الدويري يتوقع هجوما انتقاميا عنيفا للاحتلال على الشابورة في رفح
تاريخ النشر: 12th, June 2024 GMT
سرايا - توقع الخبير العسكري اللواء فايز الدويري أن يشن جيش الاحتلال هجوما عنيفا لتدمير مخيم الشابورة بمدينة رفح جنوبي قطاع غزة ردا على العملية التي نفذتها المقاومة يوم الاثنين وأدت لمقتل ضابط و4 جنود وإصابة 6 آخرين بجروح خطيرة.
وقال الدويري خلال تحليله للمشهد العسكري في القطاع، إن جيش الاحتلال تعود على ارتكاب مجازر عنيفة كلما تعرض لانتكاسة أو حقق نجاحا تكتيكيا، في الأولى من باب الانتقام وفي الثانية من باب إثبات النصر.
وبعد إقرار جيش الاحتلال بمقتل ضابط و4 جنود فضلا عن إصابة 6 آخرين بجروح خطيرة في عملية تفجير المنزل بمخيم الشابورة، فإنه يخطط الآن لشن هجوم عنيف على المخيم وهو ما دفعه لإعادة ترتيب قواته لتطويق المكان، كما يقول الدويري.
** تجنب المناطق السكنية
وستكون المنطقتان الشمالية والشمالية الشرقية بيضة القبان لقوات الاحتلال في هذه العملية؛ لأنه يتجنب الدخول في المناطق المكتظة بالمباني خصوصا وأنه فشل في دخول مناطق مشابهة في السابق، برأي الدويري.
وأعاد جيش الاحتلال تموضع قواته عند معبر رفح بالقرب من تل زعرب حيث انسحبت بعض الآليات من المحاور الشرقية والغربية واتجهت نحو مخيم الشابورة شرقا، وفق ما أكده مراسل الجزيرة هاني الشاعر.
ورجّح الدويري أن تحاول قوات الاحتلال إيجاد أماكن انتظار مؤقت لكنها لن تقتحم المخيم وستخلف فيه دمارا كبيرا.
** المقاومة غيّرت من أدائها
وجدد الخبير العسكري التأكيد على أن كمين الشابورة لن يكون الأخير "لأن جيش الاحتلال غير مهني من الناحية العسكرية وقد خسر في غالبية المواجهات رغم فارق القوة الكبير لصالحه بسبب جهل قيادته السياسية والعسكرية لقواعد الحرب غير المتناظرة"، وفق قوله.
وأوضح أن هذا النوع من الحروب تحسمه الأمور التي يصعب قياسها وتقديم قراءة مستقبلية حاسمة بشأنها، مؤكدا أن المقاومة طوّرت أداءها الميداني خلال شهور الحرب.
وقال إن المقاومة لو واصلت الحرب بنفس الطريقة التي كانت تعمل بها في أول الحرب لما حققت تلك النتائج التي تحققها الآن، مشيرا إلى أنها كانت تسرف في استخدام الذخيرة والمواجهات المباشرة في تلك الفترة بينما تعتمد الآن على استدراج القوات الإسرائيلية والسماح لها بالتوغل ثم الإيقاع بها عبر الكمائن والتفخيخ لأنها أقل جهدا وأكثر تحقيقا للنتائج.
وخلص إلى أن المواجهات المباشرة أيضا تحقق نتائج كبيرة "لكن عندما تسمح الظروف الميدانية بها من حيث مكان التنفيذ والملاذ المناسبين".
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
كلمات دلالية: جیش الاحتلال
إقرأ أيضاً:
هُزم جدعون وانتصر داود بإرادته: فشل عربات الاحتلال وبزوغ نصر غزة
في قلب المعركة المستعرة على أرض غزة، وبين الركام والدمار، سقطت أقنعة القوة الإسرائيلية وانكشفت هشاشة منظومتها العسكرية، حين فشلت عملية "عربات جدعون" فشلا ذريعا أمام ثبات المقاومة الفلسطينية، في ملحمة تُعيد إلى الأذهان صورة داود الذي انتصر بمقلاعه على جالوت. ولعل في هذا الفشل المتكرر والارتباك الإسرائيلي المتصاعد، بدايات تشكل نصر فلسطيني أكبر، تتجاوز نتائجه الميدان، لتصل إلى معادلات الردع والسيادة والإرادة.
أولا: انهيار خرافة "جدعون"
لم تكن عملية "عربات جدعون" مجرد اجتياح عسكري محدود، بل كانت ترجمة لمشروع سياسي-أمني إسرائيلي كبير، يهدف إلى فرض معادلة جديدة في ملف الأسرى. أرادت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية من خلالها قلب الطاولة على حماس، وكسر إرادتها عبر الضغط العسكري المتواصل، واقتحام المخيمات الوسطى حيث يُعتقد أن الأسرى الإسرائيليين محتجزون هناك، لكن شيئا من ذلك لم يتحقق.
فبعد أسابيع من القصف، وتوغلات محدودة، وخسائر بشرية ومادية لم تعلن عنها إسرائيل كاملة، انتهت العملية دون أن تحقق أيا من أهدافها، بل وأعادت الجدل الإسرائيلي الداخلي حول جدوى العمليات العسكرية، في ظل تعقيد المشهد السياسي وغياب الرؤية الاستراتيجية.
بعد أسابيع من القصف، وتوغلات محدودة، وخسائر بشرية ومادية لم تعلن عنها إسرائيل كاملة، انتهت العملية دون أن تحقق أيا من أهدافها، بل وأعادت الجدل الإسرائيلي الداخلي حول جدوى العمليات العسكرية، في ظل تعقيد المشهد السياسي وغياب الرؤية الاستراتيجية
ثانيا: مقاومة تتحدى جالوت العصري
غزة المحاصرة، المكلومة، المدمرة، لم تسقط، بل وقفت شامخة في وجه أعتى الآلات العسكرية في المنطقة. فمقاتلو المقاومة، الذين توزعوا في الأنفاق، والمخيمات، والأنقاض، لم يكتفوا بالصمود، بل أداروا معركة استنزاف ذكية، أفقدت الاحتلال توازنه، وجرّته إلى فشل سياسي وعسكري مزدوج.
لم تسفر العملية عن تحرير أي أسير إسرائيلي، ولم تُضعف حماس، ولم تُحقق الانفراجة السياسية التي سعى نتنياهو لتسويقها داخليا. بل على العكس، تعزز موقع المقاومة، وتكرست صورة الفشل الإسرائيلي في الرأي العام العالمي.
ثالثا: خيارات الاحتلال تتقلص وأزمته تتعمق
بحسب ما كشفته هيئة البث الإسرائيلية، فإن المؤسسة الأمنية تدرس الآن بدائل خطيرة تُوصف بـ"المتطرفة"، تشمل حصارا شاملا للتجمعات السكانية في غزة، ومنع دخول الغذاء والماء والمساعدات، لإجبار الفلسطينيين على النزوح جنوبا. لكن هذه الخطط، وفق اعتراف المصادر نفسها، ما تزال "حبرا على ورق"، وغير قابلة للتطبيق الفوري في ظل صمود المدنيين والمقاومة، وخشية إسرائيل من ردود الفعل الدولية.
البدائل الأخرى لا تقل كارثية: احتلال كامل للقطاع، أو تقسيم غزة، أو حكم عسكري مباشر. لكنها جميعا تحمل في طياتها فشلا استراتيجيا مستترا، وتدلل على ارتباك غير مسبوق في منظومة القرار الإسرائيلي.
رابعا: الجيش الإسرائيلي في مرآة الهزيمة
في جلسة المجلس الوزاري المصغر، كان رئيس الأركان إيال زامير صريحا عندما قال إن أهداف الحرب باتت متضاربة. وهو اعتراف علني بأن إسرائيل، رغم قوتها النارية والاستخباراتية، تعجز عن تحديد هدف نهائي قابل للتحقيق. لقد أصبحت آلة الحرب تائهة، تدور في فراغ استراتيجي، وتتآكل معنويا وسياسيا وعسكريا.
زامير أضاف أن توسيع العملية إلى المخيمات الوسطى ليس مضمونا، وأن على القيادة السياسية أن تعلن صراحة وجهتها إذا أرادت شيئا آخر. وهو تصريح يحمل بين سطوره لوما ضمنيا للمستوى السياسي الذي يدير حربا مفتوحة بلا رؤية.
خامسا: نتنياهو والخيارات المستحيلة
منذ عودة الفريق الإسرائيلي من قطر، لم تحقق المحادثات أي اختراق. ورغم محاولات الوساطة المستمرة، إلا أن إسرائيل، بلسان نتنياهو، تُصر على تحميل حماس المسؤولية، متجاهلة واقع الاحتلال المستمر، والحصار، والقتل الجماعي.
نتنياهو الذي يتخبط بين الداخل الملتهب، والضغط الدولي، والفضائح القضائية، يبدو أنه يبحث عن مخرج بأي ثمن، حتى وإن كان عبر صفقات إعلامية أو خطط عسكرية وهمية. لكنه يدرك، كما يدرك قادة جيشه، أن الزمن لم يعد في صالحهم.
سادسا: نحو معادلة ردع جديدة
حرب غزة الحالية، رغم ألمها، أسست لمعادلة ردع جديدة. فالمقاومة اليوم لم تعد محاصرة أخلاقيا أو عسكريا، بل أثبتت أنها قادرة على إدارة حرب طويلة النفس، وتحديد متى وكيف تُنهيها.
فشل "عربات جدعون" ليس مجرد نكسة عسكرية، بل هو إعلان بفشل سياسة الضغط المزدوج (العسكري والتجويعي) التي اعتمدتها إسرائيل، إنه تأكيد على أن غزة، رغم نزيفها، تملك زمام المبادرة، وتعيد تشكيل معادلات الإقليم بأكمله.
سابعا: العالم يُعيد النظر
إن صور الحشود العسكرية على حدود غزة، والتي نشرتها وكالات مثل رويترز والصحافة الفرنسية، لم تعد تُخيف العالم كما كانت. بل أصبحت تُثير أسئلة عن جدوى هذا العنف، ومغزاه، ومآلاته. أما مشاهد المجاعة، ونداءات الأطفال، وصمود المدنيين، فقد خلقت تعاطفا إنسانيا متصاعدا، وبدأت تُحرّك مياها راكدة في مواقف بعض الدول.
الحديث في الكواليس بدأ يتسع ليشمل ضرورة فرض تسوية شاملة، لا تستثني المقاومة، ولا تُعيد إنتاج معادلات أوسلو البالية. لقد بدأت غزة تفرض نفسها شريكا إجباريا في صناعة القرار
الحديث في الكواليس بدأ يتسع ليشمل ضرورة فرض تسوية شاملة، لا تستثني المقاومة، ولا تُعيد إنتاج معادلات أوسلو البالية. لقد بدأت غزة تفرض نفسها شريكا إجباريا في صناعة القرار.
ثامنا: النصر ليس ضربة واحدة بل تراكم إرادات
حين نهزم عدونا في ميدان الوعي، ويعترف بفشله، ونفرض عليه لغة الردع، فنحن نقترب من النصر. قد لا يكون نصرا تقليديا في صورة رفع أعلام على المباني، لكنه نصر أعمق، نصر إرادة، وثبات، واستنزاف طويل النفس.
"هُزم جدعون" ليس شعارا، بل واقع عسكري وسياسي ومعنوي. و"داود" الفلسطيني، لا يزال يقاوم بمقلاعه، يصنع معجزته بالصبر، ويقلب موازين الإقليم بحنكة وثبات.
خاتمة: بداية النهاية؟
في هذه اللحظة التاريخية، تتشكل ملامح تحول استراتيجي. لم تعد إسرائيل تلك القوة التي تُرعب، ولم تعد غزة مجرد ساحة للحصار. لقد انقلبت المعادلة، وباتت "عربات جدعون" رمزا لفشل مشروع الاحتلال في إخضاع الفلسطينيين.
ربما لا تزال الطريق طويلة، لكن خطواتها الأولى كُتبت اليوم، بإرادة من لا يملك إلا الإرادة، وبقوة من راهن عليه العالم أن ينكسر، فصمد.
لقد انتصر داود، لأنه لم يفقد ثقته بنفسه، وستنتصر غزة، لأنها لم تفقد إيمانها بحقها.