تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

في الوقت الذي يستعد فيه حزب"بهاراتيا جاناتا"بقيادة رئيس الوزراء الهندي"ناريندرا مودي" لتشكيل الحكومة للمرة الثالثة على التوالي، وهو الإنجاز الذي لم يحققه رئيس وزراء إلا مرة واحدة فقط في تاريخ الهند، إلا أن أداء الحزب كان ضعيفا في الانتخابات العامة، حيث فشل في تأمين أغلبية برلمانية تمكنه من تشكيل الحكومة بمفرده.

وذكرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية أنه خلال الأعوام العشرة التي أمضاها في السلطة، لم يضطر مودي قط إلى الاعتماد على شركاء في التحالف، لذلك، فإن هذه الانتخابات لا تمثل نهاية سيطرة الحزب الواحد على البرلمان الهندي فحسب، بل تمثل أيضا وصول حزب بهاراتيا جاناتا إلى ذروته، ومن ثم (بداية مرحلة الخفوت). 

وأشارت المجلة الأمريكية إلى أن تفوق حزب "بهاراتيا جاناتا" على مدى العقد الماضي كان نتيجة لعدة عوامل، أبرزها الشعبية والكاريزما التي يتمتع بها مودي نفسه وقدراته في التواصل مع الناخبين، إضافة إلى الوازع الديني (دغدغة مشاعر الهندوسيين)، وبرامج الرعاية الاجتماعية (خاصة تلك التي تستهدف النساء والفقراء)، والقدرات التنظيمية التي منحت الحزب تفوقا ميدانيا، مع الاستفادة من وضع المعارضة المنقسمة والضعيفة.

وترى المجلة الأمريكية أنه بعد الهيمنة الواضحة لحزب "بهاراتيا جاناتا" على المشهد السياسي الهندي طوال السنوات الماضية، ووصوله إلى مرحلة الذروة، فإن الطريق الوحيد من القمة هو الهبوط. لذا، وبطبيعة الحال، قد يظل الحزب قريبا من ذروته لفترة من الوقت ويهبط ببطء، ولكن الأمر لا يتعلق بمدى إمكانية حدوث ذلك، بل متى سيحدث؟!

ولفتت "فورين بوليسي" إلى أنه على الرغم من أن المنافسة السياسية القوية بشكل عام هي السمة المميزة للديمقراطيات، إلا أن عددا كبيرا منها قد سيطر عليه حزب سياسي واحد لفترات طويلة من الزمن. ومن الأمثلة على ذلك الحزب الديمقراطي الليبرالي في اليابان، والديمقراطيون المسيحيون في إيطاليا، والحزب الثوري المؤسسي في المكسيك، والحزب الديمقراطي في بوتسوانا، وكذلك الحال بالنسبة للهند التي كانت خاضعة لسيطرة حزب المؤتمر الوطني الهندي لعدة عقود من الزمن. وعندما وصلت هذه الأحزاب المهيمنة إلى السلطة، بدت وكأنها منيعة وستظل على القمة إلى ما لا نهاية، إلا أنها لم تكن كذلك.

فعلى سبيل المثال، في العديد من دول ما بعد الاستعمار، كان الحزب الذي قاد البلاد إلى الاستقلال يتمتع بشرعية خاصة. ولكن مع كل جيل متتالي، تلاشت الذكريات المجتمعية للأحداث التاريخية. وفي هذا الصدد، استغرق الأمر سبعة عقود من الزمن مع الحزب الثوري المؤسسي في المكسيك، وثلاثة عقود من الزمن مع المؤتمر الوطني الأفريقي في جنوب أفريقيا، وكذلك الحال مع حزب المؤتمر الهندي الذي كان له دور محوري في النضال من أجل الحرية في البلاد، ولكن رغم استمرار تأثيره لعقود من الزمن، إلا أنه تراجع بعد ذلك.

لذا، يمكن للأحزاب المهيمنة أن يختفي تأثيرها مع مرور الوقت إما بسبب الأزمات الوطنية التي تحركها الأحداث الدولية، مثل الصدمة الاقتصادية أو الهزيمة في الحروب. ولكن بالنسبة للعديد من هذه الأحزاب، فكلما طال أمد بقائهم في السلطة، كلما زادت مقاومتهم للتغيير المؤسسي. ويؤكد عالم السياسة الفرنسي موريس دوفيرجيه على ذلك بالقول، إن الحزب المهيمن "يرهق نفسه في منصبه، ويفقد قوته، وتزداد مقاومته للتغيير.. ولكن بلا شك، كل سيطرة تحمل في داخلها بذور دمارها".

وذكرت مجلة "فورين بوليسي" أنه بناء على ذلك، فكلما طالت مدة بقاء حزب "بهاراتيا جاناتا" الهندي في السلطة، كلما نمت تلك البذور داخله. ودللت المجلة على ذلك بالإشارة إلى أن القوة الفريدة التي يتمتع بها حزب "بهاراتيا جاناتا" تتمثل في زعيمه ناريندرا مودي، كما كان الحال بالنسبة لحزب المؤتمر الوطني الهندي وزعيمته أنديرا غاندي، إذ إن شعبية كلا الزعيمين تفوق بكثير شعبية حزبيهما. لكن هذه القوة ذاتها أصبحت نقطة ضعف مع ظهور أسلوب الحزب وسياساته. فبالنسبة لحزب "بهاراتيا جاناتا"، كان للمركزية المتزايدة، وتقليص حجم القادة الإقليميين، أثرا كبيرا. كما أن أحد العوامل الرئيسية التي أوصلت حزب "بهاراتيا جاناتا" إلى السلطة عام 2014 كانت موجة مكافحة الفساد، إلا أن استطلاعات الرأي التي أجريت شهر أبريل الماضي قبل الانتخابات العامة الأخيرة أظهرت أن أكثر من نصف المشاركين (55%) يعتقدون أن الفساد قد زاد في السنوات الخمس الماضية. 

وترى المجلة الأمريكية أنه إذا كان الأصل هو تعلم فن النصر من الهزيمة، فإن العكس هو الصحيح بالنسبة لحزب "بهاراتيا جاناتا"، حيث كان كل انتصار جديد للحزب يجلب معه استراتيجيات قائمة على تكميم أفواه المنتقدين، أو إكراه المعارضين، أو تهميش الأقليات الدينية. 

ونبهت "فورين بوليسي" إلى ثلاثة دروس مستفادة من نتائج الانتخابات العامة الأخيرة في الهند، يتمثل الأول في الحقيقة الواضحة المتمثلة في عدم فوز أي حزب بأغلبية الأصوات، حيث لكي يفوز أي حزب في نظام الأغلبية في الهند، فإنه يحتاج إلى عدد وافر من الأصوات، ما يتطلب بالضرورة معارضة منقسمة. ولكن مع الهيمنة الكبيرة لحزب "بهاراتيا جاناتا"، وفرض الضغوط على أحزاب المعارضة وقادتها؛ مما أدى بهم إلى الاتحاد وتجنب الصراعات فيما بينهم من أجل البقاء. لذا، جاء القرار الذي اتخذته المعارضة بتوحيد قواها فيما يسمى ائتلاف الهند والذي كان سببا في الحد من تفتت الأصوات، وبالتالي عدم قدرة حزب بهاراتيا على تحقيق الأغلبية المطوبة.

ويتمثل الدرس الثاني في أنه في حين تجسد الأحزاب السياسية الناجحة مجموعة من الأفكار والأيديولوجيات المرتبطة بالسياسات والبرامج، إلا أن كل هذه الأفكار لها دورة حياتها. فعلى سبيل المثال، صعد الإسلام السياسي لمدة ثلاثة عقود تقريبا بعد الثورة الإيرانية، لكن طاقاته تراجعت منذ ذلك الحين. وفي الهند، استمرت فكرة الاشتراكية العلمانية لمدة نصف قرن تقريبا، ولكن انتهازيتها المتزايدة أعاقتها، وتم دفعها تدريجيا إلى الخارج مع استغلال حزب "بهاراتيا جاناتا" لحالة القلق والاستياء لدى الأغلبية الهندوسية. واستطاع حزب مودي تأمين الأصوات المطلوبة لبعض الوقت اعتمادا على الشعبوية، إلا أن التركيبة الاجتماعية المعقدة في الهند لا يمكن ضمان عدم تقلبها لفترة زمنية أطول.

أما الدرس الثالث، فيتمثل في أن الأيديولوجيات لا تعالج التحديات اليومية التي تواجه الناخبين، وأن منابع استياء الناخبين عميقة، ومعالجتها ستكون بلا شك صعبة.

وفي هذا المقام، يتمثل التحدي الرئيسي في الاقتصاد، الذي لم يوفر ببساطة فرص العمل اللائقة بأعداد كافية. فالمزيد والمزيد من الهنود لديهم مؤهلات تعليمية رسمية ولكن مهاراتهم محدودة؛ مما يعكس –وفقا لفورين بوليسي- رداءة نظام التعليم في البلاد. لذا، ففي مرحلة ما، ومع التحديات أمام تحقيق الطموحات المأمولة بتعزيز قطاع التصنيع في مواجهة عدم ملائمة الخريجين لسوق العمل، سيجد ملايين الشباب الساخطين طرقا للتعبير عن إحباطاتهم.

ونبهت المجلة كذلك إلى أن الانتخابات الهندية أُجريت هذا العام في ظل موجة حارة شديدة، وهو ما يشكل تذكيرا واضحا بالتأثيرات العنيدة الناجمة عن تغير المناخ، الذي تتفاقم مشاكله، وحقيقة أن الزراعة الهندية معرضة للخطر بشكل خاص مع ارتفاع درجات الحرارة وتغير أنماط هطول الأمطار، وبالتبعية التأثير سلبيا على الهند الحضرية وقطاع كبير من المواطنين. 

وأخيرا، ليس هناك شك، أن جميع ما سبق يشكل تحديات صعبة للغاية، بغض النظر عن الحزب السياسي الذي يتولى السلطة في الهند، وأن الجانب المشرق الوحيد في الانتخابات يتلخص في أن الديمقراطية في الهند ما زالت تنبض بالحياة.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الاقتصاد الهند بهاراتيا جاناتا رئيس الوزراء الهندي مودى بهاراتیا جاناتا عقود من الزمن فورین بولیسی فی الهند على ذلک إلا أن إلى أن

إقرأ أيضاً:

رئيس الوزراء يستعرض الفرص الاستثمارية بقطاعي السياحة والآثار

عقد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اليوم بمقر الحكومة بالعاصمة الإدارية الجديدة، اجتماعًا لاستعراض الفرص الاستثمارية في قطاعي السياحة والآثار، وذلك بحضور شريف فتحي، وزير السياحة والآثار، والمهندس/ حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، ومسئولي الوزارتين.

وفي مستهل الاجتماع، قال رئيس الوزراء: تعمل الحكومة على صياغة خطط واضحة بمستهدفات محددة بغرض طرح الفرص الاستثمارية بالقطاعات المختلفة؛ بما يُسهم في زيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة.

وأضاف الدكتور مصطفى مدبولي أن أحد أهم هذه القطاعات هو قطاع السياحة، وبالتالي اجتماع اليوم يستهدف متابعة جهود وزارتى السياحة والاستثمار في هذا الإطار.

وخلال الاجتماع، قال وزير السياحة إنه جار تشكيل وحدة لمتابعة ورصد الفرص الاستثمارية، بهدف أن يكون هناك "بنك للفرص الاستثمارية" نطرح من خلاله الفرص المتاحة في هذا القطاع المهم بما يُسهم في تحقيق المستهدفات.

وفي هذا الصدد، استعرض الوزير الخريطة الاستثمارية لقطاعي السياحة والآثار، مشيرًا إلى النمو المستهدف في أعداد السائحين؛ حيث إنه من المستهدف الوصول إلى 30 مليون سائح بحلول عام 2031 (مع الأخذ في الاعتبار أن نسب النمو ترتبط بنمو الطاقة الفندقية المتاحة في مصر).

وفي سياق متصل، أوضح الوزير أن عام 2024 شهد نموًا في الطاقة الفندقية بواقع ۷۲۰۰ غرفة إضافية (٥٥% منها طاقات جديدة)، وخلال العام الجاري 2025 من المتوقع إضافة طاقات جديدة بحوالي 19 ألف غرفة فندقية (مشروعات جديدة - توسعات مشروعات قائمة - مبادرة).

وانتقل وزير السياحة والآثار بعد ذلك إلى الحديث عن الاستثمارات السياحية المطلوبة خلال السنوات المقبلة في المطاعم والكافتيريات السياحية.

كما عرض الوزير الاستثمارات المستهدفة في مجال حفظ وترميم الآثار، مشيرًا إلى أن المجلس الأعلى للآثار نفّذ خلال السنوات الخمس الماضية نحو 36 مشروعًا سنويًا في المتوسط، ثم استعرض الوزير التوزيع الاستثماري المستهدف لقطاعي السياحة والآثار للأعوام من 2025 إلى 2031، وذلك في المحافظات المختلفة على مستوى الجمهورية والتي تشمل الغرف الفندقية والمطاعم والسفاري والمخيمات والملاهي والاستثمار في إعادة تأهيل واستخدام المواقع الأثرية والمتاحف التي يتم إقامتها بالشراكة مع القطاع الخاص، وتشغيل الخدمات في المواقع الأثرية.

وخلال الاجتماع، قال المهندس/ حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية إن هذا هو الاجتماع الثالث على التوالي اليوم لمناقشة المستهدفات الاستثمارية القطاعية ضمن إستراتيجة الاستثمار الوطنية الموحدة التي تستهدف زيادة معدلات الاستثمار الأجنبي المباشر من جميع القطاعات.

وأوضح الوزير أن الاستثمار في قطاعي السياحة والآثار هو أحد مجالات الاستثمار المُهمة للغاية لاسيما مع وجود مستهدفات طموحة للغاية لدى الدولة المصرية لزيادة أعداد السائحين الوافدين إلى مصر، مشيرًا إلى أنه ستتم إتاحة الفرص الاستثمارية الخاصة بقطاعي السياحة والآثار على الخريطة الاستثمارية، كما أنه سيتم توفير جميع البيانات اللازمة التي يحتاجها المستثمر.

وأشار الوزير إلى أن منهجية عمل استراتيجية الاستثمار الوطنية الموحدة تعتمد على تشخيص شامل للقطاع وتحديد أولوياته، واقتراح سياسات إصلاحية وتشريعية لتمكين الاستثمار، وصياغة مستهدفات استثمارية واضحة وقابلة للتنفيذ، وإعداد خريطة استثمارية متكاملة وفرص جاهزة للتنفيذ.

وأضاف أن الجدول الزمني للتنفيذ يشمل عقد اجتماعات ثنائية تنسيقية بين وزارة الاستثمار والتجارة الخارجية والوزرات المعنية بهدف عرض مقومات كل قطاع والفرص الاستثمارية المتاحة والمشروعات المقترحة، والتحديات التي تواجه جذب الاستثمارات، واستكمال كل وزارة للدراسة القطاعية المتكاملة، وتشكيل مجموعات عمل مشتركة بين وزارة الاستثمار والتجارة الخارجية وكل وزارة معنية، ورفع تقارير دورية إلى مجلس الوزراء لمتابعة التقدم في تنفيذ الاستراتيجية الاستثمارية القطاعية ومعدلات الإنجاز.

طباعة شارك مصطفى مدبولي مجلس الوزراء العاصمة الإدارية

مقالات مشابهة

  • رئيس الوزراء يستعرض الفرص الاستثمارية بقطاعي السياحة والآثار
  • رئيس الوزراء يستعرض الفرص الاستثمارية في قطاع الكهرباء والطاقة
  • بعد تصريحات رئيس الوزراء مصطفى مدبولي..هل لا يزال الجذام موجودًا في مصر؟
  • صوفان: وجود شخصيات على غرار فادي صقر ضمن هذا المسار له دور في تفكيك العقد وحل المشكلات ومواجهة المخاطر التي تتعرض لها البلاد.. نحن نتفهم الألم والغضب الذي تشعر به عائلات الشهداء، لكننا في مرحلة السلم الأهلي مضطرون لاتخاذ قرارات لتأمين استقرار نسبي للمرحلة
  • رئيس الوزراء يطالب بتكثيف الجهود للقضاء على مرض الجذام
  • العامل الهندي: مآلات التقارب المُتزايد بين باكستان وتركيا
  • رئيس مجلس الوزراء يهنئ نظيره الأردني
  • باكستان تطلب تدخلًا دوليًا لردع التصعيد الهندي
  • وسط تصاعد شبهات الفساد.. عشرات الآلاف يتظاهرون في مدريد ضد حكومة بيدرو سانشيز
  • فيلم العودة إلى العمل.. المزج بين الحركة والكوميديا بغلاف بوليسي