاتتمسك بالهوية الوطنية . وفي ذلك مخالفة صريحة للدستور   الذي نص على  إنشاء جمهورية ديمقراطية فيدرالية، مع التأكيد على تقاسم السلطة بين المجموعات العرقية والطائفية المتنوعة في العراق . حيث تم تصميم  النظام الجديد لمنع أي مجموعة منفردة من السيطرة على المشهد السياسي . ومع ذلك، فقد انحرف الواقع عن هذه المُثُل المفترضة .  وبرزت كتلة تفرض قراراتها عنوة على باقي اطياف الشعب ، باعتبارها القوة السياسية المهيمنة. وتسببت في  تهميش فئات فاعلة في المجتمع ، بالرغم من الآليات الدستورية التي تهدف إلى ضمان تمثيلهم مثل المجلس الاتحادي الذي تعمدت القوى الحاكمة في تغييبه حتى لا يلعب دوراً مهماً في ارساء الديموقراطية والحيلولة دون سطوة الاغلبية .     كما اصبحت مركزية اتخاذ القرار في أيدي الحكومات ذات الأغلبية البرلمانية قضية مثيرة للجدل .  وقد أدت السياسات الطائفية لهذه الحكومات إلى تفاقم الانقسامات. خصوصا بعد إقصاء بعض الشخصيات السياسية وقمع كل اصوات المعارضة ، مما ساهم في خيبة الأمل على نطاق واسع .في الوضع السياسي الحالي في العراق نرى انعدام الثقة والشعور بالمظالم ، مما جعل من الصعب تقاسم السلطة بشكل حقيقي ، كما لعبت الجهات الفاعلة الخارجية أدوارًا مهمة في تشكيل الحكومات على مدى العشرين عاما الماضية ، وكثيراً ما اتُهمت إيران، التي تتمتع بنفوذ كبير على الميليشيات  والأحزاب السياسية المتنفذة، بتفاقم الانقسامات الطائفية من أجل مصالحها الاستراتيجية. ان شمولية الاغلبية او دكتاتوريتها تعتبر من اخطر التحديات التي تواجه الدول والشعوب ، اذ بواسطتها صعدت انظمة فاشية ونازية كلفت شعوبها والعالم تكاليف باهضة .واذا مابقى العراق في مسار دكتاتورية الاغلبية الحالية ، فانه سيتحول سريعا الى دولة ثيوقراطية (دينية – طائفية) .ولتجنب ذلك لابد من معالجة هذه التحديات ، بما يحقق التطبيق السليم للديموقراطية . وهذا يتطلب نهجاً سليما متعدد الأوجه وخصوصا فيما يتعلق بالمحاور التالية :    الإصلاحات السياسية: هناك حاجة إلى إصلاحات سياسية شاملة لضمان تقاسم حقيقي للسلطة ومنع تهميش أي مجموعة ، من خلال الالتزام بالمواد الدستورية ، مثل الاسراع في تشكيل المجلس الاتحادي ، والعمل على فك ارتباط الهيئات المستقلة من مجلس الوزراء والحاقها بالبرلمان ، كهيئة الاعلام والبنك المركزي والنزاهة وديوان الرقابة المالية وغيرها . مع إعادة النظر في النظام الانتخابي وتطبيق مبدأ فصل السلطات ، وعدم التدخل في شؤون  القضاء والمحكمة الاتحادية، لضمان العدالة وخلق توزيع أكثر توازناً للسلطة.   بناء الثقة: إن إعادة بناء الثقة بين فئات المجتمع العراقي أمر بالغ الأهمية.  ولا يشمل ذلك نظام الحكم فحسب، بل ايضا تعزيز عمليات الحوار والمصالحة لمعالجة مظالم الماضي وتعزيز الوحدة الوطنية باستبدال التكتلات والخطابات الطائفية بالوطنية الجامعة .    تعزيز المؤسسات:  تعد المؤسسات القوية والمستقلة ضرورية لدعم سيادة القانون وحماية حقوق الأقليات.  ويشمل ذلك حصر السلاح بيد الدولة ، واستئصال الميليشيات الحزبية وتعزيز قوى الامن الداخلي ، مع اتخاذ تدابير فاعلة لمكافحة الفساد ، وبناء ثقة الجمهور في الحكومة.  الدعم الدولي:  يمكن للمجتمع الدولي أن يلعب دوراً داعماً من خلال توفير المساعدة الفنية، وتعزيز الحوار، وضمان عدم التدخل في شؤون العراق الداخلية التي تؤدي غالبا إلى تفاقم الانقسامات الداخلية .إن تحقيق ديمقراطية مستقرة وشاملة في العراق أمر محفوف بالتحديات ، خصوصا في مواجهة “ديكتاتورية الأغلبية” التي يتصف بها المشهد السياسي الحالي ، الأمر الذي يهدد التوازن الضروري لتحقيق السلام والتنمية.  ومن خلال معالجة الأسباب الجذرية للانقسام وتعزيز نظام سياسي أكثر عدالة، يمكن للعراق أن يأمل في تجاوز واقعه المضطرب وبناء مستقبله حيث يكون لجميع مواطنيه مصلحة في نجاح هذا البلد العريق .

المصدر: شبكة اخبار العراق

إقرأ أيضاً:

حزب الاتحاد يرحب بتعديلات قانون الانتخابات ويؤكد دعم العدالة السياسية في مصر

رحَّب حزب الاتحاد، برئاسة المستشار رضا صقر، بالتعديلات التي شملها مشروع قانون الانتخابات وتقسيم الدوائر لمجلسي النواب والشيوخ، مؤكدًا أنها خطوة مهمة نحو تعزيز المسار الديمقراطي في مصر، وتحقيق مبادئ العدالة السياسية.

وأكد الحزب في بيان له أن التعديلات الجديدة تُسهم في تحقيق التكافؤ بين جميع القوى السياسية، من خلال إتاحة فرص عادلة للترشح والتمثيل، بما يتماشى مع التوزيع الجغرافي والسُكاني للناخبين، ويضمن أن تعكس تركيبة المجالس المنتخبة التنوع الحقيقي للمجتمع المصري.

قراءة شاملة لتعديلات قانون مجلس النواب وتقسيم الدوائر 2025| تعرف على التفاصيلمصر أكتوبر: إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية يحقق التمثيل العادل للمواطنين37 دائرة فردي .. تفاصيل تقسيم الدوائر الانتخابية في تعديلات قانون الشيوخرئيس الوفد: نؤيد مشروعات قوانين انتخابات النواب والشيوخ وتقسيم الدوائر

وأشار حزب الاتحاد إلى أن هذه التعديلات تُجسد روح الدستور، وتُعزز ثقة المواطن في العملية الانتخابية، وتفتح المجال أمام مشاركة أوسع لشرائح متعددة من المواطنين، بما في ذلك الشباب والمرأة وذوي الهمم.

وفي هذا السياق، أعلن الحزب عن استعداده الكامل لخوض الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، مستندًا إلى رؤية سياسية واضحة، وكوادر مؤهلة قادرة على تمثيل المواطنين والدفاع عن قضاياهم تحت قبة البرلمان، والمساهمة بفاعلية في بناء دولة حديثة تقوم على أسس المواطنة وسيادة القانون.

وجدد حزب الاتحاد دعوته لجميع القوى الوطنية إلى التفاعل الإيجابي مع التعديلات الجديدة، والعمل معًا من أجل عملية انتخابية نزيهة وشفافة تُعبر عن الإرادة الشعبية وتُحقق طموحات الوطن والمواطنين.

طباعة شارك انون الانتخابات تقسيم الدوائر مجلسي النواب والشيوخ المسار الديمقراطي العدالة السياسية

مقالات مشابهة

  • مجلس الشيوخ | عصام هلال: تشاركية في صنع قانون يهم المجتمع السياسي
  • أحمد موسى: مصر الجغرافيا السياسية الثابتة ولا يستقيم توازن الإقليم دونها
  • مناقشة مفتوحة :- حول ( التغيير القادم ) في العراق !
  • عضو لجنة الصحة بالنواب: الإسعاف حازت على اهتمام واضح من القيادة السياسية
  • بن ناصر: جار التحضير لعقد ملتقى الحوار السياسي في تونس  
  • المعهد الإيطالي لدراسات السياسية: زمن الدبيبة انتهى
  • أحزاب العراق: تضخم الأعداد يهدد استقرار النظام السياسي
  • هكذا تعقّد خارطة القوى السياسية المتنافرة المشهد في ليبيا
  • العراق بين النفوذ الإقليمي والتحولات السياسية
  • حزب الاتحاد يرحب بتعديلات قانون الانتخابات ويؤكد دعم العدالة السياسية في مصر