صحيفة التغيير السودانية:
2025-08-02@20:11:04 GMT

إعلام الدعاية الحربية

تاريخ النشر: 31st, May 2024 GMT

إعلام الدعاية الحربية

إعلام الدعاية الحربية

وجدي كامل

ليس كل ما يقال عبر أجهزة ووسائط الاعلام صحيحا ودقيقا عن مجريات واخبار الحرب، وكذلك، وبذات النسبة يمكن وصف بأن كل ما يجرى في ميادين الحرب من أحداث يجد طريقه الى الاعلام صافيا، او دونما تشويه، او زيادة او نقصان.

فما بين الحقيقة والاخبار الزائفة في هذا الفضاء المرعب بالجرائم، والقتل خارج نطاق القانون، حبل رفيع، وخيط واهن، يمكن ان ينقطع في اي لحظة فتتحول الحقيقة الى خبر كاذب، والخبر الكاذب الى حقيقة فيصبح الضحية في الحالتين هو الرأي العام الذي تخشاه اطراف الحرب، وتضع له ألف حساب.

غير ان وضع كل ذلك الحساب لا يمنع الفاعلين في الحرب من استهداف الرأي العام بكافة استراتيجيات التشتيت، والتشويه، والعنف. فالمحرك الفعلي والحيوي في الحروب، على تنوعها، هي المصالح التي تجعل من الاعلام لسانا لها، وناطقا رسميا باسمها، دون ان يمت بالضرورة بصلة للوقائع والاحداث في سيولتها وسخونتها، او ذكر الحقيقة، بالقدر الذي يهتم فيه بتقسيم الرأي العام وطحنه وتدميره بالاكاذيب دون رحمة.

هذه الحرب الدائرة حاليا بالسودان، ورغم المعرفة المتوفرة عنها، وعن فاعليها، واطرافها، ومآسيها، الا إنها تخبئ الكثير من التفاصيل بسبب غياب الاعلام المحايد المستقل.

إن الطرفين المتصارعين لا يسمحان لاعلام محايد مستقل بتغطية وتصوير ما جرى ويجرى على الواقع، وبذا فان اغلب ما يصل عن مجريات الفظائع يتم (وبالاضافة الى العسكريين من الطرفين) بواسطة صحافة المواطن المتمثلة في تغريدته بتويتر، او منشوره على الفيس، او تصويره الحي من ارض المعركة، او تسجيله الصوتي بالواتساب اثناء وقوع الحدث او بعده. وبين هذه البلاغات او الاخبار تضيع وتختفي الاخبار الاخرى التي ليس بوسع أحد نقلها او توثيقها، مما يؤجل كشف الحقيقة ويحيل امرها الى مهام البحث في المستقبل.

ومما يتأكد يوما بعد يوم، وبعد استطالة امد هذه الحرب المعقدة، وتجاوزها العام ان المستقبل في الكثير من الوقائع، وبما تنطوي عليه من الخسارات المادية والبشرية، والمواردية سيكون جهة الاعراب، والاصدار للنسخة الاصيلة للحقيقة. اننا كمتابعين ومراقبين للأحداث الجسيمة في ظروف كظروف الحرب كمثل من يسمع و يرى بالعين المجردة قصفا مدفعيا لمنطقة بعيدة ولا يتمكن من الجزم بغير حدوث اندلاع لحريق وتصاعد لدخان دون معرفة دقيقة بتفاصيل الخسائر التي نجمت ومنها ما لن نتمكن من البت في هويته الا بعد بحث وسؤال لن يتوفر وبكل الاحوال في الزمن الاني للقصف. و هكذا هى الاف من الارواح التي قضت، والاشجار، والمكتبات والمقتنيات والتذكارات والجدران والتفاصيل العزيزة التي فقدناها.

وريثما نصل الى تلك المرحلة من التثبت في المعرفة سيتمكن الاعلام المتواطئ من خداع الرأي العام بواحدة من اثنتين تقول احداهما بان ما وقع من قصف ادى الى وفاة شخص واحد او اثنين فقط. اما الثانية فغالبا ما تتخذ الخبر المضاد الذي سيقول بانه كبد العدو العشرات، او المئات من الجنود، مع تدمير كامل للمعدات. وهنا، وبلا شك سوف تتورط التغطية وتنحاز المعلومات باتصال مع اغراض الاعلام الحربي، والترويج لصالح طرف من الاطراف دون ايلاء العناية الكافية للحقيقة التي ستصبح في انتظار طرف ثالث من المؤمل ان يحضر لتقديم شهادته فيما بعد، مبينا هويته كصحافة، او اعلام استقصائي، او نشاط مستقبلي لعلم التاريخ. الناس في قواعد وقيادات الراى العام، ووفق المنتجات الاعلامية لهذه الحرب اللعينة، وبحسن ظنهم بمصادر الاخبار ينقسمون بنحو بات يشكل موادا اضافية حارقة ومدمرة لبعضهم البعض بما يمكن من وصفهم بضحايا الآلات والدعاية الاعلامية النشطة، بسبب التواطؤ القائم بينهم وبينها بما حمله استعدادهم لتقبل الاكاذيب والخديعة، وعدم معالجتهم للانباء بالاستقلالية، بالتفكير والوعى النقدي المطلوب في احوال وقرائن مثل هذه من جنون المصالح.

[email protected]

الوسومالحرب الدعاية الحربية السودان صحافة المواطن

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الحرب الدعاية الحربية السودان صحافة المواطن الرأی العام

إقرأ أيضاً:

إعلام إسرائيلي: العالم يتكتل ضدنا بعد أن اتحد لدعمنا في 7 أكتوبر

تناولت وسائل إعلام إسرائيلية ما اعتبرته تبدلا لافتا في الموقف الدولي من الحرب على قطاع غزة، مشيرة إلى أن إسرائيل، التي حظيت بدعم واسع في أعقاب هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، تواجه اليوم موجة متزايدة من العزلة والانتقادات في مختلف العواصم.

ورأت دانا فايس، محللة الشؤون السياسية في القناة 12، أن إسرائيل تمر بوضع "إشكالي كبير"، بعدما كان يُفترض أن تفضي العملية العسكرية في غزة إلى تغيير جوهري، لكنها بدلا من ذلك وجدت نفسها أمام مشهد سياسي معقد، إذ إن العالم، الذي اصطف لدعمها في بداية الحرب، بات اليوم "متحدا ضدها"، على حد تعبيرها.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2إعلام إسرائيلي: العالم يرانا متوحشين وحماس ذكية وتلقننا درساlist 2 of 2هل رفض نيجيريا الاستسلام لترامب يؤشر على تدهور علاقات واشنطن في أفريقيا؟end of list

واعتبرت فايس أن إخفاق إسرائيل في بلورة إستراتيجية واضحة بشأن صفقة تبادل الأسرى أو الضغط على حركة حماس، ألقى بظلاله على صورة تل أبيب في الخارج، مضيفة أن حماس تتابع الموقف من موقع المراقب في ظل فشل الجهود الإسرائيلية في إحداث تحول فعلي في الميدان.

وذكرت القناة 12 أن الزيارات الأميركية المتكررة، من بينها زيارة المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف إلى غزة، تتزامن مع تصاعد الاعترافات الدولية بالدولة الفلسطينية، مما يسلط الضوء على أزمة دبلوماسية تعيشها إسرائيل، في ظل غياب رؤية سياسية معلنة لما بعد الحرب، أو وجود خطة تخشى الحكومة كشفها للعالم.

وبحسب المذيع في القناة، فإن "ما تعتقده العواصم الصديقة لإسرائيل" هو أن الحكومة إما لا تملك أي رؤية سياسية، أو أن لديها خطة لا تجرؤ على الإفصاح عنها لأنها "سيئة للغاية"، وهو ما يعزز مناخ الشكوك حول أهداف الحرب وخيارات تل أبيب في المرحلة المقبلة.

هيمنة أقلية

وفي سياق مواز، اعتبر اللواء احتياط عاموس يارون، المدير العام السابق لوزارة الدفاع الإسرائيلية، أن الوضع الذي تعيشه إسرائيل هو نتيجة "هيمنة أقلية مسيانية" على مفاصل القرار، مؤكدا أن هذه الأقلية باتت تفرض على الأغلبية ما يجب فعله، خاصة فيما يتعلق بالبقاء في قطاع غزة.

إعلان

وأضاف يارون في حديث للقناة 12 أن هذه الفئة المسيطرة فرضت "نهجا عقائديا ضيقا" جرّ إسرائيل إلى مأزق سياسي وعسكري، محذرا من استمرار تجاهل الأصوات المعارضة داخل المجتمع الإسرائيلي بشأن مستقبل العمليات في غزة وسبل الخروج من المأزق.

من جهته، أشار رئيس شعبة الاستخبارات والساحة الدولية في الموساد سابقا، حاييم تومر، إلى أن تقريرا نشرته مجلة "ذي أتلانتيك" الأميركية، نقلا عن مسؤولين في إدارة دونالد ترامب، كشف عن اعتقاد الرئيس الأميركي بأن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يسعى لإطالة أمد الحرب في غزة خدمة لمصالحه الحزبية.

وأوضح تومر، خلال مقابلة مع قناة "كان 11″، أن المسؤولين في البيت الأبيض أكدوا أن الأهداف العسكرية للحرب تحققت منذ وقت طويل، لكنّ نتنياهو يواصل العمليات لأسباب تتعلق ببقائه السياسي، كما يعتقدون أنه يتخذ خطوات فعلية تعرقل التوصل إلى صفقة وقف إطلاق النار.

لا شرخ حقيقي

ورغم ذلك، نقل تومر عن المصدرين الأميركيين قولهما إنه لا يوجد "شرخ حقيقي" بين ترامب ونتنياهو، وأن الأول ما زال يكن الاحترام للأخير، ومن غير المتوقع أن يضغط عليه أو يفرض تغييرا في سياسته تجاه غزة.

وفي الاتجاه ذاته، أورد خبير الشؤون الأميركية عميت ليفنتال في حديثه لقناة "آي 24" أن تقرير "ذي أتلانتيك" أشار إلى أن ترامب يرغب فعليا بإنهاء الحرب، لافتا إلى أن زيارته الأخيرة إلى دول عربية مثل قطر والسعودية والإمارات، وفرت له زخما إقليميا لتحقيق ذلك الهدف.

ورأى ليفنتال أن السؤال الجوهري الذي يواجه إسرائيل الآن هو: ماذا سيطلب منها ترامب أو حلفاؤه في حال دفعوا باتجاه وقف الحرب؟ وأكد أن فكرة إعادة الاستيطان في غزة غير واقعية، داعيا إلى التفكير الجدي في الأولويات الإسرائيلية، لا سيما في الضفة الغربية التي وصفها بأنها مسرح مفتوح لتساؤلات أكبر.

وفي خضم هذه المواقف، نقلت القناة 12 عن دوائر القرار الإسرائيلي خشيتها من أن يتحول الضغط الدولي المتصاعد إلى إجراءات عملية، سواء من خلال قرارات أحادية تعترف بالدولة الفلسطينية أو خطوات قد تمس بشرعية العمليات العسكرية الجارية في غزة.

مقالات مشابهة

  • إعلام إسرائيلي يستبعد التوصل إلى صفقة قريبة لوقف الحرب على غزة
  • إعلام إسرائيلي: العالم يتكتل ضدنا بعد أن اتحد لدعمنا في 7 أكتوبر
  • ‎كم درجة للقبول بكلية الإعلام 2025؟.. مؤشرات التنسيق المتوقعة لعلمي وأدبي
  • تحول لافت في الرأي العام الأمريكي.. 60% ضد استمرار الحرب في غزة
  • هل يغير تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة الرأي العام الأميركي جذريا؟
  • الرأي العام مغيب عن ذكرى جرائم الانفال
  • القاضي زيدان: لا لتضليل الرأي العام ويجب احترام حرية التعبير
  • مجاعة غزة تؤلب الرأي العام الأمريكي على الإحتلال
  • فرسان الحقيقة في زمن الحرب الكبرى.. صمود غزة وتحديات الأمة
  • الحكم بإعدام قاتل إلهه حسين نجاد بعد قضية هزت الرأي العام في إيران