السودان.. ناجون يروون للجزيرة نت تفاصيل مجزرة الدعم السريع في ود النورة
تاريخ النشر: 7th, June 2024 GMT
الخرطوم- تروي ثريا، وهي لا تتوقف عن النحيب، كيف نجت مع طفليها من المجزرة التي ارتكبتها قوات الدعم السريع في قرية ود النورة بولاية الجزيرة في وسط السودان، والتي راح ضحيتها 180 شخصا، بعدما سمعت أن المسلحين سيتركون لها ابنا واحدا، وأنهم سيقتلون شقيقيه في فناء منزلهم.
وحكت ثريا، التي خرجت من قريتها ود النورة إلى قرية أخرى مع طفليها للجزيرة نت، كيف استفاقوا يوم الأربعاء على أصوات قذائف تنهمر على أجزاء مختلفة من خارج القرية، حيث علت أصوات نواح وبكاء النساء، بعد سقوط قتلى وجرحى واكتظاظ المستشفى بالمصابين.
وتتحدث الناجية بصوت متقطع، وهي لا تتوقف عن البكاء، أنهم شاهدوا طيران الجيش السوداني يحلق في سماء القرية ومحيطها، وسمعوا دوي انفجارات، وتزامنا مع ذلك توقف قصف قوات الدعم السريع، ففرح الأهالي بتدخل الجيش.
لكن بعد نحو 4 ساعات من الهدوء، عادت قوات الدعم السريع ودخلت القرية بمركباتها، وهي تطلق النار في كل الاتجاهات، ورغم تمسك النساء بالبقاء في منازلهن مع أطفالهن، فإن ذلك لم يجنبهن نيران المسلحين.
مشاهد مروعةوتكشف فاطمة أن قوات الدعم السريع دخلت كثيرا من المنازل وهي تبحث عن الرجال والشباب، وتحدثت عما سمعته من قتل لأطفال صغار ما زالوا في مستويات الدراسة الأساسية.
أما أحمد الذي وصل مع والده إلى مدينة المناقل، التي تتخذها السلطات عاصمة مؤقتة لولاية الجزيرة، فيقول للجزيرة نت إنه نقل والده التسعيني بواسطة عربة يجرها حمار (كارو) إلى قرية مجاورة، قبل أن يجد سيارة تنقلهم إلى المدينة.
ويصف أحمد ما جرى في ود النورة بـ"المذبحة"، إذ حاصرتهم قوات الدعم السريع مدة 4 أيام، لكن الشباب تصدوا لها بأسلحة خفيفة، اشتروها من أموال وفرها أبناء القرية المهاجرين لحماية أسرهم.
إنتهاكات ود النورة
لا زالت مستمرة من مليشيا الجنجويد
اليوم 7/6/2024
الساعة 3.30 عصرا pic.twitter.com/fzPyC6PbW7
— ©SAF CivilSupport (@SAFcivilsupport) June 7, 2024
ويوضح الشاب الثلاثيني أن قوات الدعم السريع دخلت قرى أخرى ونهبت ممتلكات المواطنين وسياراتهم، وحتى محصولاتهم والتقاوي التي كانوا يعدونها للموسم الزراعي، وعندما اشتكى سكان القرى من ذلك، بررت قيادة القوات بأن من يدخلون القرى "متفلتون ولا يتبعون لهم".
ويقول المتحدث ذاته إن الجيش وعدهم بتوفير أسلحة لحماية أنفسهم، بعدما طلبوها منه، ولم يف بذلك. ويحكي أن ذخيرة الشباب المدافعين عن قريتهم نفدت بعدما حاصرتهم قوات الدعم السريع، واتهم الجيش بالتقصير في حمايتهم، إذ أبلغوا قيادة الحامية الموجودة في منطقة العزازي، التي تبعد عنهم أقل من 20 كيلومترا، واستغاثوا بهم قبل المجزرة بيوم، لكنهم لم يجدوا استجابة.
قامت مليشيا الدعم السريع بتاريخ ٤/٦/٢٠٢٤
بمهاجمة قرية ود النورة في ولاية الجزيرة بغرض النهب والسلب
استخدمت قوات التمرد مضادات الطيران والاسلحة الثقيلة مما ادي الي سقوط مئات من الشهداء تم دفنهم في قبور جماعية
تحدثوا عن السودان
لا تنسوا السودان
السودان بلد مسلم
السودان بلد… pic.twitter.com/QoyHGzwW83
— Shukri (@shukrisudani) June 5, 2024
ويرجح أحمد أن قوات الدعم السريع كانت تستهدف ترويعهم وكسر إرادتهم ونهبهم، لأن المسلحين عندما دخلوا القرية بعشرات الدراجات النارية ونحو 40 مركبة قتالية عليها أسلحة ثقيلة بعد قصفها من الخارج كانوا يطلقون النار بصورة عشوائية، وصعد قناصة على أسطح منازل ومدارس وقتلوا الشباب بدم بارد.
كما يشير إلى أن قوات الدعم السريع استباحت القرية ونهبت السيارات ومتاجر السوق، وأخذت حلي النساء من الذهب والأموال وهواتف بعض المواطنين.
ويقول ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي من أبناء ولاية الجزيرة إن أكثر المشاهد المروعة في ود النورة كان اقتحام قوة من الدعم السريع مستشفى المنطقة، حيث وجدوا الطبيب محمد بلال جمعة وهو يستعد لإجراء عملية ولادة قيصرية لامرأة، فأطلقوا عليه النار وأردوه قتيلا، كما تمت تصفية جرحى في غرف المستشفى، وإعدام 3 أشقاء أمام منزلهم.
أهداف خفيةوتكشف مصادر أمنية تحدثت للجزيرة نت -طلبت عدم الكشف عن هويتها- عن أن هجوم قوات الدعم السريع على ود النورة يهدف لاستكمال سيطرتها على ولاية الجزيرة، بالتمدد في محليتي القرشي والمناقل، وتسعى في مخططها للوصول إلى حدود السودان الشرقية عبر ولاية القضارف، لفتح جبهة جديدة عبر إمداد عسكري من الخارج، من الجهات ذاتها التي تدعهما حاليا.
وتوضح المصادر نفسها أن المخطط يستهدف السيطرة على شريط الأراضي الزراعية التي تعتمد على الأمطار، من إقليمي كردفان ودارفور غربا، وولاية النيل الأبيض، ثم الأراضي التي تروى من النيل الأزرق في ولاية الجزيرة بوسط البلاد، وحتى ولاية القضارف شرقا.
وتضيف المصادر الأمنية أن قوات الدعم السريع تُستخدم أداة في تنفيذ مخطط للسيطرة على مقدرات السودان الاقتصادية والزراعية، وتحويل البلاد إلى دويلات، وإخضاع من يرفض المخطط بالقوة، واستغلال بعض القوى السياسية غطاء سياسيا للدعم السريع.
من وصول البرهان الى *المناقل* ولقائه بجرحى "ود النورة" pic.twitter.com/KmaizP2eq9
— برق ⚡️ (@249_Barg) June 6, 2024
وعود برد الحقوقفي السياق، زار رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان يوم الخميس مدينة المناقل، العاصمة المؤقتة لولاية الجزيرة، وتفقد جرحى ود النورة الذين نقلوا إلى المدينة لتلقي العلاج.
وأظهر مقطع فيديو أعيان المناقل ورموزها وهم يحيطون بمروحية البرهان ويطلبون منه توفير السلاح والمركبات القتالية للمقاومة الشعبية، وأنهم مستعدون لتحرير كامل ولاية الجزيرة من قوات الدعم السريع.
كما زار البرهان أمس كوستي، حيث التقى ضباط الجيش، قبل أن ينتقل الجمعة إلى مدينة سنار عاصمة ولاية سنار، ثم الفاو في ولاية القضارف، وهي مناطق محيطة بولاية الجزيرة، وتستعد قوات منها للتحرك صوب ود مدني عاصمة الولاية.
ولدى مخاطبته الضباط في كوستي، توعد البرهان برد قاس على "جرائم مليشيا الدعم السريع"، ووعد أهالي ود النورة برد حقهم "600 مرة وليس مرتين فقط"، مشددا على أن الحرب ليست ضد الجيش وإنما ضد المواطنين.
وأضاف أنهم توصلوا إلى قناعة أن "تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) متواطئة مع المتمردين، ومتفقة معهم على قتل الشعب السوداني، وعدم وقف الحرب إلا بعد جلوس الجيش معهم".
ووجه البرهان رسالة إلى تنسيقية "تقدم"، وقوى الحرية والتغيير، والسياسيين الراغبين في حكم السودان، قائلا "لا تحلموا بحكم السودان ونحن موجودون فيه، ولا تأتوا إلى السودان ونحن موجودون فيه، ولا يحلم أي شخص وضع يده في يد المتمردين أن يستقبله الشعب السوداني".
بعد تقارير أفادت بمقتل نحو 180 شخصا في قرية "ود النورة" واتهام قوات الدعم السريع بارتكاب "المذبحة".. كيف وصلت الحرب في #السودان إلى هذه الفظائع؟ #الأخبار pic.twitter.com/gJFZfymAlN
— قناة الجزيرة (@AJArabic) June 7, 2024
وكانت قوات الدعم السريع قد بررت الهجوم على ود النورة بحشد الجيش لقوات كبيرة في 3 معسكرات حول المنطقة بغرض الهجوم على قواتها في جبل الأولياء في جنوب الخرطوم، لكن لجان مقاومة ود مدني والمتحدث باسم الجيش نفى ذلك.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات أن قوات الدعم السریع ولایة الجزیرة للجزیرة نت ود النورة pic twitter com
إقرأ أيضاً:
هجوم على قوة أُممية لحفظ السلام في السودان.. والدعم السريع ينفي تورطه
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- أدان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، سقوط قتلى وجرحى في هجوم على مقر البعثة الأمُمية في مدينة كادقلي بولاية جنوب كردفان.
وقال غوتيريش، في حسابه عبر منصة إكس، السبت: "أدين بشدة الهجمات المروعة التي شنتها طائرات بدون طيار على قاعدة الدعم اللوجستي التابعة لقوات الأمم المتحدة الخاصة في كادوقلي، السودان، والتي أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى من أفراد القوات البنغلاديشية التابعة لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة".
وأضاف غوتيريش: "أتقدم بخالص التعازي إلى عائلات الشهداء من قوات حفظ السلام، وإلى حكومة وشعب بنغلاديش. وأتمنى الشفاء العاجل للجرحى".
واعتبر غوتيريش أن الهجمات "غير مبررة، وقد ترقى إلى جرائم حرب. أذكّر الجميع بواجبهم في حماية أفراد الأمم المتحدة والمدنيين. لا بد من محاسبة المسؤولين".
في سياق متصل، اتهم بيان للجيش السوداني قوات الدعم السريع شبه العسكرية بالتورط في الهجوم، قائلا إنها أطلقت "ثلاثة صواريخ، وقد أسفر هذا الاعتداء الغادر عن حرق مخزن يتبع لبعثة الأمم المتحدة واستشهد عدد ستة أفراد، وأصيب عدد سبعة آخرون جميعهم من كتيبة بنغلاديش".
وأضاف البيان، الذي أوردته وكالة الأنباء السودانية (سونا): "هذا العمل الإجرامي يُعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، وللقرارات الأممية التي تحمي قوات حفظ السلام والمنشآت التابعة للأمم المتحدة، ويكشف بوضوح عن النهج التخريبي للمليشيا المتمردة ومن يقف خلفها".
في المقابل، نفت قوات الدعم السريع ضلوعها في الهجوم، قائلة إنها "تدحض ادعاءات ومزاعم عصابة بورتسودان الخاضعة لسيطرة جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية، بشأن وقوع هجوم جوي استهدف مقرّ الأمم المتحدة بمدينة كادقلي، وما صاحب ذلك من اتهامات باطلة لقواتنا بالوقوف خلفه عبر استخدام طائرة مسيّرة".
وأضاف بيان منشور في قناة "الدعم السريع" عبر تليغرام: "تنفي قواتنا نفيًا قاطعًا هذه الأكاذيب، وتؤكد أن هذه الادعاءات تعكس محاولة يائسة وبائسة لتلفيق اتهامات واهية بحق قواتنا، في مسعى مكشوف الأهداف".
وتابع البيان: "نؤكد أن سجل قواتنا خالٍ تمامًا من أي اعتداءات أو استهداف للمنظمات والبعثات الدولية، بل على العكس، فإن لقواتنا مواقف مشهودة وموثقة في حماية المنشآت الأممية وضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني".
ويشهد إقليم كردفان معارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في غضون حرب مُمتدة منذ أبريل/نيسان 2023، راح ضحيتها عشرات الآلاف، إضافة إلى نزوح ولجوء الملايين، في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية.
السودانالأمم المتحدةشاهد أيضاً