سودانايل:
2025-12-07@18:56:59 GMT

علي هامش ندوة حول مستقبل اليسار في السودان

تاريخ النشر: 12th, June 2024 GMT

المشهد السوداني يحتقن بالموت والحرب والدمار بسبب الحرب بين الحيش والمليشيا التى خلقها من عدم قبل سنوات. نسمع كل يوم بالانباء المحزنة عن موت عشرات ومئات المواطنين خاصة النساء والاطفال منهم، بسبب ضربات الدانات أو ضربات الشمس علي حدود بلادنا وصحاريها الممتدة.
النهب والقتل أصبح علي قارعة الطريق وفي المنازل لغياب الأمن والنظام الاجتماعي بعد أن فقد جيش البلاد القدرة علي حماية المواطنين والمحافظه علي النظام بسبب سعيه المستمر لتنفيذ اجندة الكيزان منذ إنقلاب الانقاذ في العام ١٩٨٩م.


الفكر السياسي السوداني يعيبه عدم الاهتمام بالامن والنظام الاجتماعي ضمنا، وأقول ضمنا لأن الافكار التي يبشر بها كل من الإسلام السياسي من جهة واليسار الشمولي من جهة ثانية تسعي للتغييرات الجذرية التي غالبا ما تكون علي حساب الأمن والنظام ولصالح الفوضي.
علي هذه الخلفية أحاول التعليق علي الندوة الاسفيرية التي تحدث فيها الاخ د. صديق الزيلعي لأهميتها وذلك من موقعه، كعضو حزب شيوعي ، كما قال وقد تحدث عن إمكانية إصلاح الحزب الشيوعي. أسجل احترامي لشخص الاخ صديق الذي تربطني به علاقة إحترام ومودة منذ ايام الحامعة، ولكني في ذات الوقت، أود تسجيل الخلافات التالية معه.
أولا: اختلف مع الاخ صديق حول إمكانية إصلاح الحزب الشيوعي ، واعتبرها مهمة مستحيلة فذلك الحزب " فات فوقو الفوات" حتي أنه قد صار عبئا liability علي معارضة مدنية تقف في مواجهة جيوش مدحجة بالسلاح من اعلي الرأس حتي أخمص القدمين وتمتلك آلة إعلامية ضخمة وإمكانيات مهولة.
يظل إصلاح الحزب الشيوعي عملية مستحيلة طالما ظلت المركزية الديمقراطية هي التي تحكم حياته الداخلية لأنها تصادر تماما حقوق العضوية لمصلحة القيادة، فهي العقبة " الكؤود " أمام تطور الحزب الشيوعي كما وصفها الراحل الخاتم عدلان في رائعته " آن أوان التغيير" بداية التسعينات، ولكن الخاتم وقع في خطأ التعامل الانتقائئ مع تاريخ الحزب وسكت عن نقد التاريخ واكتفي بالتمجيد وربما فعل ذلك أملا في كسب عضوية وأصدقاء الحزب إلي مشروع التغيير، وهو بالضبط ما يقوم به الاخ صديق الزيلعي .
ثانيا : في إطار تمجيد تاريخ الحزب والبحث عن جذور التغيير فيه، حاول الاخ صديق في ندوته الإحتفاء بوثيقة الحزب الشيوعي التي صدرت في العام ١٩٧٧م والتي تعلن بقبولها للتعدية السياسية أو " الديمقراطية البرجوازية كما في ادبياتهم" مع أن تلك الوثيقة في تقديري لم تكن شيئا إيجابيا طالما ظل الحزب متمسكا بالنسخة اللينينية من الماركسية فهي أقرب إلي الاستهبال السياسي لأنها تصير دعوة تفتقد إلي الاصالة وتكون أقرب لمفهوم " التقية" وهو مفهوم ديني لا يختلف كثيرا لدي اليسار الشمولي حيث الدعوة تكون للانكماش والدفاع في حالة الجذر الثوري ثم التحول الي الهجوم في حالات المد الثوري.
ثالثا : حاول الاخ صديق في ندوته أن يجعل من المرحوم عبد الخالق محجوب ايقونه للتغيير والاصلاح في تاريخ الحزب، ثم حذر مما أسماه الفهم الميكانيكي للصراع الطبقي وتأثيره علي عضوية الحزب، ولكنه أغفل ما صاغه الراحل عبد الخالق محجوب في "الماركسية وقضايا الثورة السودانية " حين كتب ما معناه أن الرأي الاخر المثابر داخل الحزب الشيوعي غالبا ما يكون معبرا عن راي الطبقات الرجعية المعادية لتقدم المجتمع وعلينا عدم التسامح معه وعدم الاكتفاء باجتثاث تلك الافكار المخالفة، بل ان المطلوب هو اتخاذ مواقف حاسمة في اجتثاث حتي "ظلال تلك الافكار". وبذلك يكون المرحوم عبد الخالق محجوب ممن أسسوا لإستبداد القيادة الذي قد يصل إلي التحقير واغتيال الشخصية.
رابعا: تحدث الاخ د. صديق
عن تاريخ الصراع الفكري وعن روزا لكسمبيرج إلخ ولا اشكك في نوايا ونبل الاهداف التي يحاول تسويقها الرجل في تلك الندوة الاسفيرية، ولكن الدفاع عن قضية خاسرة مثل الرهان علي امكانية نجاح الاصلاح الديمقراطي داخل الحزب الشيوعي تضعنا رغم انفنا في خانة السدانة الأيديولوجية أكثر من خدمة قضايا شعبنا الذي أصبح مشردا داخل وخارج بلاده. فما كان أحوجنا لإستدعاء مفكر مثل توماس هوبز الذي تأثر بالحرب الاهلية البريطانية في القرن السابع عشر وكتب مؤلفه العظيم " ليفاسيون " Leviathan الذي تناول فيه ضرورة وجود دولة قوية تحفظ النظام وتحمي المواطنين. ربما كان ذلك أفضل في نقد وتعرية كل مشروع ينطوي علي إمكانية خطورة انهيار الدولة والنظام والامن إذا لم نتبني إصلاحات تدريجية وقمنا بدلا عن ذلك بتبني مشروع هدم دولة ٥٦ أو التغيير الجذري أو مشروع صياغة الإنسان السوداني وفقا للمشروع الحضاري للإنقاذ الذي نعيش عواقبه الكارثية الآن.

طلعت محمد الطيب

[email protected]  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الحزب الشیوعی

إقرأ أيضاً:

أمير قطر يلتقي الشرع على هامش فعاليات منتدى الدوحة

استقبل أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، السبت، الرئيس السوري أحمد الشرع، على هامش فعاليات اليوم الأول من أعمال منتدى الدوحة 2025 المنعقد في الدوحة.

 

وقالت الرئاسة السورية على صفحتها بمنصة شركة "إكس" الأمريكية إن أمير قطر عقد لقاء مع الرئيس الشرع، بحضور وزير الخارجية والمغتربين السوري أسعد الشيباني، دون ذكر تفاصيل بشأن المباحثات.

 

ومساء الجمعة، وصل الرئيس الشرع إلى العاصمة القطرية للمشاركة في منتدى الدوحة 2025.

 

وعلى مدار يومي السبت والأحد، يشارك في المنتدى، الذي ينعقد تحت شعار "ترسيخ العدالة: من الوعود إلى الواقع الملموس"، أكثر من 6 آلاف شخص، و471 متحدثا من نحو 160 دولة.

 

وانعقدت النسخة الأولى من منتدى الدوحة عام 2001، ويعد منصة عالمية للحوار، تجمع قادة وصناع السياسات لبحث التحديات الكبرى التي يواجهها العالم، وبناء شبكات مبتكرة قائمة على العمل والحلول.


مقالات مشابهة

  • العراق يستنكر تصريحات المبعوث الامريكي لسوريا حول التغيير بالعراق
  • الكرملين: التغيير في الإستراتيجية الأمنية الأمريكية يتماشى مع الرؤية الروسية
  • تيمور جنبلاط: معنيون بالقيم والأسس التي أراد كمال جنبلاط للبنان أن يقوم عليها
  • أمير قطر يلتقي الشرع على هامش فعاليات منتدى الدوحة
  • مصدر لـ«التغيير»: الدعم السريع تدفع بتعزيزات عسكرية غرب مدينة الأبيض
  • مستقبل وطن يواصل عقد لقاءات مع المواطنين لحل مشكلاتهم في بورسعيد
  • نوبار باشا.. رجل السياسة الذي صنع تاريخ مصر
  • روسيا: بوتين بعث برقية تهنئة إلى الشرع بمناسبة مرور عام على التغيير
  • فوائد استبدال القهوة بالشاي الأخضر… ماذا يحدث للجسم عند هذا التغيير؟
  • الاثنين.. انطلاق فعاليات المؤتمر الدولي الحادي عشر لكلية التربية للبنين بالقاهرة حول "صناعة المستقبل وقيادة التغيير"