وسائل إعلام عبرية: “مصر بعثت رسائل تهديد لإسرائيل”
تاريخ النشر: 30th, May 2024 GMT
مصر – ذكرت قناة i24NEWS الإسرائيلية، أن مصر نقلت “رسائل تهديد إلى إسرائيل”، أكدت خلالها أن انجرارها للتصعيد سيقود إلى أضرار كارثية بسبب العملية العسكرية على الحدود المصرية مع قطاع غزة.
وقالت القناة العبرية إن مصر بعثت رسائل عديدة الى إسرائيل مفادها أن دفعها للتورط في الحرب ليس مقبولا وستكون أضراره على إسرائيل أكبر بكثير.
وذكرت القناة أن الرسائل نقلت من خلال وسطاء أمريكيين وتضمنت تأكيدا على أن “الدعم الأوروبي والأمريكي لإسرائيل لن يضمن لها خوض حرب على كل الجبهات مرة واحدة، وسط الاستعداد القتالي المصري والحشد الشعبي الواضح لخوض هذه المعركة المفترضة.
وكان الجيش الإسرائيلي قد أعلن مساء الأربعاء، سيطرته على محور فيلادلفيا بالكامل المحاذي للحدود مع مصر.
فيما نفى مسؤول مصري كبير لوسائل الإعلام المصرية وجود أي حديث مع إسرائيل بشأن الأنفاق على محور فيلادلفيا التي تعبر الحدود إلى الأراضي المصرية وهي ظاهرة تزعم مصر مرارا وتكرارا أنها لم تعد موجودة.
وأبلغ الجيش الإسرائيلي المصريين أنه يعمل على فحص الأنفاق، وأن قواته عثرت على 82 فتحة أخرى بالقرب من محور فيلادلفيا. بالإضافة إلى ذلك، تم العثور على عشرات الصواريخ بالقرب من الحدود المصرية جاهزة للإطلاق، في منصات إطلاق ومباني مؤقتة.
ووفقا لبيانات الجيش الإسرائيلي، تم إطلاق 70 صاروخا في الأسابيع الأخيرة من منطقة رفح.
ونفى المسؤول المصري وجود أي حديث مع إسرائيل بشأن الأنفاق على محور فيلادلفيا التي تعبر الحدود إلى الأراضي المصرية، وهي الظاهرة التي تؤكد مصر مرارا وتكرارا أنها لم تعد موجودة. وبحسب المصدر نفسه، فإن إسرائيل تسخر الادعاء بوجود هذه الأنفاق لتبرير العملية العسكرية في رفح، ولتبرير تمديد مدة الحرب لأغراض سياسية.
كما أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانييل هغاري الأربعاء عن تدمير الجيش طريقا طويلا تحت الأرض شرق رفح، جنوب قطاع غزة. ونفذ العملية الفريق القتالي التابع للواء 401، التابع للفرقة 162، بدعم من وحدة يهلام والوحدة 504.
وسلط هغاري الضوء على تدمير مسار مضاد للدبابات يبلغ طوله كيلومترا ونصفا مليئا بعشرات الصواريخ المضادة للدبابات وأسلحة أخرى مختلفة. وشدد المتحدث على الأهمية الاستراتيجية لهذه المهمة في تعطيل قدرات حماس.
وقال: “منذ أسابيع، تعمل قواتنا بلا كلل لتحديد وتفكيك البنى التحتية الإرهابية في شرق رفح”. وأضاف: “حتى الآن تم القضاء على العديد من المسلحين، وتم تدمير العشرات من البنى التحتية الإرهابية التابعة لحماس”. وتمت العملية بناء على معلومات استخباراتية دقيقة، قادت القوات إلى فتحة نفق تقع على بعد 100 متر فقط من معبر رفح. وتسرب هذه الفتحة إلى شبكة واسعة تحت الأرض تستخدمها حماس لشن هجمات وأنشطة دفاعية ضد قوات الجيش الإسرائيلي.
وأوضح هغاري أن “الطريق، الذي ينقسم إلى عدة مسارات مختلفة على أعماق متفاوتة، يبلغ طوله كيلومترًا ونصف، ويحتوي على بوابات متعددة”.
وأضاف “عثرنا في الداخل على مخبأ كبير للأسلحة، من بينها صواريخ قصيرة المدى مضادة للدبابات وبنادق كلاشينكوف وعبوات ناسفة وقنابل يدوية. كما يضم النفق أماكن سكنية ودورات مياه وغرف إضافية”.
وفي السياق نفسه، كان قد صرح رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغفي، خلال مقابلة مع هيئة البث الرسمية “كان” إنه “يجب اغلاق الحدود بين مصر وغزة، ولا أحد سيتطوع لحمايتنا وسنضطر لأن نقوم بالحراسة بأنفسنا”.
وشدد هنغفي :”يجب علينا إغلاق الحدود بين مصر وغزة، ولا أحد سيتطوع لحراستنا، وسنضطر لأن نحرس بأنفسنا”. ووصف العام الحالي بأنه عام حرب موضحا :”من المتوقع أن نخوض سبعة أشهر أخرى من القتال لتعميق انجازنا وتحقيق ما نطلق عليه ’تدمير قدرات حماس السلطوية والعسكرية”.
هنغفي الذي يتواجد حاليا في قبرص ضمن وفد حول موضوع المختطفين:”نجتمع مع العائلات ونتحدث معهم، ما يخوضونه كابوس لا يمكن تخيله، من الصعب علينا فهم شدة الكابوس الذي تعيشه العائلات، يوجد 125 شخص يجب أن يعودوا الى المنزل، نحن نتعامل مع القضية يوميا”.
وحول الادعاءات بأن رئيس الحكومة نتنياهو يوقف التقدم نحو الصفقة لاعتبارات سياسية قال هنغفي :”إنه أمر بغيض أن نقول هذا النوع من التشويه، وافق كل من رئيس الحكومة، وزير الأمن والكابينيت بالإجماع على الأنشطة التي تم خلالها خاطرنا بإعادة أبنائنا، وأيضا توسيع نطاق التفويض. إسرائيل اضطرت الى التراجع بموقفها، لدرجة أن الأمريكيين وصفوا العرض بأنه سخاء للغاية”.
المصدر : وسائل إعلام إسرائيلية
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: الجیش الإسرائیلی محور فیلادلفیا
إقرأ أيضاً:
الغرب يُسلّح “إسرائيل” ويُرسل الطحين ببطاقات عبور
في عالم باتت فيه الكلمة تُصاغ بمداد القوة، لا بالحقيقة، تتحول الكارثة الإنسانية في غزة إلى مشهد رمزي يكشف زيف النظام الدولي، وانهيار القيم التي طالما تباهى بها الغرب: حقوق الإنسان، القانون الدولي، العدالة. إذ بينما تمطر الطائرات «الإسرائيلية»، بدعم عسكري أميركي وأوروبي سافر، أحياء غزة بالصواريخ، تُرسل بعض الدول الغربية -بمنتهى النفاق- شاحنات طحين عبر مؤسسات دولية، محكومة ببطاقات عبور، إلى أولئك الذين نجوا من المجازر إلى حين.
إنّ المعضلة هنا ليست فقط في التواطؤ، بل في التأسيس لمنظومة إبادة جديدة، لا تتجلى فقط في أدوات القتل، بل في أدوات «المساعدة». لقد تحوّل الطحين إلى أداة سياسية بامتياز، يُوزّع بحذر شديد، ويُقرَّر من يستحقه ومن يُترك للجوع، كل ذلك تحت شعارات «العمل الإنساني»، في الوقت الذي تتكدّس فيه مخازن الأسلحة الأميركية في قلب فلسطين المحتلة، ويُمرَّر الدعم العسكري تحت بند «الدفاع المشروع عن النفس».
التجويع.. من الإبادة الصامتة إلى أداة الضبط الجيوسياسي
منذ بداية الحرب على غزة، كان من الواضح أنّ «إسرائيل» لا تستهدف المقاومة الفلسطينية فحسب، بل تخوض حربًا شاملة على المجتمع الفلسطيني، بكل مكوّناته. والغرب، بدلاً من أن يلجم هذا السعار الدموي، يزوده بكل ما يحتاجه للاستمرار: الغطاء السياسي، الدعم المالي، والمعدّات العسكرية.
لكنّ أخطر ما في هذا المشهد، هو «إدارة التجويع» بوصفها شكلاً متقدماً من الحرب النفسية والاجتماعية. لم تعد المجازر وحدها كافية لتروي عطش «المؤسسة الأمنية الإسرائيلية»، بل بات المطلوب تفكيك بنية المجتمع الفلسطيني بالكامل، عبر إيصاله إلى حافة الانهيار البيولوجي، ثم تقديم فتات المعونة بوصفه منّة دولية مشروطة.
في هذا السياق، لم تعد المساعدات تُرسل لرفع المجاعة، بل لضبطها. يُراد للموت ألا يكون شاملًا، بل انتقائيًا، منظّمًا، يمكن التحكم بإيقاعه ومساحته، بحيث يُبقي على غزة على قيد الحياة، بالكاد.
الطحين المشروط.. »الهولوكوست المدني« بنسخة ناعمة
حين يُمنح الفلسطيني في غزة كيس طحين فقط بعد أن يتعرض لإذلال مرير، ويُطلب منه السير لكيلومترات ما بين الركام، وتحت تهديد القنص، للوصول إلى مركز توزيع تسيطر عليه «إسرائيل» أمنياً، فهذا ليس «إغاثة»، بل نموذج دقيق لـ»الهولوكوست المدني» بنسخته الحديثة: لا غرف غاز، بل حفر رملية (الجورة) يُنتظر فيها «إذن الحياة».
هذا النموذج يُدار تحت شعار الإنسانية. ولكن أيّ إنسانية تلك التي تُرشد طائرات الاستطلاع الغربية، والطائرات «الإسرائيلية»، جموع الجياع نحو مركز الإعدام؟ وأي عدالة حين يُستشهد العشرات أثناء انتظارهم للغذاء، بينما لا يُحاسب أحد؟
إنّ ما يُسمّى بـ»الإنزال الجوي للمساعدات» ليس سوى صورة فاقعة من صور التواطؤ بين آلة القتل «الإسرائيلية» والهيئات الدولية التي ارتضت أن تتحوّل من أدوات إنقاذ إلى أدوات تلميع. فالاحتلال، الذي أغلق المعابر، ودمّر البنية التحتية الصحية، وجرّد مليونَي إنسان من شروط الحياة الأساسية، يدّعي فجأةً أن له دورًا «إنسانيًا» في إسقاط عُلب غذاء من السماء. هذا الفعل، بحد ذاته، يُعيد إنتاج منطق الاستعمار الخيري: الجلّاد يلبس قناع المُنقذ، في الوقت الذي يُمسك فيه بخنجر الحصار في يده الأخرى. لا يكفي أن نُدين محدودية المساعدات أو انعدام فعاليتها، بل علينا أن نُفكك بنيتها السياسية، لأنها لم تأتِ خارج سياق الإبادة، بل كجزء منها. فهي لا تعالج الجوع، بل تُديره. لا تنهي الحصار، بل تُعطيه شكلاً مقبولًا في أعين المتفرجين. إنها ليست خطّة طوارئ، بل سياسة ممنهجة لإبقاء القطاع تحت السقف الأدنى للحياة، بما يسمح باستمرار المشروع الاستيطاني دون حرج أخلاقي أمام الكاميرات.
الغرب الرسمي.. ديمقراطيات تموّل المجازر وتكتب بيانات إنسانية
الدول الغربية تعرف، بكل تفاصيلها، ما يجري في غزة. ليس لأنّ الفلسطينيين أو الإعلام المستقل يبلّغونهم، بل لأنّ طائراتهم وجنرالاتهم وخبراء أمنهم موجودون في الميدان. هم لا يجهلون الإبادة، بل يديرونها.
وحين تصدر بيانات من الاتحاد الأوروبي تدعو إلى «تحسين الوضع الإنساني» في غزة، أو تُفرض عقوبات شكلية على وزراء من أمثال بن غفير وسموتريتش، فإنّ الغرض ليس وقف الجريمة، بل التخفيف من ثقلها الأخلاقي على الرأي العام الغربي، الذي قد يستفيق للحظة. لكنّ هذه العقوبات، كما في العراق سابقًا، لا تُفرض على الدولة المعتدية، بل على هوامشها، ولا تمسّ جوهر المشروع: التجويع المُمنهج كسلاح شرعي.
وفي المحصلة، يُعاد تعريف القانون الدولي ليخدم بنية الهيمنة: ما يُعدّ «جريمة حرب» في أوكرانيا، يُصبح «تكتيكًا عسكريًا مشروعًا» في غزة. أما محكمة العدل الدولية، فتبقى أداة انتقائية لا تصمد أمام «الفيتو الأخلاقي» الأميركي.
الغذاء كسلاح استعماري.. التاريخ يعيد إنتاج نفسه
ليس ما يجري في غزة استثناءً، بل استمرارٌ لنمطٍ إمبريالي مألوف، حيث يُستبدل القصف بالتجويع، وتُغلف الإبادة بورقٍ إنساني مصقول. لقد فعلها الغرب والأمريكيون من قبل في العراق، حين أُخضِعَ شعبٌ بأكمله لحصارٍ دمّر البنية التحتية الصحية والتعليمية، وقُدّرت آثاره بمقتل نصف مليون طفل، وهو رقمٌ وصفته وزيرة الخارجية الأميركية مادلين أولبرايت آنذاك بأنه «ثمنٌ مستحق». وفي السودان، جُعل الغذاء مشروطًا بالولاء السياسي، وغُذّيت الانقسامات الداخلية عبر تجويف المجتمعات من الداخل. في كل مرة، يظهر الغرب كمن «يحاول المساعدة»، بينما يُبقي يده على صمّام الحياة، يفتحه ويُغلقه حسب مصالحه الجيوسياسية. فالتجويع ليس خللًا طارئًا، بل أداة متعمدة لإخضاع الشعوب وتفكيك قدرتها على الصمود والمقاومة.
الصمت العربي.. تواطؤ يشرعن الجريمة
وفي مواجهة هذا المشروع، تبدو الأنظمة العربية -خصوصًا الدول ذات الوزن الجغرافي كالسعودية ومصر والأردن- عاجزة أو متواطئة. القرارات الصادرة عن القمم الإسلامية والعربية بقيت حبرًا على ورق. لماذا؟ لأنّ المعضلة ليست في عدم القدرة على إرسال المساعدات، بل في الخوف من كسر التوازنات التي تُبقي هذه الأنظمة آمنة تحت المظلة الأميركية.
إنّ المساعدات تكدّست على الجانب المصري من الحدود، لا لأنّ مصر غير قادرة على إدخالها، بل لأنها لا تملك الإرادة السياسية لمواجهة ما يُعتبر «الخط الأحمر الإسرائيلي-الأميركي». وهذا الصمت، أخطر من القصف، فهو يمنح الإبادة شرعية عربية، يُوظّفها الغرب في خطاباته ليقول: «حتى العرب لا يعارضون ما يحدث».
بين الطحين والسلاح.. الغرب يُعرّي ذاته
لقد بات واضحًا أنّ الغرب، في صيغته الحالية، لا يمثل نموذجًا أخلاقيًا ولا مرجعية قانونية. إنه تحالف سلطوي، يُعيد إنتاج الهيمنة بأشكال متجددة. يُسلّح «إسرائيل» بأحدث أدوات القتل، ثم يُرسل الطحين على دفعات، محكومًا ببطاقات عبور، كي يبقي على الفلسطينيين في مستوى الصراع الأدنى: صراع البقاء لا التحرير.
لكنّ التاريخ لا يُكتب فقط من غرف مجلس الأمن، بل من الساحات. وإذا كان الغرب قد نجح في تحويل غزة إلى مختبر للإبادة، فإنّ ما بعد غزة، سيكون اختبارًا حقيقيًا للشعوب، لا للحكومات.
فما لا تستطيع الدول قوله، يجب أن تقوله الشعوب. وما لا تجرؤ الأنظمة على فعله، يجب أن يفعله الناس. وإلا فإنّ الطحين سيظل يُرسل ببطاقات عبور، فيما السلاح يُمنح بلا حساب، وتُكتب النكبة مجددًا باسم الإنسانية.
كاتب صحفي فلسطيني