جَدَّدَت أمريكا تأكيدَها على رفض السلام في اليمن بشكل صريح وعلني. كشف بوضوح أنها الطرفُ الذي يتحمَّلُ مسؤوليةَ تعثُّرِ خارطة الحل التي كان قد تم التوصُّلُ إليها مع النظام السعوديّ الذي انكشفت أَيْـضاً حقيقةُ عدم رغبته في التوجّـه نحو سلامٍ فعلي بعيدًا عن الرغبات والتوجّـهات الأمريكية؛ وهو الأمرُ الذي يضعُه أمامَ خطورة الاستمرار في تنفيذ تلك الرغبات والتوجّـهات خُصُوصاً بعد أن تلقَّى مؤخّراً تحذيرًا صريحًا وحَسَّاسًا من قائد الثورة.

السلام مقابل وقف الهجمات

خلال إحاطة صحفية قبل يومين قال نائب المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الأمريكي، فيدانت باتل: إن الولايات المتحدة “لم تمنح الضوءَ الأخضَرَ للسعوديّة لإحياء اتّفاق السلام في اليمن” مُشيراً إلى أن “اتّفاق السلام لا يمكن أن يمضيَ قُدُمًا إلا بعد أن تتوقَّفَ الهجماتُ البحرية” وأن “جميع شركاء الولايات المتحدة مجمعون على هذا الأمر”.

وفي حديث خلال ندوة أقامها معهد واشنطن للدراسات السياسية نهاية الأسبوع الماضي، تبجح السفير الأمريكي لدى المرتزِقة، ستيفن فاجن، بأن الولايات المتحدة لن تسمح بالتوقيع على اتّفاقية سلام يكون فيها لصنعاء “الكعبُ الأعلى” حسب تعبيره، مُضيفاً أن “خارطة الطريق لن تكون قابلةً للتطبيق”.

وقال فاجن إنه “من المستحيل تحقيق السلام” إذَا لم تتوقف الهجمات اليمنية المساندة لغزة، وأضاف: “أستطيع القول الآن إننا بعيدون عن تحقيق الحل الجذري”.

واشنطن .. معرقل رئيسي

هذه التأكيداتُ الصريحة والواضحة على رفض الولايات المتحدة التوقيعَ على خارطة الحل التي كان قد تم التوصُّلُ إليها خلال سنتين من المفاوضات مع النظام السعوديّ، تمثل إقرارًا أمريكيًّا لا لبسَ فيه بأن البيت الأبيض هو المعرقِلُ الرئيسي لعملية السلام في اليمن، وأنه يريد استخدامَ مِلف السلام كورقة ابتزاز ضد صنعاء لتتراجَعَ عن مساندة الشعب الفلسطيني في غزة، وهو ما كان قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي قد كشفه في أكثرَ من مناسبة خلال الأشهر الماضية، آخرها كان في خطابه يوم الخميس الماضي عندما أكّـد أن “أمريكا عملت على منعِ وقف العدوان على اليمن وفق الصيغة التي تم التفاهم حولها مع السعوديّة”.

انسجام في المواقف

قائد الثورة أكّـد أَيْـضاً أن العدوَّ السعوديّ “تماشى” مع الموقف الأمريكي “ولا يزال” وهو أَيْـضاً ما تؤكّـده التصريحات الأمريكية الأخيرة التي تكشفُ بوضوح أن الولايات المتحدة هي صاحبة القرار الأخير والحقيقي في تحالف العدوان على اليمن، وأن الرياض لا زالت تلعب دورَها كأدَاة أمريكية لا تملك حرية اتِّخاذ القرارات وفقًا لمصلحتها هي، أَو ربما لا تريد ذلك أصلًا؛ فالمماطلة السعوديّة لا تبدو أنها ناتجةٌ عن ضغوط أمريكية تخالف رغبة الرياض، بقدر ما هي ناتجة عن انسجام في المواقف والتوجّـهات بين النظام السعوديّ وإدارة بايدن.

هذا أَيْـضاً ما يؤكّـده التصعيدُ الجديدُ في الحرب الاقتصادية ضد الشعب اليمني، من خلال محاولة إجبار البنوك التجارية العاملة في صنعاء على نقلِ مراكزها إلى عدن برغم استحالة تنفيذ ذلك، بالإضافة إلى قرارات نهب العملة القانونية التي يمتلكها المواطنون في المحافظات المحتلّة، ومحاولة فرض قيود على الحوالات الخارجية إلى اليمن؛ فهذا التصعيد الذي تديره أمريكا وينفذه المرتزِقة، لم يكن بعيدًا عن السعوديّة؛ لأَنَّ خضوعها للتوجيهات الأمريكية في عرقلة خارطة الحل التي تضمنت حلولًا هامة للوضع الاقتصادي إلى جانب دعمها المُستمرّ للمرتزِقة، يجعلها متورطةً في التصعيد الجديد ومعنيةً باتِّخاذ خطوات عاجلة وعملية لوقفه أَو لإنهاء تورطها فيه.

تحذير من صب الزيت في النار

ومن أجل ذلكَ، تلقى النظام السعوديّ تحذيرًا حَسَّاسًا من جانب قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، يوم الخميس الماضي، من “صب الزيت على النار” وهو توصيفٌ حمل رسالةً واضحةً بأن العواقبَ ستكونُ وخيمةً، وأن شرارةَ الردع اليمني لم تنطفئ خلال فترة “خفض التصعيد” وقد تستعرُ بشكل أكبر إذَا ما عاد التصعيدُ على أية جبهة.

ووفقًا لذلك فَــإنَّ التصعيد الاقتصادي والذي وصفه قائد الثورة أَيْـضاً بـ”اللعبة الخطيرة” يضع كُـلًّا من الرياض وواشنطن أمام مفترق طرق قد يعيدهما معًا إلى مربع مواجهة أثبتت السنوات الماضية أنهما لا يستطيعان كسبها، خُصُوصاً أنها ستكونُ مرتبطةً بشكل مباشر بالصراع مع العدوّ الصهيوني وهو الصراعُ الذي لا مساحات فيه للمساومات والألاعيب.

 

المسيرة

المصدر: ٢٦ سبتمبر نت

كلمات دلالية: الولایات المتحدة النظام السعودی قائد الثورة أ ی ـضا

إقرأ أيضاً:

الغارديان: الآن الوقت المناسب للتحرك الغربي بشكل حاسم بشأن مجاعة غزة

أكدت صحيفة "الغارديان" أن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وداعميه من اليمين المتطرف/ عملوا على مدى أشهر بوحشية لتحويل قطاع غزة إلى جحيم غير صالح للسكن، وفي الضفة الغربية عملوا على  التوسع المستمر للمستوطنات الإسرائيلية بهدف إجهاض إمكانية قيام دولة فلسطينية مستقلة وقابلة للحياة إلى الأبد. 

وقالت الصحيفة الخميس في افتتاحيتها أن كل ذلك يمثل نهج نتنياهو في الدعوة إلى حل الدولتين في الشرق الأوسط مع العمل بشكل منهجي لضمان عدم حدوثه أبدًا.

وأضافت "بالتالي، أرسل كير ستارمر إشارة بإعلانه أنه في غياب وقف إطلاق النار وإحياء عملية السلام، ستتحرك بريطانيا للاعتراف رسميًا بفلسطين، وعلى خلفية صور المجاعة في غزة التي تُذكرنا بفظائع بيافرا أو إثيوبيا في القرن العشرين، يُشير تدخل السير كير (وتدخل الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون) إلى ضرورة خلق مستقبل مختلف عن المستقبل الذي تتخيله حكومة إسرائيل المتطرفة".


وأوضحت أن "الضرورة المُلحة ليست بناء دولة؛ الهدف هو إنقاذ سكان على شفا الانهيار الاجتماعي والمادي، وأكدت وكالة الأمم المتحدة للأمن الغذائي أن أسوأ سيناريو للمجاعة يتكشف في قطاع غزة". 

وبيّنت أن "مواقع التوزيع الأربعة التابعة لمؤسسة غزة الإنسانية، والتي تروّج لها إسرائيل كبديل لمساعدات الأمم المتحدة الممنوعة، غير كافية على الإطلاق وخطيرة للغاية للوصول إليها. وما يقرب من 100 ألف امرأة وطفل بحاجة ماسة إلى علاج لسوء التغذية، بينما يقضي واحد من كل ثلاثة فلسطينيين في غزة أيامًا دون طعام".

وأكدت الصحيفة أنه "في محاولة لكسب الرأي العام الدولي، استأنفت إسرائيل تكتيكها السابق المتمثل في تطبيق إجراءات تخفيف جزئية وتخفيف العوائق مؤقتًا أمام إيصال المساعدات. ولكن في ظل هذا الوضع المدمر، حيث انهار التماسك الاجتماعي والنظام، فإن أزمة المجاعة في غزة متقدمة جدًا بحيث لا يمكن حلها من خلال "هدنات إنسانية" لوقف الهجوم العسكري. وبالمثل، قد يُهدئ إسقاط المساعدات جوًا ضمائر الدول الغربية، لكنه سيوفر الحد الأدنى من الغذاء، وقد أثبت خطورته وعدم فعاليته في الماضي".

وأشارت إلى أن "الواقع الوجودي جليّ. ما لم توافق إسرائيل على إنهاء الحرب، وتتراجع للسماح بتدفق هائل ومستدام من مساعدات الأمم المتحدة، سيموت آلاف الفلسطينيين، إما بشكل مباشر أو غير مباشر، نتيجة مجاعة من صنع الإنسان، ولدى وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، التي مُنعت من العمل بشكل فاضح من قبل إسرائيل لأسباب زائفة، ما يعادل 6000 شاحنة من الأغذية والأدوية جاهزة للعبور إلى غزة. إلى جانب منظمات الإغاثة الأخرى، يجب تمكينها من استخدام خبرتها وتجاربها لإنقاذ القطاع من حافة الهاوية".


وذكرت أن "المبادرات الدبلوماسية تجاه الدولة الفلسطينية لن تُسهم في تحقيق هذه النتيجة، كما أكد رد نتنياهو الرافض على تصريح السير كير. مع ذلك، قد تُزيد العقوبات الضغط على نتنياهو، إذ تتجلى آثار العزلة الأخلاقية لإسرائيل بشكل ملموس. لدى الاتحاد الأوروبي، أكبر وجهة لصادرات إسرائيل، أوراقٌ للعب. يمكن لبريطانيا أن تتحرك لإيقاف الوصول التجاري التفضيلي، وتوسيع القيود الحالية على مبيعات الأسلحة".

وختمت أنه "مع اتساع نطاق رد فعل إسرائيل على المجزرة المروعة التي وقعت في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، والتي أصبحت غير متناسبة بشكل صادم، لم يبذل حلفاؤها في الغرب جهدًا يُذكر للتأثير على مجرى الأحداث. هذا الأسبوع، في أوروبا على الأقل، بدأ المزاج يتغير. ولكن لإنقاذ غزة، لا بد من اتخاذ إجراء حاسم".

مقالات مشابهة

  • إبراهيم شقلاوي يكتب: الرباعية الدولية .. صراع المصالح يبدد فرص الحل..!
  • في بيان حاسم.. الخارجية: لا نقبل التشويه ولا نشارك في حصار غزة.. وموقفنا من فلسطين ثابت لا يتغير
  • الغارديان: الآن الوقت المناسب للتحرك الغربي بشكل حاسم بشأن مجاعة غزة
  • إيران تطالب أمريكا بتعويضات عن خسائرها خلال الحرب مع جيش الإحتلال
  • ملف السلاح أمام الحكومة الثلثاء: قرار حاسم أم شراء للوقت؟
  • CNN: أمريكا استنفدت ربع ترسانتها من ثاد خلال 12 يوما
  • صنعاء تحذر الأمم المتحدة: التصعيد السعودي الوحشي يهدد جهود السلام ويمزق خارطة الطريق
  • جامعة صنعاء تعاهد قائد الثورة بالمضي في نصرة غزة وتبارك مرحلة التصعيد الجديدة
  • فعاليات خطابية في سنحان وجحانة وهمدان وصنعاء الجديدة بذكرى قدوم الإمام الهادي إلى اليمن
  • رغم التصعيد التجاري.. ترامب: الرئيس الصيني سيزور الولايات المتحدة قريباً